القيادة ومنهج إعداد القادة
الأمّة الإسلامية في هذه الأيام ليست بحاجة لمزيد من الأعداد؛ فأعدادنا ملايين كثيرة، ولكنّ مشكلتنا الكبيرة: فيمن يقود هذه الأعداد ويوجهها التوجيه السليم.
اقرأ المزيدشهر رمضان من الأشهر المباركة التي توجب على المسلم استثماره بالعبادات والتقرب لله تعالى بكثرة الدعاء والذكر وقراءة القرآن دون أي وجود لوقت الفراغ بل استغلال كل الأوقات في العمل والعبادة لننهي الشهر الكريم بمرضاة الله.
على المسلم اغتنام كافة الأوقات في شهر رمضان لما فيها من بركة وثواب وأجر مضاعف، حيث يمكن إعداد خطة متكاملة للموازنة بين الأعمال اليومية والعبادات واستغلال كافة الأوقات للعبادة.
أبواب العبادة واسعة ومتنوعة في الإسلام، مما يتيح لكل مسلم أن يجد طريقته الخاصة في التقرب إلى الله، ولا تقتصر العبادة في الإسلام على الفرائض والنوافل فحسب، بل تمتد لتشمل الأعمال اليومية التي يقوم بها المسلم بنية صادقة وقلب مخلص، مما يحول الحياة الدنيوية إلى ساحة للعبادة والتقرب إلى الله.
عَن سلمَان قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مَنْ أَلْفِ شهر جعل الله تَعَالَى صِيَامَهُ فَرِيضَةً وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بخصلة من الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ وَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيهِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ وَالصَّبْر ثَوَابه الْجنَّة وَشهر الْمُوَاسَاة وَشهر يزْدَاد فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ لَهُ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ». {رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ – 1965}.
رمضان شهر القرآن، ويعتبر فرصة عظيمة لتجديد العلاقة مع معاني الآيات والتدبر فيها لما فيها من معاني تصرف القلب عن التفكير بغير الله وزيادة في الخشوع واستشعار لعظمة الله وإعانة على تجنب ارتكاب الذنوب والمعاصي.
يتضاعف أجر العبادات في شهر رمضان بغية تشجيع المسلم على القيام بمزيد من العبادات والتقرب بها إلى الله، حيث أخبرنا رسول ﷺ أن الفريضة الواحدة تعادل 70 فريضة والنافلة فيه تعدل فريضة، فلا تجعلها شيء من الفرائض والنوافل يفوتك في الشهر الكريم.
الدعاء والذكر من أعظم العبادات عند الله، وعلى المسلم عدم التفريط بالوقت المبارك في هذا الشهر، بل المواظبة على الدعاء والذكر طيلة النهار وأثناء العمل.
وقد شجع الله الصائمون على الدعاء في هذه الآيات:
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ. [البقرة:186].
وفي الحديث الشريف:
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بعد حِين. {رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ – 2249}.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ, مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: اَللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ اَلْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي. {رواه الترمذي – 3513}.
قيام الليل من العبادات التي يبادر المسلم بفعلها لما فيها من الأجر والثواب العظيم والتكفير عن السيئات، وقد وعد الله تعالى كل من يقيم الليل بمغفرة جميع سيئاته وذنوبه، لذلك ننصحك بإدارة وقتك بشكل ناجح والذي يسهل عليك قيام الليل في كل ليلة من الشهر الكريم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. {الألباني – 1958}.
التعلم في الإسلام يعتبر عبادة وأخبرنا الله تعالى في حديثه أن من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة، ويمكن للمسلم اغتنام الأوقات بعد صلاة الفجر للدراسة وطلب العلم لما فيه من صفاء في الذهن ونشاط، ومصادر تعلم العلوم الإسلامية كثيرة ومتنوعة لا تنحصر بمصدر واحد من هذه المصادر:
رمضان شهر القرآن الكريم وهو الشهر الذي نزل فيه القرآن، ويستحب الإكثار من تلاوته في هذا الشهر والتدبر بالآيات والمعاني العظيمة التي وردت فيه، وقد حث النبي الكريم على الاجتماع في بيت الله وقراءة القرآن جماعة لما فيها من تدبر وسكينة للروح.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده”.[صحيح مسلم – 1023].
كما لقراءة القرآن بشكل فردي أجر عظيم في الشهر الكريم، ويجب على المسلم قراءته بتأني وفهم دون الانجرار للسرعة بهدف الإكثار من الختم دون تفكر وتدبر للمعاني، سأذكر لكم بعض الكتب المعينة على تفسير القرآن وفهم الآيات.
كما لكتب الروحانيات أثر على المسلم في تحسين النفس إلى الأفضل والتفكر بكافة السلوكيات والأعمال وتصويبها إلى الشكل الصحيح، من هذه الكتب:
دراسة السيرة النبوية تعتبر مصدراً من مصادر التعلم والتي لها منافع جمّة للفرد المسلم والتي يمكن للمسلم أن يقضي بعض من وقته في الشهر الكريم للقراءة فيها والتفكر بسيرة الرسول ﷺ ومن فوائدها:
قراءة التاريخ الإسلامي فيه فائدة وتوسيعٌ لمدارك المسلم في فهم بداية الإسلام مع الأحداث والمعارك التي حصلت آنذاك في سبيل نشر الدين الصحيح، مع إيجاد قدوات لنا من صحابة رسول الله والتابعين له، وهنا يمكن للصائم أيضاً اغتنام الوقت وقراءة بعض المعلومات عن التاريخ الإسلامي والتفكر بها.
المشاركة المجتمعية تعزز الشعور بالانتماء والمسؤولية تجاه المجتمع، فيمكن قضاء الوقت بأنشطة العمل التطوعي، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية، ودعم المبادرات المجتمعية، هذه الأنشطة لا تساهم في تحسين الحياة الاجتماعية فحسب، بل تعود بالنفع على الفرد نفسه من خلال تطوير مهارات جديدة وبناء علاقات اجتماعية متينة.
المساعدة في الأعمال المنزلية إحدى الطرق التي تعلم الفرد الاستقلالية، وتعزز من شعور انتماء الفرد داخل أسرته، وتزيد من التعاون بين أفراد الأسرة في الشهر الكريم، وعلى المؤمن أن لايتردد في مساعدة أهل بيته بل علينا أن نجعل من رسولنا الكريم قدوة لنا في هذا الشأن.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، قِيلَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَاذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ، يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلِبُ شَاتَهُ.{الألباني – 541}.
رمضان شهر مبارك يتميز بأجواء روحانية فريدة تجعل منه فرصة مثالية لتجديد العلاقة بالله وتقوية الروابط الاجتماعية، التي حثنا الإسلام على تقويتها، لذا يستطيع المسلم اغتنام أوقات الفراغ بالتواصل مع الأقارب والسؤال عنهم وزيارتهم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أََحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهِ, وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ, فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. {أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيُّ – 5985}.
يجهز الله نفسية المسلم لفعل الخيرات والسعي للمشاركة في الأعمال الخيرية في شهر رمضان، لما تعززه من شعور لدى المسلم بإمكانية تحويل أحوال الناس إلى الأفضل، كما أنها تطرح البركة في المال وتزيد من أواصر المحبة بين الناس وترفع من سوية التكافل الاجتماعي ولها أجر مضاعف في شهر رمضان في تجنيب صاحبها الكرب والمصائب.
وقد حثنا الله تعالى على مساعدة المحتاجين والفقراء ودفع الصدقات لهم بأكثر من موضع في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم “ مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ – وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ – إِلاَّ أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ ”. [صحيح مسلم – 1014].
وقد ظهر ثواب دفع الصدقة في القرآن الكريم في الآية الكريمة: “مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ”.[سورة الحديد:11].
لا يجب أن يكون هناك وقت فراغ لدى الإنسان في رمضان أو في غيره لأن الإنسان الناجح دائماً مايسعى إلى الأفضل فلا يبقى لديه أي وقت بلا عمل وانتاج، لكن في حال تبقى لديكم وقت فارغ فيمكن الاستزادة بقراءة القرآن الكريم وزيادة الاستغفار والقيام بمزيد من العبادات والنوافل.
يجب أن نقضي وقتنا في رمضان بالذكر والاستغفار وقراءة القرآن بالإضافة إلى القيام بأعمالنا اليومية في كسب الرزق بشرط إخلاص النية لله تعالى وإتقان العمل ليكون أجرها وأجر عبادة.
يمكن للمسلم قضاء الوقت بشكل جيد في رمضان من خلال تقسيم الوقت للأعمال اليومية والتعبد وقراءة القرآن.
يمكن استغلال الوقت في رمضان بشكل مفيد من خلال إعداد خطة تشمل أوقات الأعمال اليومية وأوقات العبادة والذكر وقراءة القرآن.
المصادر: