السلطان سليمان القانوني (الإنجازات الحضارية)
الدولة العثمانية كان لها مصائب في أيامها الأخيرة، كما كان لها أمجاد عظيمة في عهودها الأولى: (فتحوا القسطنطينية – صدوا الحملات الصليبية – فتحوا شرق أوروبا – تفننوا في العمارة الإسلامية)،
اقرأ المزيدفي ظل حديثنا عن مسلسل الأزمات (مقالات سابقة ضمن مدونة المقالات) التي تعيش الأمة في ظلالها وتتجرع آلامها كان لابد لنا أن نمر على جميع ما نراه يشكل أزمة حقيقية سواء كانت الأزمة شعبية تجد صدى عند الجماهير كالتخلف الاقتصادي والتكنولوجي والسياسي والتي تحدثنا عنها جميعا أم كانت الأزمة تتعلق بمصير الأمة ومكانتها والتي يكون الاهتمام الشعبي بها عادة أضعف من الأولى كالتخلف الثقافي وكذلك ما سنتحدث عنه اليوم وهو أزمة ضعف وغياب إعداد واكتشاف القيادات المستقبلية.
فأهلا بكم من جديد أحباء ونصحاء وقراء ونشكر لكم اهتمامكم ومتابعتكم وإثراءكم لكل ما نطرحه في هذه الزاوية ( أريد أن أحلم ).
في معظم بلداننا العربية والإسلامية ترفع صورة الرئيس أو الحاكم على أنه القائد الخالد الفذ الباني للحاضر والمستقبل، فنحن معه في أمان، وبوجوده يمكننا حل جميع المشاكل، ودحر جميع الأعداء، والويل لمن تجرأ وخالفه، أو اتخذ قرارا بحضرته، أو سوّلت له نفسه الأمارة بالسوء أن يرفع رأسه أمام جنابه،
في ظل هذه العقلية العبودية والدونية والتي يرافقها غياب تام للرؤية المستقبلية والأهداف الاستراتيجية الحقيقية كيف لنا أن نعد أو أن نتوقع وجود قادة مستقبلنا وأن نهيئ الظروف لإعداد جيل من الشباب الموهوب والقوي لقيادة الأمة في المرحلة المقبلة؟!!
القيادة هي باختصار: القدرة على تحريك الناس نحو الهدف، فهي مكونة من ثلاثة عناصر
ورغم عدم وجود تعريف متفق عليه بين العلماء للقيادة إلا أن التعريف الذي ذكرناه يعتبر كافيا، ووافيا لكن المأساة تكمن عندما لايوجد هدف أصلا لدى الأمة!!فكيف لها أن تسير نحو هدفها وكيف لأحد أن يقودها نحو المجهول؟
الكثير من الناس يخلط بين الإدارة والقيادة ورغم أهمية كل منهما وتشابههما لحد كبير إلا أن هناك فرقا جوهريا بينهما فالقيادة تركز على العلاقات الإنسانية وتهتم بالمستقبل فهي تهتم بالرؤية والتوجهات والاستراتيجية وتمارس أسلوب القدوة والتدريب وقضاء الأوقات الطويلة مع الأتباع والاهتمام بهم كبشر ، وباختصار (القيادة = المستقبل والعلاقات) .
بينما تركز الإدارة على الإنجاز والأداء في الوقت الحاضر فهي تهتم بالمعايير وحل المشكلات والاهتمام باللوائح والنظم وباختصار (الإدارة = الإنجاز الآن)
فأنت ترى أن كلاهما مهم ويكمل الآخر لكن لاشك أن القيادة أكثر حساسية وأندر وجودا.
وإذا أردت معرفة المزيد من الفروق بينهما فيمكنك الرجوع إلى كتابنا ( القيادة في القرن الواحد والعشرين ) أو (صناعة القائد) فإن فيه تفصيلا وجداول تبين ذلك كله.
نحن لا نتهم المؤسسات الرسمية والحكومية ونحملها المسؤولية وحدها عن غياب روح القيادة لدى الشباب والناس عامة ولاندّعي أنها وحدها تستطيع أن تخلق قادة عبر مؤسساتها ومدارسها إن أحسنت استغلالها، بل المجتمع بكل مكوناته ينبغي أن يشارك في هذه الصناعة ( صناعة القائد ) بدءا من الأهل ومرورا بالمدرسين والعلماء ثم بعد ذلك يأتي دور الدولة لترعى هذه المواهب وتصقلها وتعطيها الفرصة للتجربة والتدريب.
ومن الأسباب التي ساعدت في غياب روح القيادة:
هذا السؤال يطرح أحيانا على الشكل التالي : هل يمكن تعلم القيادة؟ وحيث أننا نتكلم عن إعداد واكتشاف قادة المستقبل فقد طرحناه بالصيغة السابقة.
وللجواب عن هذا السؤال فإني أجيب بناء على تجربتي الشخصية في إدارة مركز الرواد للتدريب القيادي للشباب بالإضافة إلى تدريب ما يزيد على 60 ألف متدرب والحمد لله فأقول وبالله التوفيق:
إن 2% من الناس يولدون قادة بالفطرة ولا يحتاجون لمساعدة خارجية وربما نجد في تاريخنا أمثلة لهؤلاء مثل خالد بن الوليد وعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما ( يقول عمر رضي الله عنه : لا ينبغي لعمرو أن يسير على الأرض إلا أميرا )
كما أن هناك 2% من الناس لا يصلحون للقيادة ابتداء وذلك إما لضعف في الشخصية أو النفسية أو لإعاقة بدنية أو فكرية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله تعالى عنه ( إنك ضعيف لا تولين على اثنين ).أي إذا كنت مع شخص آخر فهو الأمير وليس أنت ، مع أن أبا ذر من أعلى الصحابة مكانا وفضلا.
أما الباقي وهم حوالي 96% من الناس فأنهم قادرون على أن يصبحوا قادة إذا تلقوا التدريب والخبرة الكافية.
إذا يمكننا أن نساهم في صنع قيادات المستقبل من خلال إعطاء الفرصة والمشاركة واختيار الموهوبين والمميزين والمبدعين ووضع خطط وإيجاد مراكز لهذا الغرض وتجاوز أزمتنا في غياب إعداد واكتشاف قيادات المستقبل.
لا نريد أن نستبق الأمور ونتحدث في كيفية إعداد القادة فهذا موضوع آخر نتكلم عنه إن شاء الله عند حديثنا عن الحلم المنشود لكننا الآن أردنا فقط أن نتحدث عن هذه الأزمة لأن القيادة من المسائل الهامة والتي تتعلق بها مصائر الأمم وتتوقف عليها أهدافها وتحقيق تلك الأهداف.
وأحب أن أؤكد أني لا أتحدث هنا عن الأزمة في إعداد القادة السياسيين فقط ( وإن كانت هي الأوضح والأكثر تأثيرا ) ولكني أتحدث عن القادة في مجالات الاقتصاد والإدارة والتعليم والصحة والمجتمع وكل جوانب الحياة ، فالقيادة لا يمكن الاستغناء عنها في أي مجال .
لكننا نريد أن نوضح أمرا قبل أن نختم مقالتنا وهو أننا حين نتحدث عن القادة فإننا لانكرس الوهم الموجود عند البعض من انتظار القائد المخلّص والمنقذ الذي ننتظره ليأتينا ويخلصنا من أزماتنا ومشاكلنا ويبدل ضعفنا قوة وذلنا عزا،، لكننا ندعو لتهيئة الناس لتحمل المسؤولية وتفعيل روح القيادة واستشراف المستقبل.
ومازال لدينا من الأزمات مانتحدث عنه فانتظرونا في الأسابيع المقبلة والله ولي التوفيق.
د. طارق محمد السويدان
قد يهمك ايضاً:
التخطيط الاستراتيجي الشخصي وللموارد البشرية
القيادة هي باختصار: القدرة على تحريك الناس نحو الهدف، فهي مكونة من ثلاثة عناصر:
1- وجود هدف يحرك الناس إليه.
2- وجود مجموعة من الأفراد يحركهم هذا القائد .
3- وجود قائد لديه قدرات خاصة ويجعل ذلك في قوالب عملية تؤثر في الناس.
القيادة تركز على العلاقات الإنسانية وتهتم بالمستقبل فهي تهتم بالرؤية والتوجهات والاستراتيجية وتمارس أسلوب القدوة والتدريب وقضاء الأوقات الطويلة مع الأتباع والاهتمام بهم كبشر ، وباختصار (القيادة = المستقبل والعلاقات).
بينما تركز الإدارة على الإنجاز والأداء في الوقت الحاضر فهي تهتم بالمعايير وحل المشكلات والاهتمام باللوائح والنظم وباختصار (الإدارة = الإنجاز الآن).
1- رواسب تربوية وطرق خاطئة في تنشئة الأولاد حيث قمع الأطفال ولجم التساؤل والاستكشاف وروح المغامرة والمبادرة لديهم.
2- الإهمال والتسيب الإداري بالإضافة إلى الروتين القاتل والذي أدى إلى كبت الروح القيادية لدى الأفراد.
3- غياب دور العلماء الباذلين والموجهين وكذلك دور المدرسين الحقيقي في تربية النفوس وتوجيهها وتهيئتها للمستقبل.
4- عدم إتاحة الفرصة للشباب والمراهقين في أن يتولوا شؤونهم بأنفسهم ويباشروا بعض الأعمال الخاصة.
5- عدم وجود مراكز كافية لتنمية المواهب والروح القيادية بشكل كاف.
6- التخوف من إعطاء الشباب أي فرصة في اتخاذ القرار سواء على المستوى العائلي أو الاجتماعي أو السياسي.
7- انتشار ثقافة السلبية في شتى نواحي الحياة.
8- غياب أو ضعف التشجيع المادي والمعنوي لمبادرات الشباب وإبداعاتهم.
- إن 2% من الناس يولدون قادة بالفطرة ولايحتاجون لمساعدة خارجية.
- كما أن هناك 2% من الناس لايصلحون للقيادة ابتداء وذلك إما لضعف في الشخصية أو النفسية أو لإعاقة بدنية أو فكرية.
- أما الباقي وهم حوالي 96% من الناس فأنهم قادرون على أن يصبحوا قادة إذا تلقوا التدريب والخبرة الكافية.
في معظم بلداننا العربية والإسلامية ترفع صورة الرئيس أو الحاكم على أنه القائد الخالد الفذ الباني للحاضر والمستقبل، فنحن معه في أمان، وبوجوده يمكننا حل جميع المشاكل، ودحر جميع الأعداء، والويل لمن تجرأ وخالفه، أو اتخذ قرارا بحضرته، أو سوّلت له نفسه الأمارة بالسوء أن يرفع رأسه أمام جنابه.
في ظل هذه العقلية العبودية والدونية والتي يرافقها غياب تام للرؤية المستقبلية والأهداف الاستراتيجية الحقيقية كيف لنا أن نعد أو أن نتوقع وجود قادة مستقبلنا وأن نهيئ الظروف لإعداد جيل من الشباب الموهوب والقوي لقيادة الأمة في المرحلة المقبلة