القرآن الكريم أساسُ الدِّين وبابُ الإسلام، وهو كتابُ الله الذي أودع فيه شريعته وحقائق دينه، أنزله للنَّاس هادياً وسراجاً منيراً ليُخرجهم من الظلمات إلى النور. وأمرهم بالتمسّك به لأنّه كلمة الله التامة وإرادته الكاملة للبشرية في كلّ زمان ومكان، ﴿وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ واتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، فمن أراد الوصول إلى الله ما عليه إلا أنْ يسلك سبيله ويهتدي بهداه، ومن اهتدى إنّما يهتدي به، ومن ضلّ فهو الذي يزيغ عنه.
أصل الكلمة (القرآن) ومعناها
القرآن لغة:
مصدر قرأ، قرأ الشيء: جمعه وضم بعضه إلى بعضه الآخر، قال أَبو إِسحق النحوي: (ومعنى القُرآن معنى الجمع، وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر، فيَضُمُّها، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه﴾، أَي جَمْعَه وقِراءَته، ﴿فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِع قُرْآنَهُ﴾، أَي قِراءَتَهُ ا.هـ
وقد سمي القرآن قرآناً لأنه يجمع السور والآيات والحروف، وجمع فيه القصص، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، وأصل القرء الجمع وقد يحذف الهمز منه فيقال قريت الماء في الحوض إذا جمعته، وقرأ “ابن كثير ” القران بفتح الراء غير مهموز.
وقد روي أنّ الشافعيكان يقرأ القران بغير همز ويقول: (ليس هو من القراءة ولكنه اسم لهذا الكتاب كالتوراة والإنجيل).
والقرآن اصطلاحاً:
هو كلام الله تعالى، المنزل على رسوله محمد ﷺ، والمتعبّد بتلاوته.
هو معجزة النبي ﷺ التي تحدى بها العرب أهل اللغة، على أن يأتوا بآية من مثله فلم يقدروا.
أهمية القرآن في حياة الفرد والمجتمع المسلم
إذا كان الإنسان لا وجود له، ولا حياة، بغير الروح والقلب والعقل، فإن المسلمين لا كيان لهم، ولا حياة، ولا منزلة، بغير القرآن العظيم، فهو لهم الضياء والغذاء والشفاء.
القرآن الكريم هو منهجٌ كاملٌ لحياة الإنسان في عقيدته ومبادئه وسلوكه.
القرآن الكريم منزل من عند خالق البشر ومدبر أمورهم، وعلى هذا فإن القرآن الكريم صالحٌ لكل زمانٍ ومكان، وبه تنجو البشرية من شقائها.
لو تنشده أُمَّتُنا الإسلامية في عصرنا لَوَجدت فيه مُبتغاها، من التَّشريعات الفردية والجماعية، والعلائق الأسرية، والمعاملات الاقتصادية، والقوانين المدنية، والأنظمة الدولية.
وقد اشتمل القرآن العظيم على (6236) آية احتوت على العبادات والعقائد والتكاليف والأصول والأحكام، والمعاملات، وعلاقة الأمة الإسلامية بغيرها في السلم والحرب، وسياسة الحكم، وإقامة العدل، والعدالة الاجتماعية، والتضامن الاجتماعي، وكل ما يتصل ببناء المجتمع المسلم في نواحٍ شتى، ورسم الشخصية الإسلامية الكاملة؛ خُلقاً وأدباً وعلماً وعملاً.
القرآن الكريم يريد للمسلمين جميعاً أن يكونوا قوة في أنفسهم وعلى أعدائهم، لا يَظلمون ويعتدون، ولا يُظلمون ويُقهرون، ولكن عليهم أن يردوا الظلم والاعتداء، ثم لا يستزيدون.
