كيف نستثمر شهر رمضان في تطوير أنفسنا؟

مع حلول شهر رمضان المُبارك تتجدّد أمامنا فرصة العودة إلى الله وتطهير النفس من شوائبها وذنوبها التي أثقلت كاهلنا، فهو موسم العبادة والطاعة وتجديد العزيمة وإعلان البدايات الجديدة بيننا وبين أنفسنا، ومن أجمل ما قيل في وصف هذا الشهر الكريم قول الشاعر:

رَمَضَان تَجَلَّى وابتسم              طُوبَى لِلْعَبْدِ إِذَا اِغْتَنَم

أَرْضَى مَوْلَاه بِمَا الْتَزَمَ              طُوبَى لِلنَّفْس بتقواها 

رَمَضَان زَمَان الْبَرَكَــــات            رَمَضَان زَمَان الْحَسَنَات 

رَمَضَان مَجَالٌ الصَّلَوَات             لِدُنْيَا النَّفْس وأخراها

فما هي أفضل الطرق والعادات لاغتنام نفحات هذه الأيام المُباركة؟ وكيف يمكنك الخروج من رمضان بحالٍ مختلف تماماً عن الذي دخلت فيه؟

كيف تستثمر وقتك في رمضان؟

منذ دخول اليوم الأول من رمضان، اعمل جاهداً على استثمار كلِّ دقيقية في هذه الأيام المعدودات التي جعل الله فيها خيراً كبيراً وأعان المسلمين على الصيام والقيام، وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إذا جاءَ رمضان فتحت أبوابُ الجنَّة، وغلِّقت أبوابُ النار، وصُفِّدت الشّياطين» [متفق عليه].

فلا بدَّ لك من استثمار وقتك في رمضان بما ينفعك في الدنيا والآخرة بالأعمال الجليلة القيّمة، ومن أهم هذه الأعمال:

العبادة في رمضان

عن أبي هريرة رضي الله قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “‏مَنْ قَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ‏”‏ [سنن النسائي – 2207]، فلا تحرم نفسك من الأجر واجتهد لنيل هذا الغفران العظيم. إليك بعضاً من أفضل العبادات في رمضان:

1. الصلاة النافلة والذكر والدعاء:

أفضل استثمار في حياتك هو تعزيز علاقتك مع الله تعالى، وفي رمضان فرصة للخلوة مع حضرته والقرب منه في الليل والنهار، فأثبت صدق عبوديتك وحبّك في صلاة الفرائض وأداء ما استطعت من النوافل وداوم على الذكر والدعاء.

1. قراءة القرآن مع التدبر والفهم:

قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185].

استثمر أيام رمضان المبارك في قراءة القرآن الكريم وتدبّر معانيه والغوص في أحكامه وابدأ بتحويلها إلى سلوكٍ حاضر في حياتك، واحرص على أن تخصص وقتاً لقراءته كل يوم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:‏ قال رسول الله ﷺ: “‏من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول‏: ‏ ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف‏”‏‏ (‏‏رواه الترمذي‏‏)‏‏.‏

تحسين الأخلاق في رمضان

رمضان فرصة عظيمة ليعمل المسلم على تحسين أخلاقه وترك العادات القبيحة والإقلاع عنها، فحاول تدريب نفسك على هذه العادات:

1. الصبر

الصبر من أهم الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها المسلم وفي مدرسة رمضان، نتعلم الصبر على ثلاثة أوجه:

• صبرٌ على الطاعة: حيث نُمارس العبادات ونُروض أنفسنا على الانضباط ونتقرب من الله.

• صبرٌ عن المعصية: لنُنظّف قلوبنا ونُصفّي أرواحنا من شوائب الذنوب.
• صبرٌ على الشدائد: إذ نتحمل مشقة الصيام ونُؤمن بقضاء الله وقدره.

1. الصدقة:

عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان»، فحاول الإكثار من الصدقة والزكاة في رمضان واغتنم أجرها وثوابها.

1. صلة الرحم والتسامح:

لا بدَّ للإنسان من الاستعداد في رمضان للتخلّص من مشاعر الغلّ والحقد، ليُعيد صلة ما قطعه مع أقاربه بسبب خلاف أو شجار، ويُبادر إلى إصلاح العلاقات معهم على ميزان الشريعة الإسلامية، بل يُمكن للمسلم في هذا الشهر الكريم أن يُساهم في إصلاح ذات البين بين المتخاصمين ويقرب بين القلوب المتباغضة، ففي ذلك أجر عظيم وفضل كبير عند الله تعالى.

1. إفطار صائم:

عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال‏: «‏مَنْ فَطَّرَ صَائمًا، كان لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أجْر الصَّائمِ شيء». [سنن ابن ماجه – 1746].

نهل العلم

في رحاب شهر رمضان المبارك تُفتح أبواب المعرفة والعلم فلا تدعْ نفسك أسيرةً للجهل واستثمر وقتك في نهل العلم النافع للدنيا والآخرة من خلال:

1. حضور دروس الدين والعقيدة.
2. قراءة كتب السيرة والأئمة والتاريخ الإسلامي.
3. قراءة الكتب التخصصية للتطور في مجال عملك.

الحفاظ على الصحة خلال رمضان

رمضان هو شهر العبادة والطاعة ولكنه لا يقتصر على ذلك، فهو فرصة ذهبية لتنظيم الغذاء والحفاظ على الصحة وتخفيف الوزن من خلال:

1. اتباع نظام غذائي صحي:

• التقليل من تناول السكريات والدهون خاصةً في وجبة الإفطار.

• تناول الفواكه والخضروات فهي غنية بالفيتامينات والمعادن والألياف.

• شرب الماء بكثرة بين الإفطار والسحور، لتعويض الجسم عن نقص السوائل.

• تجنب الأطعمة المُقلية والمُصنعة لأنها غنية بالدهون والسكريات الضارة.

1. ممارسة الرياضة

ممارسة الرياضة خلال هذا الشهر الفضيل ليست مجرد نشاط بدني، بل هي رحلة روحية لتنشيط الجسم وتصفية الذهن، فمن الجيد المشي قليلاً بعد صلاة الفجر.

كيف يمكنك تطبيق هذه النقاط وتطور نفسك

رمضان هو شهرُ تنفتح فيه أبواب التغيير والتجديد أمام كلّ من يسعى لتطوير نفسه والارتقاء بها، ولتحقيق ذلك إليك بعض الخطوات العملية التي يمكنك اتباعها:

1. وضع خطة واضحة لما تريد تحقيقه:

ابدأ بالتجهيز لاستقبال رمضان قبل وصوله بوضع خطة محددة تتضمن أهدافك وطموحاتك لهذا الشهر الفضيل، سواءً أهداف بالعبادة أو تحسين الأخلاق أو التعلم أو أي جانب آخر ترغب بتطويره، حدد أهدافاً واقعية قابلة للتحقيق، وقسّمها إلى خطوات صغيرة قابلة للتنفيذ يومياً.

1. تخصيص وقت محدد للعبادة والرياضة:

فمثلاً يمكنك تخصيص ساعة بعد صلاة الفجر لقراءة القرآن الكريم، وساعة بعد صلاة العصر للذكر والدعاء، وساعة لممارسة الرياضة وهكذا..

1. الاستعانة بالله والصبر والنية على الاستمرار بعد رمضان:

لا تنسَ أن الاستعانة بالله تعالى هي مفتاح النجاح في كلّ أمر، فادعُ الله تعالى أن يعينك على تحقيق أهدافك وأن يثبتك على طاعته، ولا تجعل رمضان محطة مؤقتة للتغيير، بل اجعل من التطوير أسلوب حياة دائم لتصنع التغيير الحقيقي في نفسك.

الأسئلة الشائعة

إقرأ المزيد

• كيف نوازن بين العمل والعبادة في رمضان؟
• رمضان: فرصة لتغيير الذات
• كيف نحافظ على روحانيات رمضان بعد انتهاء الشهر الفضيل؟
• من هو القائد الناجح وأهم صفاته
• ماهو النجاح في الحياة وأهم أسبابه وقواعده
• كيف نستغل رمضان لتعزيز القيم الأخلاقية لدى أطفالنا؟