قصة عمر المختار
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - فكر وتوعية التاريخ الإسلامي - جديدنا

“عمر المختار” مجاهد ليبي قاوم الغزو الإيطالي لبلاده في الفترة من 1911 إلى 1931. لقّبه الليبيون بـ“شيخ المجاهدين” و”أسد الصحراء”.

من أقواله التي خلدها التاريخ: (نحن لا نستسلم.. ننتصر أو نموت، وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي).

فمن هو هذا المعلم المجاهد حامل راية المقاومة ضد الطليان؟ وكيف كانت وفاته؟

 

نسب عمر المختار ونشأته

  • هو عمر بن مختار بن عمر المنفي، ينتمي إلى قبيلة “منفة” من بيت فرحات التي تنتقل في بادية برقة.
  • ولد عمر المختار عام (1958م) في البطنان في الجبل الأخضر في “برقة”.
  • نشأ عمر المختار في بيت علم وكرم، تحيط به شهامة المسلمين وأخلاقهم الرفيعة، وصفاتهم الحميدة التي استمدوها من تعاليم الحركة السنوسية القائمة على كتاب الله وسنة رسوله، فلم يحن رأسه يومًا لأحد، وظل كالجبل الشامخ حتى لقي ربه شهيدًا.
  • تربى عمر المختار يتيماً حيث توفي والده وهو في طريقه إلى الحج، بصحبة زوجته عائشة بعد فترة قصيرة من ولادته، لكنه عهد بولديه محمد وعمر إلى رفيقه السيد أحمد الغرياني (شقيق شيخ زاوية جنزور) بأن يبلغ شقيقه بأنه عهد إليه بتربية ولديه عمر ومحمد.
  • تولى الشيخ حسين الغرياني رعايتهما محققًا رغبة والدهما، فأدخلهما مدرسة القرآن الكريم بالزاوية، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي، لينضم إلى طلبة العلم من أبناء الأخوين والقبائل الأخرى.

 

الدراسة والتكوين

دراسة عمر المختار

ظهر نبوغ المختار منذ صباه مما جعل شيوخه يهتمون به في معهد “الجغبوب” الذي كان منارة للعلم، وملتقى للعلماء، ليعدوا أبناء المسلمين لحمل رسالة الإسلام الخالدة، ثم يرسلوهم بعد سنين عديدة من العلم والتلقي والتربية إلى مواطن القبائل في ليبيا وإفريقيا لتعليم الناس وتربيتهم على مبادئ الإسلام وتعاليمه الرفيعة.

مكث في معهد الجغبوب (8 أعوام) ينهل من العلوم الشرعية المتنوعة كالفقه والحديث والتفسير، ومن أشهر شيوخه الذين تتلمذ على أيديهم، السيد “الزروالي” المغربي، والسيد “الجواني”، والعلامة “فالح بن محمد بن عبد الله الظاهري المدني” وغيرهم كثير.

شهد شيوخ المختار له بالنباهة ورجاحة العقل، ومتانة الخلق، وحب الدعوة، وكان يقوم بما عليه من واجبات عملية أسوة بزملائه الذين يؤدون أعمالاً مماثلة في ساعات معينة إلى جانب طلب العلم، وكان مخلصًا في عمله متفانيًا في أداء ما عليه، ولم يعرف عنه زملاؤه أنه أجّل عمل يومه إلى غده.

 

تكوين شخصية عمر المختار

  • اشتهر عمر المختار بالجدية والحزم والاستقامة والصبر.
  • لفتت شمائله أنظار أساتذته وزملائه وهو لم يزل يافعًا، وكان الأساتذة يبلغون الإمام محمد المهدي أخبار الطلبة وأخلاق كل واحد منهم، فأكبر السيد محمد المهدي في عمر المختار صفاته وما يتحلى به من خلال.
  • أصبح على إلمام واسع بشؤون البيئة التي تحيط به وعلى جانب كبير في الإدراك بأحوال الوسط الذي يعيش فيه، وعلى معرفة واسعة بالأحداث القبلية وتاريخ وقائعها.
  • توسع في معرفة الأنساب والارتباطات التي تصل هذه القبائل بعضها ببعض، وبتقاليدها، وعاداتها، ومواقعها، وتعلم من بيئته التي نشأ فيها وسائل فض الخصومات البدوية وما يتطلبه الموقف من آراء ونظريات.
  • أصبح خبيراً بمسالك الصحراء وبالطرق التي كان يجتازها من برقة إلى مصر والسودان في الخارج وإلى الجغبوب والكفرة من الداخل.

 

التوجه الفكري

  • كان عمر المختار شديد الحرص على أداء الصلوات في أوقاتها، وكان يقرأ القرآن يوميًّا، فيختم المصحف الشريف كل سبعة أيام منذ أن قال له الإمام محمد المهدي السنوسي: يا عمر، (وردك القرآن).
  • بسبب الإيمان العظيم الذي تحلى به عمر المختار انبثق عنه صفات جميلة، (كالأمانة والشجاعة، والصدق، ومحاربة الظلم، والقهر، والخنوع)، وقد تجلى هذا الإيمان في حرصه على أداء الصلوات في أوقاتها، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103].
  • كان يتعبد للمولى بتنفيذ أوامره ويسارع في تنفيذها، وكان كثير التنفل في أوقات الفراغ، وكان قد ألزم نفسه بسنة الضحى، وكان محافظًا على الوضوء حتى في غير أوقات الصلاة، ومما يروى عنه أنه قال: (لا أعرف أنني قابلت أحدًا من السادة السنوسية وأنا على غير وضوء منذ شرفني الله بالانتساب إليهم).
  • لقد كان هذا العبد الصالح يهتم بزاده الروحي اليومي بتلاوة القرآن الكريم، وقيام الليل، واستمر معه هذا الحال حتى استشهاده.
  • إن من أسباب الثبات التي تميز به عمر المختار حتى اللحظات الأخيرة من حياته إدمانه على تلاوة القرآن الكريم، والتعبد به وتنفيذ أحكامه؛ لأن القرآن الكريم مصدر تثبيت وهداية وذلك لما فيه من قصص الأنبياء مع أقوامهم، ولما فيه من ذكر مآل الصالحين، ومصير الكافرين والجاحدين وأوليائه بأساليب متعددة.
  • كان عمر المختار يتلو القرآن الكريم بتدبر وإيمان عظيم، فرزقه الله الثبات وهداه طريق الرشاد، ولقد صاحبه حاله في التلاوة حتى النفس الأخير، وهو يساق إلى حبل المشنقة وهو يتلو قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27، 28]

 

المسار الجهادي

علاقته بالسنوسيين

  • الحركة السنوسية هي حركة إحياء ومقاومة إسلامية نشطت في القرن التاسع عشر، تميزت بالجمع بين مقاومة الاستعمار والتربية الصوفية، فهي حركة إحيائية عنيت بالاهتمام بجانب العبادات والتزكية الفردية ضمن الإعداد للجهاد ومقاومة الاستعمار. وانطلقت الحركة في ليبيا ونشطت في شمال أفريقيا والسودان وعدد من البلاد الإسلامية.
  • يعود تأسيس الحركة إلى الشيخ المجاهد محمـد بن علي السنوسي المولود في الجزائر عام 1202 هجريًا الموافق 1787 ميلاديًا، والذي أسس حركته متتبعاً (صوفية المنهج، أصولية أهل المغرب، سلفية العقيدة، فقه وحديث الإمام أحمد بن حنبل: رغم أن مذهبه كان مالكياً لكنه كان يخالفه إذا رأى الحقّ في غيره فالحق أحق أن يتبع).
  • لا يذكر هذا المقام أي النشاط السنوسي الجهادي في ليبيا إلا ويذكر معه أسد الصحراء الشهيد عمر المختار.
  • أما عن علاقة المختار بالحركة السنوسية فقد تلقى عمر المختار المنحدر من الجبل الأخضر -حيث مركز السنوسية – تعليمه الشرعي في معهد الجغوب التابع للحركة وتقلد عدة مناصب في الحركة، وكان يتركز نشاطه خلال شبابه في الدعوة وحل المنازعات بين القبائل.

 

عمر المختار في السودان

  • أدت الثقة التي حصل عليها المختار في شبابه لدى قادة الحركة إلى تنقله بين مناصب ومهمات مختلفة فقد صحب المختار “محمـد المهدي السنوسي” وهو الزعيم الثاني للحركة وابن الشيخ المؤسس إلى السودان وقد كان للحركة نشاط دعوي وجهادي هناك.
  • عرف المختار ساحات القتال لأول مرة خلال قتاله في “تشاد”، حيث قاتل ضد القوات الفرنسية التي نزلت تشاد عام 1900، وقد شارك المختار هناك في القتال مع الكتائب السنوسية والحشد والتعبئة هناك ضد الاستعمار.
  • عيّن المختار شيخًا لزاوية بالقرب من الأراضي المصرية وقد عمل خلال هذه الفترة الممتدة لـ (8 سنوات) على الإغارة على القوات البريطانية في مصر.

 

تسميته بأسد الصحراء

صقلت الأيام صفات عمر المختار السالفة الذكر من تواضع وبساطة مع شخصية قيادية متزنة، وسوف تدفع به خصاله لتقدم الصفوف في طريقته السنوسية، وكان من إعجاب السيد المهدي السنوسي –شيخ السنوسية في هذا الوقت- أن قال: (لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم).

وهذه قصة طريفة تبين لنا مدى شجاعة عمر المختار:

تقرر سفر عمر المختار على رأس وفد إلى السودان، وفي الكفرة وجد قافلة من التجار من قبيلتي الزوية والمجابرة، وتجار آخرين من طرابلس وبنغازي تتأهب للسفر إلى السودان، فانضم الوفد إلى هؤلاء التجار الذين تعودوا السير في الطرق الصحراوية، ولهم خبرة جيدة بدروبها.

عندما وصل المسافرون إلى قلب الصحراء بالقرب من السودان، قال بعض التجار الذين تعودوا المرور من هذا الطريق: إننا سنمر بعد وقت قصير بطريق وعر لا مسلك لنا غيره، ومن العادة -إلا في القليل النادر- يوجد فيه أسد ينتظر فريسته من القوافل التي تمر من هناك، وتعودت القوافل أن تترك له بعيرًا كما يترك الإنسان قطعة اللحم إلى الكلاب أو القطط، وتمر القوافل بسلام.

واقترح المتحدث أن يشترك الجميع في ثمن بعير هزيل ويتركونه للأسد عند خروجه، فرفض عمر المختار بشدة قائلاً: (إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف بدون حق أبطلت، فكيف يصح لنا أن نعيد إعطاءها للحيوان؟! إنها علامة الهوان والمذلة، إننا سندفع الأسد بسلاحنا إذا ما اعترض طريقنا).

وقد حاول بعض المسافرين أن يثنيه عن عزمه، فرد عليهم قائلاً: (إنني أخجل عندما أعود وأقول أنني تركت بعيرًا إلى حيوان اعترض طريقي، وأنا على استعداد لحماية ما معي، وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، إنها عادة سيئة يجب أن نبطلها).

وما كادت القافلة تدنو من الممر الضيق حتى خرج الأسد من مكانه الذي اتخذه على إحدى شرفات الممر، فقال أحد التجار وقد خاف من هول المنظر وارتعشت فرائصه من ذلك: أنا مستعد أتنازل عن بعير من بعائري، ولا تحاولوا مشاكسة الأسد، فانبرى عمر المختار ببندقيته وكانت من النوع اليوناني، ورمى الأسد بالرصاصة الأولى فأصابته ولكن في غير مقتل، واندفع الأسد يتهادى نحو القافلة، فرماه بأخرى فصرعته، وأصر عمر المختار على أن يسلخ جلده ليراه أصحاب القوافل، فكان له ما أراد.

 

القتال ضد الطليان

بعد نزول القوات الإيطالية إلى ليبيا عام 1911 بدأت قصة الشيخ الطاعن في السن المعروفة مع الجهاد الممتد لعقدين في الصحراء.

أوكل إليه العمل العسكري ضد الطليان من قبل أحمد الشريف السنوسي ومن بعده محمـد إدريس السنوسي، وكان أحمد الشريف قرر ترك زعامة الحركة لابن عمه محـمد إدريس بعد الحرب العالمية الأولى، وكان السنوسي قد شارك فيها إلى جانب الدولة العثمانية وقاتل الإنجليز في مصر، وذلك قبل أن يعقد محمـد إدريس السنوسي هدنة مع الطليان أدت إلى انقسام المقاومين في ليبيا حول الالتزام بها، والتي خرقها المختار بعد خروج إدريس السنوسي إلى مصر من ليبيا ولكنه ظل على تواصل معه.

استمر قتال الشيخ الشهيد إلى حتى القصة المعروفة باعتقاله وإعدامه رحمه الله.

 

حرب العصابات

اعتمد في جهاده ضد الإيطاليين على طريقة الكر والفر، فلم يكن بالإمكان مواجهة العدو وجها لوجه، لأن الايطاليين كانوا يتحركوا في صفوف كبيرة منظمة، فكانت حرب عصابات أوجعت العدو، ووصلت عدد المواجهات بين المجاهدين والطليان إلى (260) معركة في (18) شهر فقط، وهذا يدل على حجم الهجوم السنوسي متمثلاً بعمر المختار على الإيطاليين.

سفره الى مصر

بعد رحيل السنوسي إلى مصر في بداية العام 1923 وإثر احتلال طرابلس من قبل الإيطاليين.

بدأ اسم المجاهد عمر المختار يظهر أكثر فأكثر، وأصبح وجوده يثير قلق المستعمر الإيطالي، رغم أن مجموع رجاله لم يتجاوز ألف رجل كانوا مسلحين ببنادق خفيفة، ولم يكن له عتاد يذكر مقارنة بقوة عدوه.

كانت أولى الخطوات الإيطالية لترويض عمر المختار قد بدأت بعد سفره إلى مصر، حيث قدم له الإيطاليون عبر وسطائهم عروضاً مغرية تحفظ له حياته وتهديه السلطة بشرط قطع علاقته بالأمير إدريس السنوسي، وقدموا له خيار البقاء في مصر لاجئا وضمان راتب ضخم، وحاول الوسطاء التأثير فيه ناصحين إياه بالقبول وترك القتال بسبب تقدمه في السن.

لكنه في تلك الأثناء كان يضع الخطط القتالية مع إدريس السنوسي عند زيارته له في مصر.

 

معركة بئر الغبي

  • تعتبر هذه المعركة إحدى أهمّ معارك الجهاد الليبي ضد الاحتلال الإيطالي، فأثناء عودته من مصر وعبوره الحدود الليبية، نصبت له سبع سيارات إيطالية مصفحة كميناً في أحد نجوع بئر الغبي – إلى الجنوب من طبرق بحوالي 80 كيلومتراً – فاشتبك المجاهدون معها وأطلقوا عليها النار، وكان ذلك في 23 أبريل 1923 الموافق 5 من شهر رمضان 1342هـ
  • تراجعت القوات الإيطالية قليلًا إلى منتجع قريب ثم عادت بسرعة، وتوزعت توزيعًا محكمًا وأخذ الجنود ينزلون ويضعون الأصواف أمامهم ليتحصنوا بها من الرصاص، فعاود المجاهدون إطلاق النار عليهم مما أدى لسقوط عدد كبير من جنود العدو بين قتيل وجريح.
  • كانت نتيجة المعركة نصرًا مؤزرًا للمجاهدين وإبادة القوة الإيطالية المهاجمة كافة، باستثناء مصفحة واحدة استطاعت الفرار، بينما استشهد ثلاثة من المجاهدين.
  • شارك في المعركة مجاهدون من مختلف القبائل سواء الذين كانوا رفقة الشيخ عمر المختار أثناء عودته من مصر أو من رجال قبيلتي “الشهيبات” و”المنفة” الذين كانت نواجعهم قرب أرض المعركة.

 

عمر المختار ودوره في الجهاد الليبي

  • بقي المختار يقاوم الطليان في الجبل الأخضر رغم كل الصعوبات التي كانت تحيط به وبرجاله.
  • كان يقسم جنوده إلى مجموعات حسب قبائلهم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة.
  • كان يضع أسر كل قبيلة وراء قبيلتها حتى تزداد هممهم في الدفاع عن أهلهم ونسائهم وأطفالهم.

 

عمر المختار في الاسر

اعتقال المختار

كان من عادة عمر المختار أن ينتقل كل سنة من مركز إقامته إلى مراكز أخرى، ليتفقد أحوال إخوانه من المجاهدين، عام(1931) ذهب المختار كعادته لكن في نفر قليل يقدر بمئة فارس، ثم أعاد 60 فارسًا وذهب في 40 فقط.

لما وصل وادي الجريب (بالتصغير) وهو وادٍ عظيم في الجبل الأخضر، وكان صعب المسالك كثير الغابات، كان لا بد من اجتيازه، فمر به عمر المختار ومن معه، وباتوا فيه ليلتين.

علمت إيطاليا عن طريق عملائها، بمكان المختار، فأمرت بتطويق الوادي من جميع الجهات، فوقع المختار ورفاقه وسط العدو، والتحمت المعركة داخل الوادي، وأصيب عمر المختار بجراح في يده، وأصيب فرسه بضربة قاتلة، وحُصرت يده السليمة تحت الفرس فلم يتمكن من سحبها، ولم تسعفه يده الجريحة.

ويوم 11 سبتمبر/أيلول 1931، هجم جنود الطليان على المختار دون أن يعرفوا شخصيته في البداية، وتم القبض عليه، وتعرَّف عليه أحد الخونة، وجاء الكمندتور داود باتشي متصرف درنة ليتعرف عليه، ونقل المختار سريعا إلى ميناء سوسة محاطًا بعدد كبير من الضباط والجنود الإيطاليين، ومن ثم نقل فورًا إلى بنغازي عن طريق البحر.