لمَّا تركت الأمَّة هذا الفرقان، خُذِلَتْ في كافَّة المجالات، ومختلف الميادين، فأصبحت عالةً على الأمم، وفي غاية السَّقَم، تتعرض للنِّقم، ولا تدري أنَّها هي سبب هذه النِّقم بتركها كتاب ربِّها، ولا سبيلَ لها لاستعادة سابق مجدها إلاَّ بتجديد العهد مع ربِّها والتَّمسُّك بكتابها، وتطبيقه في حياتها، فتستعيد عزَّها وشرفها، فمهما ابتغت العزَّة في غيره، أذاقها الله كأس الذِّلة والمَهانة.
لا يوجد كتاب في تاريخ البشرية كلِّه نال من المكانة في نفوس أصحابهكما نال القرآن العظيم في نفوس المسلمين، ولا يوجد أيضاً كتاب قُرئ وحُفظ في تاريخ البشرية بقدر ما قُرئ هذا الكتاب، ولا عجبَ أنْ سمَّاه الله تعالى (القرآن) فهو الكتاب المقروء، الذي لا تفتر قراءته في ليل، أو نهار، أو سر أو جهار، في صلاة أو ذكر، أو حلقة أو درس.
تنزيلات القرآن الكريم
م
الترتيب
الآية
1
أول آية نزلت
{اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق….} العلق:1-2
2
أول ما نزل من السور
سورة الإسراء والكهف ومريم وطه
3
أول آية نزلت في القتال
{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} الحج:39.
4
أول آية نزلت في تحريم الخمر
{يسألونك عن الخمر} البقرة:219 ثم قوله تعالى: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} النساء:43
ثم قوله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}المائدة:90.
1
آخر آية نزلت
{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}البقرة:281
أول ما نزل من القرآن وآخره
الذي ذهب إليه أكثر أهل العلم وصححوه أنّ أول ما نزل من القرآن الكريم قول الله تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ *ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ * ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ *عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ﴾ [العلق:1-5].
واستدلوا لهذا بحديث عائشة رضي الله عنها، الذي رواه البخاري ومسلم وفيه (فجاءه المَلَكُ فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق} إلى قوله: {علم الإنسان ما لم يعلم}) قال النووي: هذا دليل صريح في أن أول ما نزل من القرآن قوله تعالى{اقرأ} وهذا هو الصواب -والكلام للنووي – الذي عليه الجماهير من السلف والخلف.
أما فيما يتعلق بأواخر ما نزل من القرآن، فقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة:281]، وهذا أصح الأقوال –كما ذكر ابن حجر– ودليل هذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري، قال: “آخر آية نزلت آية الربا”، قال “ابن حجر”: هذه الآية هي ختام الآيات المنـزَّلة في الربا، إذ هي معطوفة عليهن.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه قد وردت كثير من الأخبار والروايات ذكرت أوائل وأواخر ما نزل من القرآن، إلا أن أغلبها لم يثبت، ولا يعول عليها، لذلك لم نعرج على ذكرها، فضلاً عن أنه لا يترتب على معرفة ذلك فائدة كبيرة، اللهم إلا ما كان يتعلق منها بباب النسخ، ولهذا حديث آخر إن شاء الله، والله ولي التوفيق.
عدد السور والآيات في القرآن الكريم
عدد سور القرآن الكريم (114) سورة.
عدد آيات القرآن الكريم (6200) واختلفوا في الزيادة بعد (200) على أقوال:
عدد الآيات
صاحب الرأي
رأي آخر
6204
العدد البصري الذي رواه أبو عمرو الدّانيعن عاصم الجحدري وعطاء بن يسار.
6210
العدد المكي الذي رواه الدّاني عن ابن كثير عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن رسول الله ﷺ.
6214
العدد المدني الأخير الذي رواه إسماعيل بن جعفر عن سليمان بن جماز عن أبي جعفر وشيبة
6217
العدد المدني الأول الذي رواه نافع عن شيخيه أبي جعفر وشيبة.
6225
العدد الدمشقي الذي رواه الداني عن يحيى الذماري عن ابن عامر عن أبي الدرداء
6226
6232
العدد الحمصي وقد ذُكر عن شريح بن يزيد الحمصي.
6236
العدد الكوفي الذي رواه حمزة وسفيان عن علي بن أبي طالب
والسبب في تعدّد الأقوال في ذلك هو اختلاف القرّاء المكييّن، والمدنييّن، والكوفييّن، والبصرييّن، والشامييّن في العدد، فلكلٍّ منهم عددٌ يختلف عن الآخر.
كلمات القرآن وحروفه وأعداده
عدد كلمات القرآن الكريم هي: (77437) كلمة.
أما عدد حروفه: ذكر السيوطي في عدد حروف القرآن عدة أقوال عن السلف، وذكر منها:
قول ابن عباس أنّ عددها (323671).
وذكر أيضاً أنه روى عن عمر أن عددها (1000000)، وذكر غير السيوطي أنه روى عن عمر أن عددها (1027000)، وكلا القولين المرويين عن عمر رواهما الطبراني.
وذكر القرطبي وابن كثير أقوالاً أخرى منها:
عن عطاء أن عددها (323015).
وعن مجاهد أن عددها (321180).
وسلام الجماني أن عددها (340740).
وهذه الأقوال لا تخلو أسانيدها من كلام، ثم إن الاشتغال بهذا عدّه السيوطي من البطالات، وذكر أنه لا يترتب عليه كبير فائدة.
يعود السبب في الاختلاف في أعداد حروف القرآن الكريم إلى الخلاف في اعتبار البسملة آية من أول كل سورة قرآنية أو عدم اعتبارها، وكذلك الخلاف في حروف المد ونحوها هل هي من حروف القرآن الكريم أم ليس كذلك.
فضل القرآن الكريم
فضل القرآن على سائر كلام البشر
قال رسول الله ﷺ: (فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه) [فتح الباري-8/683].
قال رسول الله ﷺ: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) [البخاري-5027].
قال رسول الله ﷺ: (مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ) [البخاري-4937].
قال رسول الله ﷺ: (إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ”، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ:”هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ) [ابن ماجه-179] و[الحاكم بإسناد صحيح-2072].
يمكن للمؤمن أن يكسب الملايين من الحسنات بأقل جهد: عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: عن النبي ﷺ قال: (إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم) [المستدرك-2066].
فإذا كان العدد التقريبي لحروف القرآن هو (323015 حرفاً) فإن المسلم بقراءته لمصحف واحد في الشهر في الأيام العادية يكسب عن كل حرف عشر حسنات (323015 *10) = (3,230,150) ثلاثة ملايين ومائتين وثلاثين ألف ومائة وخمسين حسنة..
والله يضعف الأجر في رمضان وفي العشر من ذي الحجة لمن يشأ.. والله ذو الفضل العظيم.
القرآن عربي: لأن النبي صلى الله عليه وسلم - وهو الذي نزَل عليه القرآن - عربيٌّ، والله تعالى يقول: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ﴾
حكم التمائم من القرآن الكريم؟
حكم تعليق التمائم والتعويذات ، إذا كانت من القرآن ، أو الدعاء ، فقد اختلف أهل العلم في ذلك بين مانع ومجيز. ولا شك أن في المنع سدّا لذريعة الاعتقاد المحظور ، لا سيما في زماننا هذا ؛ فإنه إذا كرهه أكثر السلف ، مع بعد زمانهم عن البدع والضلال والاعتقادات الشركية ، وقرب العهد بنور الوحي والإيمان ، ففي مثل وقتنا ، من انتشار الجهل ، وفشو البدع ، يكون المنع أولى .
العلم الذي يهتم ببيان معاني آيات القرآن الكريم هو علم؟
العلم الذي يهتم ببيان معاني آيات القرآن الكريم هو علم التفسير