لله سبحانه وتعالى خواص من الأزمنة والأمكنة والأشخاص، يختارها بمحض فضله وكرمه، والدعاء عبادة عظيمة خصَّها الله بأوقات وأماكن استجابة، ودعاناً جيمعاً إلى التعرض لهذه النفحات والعطايا في كتابه العظيم وفي هدي نبيه محمد عليه أفضل سلام وأعظم تسليم، فتعالوا بنا تعرّف على أوقات وأماكن استجابة الدعاء في هذا المقال.
شروط استجابة الدعاء
الدعاء عبادة عميقة في غايتها تتجلى فيها الصلة بين العبد وربه سبحانه وتعالى بأرقى صورها، ولأدائها بأعلى وأكمل وجه هناك شروط وآداب تجعل الاستجابة من المولى سبحانه بفضله أقرب، ومنها:
الإخلاص لله تعالى.
أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم الصلاة على النبي ﷺ ويختم بذلك.
الجزم في الدعاء واليقين بالإجابة.
الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال.
حضور القلب في الدعاء.
الدعاء في الرخاء والشدة.
لا يسأل إلا الله وحده.
عدم الدعاء على الأهل والمال والولد والنفس.
خفض الصوت في الدعاء بين المخافتة والجهر.
الاعتراف بالذنب والاستغفار منه والاعتراف بالنعمة وشكر الله عليها.
تحري أوقات الإجابة والمبادرة لاغتنام الأحوال والأماكن التي هي مِنْ مظان إجابة الدعاء.
عدم تكلف السجع في الدعاء.
التضرع والخشوع والرغبة والرهبة.
كثرة الأعمال الصالحة فإنها سبب عظيم في إجابة الدعاء.
رد المظالم مع التوبة.
الدعاء ثلاثـاً.
استقبال القبلة.
رفع اليدين في الدعاء.
الوضوء قبل الدعاء إنْ تيسر.
أنْ لا يعتدي في الدعاء.
أنْ يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره.
أنْ يتوسل إلى الله بأسمائهِ الحسني وصفاتهِ العلى أو بعمل صالح فعلهُ الداعي نفسه.
التقرب إلى الله بكثرة النوافل بعد الفرائض.
أنْ يكون المطعم والمشرب والملبس من حلال.
لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
أنْ يسأل الله كل صغيرة وكبيرة.
أنْ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
الابتعاد عن جميع المعاصي.
أنْ يدعو لإخوانه المؤمنين، ويخص الوالدان والعلماء والصالحون والعباد بالدعاء، ويخص بالدعاء مَنْ في صلاحهم صلاح المسلمين ويدعو على الظالمين المستبدين منهم، ويدعو للمستضعفين والمظلومين من المسلمين.
أفضل أوقات الاستجابة للدعاء
أوقات الدعاء المستجاب كثيرة كما جاء في السنة، وهذه جملة منها:
ليلة القدر: قال رسول الله ﷺ: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” [متفق عليه].
الدعاء في جوف الليل وهو وقت السحر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له” [رواه البخاري ومسلم].
دبر الصلوات المكتوبات: في حديث أبي أمامة رضي الله عنه “قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات” [رواه الترمذي].
بين الأذان والإقامة: صحّ عن النبي ﷺ أنه قال: “لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة” [رواه أبو داود والترمذي].
في ساعة من الليل: قال عليه الصلاة والسلام: “إنّ في الليل ساعة لا يوافقها مسلم يسأل خيراً مِنْ أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة” [رواه مسلم].
ساعة يوم الجمعة: فقد ذكر رسول الله ﷺ يوم الجمعة فقال: “فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه -وأشار بيده يقللها-” [رواه البخاري ومسلم].
الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر: فعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه أنّ رسول الله ﷺ كان يصلي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وقال: “إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء وأحب أنْ يصعد لي فيها عمل صالح” [رواه الترمذي].
هناك أماكن للدعاء المستجاب كما جاء في حديث رسول الله ﷺ، ومن ذلك:
عند رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيام التشريق: كان رسول الله ﷺ إذا رمى الجمرة التي تلي مسجد منى يرميها بسبع حصيات، يكبر كلما رمى بحصاة، ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو وكان يطيل الوقوف، ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي، فيقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو، ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر عند كل حصاة، ثم ينصرف ولا يقف عندها“
الدعاء داخل الكعبة أو داخل الحجر: فعن أسامة بن زيد أن النبي ﷺ لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله ﷺ دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت في أول من ولج، فلقيت بلالاً، فسألته هل صلى فيه رسول الله ﷺ؟ قال: نعم صلى بين العمودين اليمانيين.
الدعاء على الصفا والمروة للمعتمر والحاج: قال جابر رضي الله عنه في حديثه الطويل في حجة النبي ﷺ ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ} ”أبدأ بما بدأ الله به“ فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة. فوحَّد الله، وكبَّرهُ، وقال: ”لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده“ ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات. الحديث. وفيه: ”ففعل على المروة كما فعل على الصفا“.
الدعاء عند المشعر الحرام يوم النحر للحاج: قال جابر رضي الله عنه عن حجة النبي ﷺ: ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة، فدعاه وكبَّره، وهلَّله، ووحَّده فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس“ الحديث.
دعاء الحاج في عرفة يوم عرفة: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي ﷺ قال: ”خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير“.
عند شرب زمزم: فعن جابر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: ” ماء زمزم لما شرب له ” [رواه أحمد].
حالات يستجاب الدعاء فيها
هناك حالات عندها يستجاب الدعاء كما في الحديث:
في السجود: قال ﷺ: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء” [رواه مسلم].
الدعاء عند المريض: فقد أخرج مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: قال ﷺ: “إذا حضرتم المريض فقولوا خيراً، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، قالت: فلما مات أبو سلمة أتيت رسول الله ﷺ فقلت: إنّ أبا سلمة قد مات، فقال لي: قولي: اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة” قالت: فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه، محمداً ﷺ“.
دعوة المظلوم: وفي الحديث: “واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” [رواه البخاري ومسلم].
دعاء الوالد لولده ودعاء الصائم في يوم صيامه ودعوة المسافر: فقد صح عن نبينا ﷺ أنه قال: “ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر” [رواه البيهقي].
دعاء الولد الصالح لوالديه: كما ورد في الحديث الذي أخرجه مسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به”.
عند النداء للصلوات المكتوبة وعند التحام الصفوف في المعركة: كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً: “ثنتان لا تردان، أو قلما تردان الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً” [رواه أبو داود].
عند نزول الغيث: كما في حديث سهل بن سعد مرفوعاً إلى النبي ﷺ: “ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر” [رواه أبو داود].
عند سماع صياح الديكة: لحديث: “إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكاً” [رواه البخاري ومسلم].
دعاء الناس بعد قبض روح الميت: ففي الحديث أن النبي ﷺ دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: “إنّ الروح إذا قبض تبعه البصر، فضج ناس من أهله فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون” [رواه مسلم].
أدعية مستجابة
عند الدعاء بـ “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”: وقد صح عنه ﷺ: أنه قال: “دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له” [رواه الترمذي].
إذا وقعت عليه مصيبة فدعا بـ “إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها”: فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: “ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها؛ إلا أخلف الله له خيراً منها” [رواه مسلم].
الأسئلة الشائعة
ما هي الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء؟
الحج أكثر عبادة فيها مواطن استجابة الدعاء.
ما هو اكثر وقت يستجاب به الدعاء؟
جوف الليل هو أكثر وقت يستجاب به الدعاء.
ما هي الاوقات التي لا يرد فيها الدعاء؟
من الأوقات التي لا يرد فيها الدعاء هو بين الأذان والإقامة.
ما هي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء في الليل؟
ساعة السحر في ثلث الليل الآخر هي ساعة يستجاب فيها الدعاء في الليل.