يؤثر الخجل على كثير من الناس إلى درجة أنّ البعض يفقد الفرص المتاحة أمامه بسبب خجله، وهو شعور سلبي يحتاج لأن يتخلص منه الإنسان إذا بات يعيق تطور حياته.
سنتعرف في هذا المقال على الخجل ما هو وما هي أنواعه وما هي أبرز أسبابه؟ والفرق بينه وبين الحياء وكيفية علاجه عند الأطفال والتخلص منه عند الكبار.
تعريف الخجل
هو شعور واِنفعال عاطفي يختبره الإنسان مدفوعاً بالخوف من آراء الآخرين عنه بشكل أساسه، وهو حالة سلوكية ممزوجة بالقلق والإحراج عند التواجد في أي وسط أو اِتصال الاجتماعي.
وجاء تعريف الخجل عند منظمة كيدز هيلث (Kids Health) بأنه “الشعور بالارتباك وعدم الراحة والخوف قليلاً من الوجود بالقرب من أشخاص آخرين”.
أنواع الخجل
تختلف أنواع الخجل باِختلاف ظروفه ومسبباته واِختلاف منظومة القيم عند الإنسان، ويتنوع كأن يكون خجلاً من الناس أو من الكلام أمامهم أو حتى خجل من المظهر الخارجي.
وهناك العديد من التصنيفات المتعلقة بأنواع الخجل لدى الإنسان، ومن هذه التصنيفات:
أنواع الخجل بحسب المنظور
الخجل العام: ويكون مصاحباً للإنسان الذي يكون دافعه للخوف آتٍ من منظور خارجي مثل الإحراج عند ممارسة مظاهر سلوكية عامة أمام الآخرين، وقد يترافق ذلك مع الفشل في أداء المهام.
الخجل الخاص: وهو الخجل المدفوع بمنظور داخلي وشعور ذاتي لدى الشخص بعدم الارتياح والخوف من التقييم السلبي والقلق، والحساسية الزائدة للذات.
أنواع الخجل بحسب التفاعل مع المحيط
الخجل الانطوائي: وهو الميل للعزلة ولكن مع القدرة على العمل بكفاءة ونجاح مع الجموع إذا اضطر الشخص لذلك.
الخجل العُصابي: حيث يشعر الشخص بالقلق الناجم من الشعور بالدونية والحساسية المفرطة نحو الذات وإحساس بالوحدة النفسية، وخوف من إقامة علاقات اجتماعية، مع صراع النفسي بين الرغبة في مصاحبة الآخرين وخوفه من ذلك.
الخجل الاجتماعي
لا يختلف الخجل الاجتماعي عن الخجل بمفهومه العام، بل هو في صميم مفهوم الخجل، والخجل الاجتماعي هو شعور غير مريح بالوعي نحو الذات المترافق بالخوف مما قد يعتقده الآخرون.
ويمنع الخجل الاجتماعي الشخص من بناء العلاقات الاجتماعية القوية والصحية، وغالباً ما يرتبط الخجل الاجتماعي بانخفاض احترام الذات أو عدمه.
ويجد البعض أنّ الخجل الاجتماعي يتراوح بين المشاعر الخفيفة من عدم الارتياح التي يستطيع الشخص التغلب عليها بسهولة، وبين الخوف الشديد من المواقف الاجتماعية.
أسباب الخجل
يرجّح الكثير من علماء النفس أنّ أسباب الخجل الحقيقية ترجع إلى العائلةوظروف التنشئة منذ الصِغر، وهو ما يحدد نوع السلوكيات الاجتماعية التي كان يتّبعها الإنسان في صغره مع محيطه أو التي كان يتم إجباره عليها، ما أدى إلى التأثير في طبيعته عند الكِبَر.
وللخجل أسباب كثيرة نذكر منها:
الأسرة وظروف التنشئة والتربية، وفي هذه الحالة تلعب الأسرة دوراً كبيراً في معالجة الخجل الناجم عنها.
