الاستغفار في القرآن والسنة النبوية
كثير من الناس في هذه الأيام يبحث عن أمن وأمان له من هذه الفتن والمحن…
Read moreالسعادة هي الهدف الذي يسعى إليه كل إنسان. إنها تلك اللحظات التي نشعر فيها بالرضا والامتلاء، والتي تدفعنا إلى الأمام.
ولكن، ما هي السعادة حقًا؟ وكيف يمكننا تحقيقها؟ لطالما بحث الفلاسفة وعلماء الدين عن إجابة لهذا السؤال. في هذا المقال، سنستعرض أبرز النظريات والآراء حول مفهوم السعادة، وسنركز بشكل خاص على التكامل بين النظرة العلمية والنظرية الإسلامية للسعادة.
تعددت مفاهيم السعادة بتعدد الباحثين عنها، واختلاف دوافعهم ورغباتهم، فالبعض ربط مفهوم السعادة بالرفاهية المادية، والبعض ربطها بالتفاعلات الكيميائية الهرمونية التي تحدث في جسم الانسان.
وربط بعض الباحثين السعادة بعوامل خارجية مثل: الأسرة والأصدقاء والبيئة المحيطة، والبعض الآخر جعلها مرتبطة بعوامل داخلية، مثل: الرضا والإيمان والقناعة.
وتطور مفهوم السعادة ليشمل بمعناه الواسع؛ الشعور بالفرح والبهجة والسرور، بما يؤثر على الحالة النفسية للإنسان ومزاجه بشكل إيجابي، وبالتالي سلوكه الشخصي ونمط حياته، بالمقابل يمكن تعريف السعادة بنقيضها، فهي عكس الكآبة والحزن المترافق مع حالة شعورية سلبية.
يرتبط مفهوم السعادة في الإسلام بالقيم العليا والغايات السامية، فالسعادة في الإسلام ليست مقتصرة على الحياة الدنيوية بل تمتد إلى الحياة الآخرة التي يكون فيها الخلود، وينال الداخل إلى الجنة برحمة الله؛ السعادة الأبدية فيها.
ومن أساسيات السعادة في الإسلام؛ الإيمان بالله وقضائه وقدره، والسعي للتقرب إلى الله، وهو ما سيهوّن على المسلم كل صعاب الحياة، وبالتالي يبقى ضمن دائرة السعادة طالما كان راضياً طائعاً لله عز وجل.
كلنا نعلم أنّ السعادة شعور، شأنها شأن كل المشاعر، تأتي وتذهب، فهي ليست دائمة، لذا وجب ألّا نبني حياتنا عليها، فكيف نبني حياتنا على شيء غير مضمون ومتغير؟!
فإذا كانت السعادة هي الهدف الحقيقي من وجودنا في هذه الحياة؛ لحدّثنا الله سبحانه وتعالى عنها في القرآن الكريم، ولكنّ الله حدّثنا عن أقوامٍ يحبهم ويحبونه، فهذه هي الغاية التي يجب أن نسعى إليها ونصل إليها في أعماقنا.
لنتأمل الآيات التي تصف الذين يحبهم الله في القرآن الكريم، وأي سعادة هي أعظم من نيل محبة الله؟! فالله تعالى يحب المحسنين والتوّابين والمتطهّرين والمتّقين والصابرين والمتوكّلين والمقسطين.
ونلاحظ أنّ الله عز جلاله لا يحدثنا في حبه عن مشاعر تتغير، بل يحدثنا عن حالات تدوم، عن صفات شخصية مستمرة، وليس مشاعر تتبدل، لذا وجب علينا أن ندرك الفرق بين المشاعر والصفات الشخصية.
ومن دلالات ذلك في القرآن الكريم، قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]
فالله تعالى يتحدّث عن الموَدَّة والرحمة، وهي صفات وحالات ومهارات شخصية، ولا يتحدث عن الحب، فالحب عاطفة، شعور يتغير، أما الصفات والحالات فهي مستقرة وثابتة، ومن عنده موَدَّة ورحمة يصعب أن تتغير عنده.
وبذلك فإنّ الإسلام أعطى الأهمية للحالات والصفات وليس المشاعر، وعندما ننظر إلى السعادة؛ علينا أن ننظر إلى الحالة والصفة التي وراءها كأن يتحلى الإنسان بصفة من الصفات التي يحبها الله سبحانه.
السعادة هي حالة إيجابية شعورية يشعر بها الإنسان، وهناك أنواع متعددة من السعادة تشمل:
مفهوم السعادة في علم النفس يدخل ضمن تقييم الإنسان لحياته وطبيعة مزاجه وشعوره بشكل إيجابي، وأشار علم النفس إلى السعادة من الناحية الانفعالية بأنه شعور يؤدي إلى المزاج المعتدل، أما من الناحية الإدراكية فهي وصول الشخص إلى درجة معينة من الرضا.
وتعتمد السعادة لدى الإنسان على نمط حياته وسلوكه وأسلوب تفاعله مع محيطه البيئي والاجتماعي، فهي وفقاً لعلم النفس أكثر من مجرد مزاج إيجابي، بل تمتد إلى الشعور الجيد تجاه الذات.
شَغَلَ مفهوم السعادة وكيفية تحقيقها؛ فلاسفة العصور بمختلف مدارسهم، وتم إدراجه وتصنيفه ضمن دائرة أبحاث النظريات الأخلاقية، ليتم اعتبار السعادة محور أساسي في الفكر الأخلاقي.
وتُعد السعادة وفق نظريات الفلسفة؛ غاية يسعى إليها الإنسان بمختلف مستوياته الفكرية والشخصية، وتدخل في جميع نواحي حياته المهنية والاجتماعية والصحية والروحية وغيرها.
اختلف الفلاسفة حول كل شيء إلا أمر واحد، وهذا من العجائب في علوم الفلسفة المليء بالآراء والأفكار، اِختلاف على كل شيء إلا أمر واحد؛ ما هو يا ترى؟!
اتفق الفلاسفة شرقيّهم وغربيّهم، مسلمهم وكافرهم، أن أعلى درجات السعادة تأتي من العطاء وليس من الأخذ.
أعلى درجات السعادة عندما تعطي، قد تعطي مالاً أو علماً أو مساعدةً إنسانية، وإذا فهمنا هذا المعنى سنفهم معه معنى آخر مهم، وهو أنّي لكي أعطى قد اضطر لأن أتعب، العطاء قد لا يكون سهلاً.
عندما يعطي أحداً علماً من خلال كتابة كتاب، فإن هذا الكتاب قد يأخذ معه 4 أو 5 سنين من الجهد، وتمرّ عليه أحياناً لياليٍ، يظل فيها إلى الفجر وهو مستيقظ يكتب ويفكّر.
وهذا لا شك تعب، ولكن كل هذا التعب يزول في اللحظة الأولى التي تأتي فيها النسخة الأولى للكتاب من المطبعة، ويضعونها بين يديه، فيتحول كل هذا التعب إلى سعادة.
لابد من وقفة مع حديث يتكلم عن السعادة وإن لم يذكر اِسمها بشكل مباشر، حديث النبي ﷺ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ) [صحيح البخاري – 6369].
استعاذ النبي ﷺ من الهمّ والحزن، فما الفرق بين الهمّ والحزن؟
الحزن على الماضي، والهمّ من المستقبل، فأنت عندما تكون قلق على المستقبل يكون عندك همّ، وعندما يكون أمر ماضي تم وانتهى بشكل سلبي بالنسبة لك، فيصبح لديك حزن بسببه.
الرسول ﷺ يستعيذ من الأمرين، والمسلم لا يريد أن يعيش في هذه الحياة التي فيها الهمّ والحزن، بل الحياة السعيدة.
حتى القرآن الكريم يشير إلى هذا المعنى بعمق، في قول الله تعالى: {لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} (الحديد – 23)، وهنا الكلام عن مشاعر الفرح أو الحزن الطاغي، لأنّ هذه المشاعر بالأصل مشاعر طبيعية يختبرها الإنسان، أما الطغيان فيها فهو أمر مذموم.
وفي الحديث: استعاذ النبي ﷺ من العجز والكسل، فالأول يكون بغير إرادة الإنسان والثاني بإرادته، العجز والكسل هما السبب الغالب للفشل، والذي هو أكبر سبب للهمّ والحزن.
كما استعاذ النبي ﷺ من الجُبن والبخل، وهما يدلان على الحرص، فالجُبن خوفٌ على الحياة، والبخل خوفٌ على المال، فإذا علم الإنسان أن الرزق والعمر بيد الله؛ فلماذا الجُبن والبخل؟، والعكس العطاء والشجاعة هما اللذان يصنعان السعادة.
ويقول ﷺ في نهاية الحديث: “وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”، فالأول هو كثرة الديون إلى درجة عدم القدرة على سدادها، والثانية عندما يسيطر حاكم جبّار أو رئيس دكتاتور، وهذين الأمرين بالذات هما أكثر ما يزعج الرجال، ويسبب لهم القهر، وبالتالي التعاسة وغياب السعادة.
فالرسول الكريم ﷺ لخص لنا أسباب التعاسة وتعوّذ منها، وإذا تجنبها المسلم تحققت لديه السعادة.
وفي النهاية: السعادة هي قرار يأخذه الإنسان، كما الفشل هو أيضاً قرار، سعادتك هي قرارك، سعادتك في قلبك وبين يديك وهي انعكاس لفكرك.
السعادة هي أن تستمتع بكل ما تعمل، وأعلى درجات السعادة هي السعادة في العطاء.
والسعادة الكاملة هي في الدار الآخرة، سعادة من لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، سعادة تامّة لا تشويش عليها، السعادة الكاملة عندما نلتقى الله عز وجل، وعند حوض المصطفى ﷺ.
مقالات قد تهمك :
مفهوم ومعنى السعادة الواسع هي الشعور بالفرح والبهجة والسرور.
تجد السعادة في نفسك عن طريق اكتشف الأشياء التي تحبها وشاركها مع الآخرين.
اجمل ما قيل عن السعادة هي أنها قرار يأخذه الإنسان، وسّر السعادة في العطاء.
السعادة في الفلسفة هي غاية يسعى إليها الإنسان بمختلف مستوياته الفكرية والشخصية، وتدخل جميع نواحي حياته المهنية والاجتماعية والصحية والروحية وغيرها.
أنواع السعادة هي:
- السعادة اللحظية قصيرة الأجل: وتكون في مشاعر الاعتزاز، الحماسة، الفرح، والفكاهة.
- السعادة متوسطة الأجل: في مشاعر التفاؤل والامتنان.
- السعادة طويلة الأجل: في الحب والرضا.
يحفّز الإنسان إحساسه بالسعادة من خلال ربطها بقيم عليا وغايات سامية.