 

في السجن

  • أودع عمر المختار في زنزانة صغيرة خاصة منعزلة عن كافَّة السجناء السياسيين وتحت حراسة شديدة، وكان يتم تغيير الحرَّاس كل فترة، ويقول مترجم كتاب «برقة الهادئة» الأستاذ إبراهيم سالم عامر أنَّ زنزانة عمر المختار كانت تحوي سريرًا من خشب وقماش وعلى أرضيَّتها قطعة من السجَّاد البالي لأجل وقع الرجلين عليه، ويُضيف أنَّ المختار كان يجلس عليها ويُسند ظهره على الجدران ويمد رجليه إلى الأمام حتى يُريحهما.
  • أثناء مكوث عمر المختار في السجن أراد المأمور رينسي وهو السكرتير العام لحكومة برقة في أمسية الرابع عشر من سبتمبر أن يُقحم الشارف الغرياني في موقف حرج مع عمر المختار فأبلغه بأن المختار طلب مقابلته أي الغرياني وأن الحكومة الإيطالية لا ترى مانعًا من تلبية طلبه.
  • وذهب الشارف الغرياني إلى السجن لمقابلة المختار وعندما التقيا خيم السكوت الرهيب ولم يتكلم المختار، فقال الشارف الغرياني مثلًا شعبيًّا مخاطبًا به المختار (الحاصلة سقيمة والصقر ما يتخبل)، وما كاد المختار يسمع المثل المذكور حتى رفع رأسه ونظر بحدة إلى الشارف الغرياني وقال له:
    (الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، وسكت هنيئة ثم أردف قائلًا: ربِ هب لي من لدُنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، إنني لم أكن في حاجة إلى وعظ أو تلقين أنني أومن بالقضاء والقدر وأعرف فضائل الصبر والتسليم لإرادة الله أنني متعب من الجلوس هنا فقل لي ماذا تريد؟
  • فأيقن الشارف الغرياني بأنه غرر به فزاد تأثره، وقال للمختار: ما وددت أن أراك هكذا، ولقد أرغمت نفسي للمجيء بناءً على طلبك.
  • فقال المختار كالجبل الشامخ: أنا لم أطلبك ولن أطلب أحدًا ولا حاجة لي عند أحد، ووقف دون أن ينتظر جوابًا من الشارف الغرياني، وعاد الأخير إلى منزله وهو مهموم حزين، وقد صرح بأنه شعر في ذلك اليوم بشيء ثقيل في نفسه ما شعر به طيلة حياته.
  • لما سُئل الشارف الغرياني عن نوع الثياب التي كان يرتديها عمر المختار أهي ثياب السجن أم ثيابه التي وقع بها في الأسركان جوابه بيتان من الشعر للإمام الشافعي:

عليه ثياب لو تقاس جميعها بفلسٍ       لكان الفلس منهن أكثرا

وفيهن نفس لو تقاس ببعضها        نفوس الورى كانت أجل وأكبرا

 

عمر المختار أمام غراتسياني

صبيحة يوم 15 سبتمبر 1931م، وقبل المحاكمة رغب غرتسياني في الحديث مع عمر المختار، يذكر غرتسياني في كتابه (برقة المهدأة): «وعندما حضر أمام مكتبي تهيَّأ لي أن أرى فيه شخصيَّة آلاف المرابطين، الذين التقيتُ بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية؛ يداه مُكَبَّلتان بالسلاسل، رغم الكسور والجروح التي أُصيب بها أثناء المعركة، وكان وجهه مضغوطًا؛ لأنه كان مغطِّيًا رأسه (بالجَرِد (1) ، ويجرُّ نفسه بصعوبة نظرًا لتعبه أثناء السفر بالبحر، وبالإجمال يُخَيَّل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال، له منظره وهيبته؛ رغم أنه يشعر بمرارة الأسر، ها هو واقف أمام مكتبي، نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح».

غرتسياني: لماذا حاربت بشدَّة متواصلة الحكومة الفاشستية؟

أجاب الشيخ: من أجل ديني ووطني.

غرتسياني: ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه؟

فأجاب الشيخ: لا شيء إلَّا طردكم.. لأنكم مغتصبون، أمَّا الحرب فهي فرض علينا، وما النصر إلَّا من عند الله.

غرتسياني: لما لك من نفوذٍ وجاهٍ، في كم يوم يُمكنك أن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويُسلموا أسلحتهم؟
فأجاب الشيخ: لا يمكنني أن أعمل أيَّ شيء، وبدون جدوى نحن الثوَّار سبق أن أقسمنا أن نموت كلُّنا الواحد بعد الآخر، ولا نُسَلِّم أو نُلقي السلاح.

لم يخف غراتسياني انبهاره بأسد الصحراء ووصفة بالرجل الشجاع، أظهر له الاحترام والتقدير، فلم يترك له عمر المختار ثغرة واحدة ليستغلها، كان لكل سؤال جواب، وصار مثلاً يضرب.

يستطرد غرتسياني حديثه فيقول: «وعندما وقف ليتهيَّأ للانصراف كان جبينه وضَّاءً؛ كأنَّ هالة من نور تُحيط به، فارتعش قلبي من جلالة الموقف، أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية، ولُقِّبْتُ بأسد الصحراء، ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان، ولم أستطع أن أنطق بحرفٍ واحدٍ، فأنهيتُ المقابلة، وأمرتُ بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء، وعند وُقوفه حاول أن يمدَّ يده لمصافحتي؛ ولكنه لم يتمكَّن؛ لأن يديه كانت مُكَبَّلة بالحديد».

مارس غراتسياني خلال اللقاء عملية ابتزاز وضغط على عمر المختار فرفض عمر المختار وقال له “نحن لن نستسلم.. نحن ننتصر أو نموت“.

 

المحاكمة

تمت محاكمته بتهمة الدفاع عن وطنه، وتم الحكم عليه بالإعدام شنقاً أمام الناس، وكيف لايحكم عليه بالإعدام إذا كان الحكم هو الخصم.

  • قال الدكتور العنيزي في وصف محاكمته الجائرة:

(جاء الطليان بالسيد عمر المختار إلى قاعة الجلسة وهو مكبل بالحديد، ويحيطه الحرس من كلّ حدبٍ وصوب، وقد كان مكاني في القاعة بجوار السيد عمر، ثمّ أحضر الطليان أحد المترجمين الرسميين، وكان اسمه هرمس، وعندما افتتحت الجلسة، وبدأ الاستجواب تأثر المترجم بالمحاكمة، وبدا ذلك واضحاً على ترجمته، ثمّ تمّ استبعاده، وأحضر مترجم يهودي وهو لمبروزو، وقام بالترجمة).

 

اعدام واستشهاد عمر المختار

  • تم جمع الناس بالإجبار ليحضروا لحظة إعدام عمر المختار، في محاولة منهم لإرهاب الشعب من مقاومة الاحتلال الإيطالي لليبيا.
  • حضر تنفيذ حكم الإعدام لشيخ المجاهدين ما يقرب من (20,000) ألفاً من الوجهاء والأعيان والشعب، وتم تنفيذ الحكم جنوب مدينة “بنيغازي” عام (1931م)
  • أُحضر عمر المختار مُكَبَّل الأيدي، وعلى وجهه ابتسامة الرضا بالقضاء والقدر، وبدأت الطائرات تُحَلِّق في السماء فوق المعتقلين بأزيزٍ مجلجلٍ؛ حتى لا يتمكَّن عمر المختار من مخاطبتهم.
  • في تمام الساعة التاسعة صباحًا سُلِّمَ الشيخ إلى الجلاد، وكان وجهه يتهلَّل استبشارًا بالشهادة، وكله ثبات وهدوء، فوُضع حبل المشنقة في عنقه، وقيل عن بعض الناس الذين كانوا على مقربة منه: إنه كان يُؤَذِّن في صوت خافت أذان الصلاة. والبعض قال: إنه تمتم بالآية الكريمة: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27، 28]، ليجعلها مسك ختام حياته البطولية.

 

احمد شوقي يرثي عمر المختار

رَكَزوا رُفاتَكَ في الرِمالِ لِواءَ … يَستَنهِضُ الوادي صَباحَ مَساءَ

يا وَيحَهُم نَصَبوا مَناراً مِن دَمٍ … توحي إِلى جيلِ الغَدِ البَغضاءَ

ما ضَرَّ لَو جَعَلوا العَلاقَةَ في غَدٍ … بَينَ الشُعوبِ مَوَدَّةً وَإِخاءَ

جُرحٌ يَصيحُ عَلى المَدى وَضَحِيَّةٌ … تَتَلَمَّسُ الحُرِّيَةَ الحَمراءَ

يا أَيُّها السَيفُ المُجَرَّدُ بِالفَلا … يَكسو السُيوفَ عَلى الزَمانِ مَضاءَ

تِلكَ الصَحاري غِمدُ كُلِّ مُهَنَّدٍ … أَبلى فَأَحسَنَ في العَدُوِّ بَلاءَ

وَقُبورُ مَوتى مِن شَبابِ أُمَيَّةٍ … وَكُهولِهِم لَم يَبرَحوا أَحياءَ

لَو لاذَ بِالجَوزاءِ مِنهُم مَعقِلٌ … دَخَلوا عَلى أَبراجِها الجَوزاءَ

فَتَحوا الشَمالَ سُهولَهُ وَجِبالَهُ … وَتَوَغَّلوا فَاِستَعمَروا الخَضراءَ

وَبَنَوا حَضارَتَهُم فَطاوَلَ رُكنُها … دارَ السَلامِ وَجِلَّقَ الشَمّاءَ

خُيِّرتَ فَاِختَرتَ المَبيتَ عَلى الطَوى … لَم تَبنِ جاهاً أَو تَلُمَّ ثَراءَ

إِنَّ البُطولَةَ أَن تَموتَ مِن الظَما … لَيسَ البُطولَةُ أَن تَعُبَّ الماءَ

إِفريقيا مَهدُ الأُسودِ وَلَحدُها … ضَجَّت عَلَيكَ أَراجِلاً وَنِساءَ

وَالمُسلِمونَ عَلى اِختِلافِ دِيارِهِم … لا يَملُكونَ مَعَ المُصابِ عَزاءَ

وَالجاهِلِيَّةُ مِن وَراءِ قُبورِهِم … يَبكونَ زيدَ الخَيلِ وَالفَلحاءَ

في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَحِفظِهِ … جَسَدٌ بِبُرقَةَ وُسِّدَ الصَحراءَ

لَم تُبقِ مِنهُ رَحى الوَقائِعِ أَعظُماً … تَبلى وَلَم تُبقِ الرِماحُ دِماءَ

كَرُفاتِ نَسرٍ أَو بَقِيَّةِ ضَيغَمٍ … باتا وَراءَ السافِياتِ هَباءَ

بَطَلُ البَداوَةِ لَم يَكُن يَغزو عَلى … تَنَكٍ وَلَم يَكُ يَركَبُ الأَجواءَ

لَكِن أَخو خَيلٍ حَمى صَهَواتِها … وَأَدارَ مِن أَعرافِها الهَيجاءَ

لَبّى قَضاءَ الأَرضِ أَمسِ بِمُهجَةٍ … لَم تَخشَ إِلّا لِلسَماءِ قَضاءَ

وافاهُ مَرفوعَ الجَبينِ كَأَنَّهُ … سُقراطُ جَرَّ إِلى القُضاةِ رِداءَ

شَيخٌ تَمالَكَ سِنَّهُ لَم يَنفَجِر … كَالطِفلِ مِن خَوفِ العِقابِ بُكاءَ

وَأَخو أُمورٍ عاشَ في سَرّائِها … فَتَغَيَّرَت فَتَوَقَّعَ الضَرّاءَ

الأُسدُ تَزأَرُ في الحَديدِ وَلَن تَرى … في السِجنِ ضِرغاماً بَكى اِستِخذاءَ

وَأَتى الأَسيرُ يَجُرُّ ثِقلَ حَديدِهِ … أَسَدٌ يُجَرِّرُ حَيَّةً رَقطاءَ

عَضَّت بِساقَيهِ القُيودُ فَلَم يَنُؤ … وَمَشَت بِهَيكَلِهِ السُنونَ فَناءَ

تِسعونَ لَو رَكِبَت مَناكِبَ شاهِقٍ … لَتَرَجَّلَت هَضَباتُهُ إِعياءَ

خَفِيَت عَنِ القاضي وَفاتَ نَصيبُها … مِن رِفقِ جُندٍ قادَةً نُبَلاءَ

وَالسُنُّ تَعصِفُ كُلَّ قَلبِ مُهَذَّبٍ … عَرَفَ الجُدودَ وَأَدرَكَ الآباءَ

دَفَعوا إِلى الجَلّادِ أَغلَبَ ماجِداً … يَأسو الجِراحَ وَيُعَتِقُ الأُسَراءَ

وَيُشاطِرُ الأَقرانَ ذُخرَ سِلاحِهِ … وَيَصُفُّ حَولَ خِوانِهِ الأَعداءَ

وَتَخَيَّروا الحَبلَ المَهينَ مَنِيَّةً … لِلَّيثِ يَلفِظُ حَولَهُ الحَوباءَ

حَرَموا المَماتَ عَلى الصَوارِمِ وَالقَنا … مَن كانَ يُعطي الطَعنَةَ النَجلاءَ

إِنّي رَأَيتُ يَدَ الحَضارَةِ أولِعَت … بِالحَقِّ هَدماً تارَةً وَبِناءَ

شَرَعَت حُقوقَ الناسِ في أَوطانِهِم … إِلّا أُباةَ الضَيمِ وَالضُعَفاءَ

يا أَيُّها الشَعبُ القَريبُ أَسامِعٌ … فَأَصوغُ في عُمَرَ الشَهيدِ رِثاءَ

أَم أَلجَمَت فاكَ الخُطوبُ وَحَرَّمَت … أُذنَيكَ حينَ تُخاطَبُ الإِصغاءَ

ذَهَبَ الزَعيمُ وَأَنتَ باقٍ خالِدٌ … فَاِنقُد رِجالَكَ وَاِختَرِ الزُعَماءَ

وَأَرِح شُيوخَكَ مِن تَكاليفِ الوَغى … وَاِحمِل عَلى فِتيانِكَ الأَعباءَ

 

وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء

كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:

علي عزت بيجوفيتش والولاء للفكرة    ونظام الملك وأسس الدولة الناجحة

و الدكتور عبدالرحمن السميط والدعوة بالإغاثة

 

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • د. علي الصلابي،عمر المختار.
  • موسوعة شهداء الحركة الإسلامية في العصر الحديث.
  • محمود شاكر، التاريخ الإسلامي
  • الجنرال رودلفو غراتسياني، برقة المهدّأة، ترجمة محمد بشير الفرجاني (دار الفرجاني، طرابلس، ليبيا، د.ت).
  • https://www.islamstory.com/
  • https://libyanstand.net/
  • https://www.marefa.org/
  • https://ar.wikipedia.org/
  • https://islamonline.net/
  • https://www.independentarabia.com/

 

الأسئلة الشائعة

ماذا قال عمر المختار قبل إعدامه؟

(نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت، وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه… أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي أو جلادي)،

لماذا تم اعدام عمر المختار؟

كان الهدف من إعدام عمر المُختار إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحُكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسيَّة، فقد ارتفعت حدَّة الثورات، وانتهى الأمر بأن طُردت القوات الإيطالية من البلاد عام 1943.

ما هي اهم اعمال عمر المختار؟

نظم صفوف المجاهدين، وشن الغارات ضد الغزاة الطليان، ثم انتشر اسمه في صحف روما، كما تغيرت 4 حكومات إيطالية أثناء ذلك، نتيجة هزائم الجيش الإيطالي على يد عمر المختار والمجاهدين.
2-نصب الكمائن في صحراء ليبيا، ووزع وقته بين الجهاد وقيام الليل وختم القرآن، كما كان ينام بين 2- 3 ساعات فقط في اليوم، وقد ساهم في تحقيق انتصارات حركة الجهاد الليبي بقيادة عمر الختار وجود الخبرة السابقة في جهاده ضد الفرنسيين، وأيضًا معرفته بجغرافية البلاد الصحراوية وطرقها ومسالكها وكل ما يتعلق بها.
3- أسس كتائب فدائية؛ لضرب الغزاة والاختفاء بسرعة، ومهاجمة الثكنات العسكرية في أطراف الصحراء، كما قطع الطرق والإمدادات عن الجيش الإيطالي، إذ تسبب في إحراجهم أمام الرأي العام، واستطاع تدمير القوة الإيطالية التي حاولت حصاره عند بئر الغبي، كما انتصر عليهم في معركة الرحيبة سنة 1927م.
4- خاض معركة درنة في شهر مايو من عام 1913م على مدار يومين، وانتهت بمقتل 70 جندياً من الجيش الإيطالي، وإصابة 400 منهم، أيضاً معركة بوشمال عند منطقة عين ماره في شهر أكتوبر من عام 1913م، بالإضافة إلى معارك أم شخنب وشلظيمة والزويتينة في شهر فبراير من عام 1914.

اجمل ما قيل عن عمر المختار؟

قال عنه القائد الإيطالي الجنرال «جراسياني» متحدثًا عن «عمر المختار» في مذكراته «برقة الهادئة»
هذا الرجل أسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر، واشتهر عند جنوده بالقداسة والاحترام؛ لأنه الرأس المفكر والقلب النابض للثورة العربية في برقة، وكذلك كان المنظّم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة.

كتبت التايمز البريطانية، مقالة «انتصار إيطالي»، بتاريخ 17 سبتمبر 1931م
حقّق الإيطاليون انتصارًا خطيرًا ونجاحًا حاسمًا في حملتهم على المتمرّدين السنوسيين في برقة، فلقد أسروا وأعدموا الرجل الرهيب «عمر المختار» شيخ القبيلة العنيف الضاري.

قال عنه: الجنرال الإيطالي «جراسياني» متحدثُا عن «عمر المختار»
طريقته في القتال ليست كالقادة الآخرين؛ فهو بطلٌ في إفساد الخطط وسرعة التنقّل بحيث لا يمكن تحديد موقعه لتسديد الضربات له ولجنوده،… يكافح إلى أبعد حد لدرجة العجز، ثم يغيّر خطته ويسعى دائمًا للحصول على أي تقدم مهما كان ضئيلاً، بحيث يتمكّن من رفع الروح العسكرية ماديًا ومعنويًا حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

اترك تعليقاً