العشر الأواخر من رمضان
تعريف العشر الأواخر من رمضان
تعد الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أفضل 10 ليال للعبادة والعمل الصالح والتقرب من الله عز وجل.
ففي هذه الليالي تقبل الأعمال ويتضّاعف الأجر، وفي كل ليلة يختار الله العتقاء من النار والفائزين بالجنة بإذن الله دون عناء ولا سابقة عذاب.
وتتميز هذه الفترة من شهر رمضان بفضل كبير ويسعى مختلف المسلمين للتقرب إلى الله من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة وتلاوة القرآن الكريم.
فوائد العشر الأواخر في العبادة والعمل الصالح
من فضائل هذه العشر وخصائصها ومزاياها:
- أن فيها ليلة القدر، قال الله تعالى: {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} [الدخان: 1-6].
وقوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}، أي: تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والعزيز والذليل، والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة.
والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم- أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ، قال ابن عباس: “إن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات”. أي أنه كتب في ليلة القدر أنه من الأموات. وقيل: إن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة.
- أنزل الله القرآن الكريم في العشر الأواخر، في تلك الليلة التي وصفها رب العالمين بأنها مباركة، وقد صح عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغيرهم، أن الليلة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر.
فضل العشر الأواخر من رمضان
- فضل العشر الأواخر من شهر رمضان يعتبر أمرًا مهمًا في الإسلام.
- ورد في الأحاديث النبوية العديد من الشهادات لفضل هذه الأيام، وخاصةً ليلة القدر التي تقع في هذه الفترة.
- بعض الهدي النبوي في هذه العشر الأواخر هو الاعتكاف، حيث كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعتكف في المسجد خلال هذه الأيام لتحصيل الأجر والقرب من الله.
- إلى جانب ذلك، فإن الأعمال الصالحة والعبادات خلال هذه الفترة تعظم الثواب والبركة.
- قد يكون خروج الصدقات خاصةً في هذه الأيام له فضل كبير، وقد يتميز هذا الوقت بالاجتهاد والعبادة المكثفة بهدف تحقيق القرب من الله وزيادة الأجر الروحي والمعنوي
حال السلف في العشر الأواخر من رمضان
- خلال العشر الأواخر من رمضان، كان السلف الصالح يعيشون حالة من التفرغ والانغماس في العبادة.
- كانوا يقومون بقيام طويل في الليالي، يتراوح بين التهجد وقراءة القرآن والادعية.
- قيام الليل في هذه الفترة كان جزءًا أساسيًا من عبادتهم، حيث يُذكر أنهم يبتغون القرب من الله والتقرب إليه.
- كانوا يسعون لختم القرآن عدة مرات، ويقومون بالاستغفار والاستغفار للأمة.
- بالإضافة إلى ذلك، كانوا يقومون بالاجتهاد في الأعمال الصالحة والخيريات، ويكثرون من الدعاء والتضرع إلى الله في هذه الليالي المباركة.
- هذه العشر الأواخر تعد فرصة لتحقيق القرب من الله والارتقاء الروحي، وقدوة السلف الصالح في هذا يلهم المسلمين للاجتهاد في العبادة والتقرب إلى الله
أعمال النبي في العشر الأواخر من رمضان
كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشر الأواخر: أنه يجتهد فيها ما لا يجتهد في بقية الشهر؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره).
وهذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر من وجوه:
- أنه عليه السلام كان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن.
- أنه عليه السلام يحيي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات.
- أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر؛ حرصًا على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة.
- أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر.
إحياء الليل في العشر الأواخر من رمضان
- قيام الليل من أشرف العبادات وأعظمها، وهو أحبُّ صلاة إلى الله بعد الصلوات المفروضة.
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ الله الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ) رواه مسلم.
- عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر.
- كان من النادر في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تمرَّ عليه ليلة دون قيام؛ بل كانت له سُنَّة عجيبة تُبَيِّن مدى ارتباطه بهذه العبادة العظيمة، وهي سُنَّة قضاء صلاة الليل إن فاتته في ليلة! فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم (كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً) مسلم، فكان لا يتصوَّر أن تفوته ليلة دون أن يُحَصِّل فيها أجر القيام، فإذا حدث أن مَرِض أو نام في إحدى الليالي عوَّض ذلك في صباح اليوم التالي!
- وقد بَشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجر القضاء لا ينقص عن أجر الصلاة بالليل، فعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ) رواه مسلم.
الأعمال الصالحة التي يمكن القيام بها في العشر الأواخر
- إحياء الليل
فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر. ومعنى (إحياء الليل): أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر وغيرهما.
وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لا شك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء؛ حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه.
- الإنفاق في سبيل الله:
فيستحب الإكثار من الصدقة في رمضان عامة وفي العشر الأواخر منه خاصة في غير سرف ولا خيلاء، إذ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (كان أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَد مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ).
- اعتزال النساء
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين، والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر، وينشغل بالعبادة والطاعة؛ وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات، فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول، وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية، وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.
- تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع
واعتبار معانيه وأمره ونهيه، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]. فهذا شهر القرآن، وقد كان النبي عليه السلام يدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل عليه من القرآن، وفي السنة التي توفِّي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين.
- الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر: الاعتكاف في المساجد التي تصلي فيها، فقد كان من هدي النبي الاعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله، كما في الصحيحين عن عائشة.
الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
الاعتكاف: هو لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى. وهو من الأمور المشروعة.
الاعتكاف من أنفع العبادات لإصلاح القلوب، وجمع الهِمَم، والتخلُّص من العيوب، فمن أسرار الاعتكاف صفاء القلب والروح، عن عائشة -رضي الله عنها-: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتَّى توفَّاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجُه من بعده) متفق عليه.
الحكمة في تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم للعشر الأواخر بكثرة الاعتكاف، والاجتهاد في طاعة الله، التماسًا لـ”ليلة القدر”.
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبةٍ تركيَّةٍ، على سُدَّتها حصيرٌ).قال: “فأخذ الحصير بيده، فنحَّاها في ناحية القُبَّة، ثُمَّ أطلع رأسه فكلَّم الناس، فدنوا منه”؛ فقال: (إني اعتكفتُ العشر الأول؛ ألتمسُ هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أُتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر) رواه مسلم.
- وهي في السبع الأواخِر آكد؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما–: “أن رجالاً من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخِر”، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرى رُؤياكُمْ قد تَواطَأَتْ في السبع الأواخِر، فمَنْ كان متحرّيَها فليَتَحَرَّها في السبع الأواخِر) متفق عليه.
كيفية استغلال العشر الأواخر من رمضان
- احرص على أخذ إجازة من العمل في تلك الفترة:
فللأسف ترى حرص الكثيرين على أخذ إجازات سنوية ونصف شهرية وأحيانًا شهرية من أجل السفر والاستماع، فحبذا لو يُسخِّر الإنسان إجازة في شهر رمضان أو في العشر الأواخر بالذات؛ للعبادة والتقرب لله من باب شكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
- اعتكف:
إذا تيسّر لك الاعتكاف سواء في رمضان أو في العشر الأواخر، فاحرص عليه، وكذا على الإكثار من النوافل وذكر الله وقراءة القرآن.
- أكثر من هذا الدعاء:
وهو الدعاء الذي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الإكثار منه، وهو: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا).
- اقرأ القرآن واحفظ منه:
يمكنك تحديد بعض السور للحفظ، أما إذا كنت تنوي الالتحاق بدورة تحفيظ للقرآن فأنسب وقت هو الآن، وحبذا لو تضم أحد أفراد أسرتك؛ ليكون دافعًا أكبر لك، وهي فرصة لتوطيد الأواصر الأسرية.
- تدبّر القرآن:
تفكر وابحث عن تفسير ومعاني الآيات التي تقرؤها، ثم احرص على التأمل في أثرها على حياتك اليومية، وتطبيق ما أمكنك تطبيقه.
- تب إلى الله:
احرص في العشر الأواخر وفي ليلة القدر على التوبة، ولتكن صلواتك أطول، وأن تكون فيها أكثر خشوعًا، واحرص على حفظ السور الطويلة كما القصيرة، ورتّلها في صلاة التراويح؛ ليَثبُت حفظك، كذلك اقرأ معاني الآيات التي تنوي ترتيلها في الصلاة؛ لتتفكر في معانيها ويزداد خشوعك .
- قم بعمل قائمة بأدعيتك الشخصية:
لكل منا أمنياته وأحلامه في الحياة، فمَن خيرٌ من الله لتخبره بها! وهو الأعلم بما يصلح لك من عدمه؟! وبعد أن تُعِدَّ تلك القائمة قم بهذه الأمور الثلاثة:
- اسأل الله أن يمنحك ما تريد وهو خير لك.
- فكّر فيما يتوجب عليك فعله لتحقيق هذه الأمور، وما هو في مقدورك.
- إذا كان منها أمور مستقبلية، فلا بأس أن تضع خطة لتحقيق تلك الأهداف على مدار الشهور والسنوات، فليست كل الأمنيات والأحلام قصيرة الأمد.
- اقرأ كتابَا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم:
فقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كقراءة القرآن من حيث كونها دومًا ملهمة، وفي كل مرة تعيد قراءة السيرة تتعلم شيئًا جديدًا وتتأثر بشكل مختلف.
- جهّز قائمة مخصوصة بما ستفعله في ليلة القدر:
فالوقت يمضي بسرعة خاصة في رمضان، ووضع خطة في رأسك لليلة بجوهرية وأهمية ليلة القدر غير كافٍ ولا منطقي، لذا قم بوضع خطة مكتوبة ولتكن منطقية، واحرص على التنويع بين الأدعية وأداء الصلوات وقراءة القرآن، فلكل منها أجر مختلف وعظيم ومضاعف في رمضان.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
الأسرار والفوائد الكامنة وراء صوم شهر رمضان و تعرف على فضل ليلة القدر وموعدها في شهر رمضان
و فضل شهر رمضان: الشهر المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة
الأسئلة الشائعة
ما هي أهمية العشر الأواخر من رمضان؟
يتلخّص فضل وأهمية الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بالنقاط التالية:
فيها عتقٌ من النيران، لما ورد عن النبي ﷺ قوله أن رمضان أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.
هي فرصة أمام المسلم لتعويض أي تقصير حصل في أول وأوسط رمضان.
فيها يلتمس المسلمون ليلة القدر وخاصةً في الليالي الفردية منها.
فيها نزل القرآن، لأن ليلة القدر التي نزل فيها القرآن هي في إحدى هذه الأيام.
تنزّل فيها الملائكة لخصوصية ليلة القدر كما تتنزّل في كل رمضان
ما هي الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من رمضان؟
إحياء الليل
تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع
الاعتكاف في العشر الأواخر من رمض
اعتزال النساء
الإنفاق في سبيل الله
ما هو الاعتكاف؟
الاعتكاف: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى. وهو من الأمور المشروعة.
الاعتكاف من أنفع العبادات لإصلاح القلوب، وجمع الهِمَم، والتخلُّص من العيوب، فمن أسرار الاعتكاف صفاء القلب والروح، عن عائشة -رضي الله عنها-: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتَّى توفَّاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجُه من بعده) متفق عليه.
ما هو دور السلف الصالح في العشر الأواخر؟
كان السلف الصالح – رضوان الله عليهم – يحرصون على عبادة عظيمة ويسارعون فيها بصفة عامة وفي العشر الأواخر من شهر رمضان خاصة؛ ألا وهي : ختم القرآن الكريم في العشر الأواخر..
كان السلف الصالح يقتدون بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في أعماله وأفعاله، قال ابن رجب: "كان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها".