هل الإسلام دين مبني على المنطق والعقل والدليل والبرهان؟ وهل كل ما فيه يمكنُ أنْ نُرجعه إلى المنطق والعقل والدليل والبرهان؟ أم أنَّ التسليم هو الأساس في ديننا، فلا نُحكّم عقولنا فيه ولا يمكن إثباته من الناحية العقلية؟
سؤال في العمق نتناوله في مقالنا هذا: ” الإيمان والعقل: محاولة لفهم التوازن بين الدين والمنطق “.
أهمية مناقشة العلاقة بين الإيمان والعقل في العصر الحديث
هذه المسألة خطيرة جداً وخاصة في هذا الزمان، لأنّ الغرب حاول ويحاول أنْ يخرج الناس من عبادة الله عزّ وجل إلى عبادة العلم والعقل، وأول ما قاموا به في سبيل ذلك: أنهم أشعروا الناس بكل الوسائل أنّ هناك تناقضاً بين العقل والدين.
لماذا هذه الخطورة؟ لأنّ أصل الإسلام يرجع إلى التوحيد وكل شيء آخر هو تبع لهذه المسألة، والعرب أصحاب الفطرة واللغة السليمة التي لم تُشوّه كانوا يعرفون آثار ونتائج هذه المسألة، يأتي الأعرابي منهم إلى النبي ﷺ فيقول:
يا محمد، إلى ما تدعو؟ فيقول: “أدعو إلى لا إله إلا الله محمد رسول الله”، قال: إذن تقاتلك العرب والعجم، كيف ولماذا؟! لأنّ التوحيد فيه إلغاء لكل ألوهية غير ألوهية الله عزّو جل، وكل شرع غير شرع محمد ﷺ، وكل حاكم طاغية يحكم بغير شرع الله..
الإيمان والعقل: تعارض أم تكامل؟
إنّ مسألة التوحيد التي هي أصل الإسلام مسألة نستطيع أنْ نثبتها بالدليل والبرهان، بالأدلةّ القطعية العلمية والرياضية والمنطقية والإحصائية والفيزيائية..، فكل العلوم تشير إلى وجود الله الخالق الواحد لا إله إلا هو، كما أنها مسألة تتوافق مع الفطرة، وبالتالي هنا توافق الإيمان والفطرة مع العقل والدليل والبرهان.
تحليل للمفهومين: الإيمان والعقل
الدين ينقسم إلى أمرين: عبادات ومعاملات، دعونا نحللهما بشكل أبسط مما يعتقده الكثير من الناس:
هل العبادات -ومنها الغيبيات- نستطيع إثباتها بالعقل؟
العبادات منطلقها أركان الإيمان، وبعد أن أثبتنا التوحيد نسأل: هل يستطيع هذا الخالق أنْ يختار فيرسل رسلاً عقلاً؟! هل يستطيع أن ينزل كتباً عليهم؟! وهل يستطيع أن يخلق ملائكة يأمرها فتطيعه وتنشر أمره في الكون؟! هل يستطيع أن يخلق جنة ونار؟!
بكل تأكيد العقل لا يستطيع أن يمنع حدوث كل ما سبق، حتى أنَّ العقل لا يستطيع تخيل أمور كثيرة، ويعجز عن تفسير أمور كثيرة، فعلى سبيل المثال: هل لهذا الكون نهاية؟ العقل لا يستطيع أنْ يجب على هذه المسألة، فإذا أجاب أنه له نهاية فالسؤال: ما وراءها، وإذا قال ليس له نهاية: فكيف ذلك؟!
إذن من الناحية المنطقية حتى لو كان العقل لا يستطيع تخيل الآخرة والجنة والنار، لكنه لا يستطيع نفي وجودها، فإذا آمنا بالله عندها تكون كل الغيبيات نتيجة لهذا الإيمان، والنتيجة المنطلقة من سبب منطقي منطقية.
أما عن العبادات: فصلاة المغرب 3 ركعات وليس 4، لماذا؟ أيضاً العبادات ترجع إلى التوحيد، فإذا أراد الله جلّ جلاله من خلقه أن يعبدوه، من الذي يقرر كيف يجب أن يعبدوه: هم أم هو؟ هو، لذلك ممّا سلّم به أهل السنة: “أنَّ الرب رب والعبد عبد، ونحن نعبد الله كما يريد لا كما نريد”، كلمة إله كلمة عظيمة جداً إذا أمر يُطاع مهما كان.
