تربية الأبناء على العبادات في رمضان
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - الأسرة القيادية فكر وتوعية الإدارة مهارات شخصية - جديدنا

لا شكَّ أنَّ شهر رمضان المُبارك هو فرصةٌ ذهبية لتهذيب النفس وتربيتها من الآثام التي علقت بها على مدار العام، إذ يُقبل علينا حاملاً بشائر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران وسبيلاً لتطهير القلوب من شوائبها.

ولا تقتصر أهمية اغتنام نفحات الشهر الفضيل على البالغين فحسب، وإنما يجب على الآباء استغلال هذه الأيام المباركة في غرس القيم والأخلاق الإسلامية الجليلة في نفوس الأبناء وتنمية شعورهم بالمسؤولية، وغرس حبّ العبادة في قلوبهم منذ سنواتهم الأولى، فما السبيل إلى ذلك؟

أهمية تدريب الطفل على أداء العبادات مبكراً

عن ابن عمر رضى الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”‏‏.‏ [صحيح البخاري – 5200].

يُبرز لنا الحديث الشريف حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الوالدين في رعاية وتربية أولادهما، وتُعتبر السنوات الأولى من عُمر الطفل من أخطر المراحل، فغالباً ما تكون الفيصل بين صلاحه وضلاله فيما بعدها كثمرةٍ لما زرعه الأبوين فيه، ويُساعد تدريب الطفل على أداء العبادات مبكراً على:

  1. تكوين شخصيته الإسلامية.
  2. غرس حبّ الله تعالى ورسوله في قلبه.
  3. تعزيز شعوره بالانتماء إلى المجتمع الإسلامي.
  4. تكوين عادات إيجابية تُلازمه طوال حياته.

الفرق بين الرعاية والتربية

المشكلة أن معظم الأهالي لا يمارسون دور التربية تجاه أطفالهم بل يمارسون الرعاية، وهناك بين التربية والرعاية فرقٌ عظيم يمكن تلخيصه كالتالي:

  • الرعاية: هي أن ترعى الطفل وتهتم بصحته ونظافته وطعامه وشرابه ولباسه وواجباته الدارسية، والحقيقة أنه يمكن لأي واحدة غير الأم بالقيام بهذه الأمور.
  • التربية: أما التربية مفهوم مختلف كليّاً، فهي زراعة للقيم والمبادئ ومعرفة اهتمامات الطفل وتنمية مهاراته وعلاقاته، وتعريفه بالقدوات المُلهمة وهكذا نقوم ببناء شخصية قيادية قادرة على إحداث فرق في مستقبل الأمّة بأكملها.

وقد قال الله تعالى مخاطباً عباده: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم – 6].

شرح فضل صيام رمضان للأطفال

لن تتمكن من إقناع طفلك وتعزيز إيمانه بأهمية صيام رمضان وفضله مالم تكن أنت نفسك تعرف ذلك، إذ إنَّ للصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة، كتطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الرزائل والتبذير والبخل، وتعويدها للأخلاق الكريمة كالصبر والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقربنا إليه.

فيما يلي بعض الأساليب الذكية لتهيئة الأطفال في شهر رمضان:

الرفق والتدرُّج أثناء تعويد الأطفال على الصيام

يجب على الوالدين الرفق والتدرُّج أثناء تعويد الأطفال على الصيام، وذلك من خلال:

  • بدء تدريب الطفل على الصيام لساعات قليلة والإمساك حتى أذان الظهر أو العصر، فإذا وجداه قادراً على ذلك يبدأ بصيام اليوم كاملاً، ومن الممكن أن يصوم الطفل يوماً ويفطر بعده.
  • تشجيع الطفل وتحفيزه عبر تقديم الهدايا والجوائز له عند إتمامه الصيام.
  • تجنب إجباره على الصيام بالإكراه وخصوصاً في أيام الحر الشديد فهو ليس مطالباً به.

زرع معاني العطاء والتكافل في نفس الأطفال

هناك عدة طرق يُمكن من خلالها زرع معاني العطاء والتكافل في نفس الأطفال في رمضان من خلال:

  • تشجيعهم على المشاركة في إعداد وجبات الإفطار الجماعية سواءً في المنزل أو الجمعيات، أو حتى المشاركة في حملات إفطار الصائمين المتأخرين عن بيوتهم.
  • تدريب الطفل على تقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين وجعلها عادةً يومية، فبدلاً من أن يضع الأب الصدقة في صندوق المسجد بنفسه يُعطيها لولده ليضعها..
  • إخبار الطفل بالأحاديث والقصص القيمة حول فضل الصدقة وأجرها العظيم في رمضان.

قراءة القرآن والدعاء

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ‏:”‏من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول‏:‏ ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف‏” [رواه الترمذي].

يجب على الأهل تعريف الأطفال على قراءة القرآن وبيان فضله، ثم تعويدهم على تلاوته من خلال تحديد مواعيد محددة ومن الرائع أن يجتمع كل أفراد العائلة والقراءة والدعاء معاً حيث أن الطفل يحاول دوماً تقليد من حوله، فلا بدَّ أن تكون قدوةً حسنة لأطفالك.

الصلاة وتحري العشر الأواخر

احرص على أن يكون لك ولأولادك نصيبٌ من ثمرات العشر الأواخر من خلال الاقتداء برسول الله ﷺ الذي كان يضاعف عبادته ويدعو أهله للقيام في هذه الأيام وقد ورد ذلك في أحاديثٍ عديدة منها:

  • روى الترمذي من حديث زينب بنت أم سلمة قالت: «لم يَكنْ النبي ﷺ إذا بقيَ من رمضان عشرة أيام يدعْ أحداً من أهلهِ يُطيقُ القيامَ إلّا أقامه».
  • وعن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: «كانَ رسولُ اللهِ ﷺ إذا دَخَل العَشْرُ أحْيَا اللَّيلَ، وأيْقظَ أهلَه، وجَدَّ، وشَدَّ المئزَرَ» [متفق عليه].

التربية على فهم مراقبة الله تعالى

عليك تعليم أطفالك أنّ الله تعالى يراقبهم في كلّ مكانٍ وزمانٍ، وأنّه يُحاسبهم على أعمالهم، فذلك يُساعدهم على الابتعاد عن المعاصي والرذائل ويُنمّي فيهم التقوى والإيمان، وإليك بعض النصائح لتربية الأطفال على فهم مراقبة الله تعالى:

  • علّم طفلك معنى مراقبة الله تعالى.
  • كن قدوة حسنة لطفلك، والتزم بأداء العبادات واجتناب المعاصي.
  • حاول ربط مراقبة الله تعالى بالحياة اليومية، مثل تعليم الطفل أنّ الكذب والغشّ من الأعمال التي تُغضب الله تعالى.

التربية على مواجهة الإعلام

تتحول الفضائيات خلال شهر رمضان إلى مصدر قلق وفتنة بسبب محتواها، إذ تبتعد المسلسلات والبرامج عن روحانية الشهر الفضيل، وتتجه نحو الإثارة والتجارب السلبية التي لا تليق به.

فبدلاً من تعزيز القيم والأخلاق، تركز هذه الأعمال على تحقيق أعلى نسب المشاهدة، حتى لو كان ذلك على حساب عرض المخالفات الأخلاقية والمشاهد التي تتضمن شرب الكحول، والمخدرات، والتدخين، تسيطر على شاشات التلفاز، حتى باتت تُشكل جزءاً طبيعياً من مسلسلات وبرامج رمضان!

لذا يجب على الوالدين تربية أطفالهم على مواجهة الإعلام، وتعليمهم كيفية التمييز بين الحقّ والباطل، فذلك يُساعدهم على حماية أنفسهم من الأفكار المسمومة.

الأسئلة الشائعة

ماذا قال رسول الله في تربية الأبناء؟

قال رسول الله ﷺ في تربية الأبناء: "‏مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها، وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع‏".

ما هي أهم النصائح لتربية الأطفال على فهم مراقبة الله تعالى؟

علّم طفلك معنى مراقبة الله تعالى وأهميتها.
كن قدوة حسنة لطفلك، والتزم بأداء العبادات واجتناب المعاصي.
ربط مراقبة الله تعالى بالحياة اليومية.

كيف يمكنني تعليم طفلي معاني العطاء والتكافل؟

شجّع طفلك على المشاركة في إعداد موائد الإفطار الجماعية.
درّب الطفل على تقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين.
أخبر الطفل بالأحاديث والقصص حول فضل الصدقة في رمضان.

ماذا نعلم الأطفال في رمضان؟

يجب أن نعلم الأطفال في رمضان على:
معاني الصيام وأهميته.
كيفية الصلاة وقراءة القرآن الكريم.
أدعية رمضان وأذكارها.
قصص الأنبياء والصالحين.
أهمية العطاء والتكافل.
حبّ الله تعالى ورسوله.

كيف نربي أبناءنا في رمضان؟

يجب أن نربي أبناءنا في رمضان على:
تعليمهم معاني العبادات وممارستها بشكلٍ عملي.
تشجيعهم على الصيام والصلاة وقراءة القرآن الكريم.
غرس حبّ العطاء والتكافل في نفوسهم.

كيف يمكنني تعويد طفلي على الصيام؟

ابدأ بخطوات تدريجية، مثل الصيام من الفجر حتى الظهر، ثمّ زيادة مدة الصيام تدريجيًا.
شجّع طفلك وامدحه على صبره.
كافئ طفلك على صيامه.

كيف يمكنني تشجيع طفلي على قراءة القرآن والدعاء؟

خصص وقتاً محدداً للقراءة والدعاء مع أطفالك.
اجعل القراءة والدعاء ممتعاً باستخدام أدوات تعليمية مُحببة لهم.
كافئ أطفالك على قراءتهم للقرآن الكريم ودعائهم.

كيف يمكنني تربية أطفالي على مواجهة الإعلام السلبي في رمضان؟

علّم طفلك كيفية استخدام وسائل الإعلام بشكلٍ صحيح.
كن قدوة حسنة، والتزم أنت بنفسك باستخدام وسائل الإعلام بشكلٍ مسؤول.
ناقش مع طفلك ما يشاهده من برامج، وشاركه أفكارك حول محتواها.
شجّع طفلك على التفكير النقدي.
قدّم لطفلك بدائل إيجابية، مثل قراءة الكتب، وممارسة الرياضة.

إقرأ المزيد

اترك تعليقاً