مربيتان خلدهما التاريخ (أسماء بنت عميس وأم سليم بنت ملحان)
أسماء بنت عميس رضي الله عنها أسلمت في بداية الدعوة قبل دخول رسول الله دار الأرقم، وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها ابن عم رسول الله جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه
اقرأ المزيدالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، والعبد لا يدري على وجه اليقين عواقب الأمور؛ فقد يظن العبد أنّ ما هو مقدم عليه فيه الخير وتأتي النتائج على خلاف ما توقع كما قد يحدث العكس، فمن أجل هذا كان حريّاً بالعبد عند إقدامه على أمر من الأمور المباحة أنْ يتفكر وأنْ يستخير الله تعالى، ويستشير من يثق برأيه وخبرته وأمانته؛ فما خاب من استخار الخالق واستشار المخلوق.
في كل يوم يَمُر في حياة المسلم لا بد له من جُمْلة من القرارات بعضها حاسمة وبعضها أقل من ذلك، وربما تَمُر أيام ليُقرِّر فيها قراراتٍ مصيرية، ربما تتعلَّق بشخصه أو أسرته أو أبنائه أو مؤسسته التي يعمل فيها أو ربما دولته التي ينتمي إليها، قرارات: كبيع أو شراء أو نِكاح أو تجارة أو عمل أو سفر أو غيرها، وهنا تبدأ القصة في قرارات مصيرية لا يَتبيَّن فيها للمسلم وجهُ النفع والضر فيتردَّد كثيراً في اتخاذها.
كان النبي ﷺ دائمًا ما يُردِّد: “اللهم خِرْ لي واختر لي”، وهو ما روته عائشة رضي الله عنها في الشُّعب للبيهقي، وكان يَحُث أصحابَه على ذلك بقوله: “يا أنس، إذا هممتَ بأمر فاستَخِر ربك عز وجل”، بل ربما جعل الأمر يتعلَّق بالسعادة والشقاوة كما أخرج الحاكمُ في مُستدركه من حديث سعد بن أبي وقاص أنَّ النبي ﷺ قال: “من سعادة ابن آدم: استخارته إلى الله، ومن شقاوة ابن آدم: تَرْكه استخارة الله”.
وقد علمنا ﷺ دعاء الاستخارة في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه حيث قال: كان رسول الله ﷺ يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: “إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل:
(اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – يسمي حاجته – خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإنْ كنت تعلم أنَّ هذا الأمر شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله؛ فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم ارضني به)”.
قال: “ويسمي حاجته” أي يسمي حاجته عند قوله: “اللهم إن كان هذا الأمر” [رواه البخاري].
ويمضي المسلم في حاجته: فإن كانت خيراً له فسييسرها الله تعالى له، وإن كانت غير ذلك فسيصرفها الله تعالى عنه ويصرفه عنها.
صلاة الاستخارة سنة لمن أراد الإقدام على أي أمر ذي بال، فيصلي ركعتين من غير الفريضة يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وبعد الصلاة يدعو بدعاء الاستخارة.
والحكمة في تقديم الصلاة على دعاء الاستخارة: أنّ المراد حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيُحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة؛ لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلاً وحالاً.
لا مانع من الجمع بين نيتي صلاة السنة كصلاة الضحى مثلاً والاستخارة في صلاة واحدة، ويستحضر المصلي هنا نية الجميع عند ابتداء الصلاة، كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وقال النووي في الأذكار: (لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر مثلاً أو غيرها من النوافل الراتبة والمطلقة، سواء اقتصر على ركعتين أو أكثر، أجزأ).
الاستخارة مشروعة في كل الأوقات ما عدا أوقات الكراهة الثلاثة وهي: (بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، وعند استواء الشمس في وسط السماء)، هذا فيما إذا كان سيصلي قبلها ركعتين، أما إذا كان سيستخير بعد صلاة سبقت كصلاة الفجر أوصلاة العصر فلا مانع منْ أنْ يدعو بعدها بالدعاء المأثور، ويكون بذلك قد استخار.
ونص الشافعية على أنَّ له أنْ يصلي ركعتين للاستخارة في أوقات الكراهة في حرم مكة لأنّ له خصوصية في هذا الأمر؛ لما رواه الترمذي وغيره عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار. قالوا: وغير ركعتي الطواف مثلها.
ولم يرد وقت محدد تفضل فيه صلاة الاستخارة على غيره، ولكن يفضل تحرّي الأوقات الفاضلة وعند فراغ ذهنك من الأشغال.
بعد صلاة الاستخارة والدعاء ينبغي كما قال النووي: وينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له، ولا يعتمد على انشراحٍ كان فيه هوىً قبل الاستخارة، بل ينبغي للمُستخير تركُ اختياره رأسًا، وإلا فلا يكون مُستخيرًا لله، بل يكون غير صادقٍ في طلب الخيرة وفي التبرّي من العلم والقُدرة وإثباتها لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه.
وقد ذكر بعض أهل العلم كالعلامة ابن عثيمين يرحمه الله: (أنّ العبد يمضي في حاجته بعد الاستخارة، فإن رأى تيسيراً أتم عمله، وإنْ رأى غير ذلك أحجم).
هناك مجموعة من الأخطاء في مفهوم وممارسة الاستخارة منها:
الجمع بين الاستخارة والاستشارة من كمال تطبيق السنة؛ كما قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [سورة آل عمران: 159]، وقال: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [سورة الشورى: 38]، ويُقصَد منها سؤال العارف بمقاصد ما تنوي القيام به، فالإنسان بطبيعة خِلْقته عاجز عن إدراك جميع جزئيات الحياة وبتعاونه مع مَن يَثِق بهم بالاستشارة ربما يستطيع أن يجمع أطرافَ القرار، ومع الفَهْم الجمعي بالاستشارة فإنه لا غنى للخَلْق عن الخالق، فيتوجَّهوا إليه بدعاء الاستخارة لاحتمال أن تتوافَق العقول على خلل أو نَقْص أو تقصير.
دعاء الاستخارة: (اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – يسمي حاجته – خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإنْ كنت تعلم أنَّ هذا الأمر شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله؛ فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم ارضني به)".
صلاة الاستخارة سنة لمن أراد الإقدام على أي أمر ذي بال، فيصلي ركعتين من غير الفريضة يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وبعد الصلاة يدعو بدعاء الاستخارة، ولم يرد وقت محدد تفضل فيه صلاة الاستخارة على غيره، ولكن يفضل تحرّي الأوقات الفاضلة وعند فراغ ذهنك من الأشغال.
من السنة أن يكون دعاء الاستخارة بعد صلاة نافلة كما جاء في الحديث، ولكن يمكن أن تكون دون صلاة ولها حكم الدعاء المطلق.
إقرأ المزيد: