سمة التواضع
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - جديدنا

التواضع من أسمى الصفات الأخلاقية التي دعا إليها الإسلام، وهو خلق يعكس حسن تعامل الإنسان مع الآخرين، بعيدًا عن الغرور والتكبر، وهو خلق يدل على نقاء القلب، وصفاء النفس، وحب الخير للآخرين.

كما أنّ سمة التواضع سمة عظيمة ترفع صاحبها وتجعله محبوباً بين الناس، وهو دليل على قوة الشخصية والإيمان الصادق، والمتواضع ينال رضا الله ومحبة الناس، ويعيش حياة مليئة بالبركة والنجاح.

أهمية التواضع في الحياة

التواضع خلق نبيل يجلب الخير والبركة في حياة الفرد والمجتمع، وخيره لا يقتصر فقط على التعامل مع الآخرين بل يمتد إلى النجاح المهني والصحة النفسية، إليكم كيف يؤثر التواضع على هذه الجوانب الثلاثة المهمة:

التأثير على العلاقات الشخصية

التواضع يعزز الروابط الاجتماعية، حيث يجعل الإنسان أكثر تقبلًا للآخرين وأقرب إلى قلوبهم، فالشخص المتواضع يحترم الآخرين بغض النظر عن مكانتهم أو خلفياتهم، مما يؤدي إلى:

  • زيادة محبة الناس واحترامهم.
  • يقلل الخلافات والمشاحنات، لأن المتواضع لا يتعالى ولا يتكبر.
  • يجعل الإنسان أكثر قدرة على الاعتذار والتسامح، مما يحافظ على العلاقات القوية والدائمة.

قال النبي ﷺ: “أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لأهله” (رواه الترمذي).

الدور في النجاح المهني

التواضع من الصفات التي تميز القادة الناجحين في بيئة العمل، حيث يساعد الشخص على التعلم المستمر، والتعاون مع زملائه، وتطوير نفسه، كل ذلك من خلال:

  • جعل الإنسان أكثر استعداداً لتلقي النقد والتعلم من الآخرين.
  • تعزيز روح الفريق والتعاون، مما يؤدي إلى إنتاجية أعلى.
  • بناء سمعة جيدة، مما يساعد في الترقي الوظيفي.

قال الإمام الشافعي: “كلما ازددت علماً، ازددت علماً بجهلي”.

التأثير على الصحة النفسية

التواضع يعزز الراحة النفسية، حيث يقلل من التوتر والقلق الناتج عن محاولة الظهور بمظهر متفوق على الآخرين أو السعي وراء المظاهر الزائفة، فكيف يفعل التواضع ذلك؟

  • يقلل من القلق والضغط النفسي، لأن الشخص المتواضع لا يشعر بالحاجة لإثبات نفسه طوال الوقت.
  • يزيد من السعادة والرضا، حيث يكون الإنسان أكثر قناعة بما لديه.
  • يساعد في بناء شخصية إيجابية، بعيدة عن الغرور والمقارنات السلبية.

قال النبي ﷺ: “ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس.” (رواه البخاري ومسلم).

أسباب نقص التواضع في المجتمع

في عالم تسوده الأنا، هل لا يزال للتواضع مكان؟! ففي كثير من المجتمعات، نلاحظ تراجع هذه الصفة لأسباب متعددة، فما أبرز العوامل التي تؤدي إلى نقص التواضع؟

تأثير وسائل الإعلام

وسائل الإعلام تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل القيم الاجتماعية، ومع انتشار ثقافة الشهرة والمظاهر، أصبح الكثيرون يسعون للتميز بأي وسيلة، مما أدى إلى تراجع قيمة التواضع، وسائل الإعلام تؤثر على التواضع بالنقص من خلال:

  • تمجيد الشخصيات المتكبرة والمتعالية، مما يجعل البعض يعتبر الغرور علامة على النجاح.
  • التركيز على المظاهر الخارجية، مثل الثروة والمكانة الاجتماعية، بدلًا من القيم والأخلاق.
  • انتشار منصات التواصل الاجتماعي، التي تدفع الأفراد للتفاخر المستمر بإنجازاتهم وحياتهم الشخصية.

قال رسول الله ﷺ: “إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد” (رواه مسلم).

المنافسة الشديدة

في العصر الحديث أصبحت الحياة مليئة بالمنافسة سواء في التعليم أو الوظائف أو حتى في الحياة الاجتماعية، مما دفع بعض الأشخاص إلى التكبر كوسيلة لإثبات الذات من خلال:

  • السعي المستمر لإثبات التفوق، مما يجعل البعض يقلل من شأن الآخرين.
  • الخوف من الفشل، مما يدفع البعض لإظهار الغرور كنوع من الحماية النفسية.
  • غياب ثقافة العمل الجماعي، حيث يركز الأفراد على نجاحهم الشخصي فقط دون الاهتمام بالآخرين.

قال النبي ﷺ: “بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم” (رواه مسلم).