والآن نأتي إلى المعاملات من علاقات اجتماعية وسياسية ودولية:
الله سبحانه شرّع ومن حقّه أن يشرّع، وهذا الشرع ليس من الضرورة أن يكون عليه دليل وبرهان؛ لأنه نابع من الله الخالق الواحد العدل، والبشر عقولهم ليست ثابتة فهي تلعب في التشريعات فمرة يحرّمون وتارة يبيحون، ورغم ذلك جعل الله سبحانه للمعاملات أهدافاً واضحة تسمّى “مقاصد الشريعة”، هذه المقاصد يمكن إثباتها عقلاً ويمكن إثباتها شرعاً من القرآن والسنة بشكل مباشر، وهناك بحث جميل لأستاذنا أحمد الريسوني يثبت أنّ أصول مقاصد الشريعة موجودة في القرآن والسنّة.
إذن فالعبادات نابعة من “لا إله إلا الله” والتوحيد أثبتنا دليله في المنطق، والمعاملات أيضاً نابعة من التوحيد فهي منطقية من هذا الباب، وأيضاً هي منطقية من باب أخر وهو أنَّ العقل يستطيع بالدليل والبرهان أنْ يُثبت جدواها ومصلحتها للبشر، ويلخص كل ذلك قول العلماء: “الأصل في العبادات التعبّد دون النظر إلى الدليل والبرهان العقلي، بينما الأصل في المعاملات التعبّد مع النظر إلى الدليل والبرهان والمصلحة التي تنفع البشر”، ويقول ابن القيم: (أينما كانت مصلحة البشر فثمّ دين الله)، فكل أمر ديننا في النهاية بما أنه ينطلق من التوحيد الثابت بالمنطق والعقل فكل ما فيه منطقي.
كنت أناقش أحد النصارى فقلت: ما الدليل على أنّ المسيح ابن الله؟ وما الدليل على عقيدة التثليث؟ فقال: الإنجيل، فقلت له: فإذا أثبت لك أنّ هناك تناقض في الإنجيل، قال: هنا يأتي التسليم، فقلت: ألغي عقلي في الأصل وهو الإيمان؟! هم ألغوا عقولهم في الأصل لذلك لن يستطيعوا إثبات شيء بعده، أما نحن فننطلق من دين متين صلب بمرجعيته الإيمانية والعقلية والفطرية، وفي هذا يظهر جمال دين الإسلام.
هل يعتبر الإيمان والعقل تعارضًا أم يمكن تحقيق تكامل بينهما؟
العلاقة بين الدين والعلم علاقة ارتباط مُسَلَّمة عندنا نحن المسلمين، وديننا يجمع بشكل عجيب بين النقل والعقل، وهذا ليس له وجود عند غيرنا من الأديان والأمم، فما نهضت أوروبا إلا لمّا تخلت عن الدّين، أما نحن فأصابنا الانهيار والتخلف لمّا تخلينا عن ديننا.
لنفهم هذه العلاقة دعونا نتعرف على المصطلحات الآتية:
في الدين لدينا مصطلحين:
قطعي الثبوت: إذا جاء نص لا شك فيه ثبوته، مثل: آيات القرآن الكريم – الحديث المتواتر.
قطعي الدلالة: المعنى واضح لا شك فيه، عدد الصلوات المفروضة – حرمة لحم الخنزير.
وفي العلم مصطلحين أيضاً:
حقائق: ما أثبته العلم بالدليل والبرهان.
نظريات: رأي علمي محتمل لم يثبت بالدليل والبرهان بعد.
من ذلك نستنتج القواعد الآتية:
إذا جاء نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة فهو الحاكم: آدم عليه السلام خلقه الله من تراب، أما العلم فنظرية دارون تقول: إنَّ الإنسان أصله قرد وبينه وبين القرد حلقة مفقودة، تعارضا فنقدم الإيمان.
إذا كان العلم قطعي والدين قطعي لا يمكن ومستحيل أن يصطدما: لأن كل منهما من عند الله تعالى.
إذا كان العلم قطعي والدين ظني: كرؤية الأرض حقيقة علمية، أما الدين فظني لورود آيات تشير أن الأرض مبسوطة، وورد آيات أنها مكورة، لذلك هنا يُفَسَّرُ الدين بما يوافق الحقائق العلمية.
إذا كان الدين ظني والعلم ظني: فنتمسك بالدين إلى أن يتضح العلم أو ينهار.
دور الديانة في توجيه الإيمان والعقل
الله سبحانه -وجلّ شأنه في علاه- لا يحتاجنا، وهو قادر بكلمة كن أنْ يجعل الإسلام يسود الأرض، لكنه شاء لأحبّ الخلق إليه محمد ﷺ أن يدمى وجهه وتنكسر أسنانه ويُضرب في الطائف ويرمى عليه الأوساخ في مكة، لماذا؟! لأنّ هذا دين لا يقوم إلا بعقول وجهد البشر، أما أصحاب العقول المستريحة التي تبحث عن الرُخص وتفكر في نفسها ولا تفكر في مصلحة الأمة لن تستطيع أنْ تقود نهضة ولا تبني حضارة، لذلك يا شباب خذوا عقولكم بالجد والعزيمة.
كيف تساهم الديانة في تعزيز الإيمان وتوجيه العقل؟
في ورقة بحث مقدمة من الدكتور جاكوب هيرش وأكاديميين آخرين في جامعة تورنتو:
تم دراسة أثر الإيمان على النشاط العصبي في القشرة الحزامية الأمامية لدماغ الإنسان، وهي المسؤولة عن الوظائف العقلانية المعرفية مثل: اتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والاندفاع، كما أنها مسؤولة عن الشعور بالقلق والتوتر، والنتيجة أنّ هذه المنطقة تنشط عند شعور الفرد بعدم اليقين من شيء ما تعرض له، أو من شعوره من عدم مصداقية حدث أو موقف ما، فتتولد حالة القلق هذه لديه؛ لتنبه الدماغ بوجوب إعادة التفكير بحرص.
ينطلق هيرش في أبحاثه مفترضا أن القناعات الدينية تعالج القلق عن طريق كبح جماح الشكوك، أي أنّ الدين يعمل كدواء مخفف للقلق ويزيل أي شعور بالضلال والشك، فالدين يمنح المرء هدفاً لحياته ودليلاً لكيفية النجاة، كما أنه يوحّد المتدنيين تحت نمط تفكير وفهم موحد للحياة، وذلك عن طريق النصوص التي توضح سبب الوجود وسبب الشرور ويوم البعث وتفسيرات أخرى كثيرة يؤمن بها المتدينون تخص كل نواحي حياتهم، وكذلك يوحد الدين نمط الحياة في المجتمعات المؤمنة به بتحديده لكل ما هو حميد وخبيث من العادات والسلوكيات.
تأثير القيم والمبادئ الدينية على الفهم العقلي للعالم
إنَّ ترسيخ القيم ضرورة دينية وحاجة ملحة لا مفر منها ولا بديل عنها، ولا يمكن ذلك إلا عبر الممارسات اليومية الدائمة، إذ إنَّ مزاولة القيم الحميدة في الحياة يضبط السلوك ويُعمّق المسؤولية.
ولقد دلّ القرآن الكريم على أنَّ كل شيء يحدث بسبب ولا مجال للعبث أو الصدفة، وهذا من سننه سبحانه التي لا تتبدل، وهو نظام يمضي إلى نتائج حتمية بإذن الله تعالى، فالأفراد والأمم في جميع أحوالهم يخضعون لهذه السنة الإلهية في سعادتهم وشقائهم، وأن هلاك الأمم السابقة كان بسبب اتصافهم بما يخالف دعوة الله لهم، قال الحق سبحانه: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 62].
إنّ معالجة حياة الناس ومجتمعهم مرتبط ارتباطاً دقيقاً بقوانين الله تعالى في سننه الثابتة، ولهذا فمن يبني قيم الإنسان خارج هذه الحدود -سنن الله في الكون-؛ فقد أعده لغير غايته وحمله ما لا يصلح له، فعالجه بما لا ينفعه ووعده بما لا يمكن الوفاء به، وحرّكه للخراب لا للعمار.
التفكير النقدي والتحليل الديني
التفكير النقدي يتطلب منك استخدام قدرتك على التفكير والإدراك، فتكون متعلم نشط أكثر منك متلقي للمعلومات والأفكار التي يتم تلقينها لك، فالمفكرون النقديون يميلون إلى طرح الاسئلة والافتراضات أكثر من قبولهم للموجود، يقومون بحل المشكلة عن طريق تعريفها وتحليلها بمنهجية وموضوعية ثم إيجاد الحل المناسب، فلا يعتمدون على الحدس أو الغريزة في هذا الأمر.
أما في موضوع التحليل الديني فهناك طريقتين للوصول إلى الإيمان: (طريق التسليم، وطريق الشك)، في البداية قد يكون طريق التسليم هو الأسلم لكن الطريق الأعمق إلى الإيمان هو طريق الشك الذي يعتمد البحث والدراسة في الأديان والأفكار الأخرى والمقارنة بينها بالحجج والأدلة والبراهين.
ما هو دور التفكير النقدي في استيعاب الإيمان؟
هل يعني ذلك أن النقد دائمًا سيؤدي إلى البناء؟ أم أنه قد يؤدي إلى الهدم أحيانًا؟
والإجابة هي: أنه من الممكن أنْ يحدث الإثنين، والفيصل في هذه النقطة يعتمد على نقطتين: قوة الإيمان في داخل الإنسان، ومن ثم رغبته في أن يهتدي إلى طريق الله سبحانه وتعالى، باستخدام عقله في بحث الحقائق الموجودة في الكون من حوله.
في هذه الحالة سوف نجد الترابط بين الاثنين: القلب الذي يؤمن بالحقائق الإلهية، والعقل الذي يبحث محاولاً الوصول إلى إجابات على الأسئلة، ويعرف متى يتوقف ومتى يستمر.
كيف يمكن مزج التحليل الديني مع العقلانية والمنطق؟
الإسلام لا يرفض العقلانية بكل أنواعها ومستوياتها، إنه فقط يرفض العقلانية الجذرية (أو العقلانية الأصولية إذا جاز التعبير) والتي ترفض أي مصدر للمعرفة غير العقل، لكنه يدعو إلى التعقل المبني على برهنة محكمة كمرحلة من مراحل التفكير من أجل الوصول إلى الحقيقة. ويتجلى هذا بوضوح في دعوة القرآن الكريم للتفكر، ومخاطبته لأهل العقول.
البحث عن التوازن الشخصي
الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا كلها قائمة على التوازن، والمسلم مطالب بتحقيق هذا التوازن في كل أمور حياته، ويظهر لنا ذلك في قصة سيدنا سلمان الفارسي مع أبي الدرداء رضي الله عنهما حيث قال له: “إنّ لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقه“، ثم قال أقرّه رسول الله فقال: “صدق سلمان”.
وفي قول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [سورة القصص:77]، يقول العلماء: “ابتغِ” ابذل كل جهدك في كل ما أعطاك الله سبحانه (عقل – مال – قلم – لسان – علاقات – مهارات)، وخشي على المؤمنين أنْ ينسو الدنيا فذكّرهم بها، ولكنّ الناس اليوم مع الأسف عكسوها.
كيف يمكن للأفراد تحقيق التوازن بين إيمانهم وعقلهم الشخصي؟
شغل الناس التفكير في العقل، والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يفكّر في تفكيره، فمن شدّة تفكيره في تفكيره وعقله أوجد ما يسمى بقوانين العقل وأهم هذه القوانين:
قانون نشاطات العقل: فأي شيء تفكر فيه ينتشر ويتسع، كحجر ألقي في ماء فحرّك دوائر أكبر وأوسع.
قانون التفكير المتساوي: فأي شيء تفكرّ فيه يضيف إليه العقل ملفات مشابهة له من مخازن الذاكرة.
قانون التركيز: أي شيء تركز عليه سيؤثر في حكمك عليه وإحساسك به وسلوكك نحوه.
قانون الانعكاس: فما يوجد في العالم الخارجي المحيط حولنا له انعكاس على ما يوجد في داخلنا.
قانون الاعتقاد: أي أمر تعتقد أنه حقيقي بالنسبة لك فإنه سيحدد تصرّفاتك وسلوكك بما يتناسب مع هذا الأمر، حتى ولو كان هذا الأمر غير واقع ولا حقيقي.
قانون السبب والنتيجة: الأفعال ستعطي نتائج مبنية على هذه الأفعال، فلو كررت الفعل ستحصل على ذات النتيجة.
قانون التراكم: أي أمر تفعله يقوم العقل بفتح ملف له، وكلما كررت الفعل راكمه في ذات الملف، وهذه الملفات قد تسيطر عليك بشكل غير صحيح ومتوازن.
استكشاف الأساليب والممارسات التي تساعد على تحقيق هذا التوازن
عقول البشر بشكل عام تصنّف ضمن 3 مستويات:
عقول صغيرة (تناقش الأشخاص): يعيشون في عالم تافه ولا يفكرون بالإنجاز والعطاء، فحياته تتمحور حول الكلام عن الناس: فلان قال وفلانة لبست وفلان تصرّف.
عقول متوسطة (تناقش الأشياء): يعيشون مع الماديات من بيت وسيارة وملابس وعطور ومجوهرات وأثاث ومنتزهات وأكل وشرب، يجلس على مائدة الغداء 4 ساعات.
عقول كبيرة (تناقش المبادئ والأفكار): هنا تجد العقيدة والفلسفة والأخلاق والتفكير في مستقبل الحياة ونهضة الأمة.
أمتنا تخلفت قرابة 400 سنة، ولكنها وبحمد الله بدأت تنهض من جديد، ولن يقودها إلا العقول التي تعيش في عالم الأفكار، فاختاروا مكانكم بين الناس، وحللوا عقول من حولكم بناء على ذلك، وأعطوا كل شخص ما يناسب مستواه لتنهضوا به من مكانه الذي هو فيه.
هناك العديد من المسائل التي يمكن أن نلمح من خلالها في عالمنا اليوم صراعاً أوجده الذين أرادوا تشكيك الناس ووضع الدين في مواجهة مع العقل، نستعرض بعضاً منها.
المواضيع والمسائل التي تشكل تحديًا للتوازن بين الدين والعقل
كروية الأرض: الأرض طبعاً كروية ومن يشكك في هذا فليراجع عقله، فالأدلة العلمية متواترة وقطعية في هذه المسألة، أما في الشرع فالأدلة قابلة للتفسير والتأويل (فرشناها – دحاها – بسطناها)، وعليه يجب أنْ نفسرها بما يتوافق مع العلم القطعي كما مرّ معنا سابقاً في عنوان: هل يعتبر الإيمان والعقل تعارضًا أم يمكن تحقيق تكامل بينهما؟
نظرية داروين: هي نظرية ظنية وليست حقيقة علمية، لذلك لا يجوز أنْ نفسر آيات القرآن الكريم على شيء ظنّي قد يتغيّر، بغض النظر إنْ وافقنا عليها أم رفضناها من حيث المبدأ.
الجدلات المعاصرة حول المعتقدات الدينية والتفكير العلمي
كما يرفض الإسلام موقف الذين يتسرعون برفض العقائد الدينية استناداً إلى عقل نسبي، أو الذين يتسرعون بتأويل العقيدة لتوافق آراء غير يقينية، أو الذين يعتبرون العقل هو الوسيلة الوحيدة لمعرفة الحقيقة المطلقة، فإنه يرفض موقف الذين لا يستخدمون عقولهم بل ويشبههم القرآن بالأنعام، أي أن العقل هو مناط الاستخلاف وميزة الإنسانية وسمة البشرية وبه يتحقق الاستخلاف.
الأسئلة الشائعة
هل يوجد تعارض بين الدين والعقل؟
العلاقة بين الدين والعلم علاقة ارتباط مُسَلَّمة عندنا نحن المسلمين، لكنها ليست كذلك عند غيرنا، وما نهضت أوروبا إلا لما تخلت عن الدين، أما نحن فأصابنا الانهيار والتخلف لمّا تخلينا عن ديننا.
ما العلاقة بين العقل والإيمان؟
كل أمر ديننا ينطلق من التوحيد الثابت بالمنطق والعقل، لذلك فكل ما فيه منطقي، وإذا تعطّل العقل تعطّل الشرع.
هل الدين يعطل العقل و يخالف المنطق؟
قطاً لا بل بالعكس تماماً: إذا تعطّل العقل تعطّل الشرع.
ما هو مفهوم العقل في الفلسفة؟
العقل هو مجموعة من القوى الإدراكية التي تتضمن الوعي، المعرفة، التفكير، الحكم، اللغة والذاكرة، وهو غالبًا ما يعرف بملكة الشخص الفكرية والإدراكية.