فقدان المهارات الشخصية، ويمكن من خلال اِكتساب عدد من المهارات الشخصية الجديدة معالجة الخجل بشكل تدريجي.
الحساسية النفسية والجسدية الزائدة اتجاه الذات، وأيضاً يمكن معالجة ذلك مع التدريب الجيد واِكتساب مهارات الذكاء العاطفي.
مشاكل صحية وحالات طبية منذ الولادة أو بسبب حصول خلل هرموني، ويمكن للتدخل الطبي أن يساهم في تخفيف أو إزالة هذا المسبب.
الفرق بين الخجل والحياء
يختلف الخجل عن الحياء، بأنّ الخجل هو شعور، أما الحياء فهو حالة، وهو من الإيمان كما جاء عن النبي ﷺ في قوله: (الحَيَاءَ مِنَ الإيمَانِ) [صحيح البخاري – 24].
والإسلام يعتدّ بالحالات والصفات التي تكون أدوم وليس المشاعر المتغيرة التي تزول ولا تدوم.
ومن أمثلة ذلك أنّ الله سبحانه ذكر في القرآن الكريم محبته لمن يتصفون بحالات وليس المشاعر، فالله يحب المحسنين والتوّابين والمتطهّرين وغيرهم من أصحاب الحالات والصفات.
والحياء صفة جميلة كان يتخلق بها النبي ﷺ فعن عائشة رضي الله عنها، قالت:
(كان رسولُ اللهِ ﷺ مُضطجِعًا في بيتِه كاشفًا عن فخِذَيْه فاستأذَن أبو بكرٍ فأذِن له وهو على تلكَ الحالِ فتحدَّث، ثمَّ استأذَن عُمَرُ فأذِن له وهو على تلكَ الحالِ فتحدَّث، ثمَّ استأذَن عُثمانُ فجلَس رسولُ اللهِ ﷺ وسوَّى ثيابَه فدخَل فتحدَّث فلمَّا خرَج قالت عائشةُ : يا رسولَ اللهِ دخَل أبو بكرٍ فلَمْ تَهَشَّ له ولَمْ تُبالِ به، ثمَّ دخَل عُمَرُ فلَمْ تَهَشَّ له ولَمْ تُبالِ به، ثمَّ دخَل عُثمانُ فجلَسْتَ فسوَّيْتَ ثيابَك؟ فقال النَّبيُّ ﷺ: ألَا أستحي مِن رجُلٍ تستحي منه الملائكةُ) [صحيح مسلم – 2401].
علاج الخجل الاجتماعي
يمكن علاج الخجل الاجتماعي بعدة أساليب وطرق منها:
التركيز على نقاط القوة لدى الشخص الخجول، بحيث يطغى تأثيرها على نقاط الضعف بما فيها الخجل.
استعادة الثقة بالنفس، وتعزيز النظرة الشخصية الإيجابية تجاه ذاته.
الاهتمام بالمعرفة واكتساب الخبرات خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الآخرين، وتطوير الذات.
تنمية المهارات الشخصية، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والخدمية والتطوعية.
التخفيف من أهمية آراء الآخرين، والتقليل من فكرة مراقبة الآخرين، والتي غالباً لا تكون صحيحة.
علاج الخجل عند الاطفال
حدد مستشفى لوس أنجلوس للأطفال Chla بعض الاستراتيجيات والنصائح التي يمكن للأهل اتباعها لعلاج الخجل عند الاطفال:
لا تصف طفلك بأنه خجول يمكن أن تقول إنه متحفظ قليلاً.
عزز الثقة الاجتماعية لطفلك.
تعاطف مع سلوك طفلك.
كن مستجيباً لاحتياجات طفلك.
علّم طفلك المهارات الاجتماعية.
كلّف طفلك بالمهام والمسؤوليات تدريجياً.
قدم التعزيز الإيجابي والثناء لطفلك.
لا بأس باستشارة الطبيب.
شعر عن الخجل
قال أبو تمام الحمداني:
يَعيشُ المَرءُ ما اِستَحيا بِخَيرٍوَيَبقى العودُ ما بَقِيَ اللِحاءُ
فَلا وَاللَهِ ما في العَيشِ خَيرٌوَلا الدُنيا إِذا ذَهَبَ الحَياءُ
إِذا لَم تَخشَ عاقِبَةَ اللَياليوَلَم تَستَحيِ فَاِفعَل ما تَشاءُ
وقال صالح عبد القدوس:
إذا قلَّ ماء الوجه قلَّ حياؤهولا خير في وجه إذا قلَّ ماؤه
حياءَك فاحفظه عليك وإنمايدل على فعل الكريم حياؤه
كيف تتخلص من الخجل
هناك العديد من الطرق التي يمكن اتباعها للتخلص من الخجل، وجميعها تتفق على أنّ تعديل القناعات المعيقة واكتساب مهارات جديدة؛ هي من أهم أسباب التخلص من هذا الخجل.
ويمكن تلخيص أبرز الخطوات التي يمكن أن تساهم في تعزيز ثقة الفرد وتقلل لديه شعور الخجل الزائد الذي يعيق تطوره بما يلي:
التعرف على نقاط القوة والتركيز على تطويرها، بما يعزز الثقة بالنفس ويقلل الشعور بالخجل.
تعلم مهارات التواصل الاجتماعي، وتنمية الذكاء العاطفي الذي يساهم بمعرفة الفرد لذاته وقدراته والسيطرة على مشاعره ومخاوفه والتعامل معها.
استخدام لغة جسد توحي بالثقة مثل الابتسامة ووضوح نبرة الصوت وقوتها، هذا سينعكس على الجسد والحالة الشعورية إلى جانب تأثيره في المحيط الاجتماعي الذي يتواجد فيه الشخص.
المشاركة في الأنشطة الاجتماعية التفاعلية، بمعنى التواجد في البيئة التي تدفع الإنسان للخروج من دائرة خجله.
المبادرة ببدأ الأحاديث مع الناس مع التحضير المسبق لحوار قصير بسيط، ويمكن بدأ ذلك مع الأقارب والمعارف ثم الانتقال إلى الغرباء، وذلك يساعد على كسر حاجز الخوف والخجل بالتدريج.
كما أنّ تقبّل صفة الخجل ومعرفة أنّها قابلة للزوال مع التدريب والممارسة سيعطي دافع كبير للتخلص منها.
كيف تغلّب الدكتور طارق السويدان على رهبة التحدث أمام الجماهير؟
أذكر تماماً ولا أنسى المرة الأولى التي وقفت للتكلم فيها أمام الناس، كنت أمسك ورقة وأقرأ منها ولم أكن أرتجل.
كنت أقرأ وقلبي يخفق وقدماي ترتجفان وأتعرق بشدة، لم أكن أمتلك هذه القدرة وهذه المهارة في الخطابة.
وبالرغم من أنني شعرت بحبي لهذا المجال إلا أنني لا كنت امتلاك القدرة فيه.
ولكن لو قِسنا إنتاجاتنا وانجازاتنا بقدراتنا اليوم لن ننجز شيئاً، فالقدرات يصنعها الإنسان بنفسه، والمهارات يكتسبها الإنسان بنفسه.
نعم هناك مواهب قد تعين ولكن إذا افترضنا أنّ القدرات هي موهبة إلهية فقط سوف نستسلم ونعجز.
يسّر الله لي أن درست في جامعة بنسلفينيا الأمريكية، وهذه الجامعة كان فيها كلية وليس قسم أو شعبة إنما كلية كاملة اسمها كلية الخطابة تتكون من أربعة طوابق، يدرس فيها كبار السياسيين الأمريكيين ويتعلمون فيها كيف يتكلمون.
ذهبت إليهم وأخذت كورس عندهم على مدار ستة أشهر في فنون الخطابة ولغة الجسد اللازمة لإلقاء الخطاب القوي المؤثر.
وهي قدرة كل إنسان منكم يستطيع اكتسابها لو أراد هو ذلك.