تربية خاطئة

تلعب الأسرة دورًا أساسيًا في غرس القيم، وعندما تكون التربية قائمة على التميز المادي والتفاخر، فإن الطفل يكبر معتقدًا أن قيمته في مكانته الاجتماعية وليس في أخلاقه، ويظهر ذلك من خلال ممارسة السلوكيات الآتية في التربية:

  • تعليم الأطفال التفوق على الآخرين بدلًا من التعاون معهم.
  • تدليل الأبناء دون تعليمهم قيمة احترام الآخرين.
  • المبالغة في مدح الطفل دون تعليمه النقد الذاتي والتواضع.

قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “تواضعوا لمن تُعلمون، وتواضعوا لمن تُعلمونهم”.

كيفية تنمية سمة التواضع

التواضع يرفع قيمة الإنسان، وهو ليس مجرد خلق بل هو سلوك يُمارس ويُطور باستمرار، فالتواضع ليس ضعفًا، بل هو قوة تُكسب الإنسان محبة الناس واحترامهم، وتجعله ناجحًا في حياته الشخصية والمهنية، ويمكن تنمية التواضع من خلال ثلاث طرق رئيسية:

التفكر في النعم

قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [سورة النحل: 53]، فمن أعظم وسائل تنمية التواضع: 

  • أنْ يدرك الإنسان أنّ كل ما لديه من نعم هو مِنْ فضل الله، وليس بسبب تفوقه الشخصي فقط.
  • إدراك أن النجاح والثروة والصحة هبات من الله، مما يمنع الإنسان من الغرور.
  • الشعور بالامتنان، وهو ما يجعل الإنسان أكثر قربًا من الآخرين وأقل تعاليًا عليهم.
  • تقوية العلاقة بالله، مما يزرع في النفس التواضع والخضوع له سبحانه.

التعلم من الآخرين

الاعتراف بأن العلم والخبرة لا يقتصران على شخص واحد، بل يمكن التعلم من كل إنسان، هو خطوة كبيرة نحو التواضع، فالتعلم من الآخرين يعزز صفة التواضع من خلال:

  • يجعل الإنسان أكثر انفتاحًا على آراء وتجارب الآخرين، بدلًا من الاعتقاد بأنه الأذكى دائمًا.
  • يحدّ من الشعور بالكمال أو التفوق، حيث يدرك الإنسان أنه بحاجة دائمة للمعرفة.
  • يعزز الاحترام المتبادل بين الأفراد، حيث يصبح كل شخص مصدرًا للتعلم وليس مجرد منافس.

 

 

ممارسة العطاء

عندما يمنح الإنسان الآخرين من وقته أو ماله أو علمه، فإنه يُدرب نفسه على التواضع، حيث يدرك أنّ دوره في الحياة ليس فقط لتحقيق مكاسبه الشخصية، بل لمساعدة الآخرين أيضًا من خلال:

  • يشعر الإنسان بقيمة الآخرين وأهمية دعمهم، مما يقلل من الأنانية.
  • يذكره بأن جميع الناس بحاجة إلى بعضهم البعض، ولا أحد يستطيع النجاح بمفرده.
  • يجعله أكثر محبة وتقديرًا للناس، مما يبعده عن الشعور بالغرور أو التعالي.

قال رسول الله ﷺ: “خير الناس أنفعهم للناس” (رواه الطبراني).

التواضع عند الإنسان

في التواضع رفعه الإنسان وحفظ له من شر نفسه وهواها، ويدل على تواضع الإنسان علامات منها أنه:

  • يعترف بأخطائه ويتقبل النقد.
  • يعامل الجميع باحترام بغض النظر عن مكانتهم.
  • يشكر الله على نعمه دون تفاخر أو استعلاء.
  • يستمع للآخرين دون مقاطعة أو تقليل من شأنهم.

ورحم الله من قال: 

ملأى السنابل تنحني بتواضعٍ

والفارغاتُ رؤوسُهنّ شوامخُ

 

 

 

الأسئلة الشائعة

هل التواضع سمة شخصية؟

التواضع خلق وسمة شخصية، وهو جزء من التكوين النفسي والأخلاقي للإنسان. التواضع يعكس طريقة تفكير الشخص ونظرته لنفسه وللآخرين، وهو ليس مجرد تصرف لحظي، بل قيمة متأصلة تظهر في مواقفه وسلوكياته اليومية.

ما هو التواضع المذموم؟

التواضع المذموم هو الذي يجعل الإنسان يتنازل عن كرامته أو حقوقه، أو يُظهر التواضع رياءً أو ضعفًا، بدلاً من أن يكون نابعًا من قناعة حقيقية.

ما هي ثمرات التواضع؟

من ثمرات التواضع: محبة الناس واحترامهم. رفعة القدر والمكانة. تحقيق السكينة والراحة النفسية. تعزيز العلاقات الاجتماعية. زيادة العلم والحكمة. القرب من الله والثواب العظيم.

إقرأ المزيد

  1. زكاة المال ونصابها وكيفية احتسابها وعلى من تجب
  2. صيام يوم عرفة – الدكتور طارق السويدان
  3. ما هو فضل العشر من ذي الحجة ؟
  4. تعرف على روعة الإسلام: برحلة عبر العقيدة والشريعة والأخلاق
  5. تحديثات وآفاق الإسلام في العصر الحديث – د. طارق السويدان
  6. المرأة في الإسلام بين الحقوق والواجبات والمسؤوليات
  7. الإسلام والعلم: ترابط إلهي ينير دروب المعرفة.

اترك تعليقاً