ظاهرة الدعاة الجدد ومواقفهم المتشابكة دينياً وسياسياً:
فمن هم؟ ولماذا اكتسبوا هذه التسمية؟ وما هي أهدافهم؟
وهل لهم دورٌ في الثورات العربية التي حدثت وأطلق عليها (الربيع العربي)؟
معلومات نقدمها لقرائنا الكرام في هذه المقالة بعنوان: ( الدعاة الجدد والثورات العربية: الأثر والدور ).
من هم الدعاة الجدد وما هو تعريفهم؟
مصطلحٌ ظهر من قبل بعض الإعلاميين المحليين، وبعض جهات الإعلام الغربية، يشيرون به إلى عدد من الدعاة (د. طارق السويدان – د. عمرو خالد – د. محمد العوضي) الذين سطع نجمهم على قنوات الإعلام، فهي ليست مسألة بدأت كتجمع أو تيار مُنَظّم، وإنما ظاهرة إعلامية، أطلقت تسميتها من قبل الإعلام وليس من قبل الدعاة أنفسهم.
وُلِدت هذه الظاهرة في نهاية حقبة التسعينات من الألفية الثانية، وبداية الألفية الثالثة.
العوامل التي ساهمت في نشوء الدعاة الجدد وانتشارهم في الثورات العربية
من أهم العوامل التي ساهمت في انتشار الدعاة الجدد: أسلوب الطرح المخالف لطرح الدعاة التقليديين، ونلمسه من خلال:
تغيير منهجية التفكير وأسلوب الطرح، واتباع الأساليب العلمية الحديثة.
تهيئة ظهور الدعاة في الإعلام: فكلما كان الإعلام مفتوحاً للدعاة كلما كان انتشارهم أكثر.
التيسير: بعض شرائح المجتمع تكره القيود، فوجدت خطاباً يخفف عنها الكثير من الأغلال التي كانت تطرح في الوعظ التقليدي، لكن لاينبغي التيسير إلا في المسائل التي فيها نص صريح من القرآن الكريم أو السنة الشريفة.
العقلانية في الطرح ونبذ الأفكار الظلامية: كنبذ فكرة الشعوذة، وتلبس الجن، وكل ما ينافي العقل.
التواصل مع العلوم الغربية.
محاربة الإلحاد بطرحٍ فريدٍ، وعقلانيةٍ مميزة.
الدعاة الجدد والثورات العربية: ما هي الظاهرة وما هو الدور الذي لعبوه؟
لم يكن للدعاة الجدد الدور الأكبر في صناعة الثورات العربية، بل إنّ الشعوب هي من صنعت الثورات وليس الدعاة الجدد.
يعلم الدعاة الجدد أنّ مثل هذه الثورات ربما يُحدث دماراً كبيراً في سبيل الإصلاح، وهنا سيقف الداعية أمام خيارين: إما الوقوف مع الشعب؟ أو الوقوف مع الأنظمة ضد الشعب؟
وفي هذا السياق يقول الدكتور طارق السويدان: “لمّا خُيِّرتُ بين الشعوب وبين الأنظمة؛ وقفت مع الشعوب، فأنا لم أقم باختيار الأنظمة في يوم من الأيام، بل كنت أختار الوقوف مع الشعوب قبل الثورات وبعدها ولا زلت إلى الآن”.
هل كان بإمكان الدعاة الجدد التخفيف من آثار الثورات ؟
أولاً: إنّ الدمار والتخريب الذي حصل لم يكن بسبب الثورات، وإنما بسبب تعامل الأنظمة مع هذه الثورات، فالشعوب ضحية وليست مجرمة، فمن رفع السلاح هم الأنظمة وليست الشعوب.
ثانياً: لم يكن للدعاة الجدد التأثير المباشر في نشوب الثورات، بل كانت الثورات نتيجة الظلم والطغيان والفساد المستشري في مجتمعاتهم، فلم تكن الثورات إلا لنيل الكرامة، وما خرجت الشعوب إلى الشوارع بفعل الدعاة الجدد.
دور الدعاة الجدد في صناعة الثورات
بعض الدعاة الجدد كان لهم دور في التأثير في الثورات (وليس صناعتها)، وذلك من خلال طرح بعض الأفكار والتركيز عليها في كل محفل، مثل: (فكرة الحرية، وتغيير الواقع، وعن دور القائد السيء والجيد، وكيف نقلل من القادة السيئين)، وكل هذا الطرح مقتبسٌ من خلال تاريخنا الإسلامي، فعندما تعرض السيرة النبوية بمعرض التحليل، ويتصدى لطرحها الداعية الكفؤ، ستجد طرحاً بعيداً كل البعد عن العاطفة، فالسيرة النبوية كانت ثورة على واقع فاسد كافر، كانت طرحاً حضارياً غير عادي.
هذا الطرح للأفكار المدروسة كان من شأنه بلورة القناعات عند شباب الأمة، واتخاذهم القرار بصنع الثورات لتغيير الواقع المظلم.
تأثير الدعاة الجدد على الحراك السياسي في العالم العربي
يعتبر البعض أن الأفكار التي تبناها الشباب في الربيع العربي، هي صدى لما كان يطرح الدعاة الجدد من أفكارٍ تنمويةٍ أو نظرةٍ دينية، فهل حقاً كان للدعاة الجدد دور في صناعة الحدث؟
كل داعيةٍ إلى الله يرغبفي أن يكون له الدور الأكبر في توعية شباب الأمة، وإرشادهم للقيام بدورهم في صحوة الأمة الإسلامية من جديد، فليس أجمل من المساهمة في نهضة الأمة.
إنّ تأثير الدعاة اليوم يُعتبر محدوداً نوعاً ما، لعدم تمكّنهم من الظهور على الإعلام كما كان الأمر قبل (15) سنة، أما الأمر الذي دعا للحد من ظهورهم على الإعلام الخاص والرسمي هو محاربة الأنظمة لهم، خشيةً من تأثيرهم على الناس من خلال توعيتهم الحضارية الفكرية، والتي تعتبرها بعض الأنظمة بداية انقلاب على أنظمتهم.
نصائح لفهم الدعاة الجدد بشكل أفضل
علاقة الدعاة بأنظمة بلادهم ( دعاة مصلحون أم دعاة انقلابات )
الدعاة أناس مصلحون، هدفهم إحياء روح الأمة، ونهضة حضارتها من جديد، وغرس القيم والأخلاق النبيلة، وليس للدعاة أيّ نية بصنع انقلاب على أنظمتهم، بل هدفهم أن يتعاونوا مع الأنظمة، ويمدّوا لها يد العون في سبيل نهضة الأمة، وتطبيق الشريعة الإسلامية التي تكفل الحياة الكريمة لكل الشعوب.
يقول الدكتور طارق السويدان: فإن كان نظام من الأنظمة ليس عنده هدف تطبيق الشريعة في دولته، وليس لديه هدفٌ في نهضة الأمة، ولا يريد لنا أن نتمتع بحريتنا واستقلالنا عن الشرق والغرب، ويقف ضد مبادئنا في معاداتنا للكيان الصهيوني بل تراه يطبع معه، عندها بالتأكيد سيكون الدعاة شوكة في حلقه، وسيكونون أعداء له.
ولي أطروحة مكونة من خمسة بنود، كانت ولا زالت مبدأي قبل الثورات وبعدها، وهي:
الوقوف ضد الاستبداد السياسي.
الوقوف ضد الفساد المالي.
الوقوف ضد شيوخ السلاطين الذين يؤصّلون للديكتاتورية.
الوقوف ضد أي تدخل أجنبي يمكن أن يتحكم في بلادنا.
اتخاذ الصهيونية عدواً لا يمكن التطبيع معه بأي طريقةٍ مِنَ الطرق.
ما حقيقة تحول الخطاب الدعوي التقليدي إلى خطاب ليبرالي مؤسساتي ربحي؟
هذا الكلام صادر عن بعض وسائل الإعلام الغربية، فيتحدثون أنّ الدعاة يدخل عليهم من الأموال الملايين، وهدفهم من ذلك زرع بذور الفتنة بين الشباب والدعاة، والرد عليهم يكون من خلال النقاط التالية:
تحول العمل من الفردية إلى العمل المؤسسي شيء جيد، فكلما عمل الإنسان ضمن عملٍ جماعيٍ مؤسساتي، فسيكون فعالاً أكثر.
ليس هناك أي مخالفة شرعية أن يكون للإنسان دخلٌ مادي، فأين المشكلة إن أنتجتُ شريطاً ما، ثم تبّنته شركة إنتاجية، وقامت بالتسويق له، بل وربحت منه، فكيف نسوغ لهذه الشركة أن تربح من شريطي وأنا لا يحق لي الاستفادة منه.
يقول الدكتور طارق: أنا شخصياً عند طرحي للفكر الإسلامي (محاضرات الإسلامية – مؤتمرات إسلامية – تدريب للشباب في جهات إسلامية) لا آخذ عليه أجراً، بل آخذ لقاء الدورات الإدارية فقط.
كان لسقوط بعض الدعاة والرموز أثر كبير في زعزعة الثقة لدى الشباب، فكثير من الدعاة كان يدعون إلى إنكار المنكر، فلما وُضع هذا الداعية أمام اختبار حقيقي خالف مبادئه وانحاز لعكس ما كان يعظ به، فإذا بالشباب يصدم من فعل هذا الداعية، ويبدأ بسوء الظن تجاه الدعاة لأن قدوته خالفت أعماله أقواله.
ونقول للشباب: قدوتنا العظمى هو رسول الله ﷺ، فإن كنت متخذاً قدوةً واحدةً فلتكن قدوتك رسول الله ﷺ، فلا تتخذ بعد النبي قدوة واحدة، فإن شئت أن تتخذ قدوة من الصحابة فأكثر من القدوات، فليس كل الصحابة على درجة واحدة، وإن شئت الاقتداء في زماننا هذا بأناسٍ ما فأكثر من القدوات، واختر ما يصفو من أعمالهم، (فاقتد بفلان في الإلقاء، واقتد بالآخر في فن العلاقات، واقتد بالثالث في علمه الشرعي) حتى إذا سقطت قدوةٌ ما لا تتأثر بسقوطها كثيراً.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
هل كانت الدعوة إلى التغيير السياسي دوافع الدعاة الجدد الرئيسية؟
لم تكن الدعوة إلى التغيير السياسي دوافعهم الرئيسية، بل كان هدفهم الإصلاح ومساعدة الأنظمة على إحياء الحضارة الإسلامية ونشر الشريعة.
ما هي الدول العربية التي شهدت تحركات دعوية قوية واستجابة الشباب لها؟
الدول العربية التي شهدت تحركات دعوية قوية واستجابة الشباب لها: دول الربيع العربي بشكل عام (مصر - تونس - ليبيا – السودان - سوريا - اليمن - الجزائر).
ما هو التأثير الذي لعبه الدعاة الجدد في الحراك السياسي في العالم العربي؟
لم يكن للدعاة الجدد التأثير المباشر في الحراك السياسي في العالم العربي، بل كانت نتيجة الظلم والطغيان والفساد المستشري في مجتمعاتهم، لكن بعض الدعاة الجدد كان لهم دور في التأثير في الثورات من خلال طرح بعض الأفكار والتركيز عليها في كل محفل، مثل: (فكرة الحرية، وتغيير الواقع، وعن دور القائد السيء والجيد، وكيف نقلل من القادة السيئين)، وكل هذا من خلال تاريخنا الإسلامي.
هل توجد خطورة في دعوة الدعاة الجدد؟
لا توجد خطورة في دعوة الدعاة الجدد، فالدعاة أناس مصلحون، هدفهم إحياء روح الأمة، ونهضة حضارتها من جديد، وغرس القيم والأخلاق النبيلة، فليس للدعاة أيّ نية بصنع انقلاب على أنظمتهم، بل هدفهم أن يتعاونوا مع الأنظمة، ويمدوا يد العون لها في سبيل نهضة الأمة، وتطبيق الشريعة الإسلامية التي تكفل الحياة الكريمة لكل الشعوب.
هل توجد جهات خارجية تدعم الدعاة الجدد؟
لا توجد جهات خارجية تدعم الدعاة الجدد، لكن هذه التهمة تم إلصاقها بالدعاة لصرف الناس عنهم، وذلك لخوف الأنظمة الحاكمة من تأثير الدعاة على الشباب.