
عثمان بن ارطغرل مؤسس الخلافة العثمانية
نسب عثمان عثمان بن سليمان شاه التركماني المعروف بعثمان الأول يرجع نسبه إلى التركمان النزالة…
اقرأ المزيدأصبح العلاج النفسي اليوم علماً مستقلاً له أدواته ومناهجه واكتشافاته، وأصبحت المستشفيات والعيادات النفسية منتشرة في كل مكان، وهي تؤدي دوراً فاعلاً في رفع كفاءة النفس البشرية، ومع ذلك كله يبقى الدعم الروحي والإيماني عاملاً أساسياً في عملية المعالجات النفسية وتخطي الأزمات السلوكية، ولذلك كثيراً ما يلجأ المتخصصون النفسيون إلى الاستعانة بعلماء الدين في كثير من العيادات النفسية العالمية.
وحين يكون الأمر متعلقاً بالمسلم فإن من البديهي أنْ يكون للدين أثراً في حياته وتخطي أمراضه النفسية؛ لاشتماله على الإيمان السالم من التناقضات، وكونه مصاحباً للإنسان في كل مجالات حياته، يوجهه لما ينفعه ويحذره مما يضره في بدنه أو عقله.
إنّ طب النفوس مهم لأنه وسيلة لعلاج النفوس من أمراضها النفسية، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: “وهل العذاب إلا عذاب القلب، وأي عذاب أشدّ من الخوف والهم والحزن وضيق الصدر“، وفي عصرنا هذا تزداد أهميته، نتيجة لزيادة كثرة المصابين بالأمراض النفسية، وتنوع وتعدد الأمراض النفسية، يقول العلامة عبدالرحمن البراك: “بقدر بعد الناس عن شرع الله تعالى يكون شقاؤهم، وبقدر تمسكهم بشرع الله تكون سعادتهم“.
لقد عالج الإسلام أمراض النفس وصرحت الآيات الكريمة بهذا في قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا} [سورة الإسراء: 82]، وهنا تبين لنا الآية الكريمة أهمية القرآن الكريم، وأنه شفاء من القلق والحيرة، وشفاء من نزغات الشيطان، وشفاء من الأمراض النفسيّة، فهو رحمة للمؤمنين بما فيه من الخير والهدى وتفريج الكروب، فالقرآن الكريم قوَّةً تؤثّر في النفس الإنسانيَّةٍ؛ فهو كلام الله تعالى خالق النفس، والعالم بما يُصلحها ويريحها.
أرشدنا النبي ﷺ إلى العديد من الأساليب العملية لمواجهة القلق والاكتئاب، منها: الدعاء، والذي يعتبر من أقوى الأساليب التي تُساعد الإنسان على تجاوز الصعوبات، ففيه يأوي العبد الضعيف المحتاج إلى ركن مولاه الجليل، فالله عزّ وجلّ يُحبّ العبد الذي يُقبل عليه بالدعاء والسؤال، وهو سبحانه أكرم من أعطى، وأجّلُ من سُئل.
دخل النبي ﷺ المسجد، ووجد أبا أُمامة في المسجد في غير وقت الصلاة، فسألهُ عن السبب، فأجابه قائلاً: إنّها الهُموم والديون، فعلّمه أن يدعو الله فيقول: (قُلْ إذا أصبحتَ وإذا أمسيْتَ: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك من الهمِّ والحزن، وأعوذُ بك من العجزِ والكسل، وأعوذُ بك من البخلِ والجبن، وأعوذُ بك من غلبةِ الدَّين وقهرِ الرِّجال).
أما عند الكرب فقد كان النبي ﷺ يقول: (لا إلهَ إلّا اللهُ العليمُ الحليمُ، لا إلهَ إلّا اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلّا اللهُ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرضِ ربُّ العرشِ الكريمِ).
قال النبي ﷺ مُخاطباً بلال بن رباح رضي الله عنه: “أرِحْنا بها يا بلالُ“، والمقصود بها أي بالصلاة؛ فالصلاةُ مكانٌ لراحة القلب والخروج من زخارف الدُنيا والتعلّق بالآخرة فتكونَ سبباً لراحة قلب النبي ﷺ ومن معه من الصحابة، ففيها السكينة والطمأنينة في الوقوف بين يدي الله -عز وجل-.
والنبيُّ ﷺ قد ذكر في مواضع كثيرة وبيّنَ أنَّ الصلاة سبيلُ فرحته وطريقة سعادته هو وجميع المسلمين، فقال ﷺ: (وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ)، والراحةُ في الصلاة تكونُ لمن استشعر عظمتها وكان خاشعاً فيها وقلبُه معلقٌ بها.
وبِذِكْرِ اللَّهِ تسكن القلوب وتستأنس، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [سورة الرعد: 28]، فلا تضطرب ولا تقلق فإذا سمعت القرآن خشعت واطمأنت، وإذا ذكرت وعد الله بالثواب والجنة سكنت واستقرت.
قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، ويأتي هذا العلاج لهذه النفس التي أسرفت في المعصية ألّا تيأس، فعدم اليأس هو العلاج الأمثل.
لقد أقرّ علم النفس أنّ الايمان بالله من أهم العوامل التي تساعد على شفاء المرضى، ويجمع الأطباء النفسيّون أنّ علاج التوتر العصبي يتوقف إذا ما أفضى المريض لصديقه، فلماذا لا يشكو مرضانا ويفضون بما يعتمل في نفوسهم من آلام نفسية وأخطاء ارتكبوها ومعاصٍ اقترفوها الى بارئهم؟!
لأنّ ارتكاب الذنوب طبيعةٌ بشريةٌ، والعبرة بما بعد الذنب من التوبة والاستغفار، فالله عزّ وجلّ يقبل التائبين، ويشرح صدورهم.
عندما يحلّ بالمرء مصيبة تفزع نفسه ويضطرب كيانه، ولكنه سرعان ما يشعر بالراحة والاطمئنان عندما يتلو هذه الآية: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}، فيدرك الإنسان أنّ الله عزوجل يمتلك مفاتيح الغيب، وعنده علم السّاعة، ومتى تنقضي آجال الناس.
فالمؤمنون يتمتعون في حياتهم بلذة الأمن النفسي، فتراهم لا يبالون أمام الأحداث الجسيمة في هذه الحياة، وذلك لأنّ الله تعالى ربط على قلوبهم باليقين وملء نفوسهم بالإيمان.
الحياة الدنيا دار امتحان وابتلاء، والله تعالى يختبر إيمان عباده، والمؤمن يتلقى المصائب بالصبر والتسليم، بل بالرضا، لأنه يعلم أن هذه النكبات ما نزلت عليه إلا لتكفير ذنوبه ومحو سيئاته، فالصبر له أثر عميق في سعادة المؤمن وتلقيه صدمات الحياة ونوائب الدهر.
يساعد الصيام من الناحية النفسية على تطوير وغرس مهارة ضبط النفس، فبالصيام تتم تربية النفس وتهذيبها والارتقاء بها عن الشهوات، فيصبح من خلاله قادراً على اكتساب عادات حميدة والتخلص من عادات سيئة، إذ يكون الصيام بمثابة دافع قوي للمسلم لمقاومة النفس ودفع الهوى.
كما أنه يحدّ من بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب والقلق والأرق؛ فهو يحفز و يولد القدرة على تحمل ضغوطات الحياة ومواجهتها مما يؤدي إلى الاستقرار النفسي، وقد أكدت بعض الدراسات العلمية أنّ الصيام يخفف مِنْ حدّة أعراض الغضب والقلق والأرق التي قد تظهر على بعض الأشخاص، كما يضبط الحالة الدينية لدى الأفراد.
والزكاة عطاء ونضوج وسعادة، فالطبيب يصف للمرضى الإعطاء للآخرين كعلاج لقلقهم واكتئابهم، وإذا حلّلنا هذا العلاج نجد أنّ العطاء مقرون بفرحة الذي يتقبل العطية، وهذه الفرحة تنعكس على المعطي فيشعر بالرضا والسعادة، ولذا فنرى الحق سبحانه يقول: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}، ويقول على الجانب الآخر الذي تقوقع وانطوى على ماله {وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}.
والتكافل الاجتماعي هو في الحقيقة وقاية من المرض الجسمي والنفسي، فهذه الأموال تصرف لإسعاد الآخرين وعلاجهم جسمياً ونفسياً؛ يقي هذه المجتمعات من الأمراض وينعكس سعادة وتعاوناً وتعاضداً وصحة مجتمعية، تحمي المجتمع من المؤامرات والمكائد والغزو اخترق الأعداء.
في سبيل الصحة النفسية حذرت السنة النبوية من أن يكون القلب مأوى للضغائن وسائر أمراض النفوس وعللها.
إنّ المرض النفسي قدر من الله، ككل ما يقدره سبحانه، له أسبابه الموضوعية التي لا تحابي مؤمناً ولا كافراً، ومن طرق الوقاية والعلاج ذكر الله والتوكل عليه سبحانه.
العلاج النفسي بما لا ينافي القرآن الكريم والسنة النبوية لا حرج فيه.
الذهاب إلى الطبيب للتداوي لا ينافي الدين وعليه فلا حرج عليك في الجمع بين التداوي بالرقية الشرعية وبين الذهاب إلى طبيب النفس.