
قصة سيدنا سليمان نبي الله كاملة بالتفصيل
نبي الله سليمان ابن نبي الله داود آتاه الله العلم والحكمة ووهبه ملكاً عظيماً {قَالَ…
اقرأ المزيدالله عز وجل من أسمائه التواب، وهو سبحانه يحب التائبين كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [سورة البقرة: 222]، والله جل وعلا يفرح بعبده إذا تاب إليه، وإذا استحضرت ضرر المعصية وشؤم عاقبتها في دينك ودنياك وآخرتك هان عليك تركها، يقول ابن القيم: (فمما ينبغي أنْ يعلم أنّ الذنوب والمعاصي تضر ولا بدّ، وأنّ ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شرّ وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟).
أنواع المعاصي كثيرة لا يمكن حصرها؛ لأنّ ارتكاب أي شيء نهى الله عنه أو ترك أي شيء أمر به يعتبر معصية، ولها عدد لا بأس به من التصنيفات أحدها أنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع حسب إمكانية مغفرتها وهي:
أعظم الذنوب عند الله هو الشرك به سبحانه؛ وهذا ذنب لا يغفره الله أبدًا لمن مات عليه بغير توبة؛ كما أخبرنا الله تعالى بذلك في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [سورة النساء: 48]، وقال أيضًا: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [سورة المائدة: 72].
هذا هو النوع الثاني من الذنوب، وهي الكبائر والموبقات؛ ومنها ما جاء في الحديث الذي في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)).
هذه الكبائر التي دون الشرك أو الكفر لو مات صاحبها من غير توبة، فإنه مستحق للعذاب، فإن شاء الله عذبه، وإن شاء عفا عنه، وإن عذبه الله تعالى، فإنه لا يخلد في النار خلافًا لصاحب النوع الأول، فإنه خالد في النار.
صغائر الذنوب وهي السيئات، وهي ما كانت دون الكبائر في الجرم والإثم، فهذا النوع يغفره الله تعالى لعباده دون توبة مخصوصة منها، فقد جعل له مكفراتٍ كثيرة تمحى بها هذه السيئات.
وترك المعصية يفيد العبد بتوفير حسناته وعدم زيادة سيئاته، أما التوبة فإنها تهدم ما قبلها من السيئات، إضافة إلى حب الله تعالى للتوابين وفرحه بتوبة عبده، ولذا فالترك المجرد لا يغني عن التوبة النصوح.
بما أنّ المُسلم لا بد له أن يقع في المعاصي حسب فطرته، فإنّ أفضَل ما يؤدّيه ليترك ما يقوم به من المعاصي أن يَربط نفسه بالله، ويَستشعر عَظمة الله سبحانه وتعالى في كل وقت.
فقد أوجب الله التوبة على جميع العباد: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ}، فيجب على المسلم أنْ يتوب إلى الله في سائر الأوقات مهما كثرت ذنوبه وعظمت غفلته، والله تعالى لكمال رحمته يقبل توبة المسيء مهما عظمت ذنوبه، والتوبة الصادقة نجاة المؤمن في الآخرة.
وللتوبة النصوح الصحيحة المقبولة عند الله شروط:
ولا بدّ أولاً أنْ يترك الإنسان الأماكن التي توصله إلى الذنب؛ فإذا كان هناك مكانٌ معينٌ كان يذهبُ إليه ليرتكب الذنب، فيجب أن يبتعد عنه قدر المستطاع، كما عليه ترك صحبة السوء، التي تجرُّ الإنسان إلى الذنب، فلا يُمكِنُ لصاحب سوءٍ أن يدلَّ على الخير، كما أنه لا يمكن لصاحب خيرٍ أن يدل على السوء، كما لا بدّ من قطع كل الوسائل التي تؤدي إلى الذنب؛ فقد يؤدي إلى الذنب نظرةٌ أو كلمةٌ أو غير ذلك.
الايمان هو ما وقر في القلب وصدّقه العمل، وهو مراتب يقوى ويضعف، ولكي تحافظ على إيمانك قوياً يجب عليك أنْ تقوم بأشياء منها: (المحافظة على الصلوات المكتوبة، وأنْ تجعل لنفسك ورداً يومياً مِنْ قراءة القرآن، ولازم على ذكر الله وداوم على الإستغفار)، هذه العلاقة القوية مع الله تساعدك على الحفاظ على السلوك الصالح وتجنب المعاصي.
من حق نفسك عليك ملازمة الصحبة الصالحة وترك رفقاء السوء بكل يقين وثقة، والاستعانة بالرّفقة الصالحة، حيث إنّ الرّفاق الصالحون يُذّكرون بعضهم بتقوى الله، وينهون أنفسهم من الوقوع في معصيته، فأنشئ نظام دعم من الأصدقاء والعائلة الذين يمكنهم مساعدتك على البقاء على المسار الصحيح.
العبادات في الإسلام شرعت لتهذيب الأنفس وترتيبها على الطاعة، وجلب المصالح لها، ودفع المفاسد عنها، فالإسلام دين شامل جاء ليصلح الحياة في جميع نواحيها، ومنهج رباني يربط الإنسان بخالقه ويربطه بمن حوله من الكائنات.
إنّ في أداء العبادات طريقاً لتحسين الخُلق وتعزيزه في الإنسان؛ فالعبادات على اختلافها تُقوِّم النّفس، وتحفظ عليها صالح أخلاقها وتُنمِّيها.
الصلاة هي إحدى أهم العبادات التي تحقق السعادة النفسية وتحافظ على النفس والجسم: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ}، يقول السعدي: “ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر أنّ العبد المقيم لها، يستنير قلبه، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقلّ أو تعدم رغبته في الشر، فالتزام الصّلاة يعزّز خُلق الانضباط، وحفظ المواعيد، وغيرها من القِيم.
والصوم واحد من العبادات يحصل به حفظ الأنفس، حفظاً صحياً وحفظاً معنوي، ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، قال ﷺ: “مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ”، والصّيام يعزِّز خُلق الصّبر، ومُجاهَدة الهوى، وضبط النّفس.
وفي عبادة الزّكاة تهذيب للنّفس بصونها ووقايتها من آفة الأنانيّة، يقول تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَاٌ}، ورد في تفسير السعدي: “{تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} أي: تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة، {وَتُزَكِّيهِمْ} أي: تنمّيهم، وتزيد في أخلاقهم الحسنة، وأعمالهم الصالحة، وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي، وتنمي أموالهم.
ولكن واقع المسلمين اليوم يشهد انفصامًا بين العقيدة والعبادات وبين السلوك والتعامل اليومي مع الآخرين، والمطلوب من المسلمين اليوم أنْ يراجعوا تعاملاتهم مع الآخرين ومدى قربها أو بعدها عن تعاليم الإسلام، فلا يكفي أنْ تؤدي العبادات لكي تكون مسلمًا حقًّا، لابد أن ينعكس أثر هذه العبادات على تعاملاتك مع من حولك.
القرآن الكريم هو طبُّ النفوس باعتباره روح الروح ونور البصيرة، به يتحقق الضبط والانضباط، قال تعالى: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشـَـاءُ مِنْ عِبَادِنَا}، النور الذي يضيء ويبين الأمراض، ويهدي إلى طريق الصواب، ولا يتم ذلك إلا بتحديد أمراض النفس المهلكة التي سطَّرها القرآن، من أجل تقديم الدواء الناجع لها من آياته وسُوره العِظَام.
إذ إنّ قراءة وِردٍ يومياً من القرآن الكريم تزيدُ المسلمَ ثباتاً على دينه، وتحفظ الصلةَ الروحانية بينَه وبين الله وتحفّز المسلم على الالتزام بأخلاق القرآن الكريم، وحينها سيبتعد من تلقاءِ نفسهِ عن الوقوع في الإثم والخطأ قدر ما أمكن.
كما أنّ وقوف العبد بين يدي ربّه وسؤاله أن يطهّر قلبه ويثبّته من أكثر المعينات له على ذلك، ويفضّل أن يتحرّى أوقات إجابة الدعاء، ويُمكنه أنْ يدعو فيقول: “اللهمَّ كَرِّه إلينــا الكفر والفسوق والعصيان، وباعد بيننا وبين الخطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب”.
كما أنّ للعربة موقّفاً يوقفها عند الانزلاق والمخاطر كذلك في الإنسان غرائز وطموحات تحتاج إلى سيطرة عليها فلا بد من:
للتغلب على الوقوع في المعاصي يجب العمل على تطوير الإرادة والعزيمة، ولابد من الاستعانة بالأهل والأصدقاء في الوقت الذي يحتاج فيه الفرد للدعم والمساندة، كما يجب الاعتماد على الدعم الإيجابي مِنَ الأصدقاء والعائلة والمجتمع وتوجيه الجهود نحو التغيير الإيجابي في الحياة.
الانشغال بكل ما هو مفيد ومرافقة أصدقاء الخير والاقتداء بالرسول والصحابة.
العمل على تطوير الإرادة والعزيمة، والتفكير بإيجابية، والتركيز على الأهداف الحياتية والمهنية.
عليك أن تبتعد عن الأسباب المؤدية للذنب وأن تجاهد نفسك وتراقب الله في أفعالك وأقوالك واسأل الله أن يطهر قلبك من المعاصي.
بادر إلى التوبة وانشغل بما ينفعك في دنياك وآخرتك.