البر سلوك إنساني نبيل يشمل الإحسان والصدق والوفاء، وهو من أعظم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام وحث عليها في الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [سورة المائدة: 2]، كما عرّفه النبي ﷺ بقوله: “البر حسن الخلق” [رواه مسلم].
البر لا يقتصر على معاملة الوالدين فقط، بل يشمل حسن التعامل مع الأقارب والجيران والأصدقاء وسائر الناس، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك يقوم على المحبة والتعاون.
البر في اللغة العربية يُطلق على: الخير والطاعة والإحسان، وهو مشتق من الجذر الثلاثي (ب-ر-ر)، الذي يدل على الصدق والصلاح والاتساع: فيُقال: “بَرَّ بوالديه” أي أحسن إليهما، و”بَرَّ في يمينه” أي صدق ولم يحلف كذبًا، كما يُستخدم البر للدلالة على الأرض الواسعة، مما يعكس معنى الاتساع والراحة، وهو ما يتماشى مع سعة الخير الذي يحمله مفهوم البر.
وقد ورد ذكر البر في مواضع عديدة من القرآن والسنة، منها قول الله تعالى: “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ…” [سورة البقرة: 177]، وفي الحديث الشريف، قال النبي ﷺ: “البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس” [رواه مسلم].
البر في الإسلام مفهوم شامل يشمل كل أعمال الخير والطاعة، سواء في علاقة الإنسان بربه أو في معاملاته مع الآخرين، ومن أبرز أنواع البر:
بر الوالدين هو الإحسان إليهما بالقول والفعل، وطاعتهما في غير معصية الله، والاعتراف بفضلهما، والحرص على راحتهما وسعادتهما، وهو من أعظم القيم التي دعا إليها الإسلام وجعلها مرتبطة بعبادة الله، كما قال تعالى: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [سورة الإسراء: 23].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “سألت النبي ﷺ أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله“، ويكاد الإنسان لا يفي والديه حقهما عليه مهما أحسن إليهما.
البر بالأقارب هو الإحسان إليهم، وحسن معاملتهم، والتواصل معهم، وتقديم العون والمساعدة لهم عند الحاجة، وقد أمر الله تعالى بصلة الأرحام والإحسان إليهم، فقال: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ” [سورة النساء: 36].
البر بالجيران هو الإحسان إليهم، وحسن معاملتهم، وتقديم العون لهم، والحرص على راحتهم، كما أوصى الإسلام بذلك في العديد من النصوص، والإحسان إلى الجيران وصية الله ورسوله ﷺ، كما قال النبي ﷺ: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” [متفق عليه].
وأما الإساءة للجيران فعاقبتها غضب الله وعقابه، فقد قال النبي ﷺ: “والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه” [رواه البخاري].
البر أساس متين لبناء علاقات اجتماعية قوية ومتينة تسهم في نشر المحبة والاستقرار بين الناس، من خلال تعزيز التواصل والتفاهم بين الأفراد، وتقوية العلاقات الأسرية والمجتمعية.
البر عامل رئيسي في استقرار الأسرة وتماسك المجتمع، وذلك من خلال:
البر من القيم العظيمة التي دعا إليها الإسلام في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهو جوهر الأخلاق الإسلامية وأساس بناء مجتمع متماسك يسوده الحب والتعاون، فبالبر تتحقق السعادة في الدنيا والآخرة.
1- البر كقيمة إيمانية عظيمة: قال تعالى: “لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ وَٱلْمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلْكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِى ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ” [سورة البقرة: 177].
2- بر الوالدين: قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا۟ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّۢ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًۭا كَرِيمًۭا” [سورة الإسراء: 23].
3– بر الأقارب والمجتمع: قال تعالى: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ” [النساء: 36].
1- البر سبب لدخول الجنة: قال النبي ﷺ: “البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس” [رواه مسلم].
2- بر الوالدين سبب في رضا الله: قال النبي ﷺ: “رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد” [رواه الترمذي].
3- البر بالأقارب وصلة الرحم: قال النبي ﷺ: “من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه” [متفق عليه].
4- البر بالجيران: قال النبي ﷺ: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” [متفق عليه].
5- البر بالمجتمع ونشر الخير: قال النبي ﷺ: “أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم” [رواه الطبراني].
| العنصر | البر | العقوق |
| المفهوم | الإحسان والتعامل بحسن نية ورفق مع الآخرين، خاصة الوالدين والأقارب. | الإساءة والتقصير في حق الآخرين، خاصة الوالدين. |
| الآثار | رضا الله، زيادة الرزق، طول العمر، تقوية العلاقات. | غضب الله، قصر العمر، التفكك الأسري والاجتماعي. |
| السلوك | العناية بالآخرين، مساعدتهم، إظهار الاحترام والمحبة. | الإهمال، الإهانة، الإساءة، القطيعة. |
| الأهمية | يُعتبر من أفضل الأعمال التي تقرب العبد إلى الله. | يُعد من أكبر الذنوب التي تعرض العبد للعقاب. |
غرس قيم البر في الأطفال من أولى مراحل نشأتهم أمر بالغ الأهمية، حيث تساعدهم هذه القيم على بناء شخصية صالحة، وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن من خلالها تعليم الأطفال فضيلة البر:
البر هو الصلة وإسداء المعروف والمبالغة في الإحسان [القاضي المهدي].
في القرآن الكريم كلمة "البر" تحمل معاني متعددة تتعلق بالإحسان والخير والفضل، وتعبّر عن سلوك الإنسان المستقيم الذي يتسم بالتقوى والرحمة والإحسان في التعامل مع الآخرين، سواء كان ذلك في العبادات أو المعاملات.
أنواع البر التي يركز عليها القرآن الكريم والسنة النبوية: البر بالله (الإيمان والطاعة). البر بالوالدين. البر بالأقارب وصلة الرحم. البر بالجيران. البر باليتامى والمحتاجين. البر بالآخرين في المجتمع. البر في الأعمال الصالحة.
البر يدل على مجموعة من القيم الأخلاقية والدينية التي تشمل الطاعة لله، الإحسان إلى الآخرين، والتضحية من أجلهم، وتحقيق العدالة والرحمة في المجتمع.
