حياة الرسول ﷺ في بيته
كان الرسول ﷺ بشرًا لكنه خير البشر، ونموذجًا لهم وأسوة، إنسانًا يعيش مع أهله ويتفاعل معهم كما يتفاعل الناس
اقرأ المزيدالرجل والمرأة قوام الأسرة المستقرة، وعلى عاتق كل منهما مسؤوليات وواجبات، ولكي تستطيع كزوج القيام ببناء أسرة صالحة منتجة في المجتمع، عليك بإصلاح نفسك أولاً بامتلاك المؤهلات الإيمانية والأخلاقية، وكذا المهارات والقدرات.
فكيف تكون زوج صالح؟ هذا ما سنبحث عنه في هذا المقال.
تخيل أنْ تكون والداً ويأتيك شاب طالباً يد ابنتك العزيزة للزواج، ولتطمئن على مستقبلها معه سألته: ماذا لو اختلفت مع ابنتي وأردنا التحكيم بينكما، هل هناك مبدأ تقبل به في الحكم بينكما؟
ماذا لو كان الجواب: أنا لا أثق بشيء وفكري ورأي هو الحكم، هل ستقبل وتثق بها الشاب زوجاً لابنتك؟
نحن المؤمنين المسلمين نفخر عندما يضع شبابنا أيديهم بيد أولياء أمور زوجاتهم، ويعقدون على سنة الله ورسول الله ﷺ، وندعوهم للتحلي بالقيم والأخلاق الآتية:
أكثر النساء يحببن الرجل الشهم الذي يجدنه في المواقف الصعبة، والذي يستندن إليه في حياتهن، فعليك كزوج صالح أنْ تظهر شهامتك لزوجتك، وأنْ تستغل الفرص والمواقف لتظهر شهامتك لها، كأن تحمل عنها الأغراض إذا كنتما في السوق، أو أنْ تفتح لها باب السيارة عند الصعود، ولا تنسى تقبيلها عند مغادرتك للمنزل وعند القدوم إليه.
الاحترام سلوك إنساني وإسلامي رفيع، يعبر فيه صاحبه عن تقديره للطرف الآخر، وعلى الزوج هنا أنْ يعلم أن زوجته قد لا تتفق معه في بعض الأمور الحياتية، بل لها رأيها الخاص، ومزاجها المتميز عنه، وقد لا تريد نفس الأشياء التي يريدها زوجها بالضبط حتى ولو كانت اهتمامتكما متوافقة في معظمها.
لذا أنصِت لما تقوله لك ولا تتظاهر بالاستماع إليها بل استمع لها حقًا، فأحيانًا يكون كل ما نحتاجه هو مستمع جيد أو شخص يحتوينا. كذلك اسمح لها بالتحدث عندك وكن مستغرقًا ومهتماً لما تخبرك به، وأوف بكل ما تعدها به، ونفذ ما تقول أنك سوف تقوم لها به، كأن تأخذها للسوق، أو تحضر لها أمراً تحبه.
ابدأً حياتك الزوجية بالصدق والصراحة، ولا تكتم ما قد يعود عليك بالضرر وسوء العلاقة بينك وبين زوجتك، واسأل نفسك كيف كنت ستشعر إذا اكتشفت أن زوجتك تخفي عنك شيئًا.
أخبر زوجتك بدوافعك التي دفعتك للزواج، حتى ترويها لك، وأخبرها بدوافعك ونواياك أيًا ما كانت، ففتح قلبك لها وعدم الكذب أبدًا سوف يرسّخان لوجود تواصل قوي بينكما، وهو ما يعد أساس أي علاقة ناجحة.
إنّ الصبر المتبادل بين الزوجين يطيل عمر علاقتهما الزوجية، فكل من طرفي العلاقة الزوجية مطالب بالصبر على شريك حياته، فالزوج مطالب بالصبر على زوجته حتى لو كانت ناشزاً، لأن صبره عليها ومواجهة نشوزها بحكمة بعيداً عن العنف والقهر سيعيدها إلى عش الزوجية محبة ومطيعة لزوجها .
كما أنّ شكل العلاقة بين الزوجين هو الذي يحدد مدى الصبر بينهما، والزوجة في الغالب أكثر صبراً من الزوج، ومفتاحها للصبر هو احترامها وعدم إهانتها، فالزوج الذي يحترم زوجته ولا يهينها، سيجد منها صبراً ووفاء بلا حدود، أما الإهانة خاصة إذا كانت متكررة من الزوج لزوجته، كالتقليل من شأنها أو سبها، أو ذكر أهلها بالسوء . . إلخ، فإن ذلك يولد فيها كراهية هذا الزوج، وتضمر له الكراهية حتى لو استمرت الحياة الزوجية لوجود الأبناء.
بعض الأزواج والزوجات يهدمون كل شيء وقت الغضب ويدوسون على العشرة والحب والعلاقة الطيبة وينسون أو يتناسون الذكريات الجميلة بينهما، إنّ زوجتك تثق في قدرتك على رعايتها والحفاظ عليها، لذلك لا ينبغي أن تجعل من نفسك مثالًا سيئًا، بل كن حكيماً في تصرفاتك، وتحكّم قدر الإمكان في نبرة صوتك أثناء الجدال، ولا تلجأ للصراخ أو للضرب والشتم في حال حدوث خلاف بينكما، بل حكِّم الشرع والعقل في ذلك، ولا تنس أنّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه.
إنّ حسن الحديث مع زوجتك بأسلوب رقيق مهذب يعزز العلاقة بينكما، فالكلمة الطيبة لها أثر في النفس، كما أنّ حسن الاستماع إلى حديثها وتقدير رأيها يقوي المحبة أيضاً.
ينبغي للحب بين الزوجين أنْ يلهم ويحفز تلك الإيثارية في داخلنا، فبدلًا من التساؤل دائمًا حول ما يمكن أن تفعله لنفسك، اسأل عما يمكنك فعله من أجل زوجتك أو ما يمكنك فعله من أجل مصلحة زواجكما.
ولَمَّا سألت ابنة سعيد بن المُسيب أباها عن حسنة الدُنيا، فأجابها: المرأة الصّالحة للرّجل الصالح، وسُئل وكيع عن أُسس اختيار الزّوج، فقال: “زوِّجها التقي النقي – أي صاحب الدين والصلاح والخُلق – فإن أحبَّها أكرمها، وإن أبغضها لم يُهنها”. فالزوج الصالح لا يكون أنانياً، بل يحب لزوجته ما يحب لنفسه، حتى في حال الغضب لا يكون أنانياً أو انتهازياً.
الكسل صفة منفرة بالنسبة للنساء كما أنها عادة سيئة لا يجب إرسائها، ولا يتمثل الكسل بالضرورة في الجلوس والاسترخاء بشكل دائم؛ وإنما الكسل هو عدم القيام بشيء، تعلم أنك “ينبغي” أن تفعله أو “تريد” أن تفعله، أي من واجباتك، لكنك لا تستطيع إجبار نفسك على فعله.
لذا: احرص على أخذ القمامة للخارج أو فاجئ زوجتك بتنظف المنزل مرة كل أسبوع أو مارس التمارين الرياضية، لكي تظهر لها جدارتك وثقتك بنفسك، وسوف يشكل ذلك فارقًا كبيرًا في العلاقة.
الزوجة كيان عاطفي بطبعه يسير بها ويتأثر بها بشكل كبير، بينما الرجل يركز على المنطق والعقل، وهنا لا بد من دعوة الرجل بين الحين والآخر لينزل عن العقل إلى أدوات عاطفية تربطه بزوجته، منها:
يجب على الزوج أن يكون لطيفاً مع زوجته مهما كان يومه عصيباً، سواء في العمل أو في الزحمة المروريّة؛ فهي في المقابل تقوم بواجباتها، فلا تنسها من هدية ولو رمزية تعبر لها عن حبك لها، فالهدية مرسال المحبة، قال رسول الله ﷺ: “تهادوا تحابوا”.
أظهر لزوجتك أنك تثق بها والأهم من ذلك أنك تستمتع بالعواطف الحميمة معها، فالمرأة بطبيعتها تنساق إلى مشاعرها، في حين أن معظم الرجال ليسوا كذلك، لذا فإن انفتاحك مع زوجتك سوف يؤكد لها أنك تفعل ذلك من أجلها فقط.
أخبرها ماذا كان سبب زواجك منها؟ وعبّر لها عن أسباب حبك لها وما الذي تُشعرك به كل يوم؟ افعل ذلك كثيرًا، فمن شأنه أن~ يؤدي إلى إرساء عادات جيدة ويؤكد وجود الحب والمودة في زواجكما.
اكتب لها رسالة قصيرة بخط اليد وضعها تحت وسادتها بينما تقبّلها في الصباح قبل مغادرتك ثم اطلب منها أن تنظر تحت الوسادة، يمكن أن تنص الرسالة على شيء مثل: “في كل يوم يمر علي معكِ، أعلم أكثر أني محظوظ بك، أحبكِ”.
كن مساندًا لزوجتك في أي شيء تراها تسعى إليه بصدق، سواء كنت تدعمها لكي تتعلم شيئاً مفيداً أو تحضر مجلس علم نافع، فالمؤكد أنّ دعمك لها يجعلها تشعر بالأمان ويسمح لها أن تتخذ قرارات محسوبة. عندما لا يكون لديها أي شيء آخر تستند عليه، سوف تعلم أنها يمكنها الاعتماد عليك وأنك منارتها ومصدر إلهامها في الحياة، وعندما تجد زوجتك محبطة أو في حال ليست جيدة، أدخل السرور إلى قلبها، ومازحها فإنه يمكن للأشياء البسيطة أن تحمل معانٍ كبيرة.
الصالحون هم الذين يقومون بحقوق الله، بأداء فرائضه، وترك محارمه، وأداء حق العباد، كأداء الأمانة، والنصح لهم، وعدم غشهم، وأولى الناس بأداء حقه هو الزوجة.
أحسن معاشرة زوجتك بالمعروف، وأشبع لها دوافعها الزوجية، واصبر عليها وتحملها، واحفظ سرها، وشاورها في أمور بيتكما، ولا تنسى معاونتها في أمور البيت، فالزوج الصالح يعين زوجته في أمور البيت، وقدوته في ذلك النبيّ عليه الصلاة والسلام الذي قالت عنه أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّه: "كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ".