إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن
قصص الأنبياء فيها العِبر والقدوات، نعتبرُ بما حدثَ للأممِ قبلَنا ونأخذُ منهُم الدروسَ، ونتعلمُ من…
اقرأ المزيدالزواج مرحلة مهمة في حياة شبابنا وشاباتنا، والمقبلون على هذا المشروع الطيب عليهم أنْ يكونوا على أتم الاستعداد للتغيير، فهم سيعيشون مرحلة انتقالية من التزاماتهم الشخصية إلى مرحلة بناء كيان الأسرة الجديدة.
هنا تأتي مسؤولية الآباء والأمهات والمربين والمفكرين: في الأخذ بيد أبنائنا المقبلين على الزواج، ومساعدتهم في الاستعداد لهذا المشروع العالي الأهمية، مشروع صناعة الإنسان الذي سيحمل غاية عمارة الأرض.
الزواج مرحلة فارقة في الحياة، وكلما زادت أهمية الشيء كلما كان الاستعداد له والغوص في تفاصيله أمراً بالغ الأهمية.
يتعين على طالب الزواج -رجلاً كان أو امرأة- أن يتهيأ نفسياً لما سيذهب إليه، فضلاً عن تأهيله المادِّي والتربوي والمعرفيّ؛ لأن مَنْ مضى لأمرٍ أعدَّ عدَّته وأخذ أهبَته يحقق نجاحاً، خلافاً لمن مضى إليه من دون إعداد أو استعداد.
على المقبلين على الزواج أن يؤهلوا أنفسهم للزواج بمعرفة نقاط أربعة لابد منها:
ومن الطبيعي أن يختلف الزوجان في كثير وعلى كثير من الأمور، كيف لا والزوجة أنثى والزوج ذكر، وليس الذكر كالأنثى ؟! كيف لا؛ وقد نشأ الزوج في بيتٍ ونشأت الفتاة في بيتٍ آخر؛ أعرافه مختلفة، ومواعيده مختلفة، وآراؤه مختلفة، وعلاقاته الاجتماعية مختلفة، وأفراحه وأحزانه مختلفة؟!
قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النور:32]. ﴿ خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [النور:32]، والسكن لا يكون إلا بعد حركة واضطراب.
هناك العديد من الأمور تساعد الأزواج في عملية إقبالهم واستعدادهم للزواج أهمها:
لا نستطيع التواصل جيدًا مع شخص آخر إذا لم نعرف أنفسنا ولم نعرف كيف نقدّمها له، وإنه من الشروط الأساسيّة للاتصال الحقيقي مع الآخر هو قدرتنا على أن نكون وحدنا ومتّصلين مع أنفسنا، وهكذا يبدو أن معرفة شخصياتنا ونمط تعلّقنا وطرقنا في حلّ الخلاف والتأمل الذاتي في سماتنا الشخصية هو أمرٌ في غاية الأهمية، وينصح متخصّصون بوجود قدر معقول من الرؤية المستقبلية، على جميع الصُّعد (مهنيًّا واجتماعيًّا وعائليًّا).
لعل أهمَّ قرار يتَّخذه الإنسان في حياته قرار اختيار الزوج أو الزوجة؛ لأن مستقبل حياته مرتبط بهذا القرار، وعليه أن يُراجع نفسه كثيراً، ويستشير طويلاً، ويستخير ربه جل وعلا، فاختيار الزوج أو الزوجة محتاج إلى تروٍّ وتعقُّل، واستشارة، واستخارة، ولا يُقبَل فيه استئثار النَّزوة أو العاطفة، أو الميل القلبيّ فقط.
جميعنا يدرك أهمية التخطيط، ليس للمستقبل وحسب وإنما لكل خطوة نمضي فيها، فهو أشبه بوضع الحروف على النقاط، لذا فبين سطور التخطيط يكمن النجاح.
والتخطيط للمستقبل، ليس قاصراً على الحياة العملية فقط، وإنما هو إجراء يدخل في كافة مفاصل حياتنا اليومية، وخطواتنا المختلفة، ومن بينها الزواج الذي يعد واحداً من أهم القرارات التي نتخذها، لاتصالها في عملية بناء أسرة قوية ومتماسكة، قادرة على تنشئة الأبناء بطريقة سليمة.
إذا كنت تعرف أشخاصا موثوقين ولديهم المعرفة في الشؤون الزوجية، فلا تتوقف عن طلب مشورتهم ورؤيتهم، لأنه في المشاورة تزيد عقلاً إلى عقلك، وربما تنهي خلافاً عارضاً بمشورة صغيرة لأهل الخبرة والاختصاص.
دعونا نضع بين يديكم نصائح بسيطة ربما ولكن أثرها كبير في نجاح الزواج، منها:
لابد للزوجين من قضاء وقت ممتع مع بعضهما، وأن يتزيَّن الزوج لزوجته، وأن يؤنسَها ويلاطفهَا:
الحب الصادق هو ما أراده الله تعالى بقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم:21]، فهذه المودة والرحمة جَعليَّتان، يجعلهما الله تعالى ويخلقهما في قَلْبَي الزوجين بعد العقد. ثم إن بين المودة والحب فارقاً، فالحب حالةٌ عاطفية قلبية، والمودة حالة سلوكية، تنبع عن حبٍّ قلبيٍّ، وهي أكمل من مجرد الحبّ، لذلك قال الله تعالى: (مودةً ورحمة).
فلا بدَّ للزوج أن يعطي زوجته حقّها من الناحية العاطفية، وعليها أيضاً أن تراعي له هذا الأمر، سُئل النبي ﷺ: مَن أحب الناس إليك؟ فقال: «عائشة» [متفق عليه]، وكان ﷺ إذا شربَتْ عائشة يأخذ القربة ويتتبع أثر فمها، قالت: (كنت أشرب من القَدَح فأُنَاوِلُه النبيَّ ﷺ، فيضع فَاهُ على موضع فِيَّ) [مسلم وأبو داود والنسائي].
ليست الحياة الزوجية راحة كلها، أو اتفاقاً كلها، بل هي راحة حيناً وتعبٌ حيناً آخر، واتفاقٌ حيناً واختلافٌ حيناً آخر، ووئام ٌحيناً ومشكلات حيناً آخر، ولا يوجد في العالم كله زوجان يخلوان من الاختلاف، إذ لابد من الاختلاف، ولابد من المشكلات.
وليست المشكلة في ذات المشكلة، إنما المشكلة في طريقة التعامل معها، وليست المشكلات الزوجية شراً كلها، بل ربما كان فيها خير كبير، قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة:216].
فلا بد من الاتفاق على وجود طريقة صحية وفعّالة للتعامل مع الخلافات، بما يشمله ذلك من تقديم تنازلات مشتركة والسعي لفهم الآخر عبر الاستماع الحقيقي له ورؤية الخلاف بوصفه فرصة لتعميق العلاقة بدلًا من دفعها نحو الحافّة الانفصال.
التعبير عن الحب والجو اللطيف بين الزوجين أساس في العلاقة الزوجية، والكلمة اللطيفة، والنظرة المعبرة، واللمسة الحانية، والضمة الحنون، لها الوَقْعُ الحَسَن عند كِلا الزوجين، كما أن الهدايا تجلب المحبة -على أن تكون صادقةً-، وهي بمعناها تدل أكثر من دلالتها بمبناها.
يُنصَح بتطويق الخلاف والعمل على حله داخل البيت ما أمكن، وعن الحاجة يمكن سؤال أهل العلم والتقوى، وإذا رأى الزوج في بيته مشكلة جديدة فليفزع إلى الله تعالى بالاستغفار والتوبة، فلعله اجترح اليوم ذنباً ما كان أذنبه أمس، كان بعض الصالحين يقول: (إني لأعرف حالي مع الله تعالى من خلق زوجتي).
عليك التأكد من استعداد للزواج، وعدم الاستعجال، وتجنب المثالية، وأن تهيئ نفسك للقيام بواجباتك الزوجية، وأن تعد نفسك للتضحية من أجل شريك حياتك، مع طلب التوفيق والتيسير من رب العالمين.
تعرَّف على دوافع زوجتك من الزواج، فالزواج سلوك يسعى له الناس لتروية دوافعهم، يتفقون في أمهاتها وينفرد بعضهم بدوافع خاصة، وعندما لا يلبي الزوج دوافع زوجته أو لا تروي الزوجة دوافع زوجها يبحث كل منهما عن سلوك آخر استجابة للدوافع.