كيف تكون زوج صالح
الرجل والمرأة قوام الأسرة المستقرة، وعلى عاتق كل منهما مسؤوليات وواجبات، ولكي تستطيع كزوج القيام…
اقرأ المزيدالتقوى وصية الله تعالى إلى الأولين والآخرين {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [سورة النساء:131]، والمتأمل موقعها في القرآن الكريم يجد أنه جعلها معيار التفريق بين الحق والباطل، وكم رتّبَ عليها من خير وثواب في النجاة من النار ودخول الجنة في الآخرة، وهي سبيل تفريج الكروب وسعة الرزق، وتحصيل العلم النافع، والحفظ من كيد الكفار في الدنيا، فالتقوى خصلة تجمع خيري الدنيا والآخرة.
جاءت التّقوى في اللُّغة بمعنى: الوقاية، والصّيانة، والحفظ، وتأتي أيضاً بمعنى الحذر، وأما التقوى في الاصطلاح: فهي أنْ يلتزم المسلم أوامر الله، ويجتنب ما نهى عنه، فيقوم بالواجبات والمندوبات ويترك المُحرّمات والمكروهات.
فيجعل المسلم بينه وبين ما حرّم الله واقياً يَقيه من عذابه وغضبه، وأنْ يقي نفسه من الوقوع بالمعاصي، وشُبهات الدنيا، فتقوى الله: خشيتُه وامتثالُ أوامره واجتنابُ نواهيه، وأنْ يجدك الله حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك.
هذا ولا يخفى على أنًّ التقوى هي جماع الخيرات، وأنّ المسلم يقترب مِنْ التقوى بكل سجدة لله، وبكل يوم يصومه في سبيل الله، وبكل مراقبة لله وخوف منه سبحانه؛ لأن التقوى هي فعل ما أمر، وترك ما عنه نهى وزجر.
ويحقق العبد في نفسه التقوى إذا أصبح وقّافاً عند حدود الله حذراً مما يغضب الله، ولا ينظر إلى صغر الخطيئة ولكن ينظر إلى عظمة من يعصيه، ويكفّ عن الناس الأذى ويبذل لهم المعروف، ويقابلهم بالبشر ويقدم لهم الهدى.
ولفظ (التقوى) ورد في القرآن الكريم في (258) موضع، وجاءت في (182) موضع بصيغة الفعل، مِنْ ذلك قوله تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة} [سورة البقرة: 24]، وجاء بصيغة الاسم في (76) موضعاً، من ذلك قوله سبحانه: {فإن خير الزاد التقوى} [سورة البقرة:197].
ولفظ (التقوى) ورد في القرآن الكريم على خمسة معان، هي:
1- التوحيد والإيمان: من ذلك قوله سبحانه: {وألزمهم كلمة التقوى} [سورة الفتح:26]، قال الطبري: هي لا إله إلا الله محمد رسول الله، ونحو هذا في قوله سبحانه: {أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى} [سورة الحجرات: 3]، أي: أخلص قلوبهم لتوحيده.
2- الإخلاص: من ذلك قوله تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [سورة الحج: 32]، أي: مَنْ يقدر شعائر الله التي شرعها حقّ قدرها، ويؤديها حق الأداء، فإن ذلك دليل على الإخلاص.
3- العبادة والطاعة: من ذلك قوله عز وجل: {إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون} [سورة الشعراء: 106]، قال الشوكاني: ألا يخافون عقاب الله سبحانه، ويصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته، ومن هذا القبيل قوله سبحانه: {أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون} [سورة النحل: 2].
4- الخشية: من ذلك قوله تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [سورة النساء: 131]، قال الطبري: احذروا الله أن تعصوه وتخالفوا أمره ونهيه.
5- ترك المعصية: من ذلك قوله عز وجل من قائل: {وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله} [سورة البقرة: 189]، أي: البر من اتقى الله فخافه وتجنب محارمه، وأطاعه بأداء فرائضه التي أمره بها، ونحو هذا قوله تعالى: {واتقون يا أولي الألباب} [سورة البقرة: 197]، قال الطبري: خافوا عقابي باجتناب محارمي التي حرمتها عليكم، تنجوا بذلك مما تخافون من غضبي عليكم وعقابي، وتدركوا ما تطلبون من الفوز بجناتي.
وأكثر ما ورد لفظ (التقوى) في القرآن الكريم على هذا المعنى.
وهي وصية رسول الله ﷺ لأمته، وكان إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيراً، ولمّا خطب في حجة الوداع في يوم النحر أوصى الناس بتقوى الله وبالسمع والطاعة لأئمتهم.
وقال رسول الله ﷺ: “اتق الله حيثما كنت” [رواه أحمد والترمذي]، يعني في السر والعلانية حيث يراك الناس، وحيث لا يرونك في أي مكان وزمان، وقد وردت أحاديث كثيرة في التقوى وتأمر بها ومنها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “سئل رسول الله ﷺ عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج” [رواه الترمذي].
في مثل هذه الأزمان التي تهاجم الذنوب الإنسان من كل جانب؛ يكون اجتنابُ الإثم وأداء الفرائض سبيل النجاة بإذن الله تعالى، وأما الاجتهاد في العمل الصالح فهو سبيل الترقي في مراتب الجنان، كل ما سبق يلزمه نية خالصة.
وقد دلَّ على هذا قول النبي ﷺ في الحديث القدسي: “إنّ الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإنْ سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه” [رواه البخاري].
تمر بالإنسان حالات يضعف فيها؛ فيحتاج إلى التوبة ليعود إلى جادّة الثبات على التقوى، قال ﷺ: “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” [رواه الترمذي]، والكيّس لا يزال يأتي من الحسنات بما يمحو به السيئات.
أيها العبد الذي زلّت بك القدم في المعصية: عليك أنْ تتوب إلى الله توبة صادقة مما حصل، وأنْ تلتزم بحمل نفسك على تقوى الله تعالى والبعد عما حرمه في كل الأحوال، فإن التوبة والتقوى هما أعظم جوالب الفلاح للمسلم، فقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة النور: 31].
يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة آل عمران: 135]، فالآية تذكر صفات أشرف درجات المؤمنين، المسارعين إلى مغفرة الله تعالى ورضوانه، الموعودين بجنة عرضها السموات والأرض: وهم المتقون.
ولكن الغريب أنّ الآية لا تنزه هؤلاء المتقين عن المعاصي، كما قد يتوقع بعضنا! بل إنها لـتُـثني عليهم بارتكابها!! نعم.. تُثني عليهم بارتكاب المعاصي، لكن عندما يُتبعونها بالاستغفار الصادق، الذي يستلزم فيما يستلزم: عدم العزم والإصرار، ولا تُثني عليهم بارتكاب المعاصي مطلقاً (فهذا لا يمكن أصلاً)، ولا تُثني عليهم بعدم ارتكابها مطلقًا أيضًا، وهذا هو محل الشاهد في هذه المسألة.
إذن، تبين هذه الآيةُ أن المتقين قد يقترفون المعاصي و حتى الفاحشة؛ لكن الذي يميز هؤلاء المتقين من أهل الإيمان عن غيرهم ممن يقترفون الآثام (صغيرها وكبيرها): هو أنهم يسارعون إلى طلب المغفرة.
إنّ المرء محتاج للتقوى ولو كان أعلم العلماء، وأتقى الأتقياء، يحتاج إلى التقوى لأن الإنسان تمرُّ به حالات ضعف، لذلك يحتاج إلى التقوى للإستقامة والثبات.
أن يلتزم المسلم أوامر الله -تعالى- ويجتنب ما نهى عنه، فيقوم بالواجبات، والمندوبات ويترك المُحرّمات، والمكروهات.
معان عديدة منها: التوحيد والإيمان ... الإخلاص ... العبادة والطاعة ... الخشية ... ترك المعصية.
قول سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه التقوى: هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل.
من علامات التقوى هي أن يراك الله حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك.