سلمان الفارسي والتضحية من أجل الفكرة
بعض البشر يضحي بكل القيم من أجل الدنيا، فيقدم على اقتراف المحرمات من أجل المال والقوة، وهناك بعض البشر من يضحي بكل ما يملك، حتى بحريته؛ بحثا عن فكرة الحق.
اقرأ المزيديُعدُّ الإحسان من أعظم القيم الأخلاقية الفاضلة، وقد حثّنا الإسلام على الإحسان للآخرين بمساعدتهم ودعمهم ومعاملتهم باللطف والرحمة دون انتظار أي مقابل.
سنتعرف في هذا المقال على معاني الإحسان وأنواعه، ودوره في زرع أواصر المحبة والألفة، وإضافة صبغةً رحمانية بعيدة عن التظاهر والمادية في المجتمع.
يتلخّص معنى الإحسان في قول رسول الله ﷺ “الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ”. [صحيح البخاري – 4777]، وبذلك يكون الإحسان ركنٌ واحد يضم درجتين:
لا بدَّ أن يكون الإحسان أسلوب حياة تعيشه في كلَّ حركاتك وسكناتك، وفي كل مكان وزمان، وهناك العديد من أنواع الإحسان منها:
يُعتبر الإحسان للناس من أفضل العبادات لله تعالى، إذا تنشرُ الإلفة بين الناس وتزرع أواصر المحبة وتعزّز روح التعاون في المجتمع.
واجبً على كل مسلم الإحسان لوالديه والبر بهم وعدم الإساءة إليهم وقد قرن الله تعالى بر الوالدين بتوحيده حيث قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا}. [سورة الإسراء:23].
يجب على المسلم الإحسان إلى جيرانه وإكرامهم ومساعدتهم عند الحاجة وزيارتهم في حال المرض.
الإحسان إلى الجار له الكثير من الفوائد كـ تقوية العلاقة الاجتماعية معهم، وزيادة المحبة والمودة، والحصول على محبة الله تعالى ورسوله ﷺ.
أوصى الرسول ﷺ بإكرام الجار، وذكر ذلك بأحاديث ومواقف عدة، ومن الأحاديث الشريفة التي تؤكّد على أهمية إكرام الجار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ:
(مَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) [صحيح البخاري – رقم 6018].
حثَّ الإسلام على الإحسان والتلطف مع الأطفال، كـ ملاعبتهم وتقديم الهدايا لهم كنوع من المحبة وزرع الابتسامة على وجوههم.
للإحسان إلى اليتيم ثواب عظيم، حيث بشَّر النبي ﷺ أن من أحسن إلى اليتيم ولو بمسح رأسه بحسنات كثيرة حين قال: [من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى]. [الإمام أحمد – رقم 22153].
في هذه الآية الكريمة بيَّن الله تعالى أنّه لا مقابل لعمل الخير والفعل الحسن سوى الجزاء الحسن الجميل كرد على فعل الخير الذي قام به المسلم.
يعتبر الإنسان الذي يتعامل بالإحسان في كل مناحي الحياة من المحظوظين، بما خصه الله به عن الآخرين؛ فينعم بالتنقل بين درجاتها كلما أخلص النية لله.
للإحسان مراتب ومقامات متفاوتة، تزداد بالقرب من الله تعالى والأُنس به:
للدين مراتب ثلاث لكل منها معنى مختلف وهي:
عن أبي يعلى شداد بن أوس، عن رسول الله ﷺ قال: [إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته]. [رواه مسلم – رقم 17].
في الحديث الشريف يخبرنا الرسول ﷺ أن الإحسان موجود في كل شيء، حتى في القتل والذبح، أي يجب أن يكون الإحسان معنا في كل أعمالنا وامورنا.
الإحسان من أعظم الأعمال عند الله ذُكر في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، سنذكر بعض من هذه الآيات التي وردت في الكتاب الكريم:
سلسلة فن الإحسان:
الإحسان هو من الأعمال غير المفروضة وإنما هو نافلة من النوافل التي تقربنا إلى الله تعالى، تقوم على الإحسان في عبادة الله تعالى كأنك تراه، وفعل الخيرات لمن يحتاجها من الفقراء والمحتاجين.
هناك العديد من الأقوال والأمثال التي تشير إلى أهمية الإحسان وفضله. إليك بعض الأمثال:
"الإحسان ليس إلا عبارة عن زرع الخير وجني البركة."
"من أحسن إلى الناس أحسن الله إليه."
"الإحسان هو لغة القلوب واللسان."
"من يفعل الإحسان يجني السعادة والرضا."
للإحسان أثرٌ على تماسك المجتمع وحمايته من الانهيار حيث يزيد أواصر الحب والود بين أفراده ويزيد من رقي المجتمع وإبعاده من الفساد.
تتلخص كيفية الوصول إلى مرحلة الإحسان بقول الرسول ﷺ: الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء.
الإحسان من أعظم القيم الأخلاقية التي حثنا الإسلام على فعله تجاه الآخرين بمساعدتهم ودعمهم ومعاملتهم بلطف ورحمة دون أي مقابل، فنكون بذلك زرعنا أواصر المحبة والألفة وأضفنا للمجتمع صبغةً رحمانية بعيدة عن التظاهر والمادية.
أما المحسنين فهم أهل الإحسان الذين يجتهدون لفعل الخيرات وينتهون عن فعل المنكرات.