دور الشباب في نهضة الأمة: دور محوري في بناء المستقبل والتحديات العالمية
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - فكر وتوعية - جديدنا

أمتنا هذه أمة عظيمة، استطاعت أن تقود البشرية لفترة طويلة، ثم تخلفت لما يقارب (400) سنة، ثم عادت للنهوض من جديد، ومع بدايات القرن العشرين بدأت موجة تهدف أن تعيد الأمة للسيادة، وأخذت تغرس في عقول شباب وشابات الأمة أنهم سادة البشرية، فما هو الدور المنوط بالشباب للنهوض بالأمة؟

دور الشباب في نهضة الأمة: أمل المستقبل وركيزة التنمية

المقصود بنهضة الأمة هي أن نبني حضارة الإسلام من جديد، ونسود بها البشرية من جديد.

بناء الحضارة الإسلامية

الحضارة هي المنهج الفكري لأمة، المتشكل في إنتاج مادي ومعنوي.

ما الفرق بين الحضارة والمدنية؟

مدنية اليوم: إنّ كثيراً من الدول العربية، وخاصة التي عندها مال، تجد لديها مدنية، تلمس هذه المدنية في البناء الشاهق، وتنوع أشكاله، وكثرة المرافق العامة، وهذه مدنية وليس حضارة.

حضارة الإسلام: ما هي المباني الضخمة والعالية التي تركها وراءه عند وفاته صلى الله عليه وسلم؟ أكبر وأوسع مبنى كان المسجد النبوي، وكان عبارة عن (17) عمود من الخشب، سقفه من سعف النخل، لا إنارة فيه، فكانوا يصلون العشاء والفجر بدون ضوء، لم يكن مفروشاً بالسجاد، فكانوا يسجدون على التراب، فإذا نزل المطر كان النبي صلى الله عليه وسلم يسجد بجبهته إلى الوحل، فالحضارة التي بناها النبي كانت في عقول المسلمين، وفي سلوكياتهم، وفي توجهاتهم، وما هي غاياتهم، الحضارة أن تبني الإنسان المتكامل.

الحضارة هي المنهج الفكري لأمة، المتشكل في إنتاج مادي ومعنوي.

كم نسبة الأشخاص المطلوبة في أمة ما لإحداث التغيير؟

لابد لنا من معرفة أمر هام: نهضة الأمة لا تحتاج إلا (2%) من شباب الأمة، وعندها ستنقلب الموازين، ومن المبشرات ومن خلال تحليل الواقع، نستطيع القول أننا تجاوزنا نسبة (1%)، لكن لابد لنا أن نهيئ بقية الشباب لنصل لهذه النسبة ثم إحداث التغيير الشامل، وهذه النسبة ليست عشوائية.

  • إنّ عدد الصحابة الذين حجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم ما بين (100 – 114 – 120) ألف على اختلاف التقديرات، هؤلاء من حج مع رسول الله فقط، وهناك ثلاثة أضعافهم لم يكونوا في هذه الحجة، كم صحابي ذكر اسمه في كتب السيرة والحديث؟ من أحصى أسماء الصحابة لم يصل إلى أكثر من (2500) صحابي، وبعض هؤلاء لا نعرف إلا أسمائهم (مثلا شهداء بدر)، وهذه النسبة تشكل أقل من (2%).
  • الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ تعداد سكانها اليوم (330) مليون نسمة، في كتاب (who is ho) يعرف بأشخاص برعوا في كافة مجالات الحياة في أمريكا، عدد الذين تم إحصاؤهم (5.5) مليون شخص، وهؤلاء لا يشكلون نسبة (2%) من الشعب الأمريكي.
  • نسبة (2%) هي التي تقود (98%)، فلا يغرنكم كثرة انصراف كثير من الشباب الأمة نحو البرامج التي لا طائل لها، فإن شباب الأمة المطلوب يُمَحّص ويُنَقّى.
  • هذه النسبة لابد أن تتوافر على صنفين رئيسيين هما (القادة – المبدعون)، ولا يتبادر إلى ذهنك أن هؤلاء قد ولدوا كقادة أو مبدعين، بل إن نسبة من ولد قائداً أو مبدعاً لا تتجاوز (1%)، أما البقية فقد اكتسبوا هذه الصفات اكتساباً.
  • نهضة الأمة أن نبني حضارة الإسلام من جديد، ونسود بها البشرية من جديد
  • دور الشباب في نهضة الأمة هو القيام بعملية التغيير، فما هو التغيير المنشود؟

 تأثير الشباب في تحقيق التغيير والتطوير

التغيير: هو عملية الانتقال إلى الرؤيا المنشودة.

التغيير (لا يحدث إلا بجهد البشر)

التغيير عبارة عن عملية تمر بخطوات، وليس حدثاً يحدث بشكل مفاجىء، قال تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، هذا التغيير نحن مأمورون به شرعاً ، فالله جل جلاله يستطيع أن يغير واقعنا بكلمة كن، وتصبح هذه الأمة سيدة للبشرية من جديد، لكن الله شاء أن هذا الدين لا يُعَزّ إلا بجهد البشر، وأنّ هذا التغيير لا يحدث بمعجزة إلهية.

  • إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهو أحب الخلق إلى الله، تراه قد جاهد وتعب، وأوذي وضرب وكسرت ثنيته، لماذا كل هذا؟ لأن التغيير لا يحدث إلا بجهد البشر.
  • موسى عليه السلام: عندما خرج هارباً ببني إسرائيل من فرعون وجنده، ووقف بقومه على شاطىء البحر، أمره الله أن يضرب بعصاه البحر، أي دور للعصا يمكن أن تقوم فيه لشق البحر؟ البحر سيشق لا محالة بمعجزة إلهية، لكن على البشر أن يعملوا شيئاً ما، ولو ضرب البحر بعصا، لأن التغيير لا يحدث إلا بجهد البشر.
  • مريم عليها السلام: امرأة ضعيفة خارجة من ولادة، ولابد لها أن تأكل، فأمرها الله أن تهز جذع النخلة، وكيف لها أن تهز جذع نخلة بعد جهد الولادة؟ علماً أنّ هذا الرطب سيسقط بأمر الله سبحانه، لكن لابد لها من فعل شيء، لأن التغيير لا يحدث إلا بجهد البشر.

أمتنا الإسلامية موعودة من الله بالتمكين في هذه الأرض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر). حم طب كم، ولكن وعد الله سبحانه وتعالى لن يتحقق إلا بجهد البشر.

دور الشباب في نهضة الأمة هو القيام بعملية التغيير، فما هو التغيير المنشود؟

النموذج العام للتغيير

 تأثير الشباب في تحقيق التغيير والتطوير

عند دراسة هذه المعادلة، نجد أنّ كل جزء من هذه الأجزاء يحتوي على عنصرين:

  1. الواقع: الأزمات – القدرات.
  2. الرؤية: توصيف حضارتنا – الأهداف التنافسية.
  3. الخطة: المراحل وتوقيتها – توزيع الأدوار.
  4. المقاومة: ما الذي يمكن أن يقف في طريقنا ويعيدنا إلى الوراء؟ – ثم مقاومة المقاومة.

تمكين الشباب وتعزيز دورهم الإيجابي من خلال فهم معادلة التغيير

الجانب الأول: الواقع

عند دراسة الواقع سنستعرض أمرين القدرات والأزمات الكبرى.

أولا: الأزمات ودراستها

  1.   أزمة السلوك
    السلوك هو درجة تطابق الأفعال مع القيم والأقوال، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.
    هذه الأزمة تشكل (90%) من طرح الخطباء والوعاظ، وهي أزمة مهمة لكنها ليست الأهم بين الأزمات الخمس.
    الفاعلية هي درجة الإنتاجية بالمقارنة مع المنافسين.
  2. معادلة تغيير السلوك
    لابد من معرفة أنّ محاولات تغيير السلوك بشكل مباشر غير فعالة، لأن السلوك خلفه مشاعر أنتجته، والمشاعر خلفها أفكار حركتها، فلابد من تغيير الأفكار التي تحرك المشاعر والتي بدورها تنتج السلوك.
    أنواع السلوك: إيماني، عبادات، أخلاق (بر الوالدين – صلة الأرحام)، نظافة عامة، المحافظة على نظام المرور.
  3. أزمة التخلف
    التخلف هو درجة المنافسة مع الآخرين.
    من المفرح أنّ هناك بعض الدول العربية قفزت قفزات كبيرة في بعض المجالات، وأهمها مجال التعليم.
    أما مجالات التخلف ففي: التعليم والصحة والصحافة والإدارة ونزاهة الانتخابات.
  4. أزمة الفاعلية
    الفاعلية هي درجة الإنتاجية بالمقارنة مع المنافسين.
    فالعمل الذي يحتاج إنجازه لساعتين، إن تم إنجازه في أربع ساعات فإن فاعلية إنجازه ستكون (50%)، والعمل الذي يحتاج لفرد واحد، إن تقاعس هذا الفرد عن إنجازه في الوقت المحدد سيدفع الإدارة لتكليف موظف آخر ليتم العمل، وهذا سيؤثر في أداء وفاعلية الأفراد.
  5. أزمة قيادة

القيادة هي القدرة على تحريك الناس نحو الهدف.

أزمة القيادة تتمحور في ثلاثة أمور:

  • علم القيادة: فمن لم يدرس علم القيادة كيف سيعطي أولاده هذا العلم؟
  • أزمة عامودية من أسفل المنظمة أو المؤسسة إلى أعلاها.
  • أزمة أفقية: تتجلى هذه الأزمة في القيادة، ولا بد لنا معرفة أن جانب الصحة تبع للقيادة – والاقتصاد تبع للقيادة – الجيش تبع للقيادة- والأسرة تبع للقيادة وهي أهم الجوانب التي ينبغي علاجها والاهتمام بها.
  1. أزمة الفكر

الفكر هو إعمال العقل في أمر ما للوصول إلى رأي جديد.

الفكر يشمل العقيدة والمبادئ والقيم، والطموحات وفهم الحياة، وتحليل الماضي والحاضر واستشراف المستقبل.

أدوات نشر الفكر

  • الإعلام بأنواعه.
  • التعليم.
  • التدريب.
  • أدوات الإلقاء.
  • التأليف بأنواعه.

ثانياً: القدرات الأساسية

أمتنا تميزت بمجموعة من المزايا لم تتوفر في أي أمة أخرى، من أهم هذه المزايا: 

أمتنا أمة شباب أما باقي الأمم فأمم شيوخ، فنسبة الشباب في أمتنا الذين أعمارهم أقل من (25) سنة فوق (65%)، بينما في اليابان هي (21%)، وفي الولايات المتحدة الأمريكية (31%).

 فلابد لشباب أمتنا من وضع غاية رئيسية (بناء الحضارة الإسلامية)،  لكن ماهي مقومات الحضارة الإسلامية القادمة؟ 

الجانب الثاني: الرؤية (إلى أين نريد الوصول)

تتجلى الرؤية في أننا نريد أن نحقق أمرين رئيسيين:

أولا الغاية الاستراتيجية (توصيف حضارتنا)

غايتنا أن نبني حضارة راشدة حديثة، ونحسن التعامل مع زماننا الحاضر، فينبغي الابتعاد عن العيش في عقلية الحروب والمعارك القديمة، فالمعركة اليوم هي معركة فكر وإنتاج، وليست معركة سيف ورمح، وطرح الأفكار اليوم أيسر من طرحها في القرون الماضية.

ماهي الأهداف التي يسعى الإسلام لتحقيقها؟

قال الله تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، هذا هو الهدف الأسمى للإسلام، هدفه سعادة الإنسان وفلاحه في الدنيا والآخرة، فالإسلام جاء رحمة للعالمين، طائعهم وعاصيهم، مؤمنهم وكافرهم، فإن قبلوا الإسلام سعدوا في الدنيا والآخرة، وإن لم يقبلوا الإسلام، فواجبنا أن نسعدهم في الدنيا على أقل التقدير، وفي الحالتين سنكون رحمة للعالمين، وبناءاً عليه تتشكل حضارة عادلة رحيمة ذات قيم وأخلاق.

ثانياً الأهداف الرئيسية

كلنا لدينا حلم واحد: أن ترجع أمتنا أمة واحدة متكاملة، فهل يمكن أن نحقق هذه الحلم خلال (20) سنة؟ واقعنا يقول لا يمكننا ذلك، ولكن نستطيع خلال هذه المدة أن نتوحد في جوانب أربعة  نتفق عليها وهي:

  1. دفاع مشترك.
  2. موقف سياسي خارجي موحد.
  3. اقتصاد موحد.
  4. فتح الحدود.

وهنا يبرز دور الشباب في العمل على تذليل الصعاب لتحقيق هذه الجوانب الأربعة على أقل تقدير.

الجانب الثالث: الخطة

لابد من تقسيم الخطة إلى مراحل، وكل مرحلة لها أهدافها.

المراحل وتوقيتها

ما الذي يعجزنا أن يكون لنا خطة؟ ما الذي يميز اليهود عن أمتنا؟ أما اجتمعوا بقيادة هرتزل عام (1898م) ووضعوا خطة لخمسين سنة قادمة بإقامة بلد قومي لليهود؟ ووضعوا لها مراحل، وعملوا على إتمام المراحل بالتدريج؟ ثم لما قامت دولتهم لم يكن هرتزل ومن خطط معه على قيد الحياة.

توزيع الأدوار

ما هو المجال الذي يبدع فيه الشاب أو الفتاة؟ وتوجيه الفكر إلى ضرورة التخصص فيما يبدع الفرد، وحثه على زيادة المهارة، ثم الدخول في مشروع أو طرح مشروع عن هذا المجال.

فهناك شباب يميلون للفكر، لابد من توجيههم للمشاريع الفكرية.

وهناك شباب يميلون للسياسة، لابد من توجيههم للمشاريع السياسية.

وثمة شباب يميلون نحو الاقتصاد، وآخرون نحو الفن، والتعليم، و…

ومن الضروري معرفة أن الدور العام للشباب مرفوض، فلا يمكن لأي شاب أن يتخصص في كل مجالات الحياة، فينبغي عدم تضييع الوقت، والبحث عن تخصص كل شباب فيما يبرع به فقط.

الجانب الرابع: المقاومة

ما الذي يعيق نهضة أمتنا ويقف في طريقها؟

خمسة أمور تعيق نهضة الأمة

  1. الاستبداد السياسي: قمع الحريات والديكتاتوريات التي تسود بلادنا، ويجب التخلص منها.
  2. الفساد المالي: فلو تحولت هذه الأموال نحو الإصلاح والمشاريع الخيرية، لكان خيراً لأمتنا.
  3. شيوخ السلاطين: التي تحلل الحرام لأجل السلطان.
  4. التدخل الأجنبي: في تعليمنا واقتصادنا.
  5. العدو الصهيوني: وهي المعركة الأهم والأخطر، فلا تطبيع ولا استسلام، فهي الحركة الأكثر نشازاً خلال التاريخ كله.

وفي الختاملا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء

كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:

التخطيط الاستراتيجي وأثره على أداء المنظمة و التدريب والتدريس الإبداعي

و ماذا تعرف عن الإعجاز العلمي؟

 الأسئلة الشائعة

ما هو تأثير دور الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأمة؟

للشباب دور كبير في التنمية الاقتصادية كونهم الطاقة الفكرية والجسدية وأهم الموارد البشرية للمجتمع، وذلك من خلال تقديم مشروعات جديدة، والتعلم، والتعرف على ثقافات ومعلومات ومهارات جديدة.
تقديم الأفكار والمشروعات للدولة، والتي يمكن أن يستفاد منها، والمساهمة في كبح عجلة الاقتصاد والتنمية.
المشاركة في الجمعيات الخيرية، والتطوعية لبناء المجتمع وتطويره.
أهم صفات المجتمع المتقدم النهضة الصحية، فلا بد من نشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع.

كيف يمكن تمكين الشباب وتعزيز دورهم الإيجابي في المجتمع؟

من خلال توفير التعليم المتكامل لشباب المجتمع.
توفير فرص عمل لشباب المجتمع، والاستفادة من مهاراتهم.
تهيئة الفرص لمشاركتهم في الجوانب السياسية، وسماع آرائهم وتوجهاتهم.

ما هي التحديات التي تواجه الشباب في تحقيق نهضة الأمة؟

1. الاستبداد السياسي: قمع الحريات والديكتاتوريات التي تسود بلادنا، ويجب التخلص منها.
2. الفساد المالي: فلو تحولت هذه الأموال نحو الإصلاح والمشاريع الخيرية.
3. شيوخ السلاطين: التي تحلل الحرام لأجل السلطان.
4. التدخل الأجنبي: في تعليمنا واقتصادنا.
5. العدو الصهيوني: وهي المعركة الأهم والأخطر، فلا تطبيع ولا استسلام، فهي الحركة الأكثر نشازاً خلال التاريخ كله.

اترك تعليقاً