أزمة بناء الشخصية
وإن بناء الشخصية يرتكز على محاور أساسية لابد من فهمها جيدا، كما أن معالجة خلل ما يبدأ من علاج الفرد الذي هو أساس المجتمع، وإن إصلاح سلوك الفرد يفضي بالضرورة إلى إصلاح مجتمع كامل
اقرأ المزيدكان الرسول ﷺ بشرًا لكنه خير البشر، ونموذجًا لهم وأسوة، إنسانًا يعيش مع أهله ويتفاعل معهم كما يتفاعل الناس، اختار رسول الله ﷺ أنْ يعيش فقيرًا، فقد أرسل الله عزّ وجل إليه جبريل عليه السلام وخيّره بين أنْ يكون: (عبدًا نبيًّا، أوملكًا نبيًّا)، فاختار أنْ يكون عبدًا نبيًّا، بينما سليمان عليه السلام كان ملكًا نبيًّا.
كانت الدنيا بين يدي رسول الله ﷺ إلا أنّ حياة الفقر كانت خياره، فكان له مال خديجة رضي الله عنها، ثم صار له خُمس الغنائم والأنفال، فدعونا نتعرف عليه ﷺ عن قرب: (في منزله، وفي طعامه، وفي علاقته بأهله).
أثاث بيت رسول الله ﷺ بسيط يمكننا أنْ نعدّه عدًّا:
ولم يكن له لحاف فجاءت ميمونة رضي الله عنها بقطعة من القماش جعلتها له لحافًا، في يوم من الأيام قامت حفصة رضي الله عنها فطوت الفراش أربع طيّات بدل اثنتين، فنام عليه ﷺ وفي الصباح قال: «رُدّيه على حاله، فإنّ لينه منعني من قيام الليل البارحة».
رغم بساطة هذه الأشياء لكنها كانت ذات مكانة في قلوب المُحبّين، فلما قدم أبو سفيان بن حرب سيّد قريش إلى المدينة ليفاوض النبي ﷺ على زيادة في هدنة الحديبية بعد نقض قريش،
فما قبل رسول الله ﷺ، فقام أبو سفيان ودخل على ابنته أم حبيبة، فلما أراد أن يجلس على فراش النبي ﷺ طوته دونه فقال: يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه؟! فقالت: بل هو فراش رسول الله ﷺ وأنت امرؤ نجس مشرك.
رسول الله ﷺ إنسان يصيبه ما يصيب الناس، ويحدث في بيته ما يحدث في كل بيت، ولكنه في تعامله مع أهله قدوة وأسوة للعالمين.
كان رسول الله ﷺ في بيته حَسَن الخلق، طيّب المعشر، متواضعًا، يساعد أهله، فقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (ما كان إلَّا بشَرًا مِن البشَرِ، كان يَفْلي ثوبَه، ويحلُبُ شاتَه، ويخدُمُ نفسَه)،
وعندما يحين موعد الصلاة، يترك ما بيده ويذهب لصلاته، تقول عائشة رضي الله عنها: (كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ – تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ -، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ).
كانت زوجاته ﷺ يراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهنّ منَ الصباح إلى الليل، فهنّ يتعاملن معه كزوج وإنسان، يقول النبي ﷺ للسيدة عائشة: «إنّي لأعرف غضبك من رضاك، فإذا رضيتي علي تقولين وربّ محمد، وإذا غضبت عليّ تقولين وربّ إبراهيم»، فضحكت وقالت: ولا أهجر إلا اسمك.
كان يلاطف أهله ويستمع لحديثهن، وحسبك بذلك حديث أم المؤمنين عائشة عن نسوة يصفن أزواجهن، وكان أفضلهم رجل يقال له أبو زرع، فقال رسول الله ﷺ لعائشة رضي الله عنها ملاطفًا: «كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطّلقك».
كان وفيًّا محبًّا تجلّى ذلك بمشاعره تجاه زوجته المتوفية خديجة رضي الله عنها، عن أم المؤمنين عائشة قالت: كان النبي ﷺ إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، فغِرتُ يومًا فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشّدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيرًا منها،
فغضب وقال: «ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها: قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء».
كان رسول الله ﷺ يعلّم أهل بيته معاني الزهد في متاع الدنيا وزينتها، وعدم الحرص على زخارفها، فتبقى بين أيديهم ولا يصل شيء منها إلى قلوبهم، كما أنه اختار حياة الفقر والصبر عليها، فصبر أهل بيته معه عليها، ولما ضاقت بهم هذه الحياة خيّرهم: (بين العيش معه حياته، وبين مفارقته)، فلم يترددوا في صحبته والصبر معه.
أراد ﷺ يومًا زيارة ابنته فاطمة الزهراء بعد عدوته من سفر، فرأى على باب بيتها ستارًا مزخرفًا وفي يدها قلبين من فضّة، فرجع ولم يدخل، فاستغربت وجعلت تبكي فمرّ بها “أبو رافع” فسألها عن حالها،
فأخبرته بما جرى، فذكر لها لعلّ السبب الستار المزخرف وقلبي الفضّة، فدفعتها له من فورها وطلبت منه أنْ ينفقها على فقراء المسلمين، فلما علم رسول الله ﷺ رجع إليها.
في أحد الأيام: تجمّعت أمهات المؤمنين زوجات رسول الله ﷺ، ودعين رسول الله ﷺ فاستغرب منْ أمرهنّ، فلمّا اجتمع بهنّ جعلت كلّ واحدة منهنّ تشتكي ضيق حالها، أسقط في يديه ﷺ وأصابه الهمّ منْ إلحاحهنّ، ثم إنّه اعتزلهنَّ في وأقام في المسجد شهرًا،
فنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا (29) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [سورة الأحزاب].
جاء التخيير بوحي الله تعالى لأمهات المؤمنين:
عند ذلك ذهب رسول الله ﷺ إلى السيدة عائشة، وقرأ عليها الآيات وطلب منها أنْ تستشير أبويها، فقالت: (أفيك يا رسول الله ﷺ أستشير أبويّ؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة)، ثم ذهب لبقية زوجاته فرضين جميعًا وأجبنَ كما أجابت.
وفي الختام: شارك هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
السيرة النبوية و كيف كان الرسول يقضي يومه؟
1-سرير رسول الله ﷺ: لوح مزمّل بشريط، وتحت رأسه وسادة من جلد محشوة بالليف، وكان يؤثر شريطه في جنبه ﷺ.
2-فراش النبي ﷺ: عباءة يطويها طيّتين وينام عليها،
3-سجاد من حصير: يفرشها ليلًا فيصلي عليها، وفي النهار يبسطها ليجلس الضيوف عليها.
4-كرسي: مصنوع من ليف، وقوائمه من حديد وقيل أنّها منْ خشب أسود.
5-ستارة: تفصل غرفته قسمين (يستقبل الضيوف في أحدهما، وفي الآخر ينام)
أكثر طعام رسول الله ﷺ التمر والماء، خبز الشعير،
اللحم الذي لا يعرفه: فقد جيء له بلحم أبيض فسأل عنه فقالوا: (لحم ضبّ)، فتركه ﷺ، فسأله خالد بن الوليد: يا رسول الله، أحرام هو؟ قال: «لا، ولكنّه لم يكن بأرض قومي، فأجد نفسي تعافه».
الثوم: سئل عن تجنّبه له، أهو حرام فقال: «لا، ولكنّي أُحدّث -يأتيني الوحي- فأكره ريحه»
كان رسول الله ﷺ في بيته حَسَن الخلق، طيّب المعشر، متواضعًا، يساعد أهله،وعندما يحين موعد الصلاة، يترك ما بيده ويذهب لصلاته،
كانت زوجاته ﷺ يراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهنّ منَ الصباح إلى الليل، فهنّ يتعاملن معه كزوج وإنسان،
كان يلاطف أهله ويستمع لحديثهن،
كان وفيًّا محبًّا تجلّى ذلك بمشاعره تجاه زوجته المتوفية خديجة رضي الله عنها،
أراد ﷺ يومًا زيارة ابنته فاطمة الزهراء بعد عدوته من سفر، فرأى على باب بيتها ستارًا مزخرفًا وفي يدها قلبين من فضّة، فرجع ولم يدخل، فاستغربت وجعلت تبكي فمرّ بها "أبو رافع" فسألها عن حالها، فأخبرته بما جرى، فذكر لها لعلّ السبب الستار المزخرف وقلبي الفضّة، فدفعتها له من فورها وطلبت منه أنْ ينفقها على فقراء المسلمين، فلما علم رسول الله ﷺ رجع إليها.
تجمّعت أمهات المؤمنين زوجات رسول الله ﷺ، ودعين رسول الله ﷺ فاستغرب منْ أمرهنّ، فلمّا اجتمع بهنّ جعلت كلّ واحدة منهنّ تشتكي ضيق حالها، أسقط في يديه ﷺ وأصابه الهمّ منْ إلحاحهنّ، ثم إنّه اعتزلهنَّ في وأقام في المسجد شهرًا،
جاء التخيير بوحي الله تعالى لأمهات المؤمنين:
الصبر على ما اختاره رسوله ﷺ من حياة والثواب العظيم في الآخرة.
مفارقته والعيش في حياتهنّ كما يشتهين. فاخترن رسول الله صلى الله عليه وسلم.