كان لسيدنا عمر بن الخطاب منهج تربوي إسلامي فريد، استقاه من منهج الرسول ﷺ، وكان هذا المنهج يستهدف الأسرة والأطفال والمجتمع بأكمله، فالأسرة هي أساس المجتمع، وهي التي تخرج له أفرادًا صالحين، فلا بد من صلاحها لصلاح المجتمع.
وصل الأمر في عهد عمر إلى كفالة كلِّ فردٍ في الدولة الإسلامية، وجعل له رزقًا يحيا به حياة سعيدة هنيئة، وهذا ما لم يشهد له التاريخ البشري مثيلًا من قبل، واهتم بالصحة الجسمية للرضيع، فهو اللبنة الأولى للمجتمع، فكان يحرص على أن يتم الطفل رضاعته الطبيعية، فكان بحق أبو العيال كما وصف نفسه.
ذكر أن “أمية الكناني” كان عنده ولد اسمه “كلاب”، وكان شابًا صالحًا، وحين سمع أن الجهاد أفضل الأعمال في الإسلام، ذهب إلى عمر بن الخطاب ، وقال له: أرسلني إلى الجهاد، قال عمر: أحي والداك؟
قال: نعم، قال: فاستأذنهما، فاستأذنهما وبعد إلحاح شديد، وافقا على مضض، ومرت الأيام على الأبوين بطيئة ثقيلة، وذات يوم جلس أمية تحت شجرة، فرأى حمامه تُطعم فراخها فجعل ينظر، وينشد:
لمن شيخان قد نشدا كلابا كتاب الله لو عقلا الكتابا
تركت أباك مرعشة يداه وأمك لا تسيغ لها شرابا
طويلا شوقه يبكيك فردا على حزن ولا يرجوا الإياب
إذا هتفت حمامة بطن وج على بيضاتها ذكرا كلابا
ثم اشتد حزنه على ولده، حتى أصابه ما أصاب يعقوب عليه السلام، فابيضت عيناه من الحزن، ومن شدة ما في قلبه أخذ يدعو على عمر بن الخطاب، ويقول شعرًا:
أعاذل قد عذلت بغير علم وما تدري أعاذل ما ألاقي
إن الفاروق لم يردد كلابا على شيخين سامهما فراق
سأستعدي على الفاروق ربًا له دفع الحجيج إلى بساق
وأدعوا الله مجتهدًا عليه ببطن الأخشبين إلى زقاق
فما كان من أحد أصحابه إلا أخذ بيده حتى أقبل به على حلقة عمر بن الخطاب وأجلسه فيها، وهو لا يدري، ثم قال له صاحبه: يا أبا كلاب، قال: نعم، قال: أنشدنا من أشعارك، ولشدة تعلقه بولده، أنشد الأشعار، فقال عمر: من هذا؟ قالوا: هذا أمية الكناني، قال عمر: فما خبره؟ قالوا: أرسلت ولده إلى الثغور، قال: ألم يأذن؟ قالوا: أذن على مضض.
فوجه عمر من فوره: أن ابعثوا إلى كلاب ، فلما مثل كلاب بين يدي عمر، قال له: اجلس يا كلاب، فلما جلس قال له عمر: ما بلغ من برك بأبيك يا كلاب؟ قال: والله يا أمير المؤمنين، ما أعلم شيئًا يحبه أبي إلا فعلته قبل أن يطلبه مني، قال عمر: زدني .. قال كلاب: كنت إذا أردت أن أحلب له آتى من الليل إلى أغزر ناقة في الإبل ثم أنيخها وأعقلها حتى لا تتحرك طوال الليل، ثم استيقظ قبيل الفجر فاستخرج من البئر ماء باردًا، فأغسل ضرع الناقة حتى يبرد اللبن، ثم أحلبه وأعطيه أبي ليشرب.
قال عمر: عجباً لك، كل هذا لأجل شربة لبن، فافعل لي كما كنت تفعل لأبيك، قال كلاب: ولكني أود الذهاب إلى أهلي يا أمير المؤمنين، قال عمر: عزمت عليك يا كلاب، فمضى كلاب إلى الناقة فحلب وفعل كما كان يفعل لأبيه، ثم أعطى الإناء لعمر بن الخطاب، قال عمر لمن حوله: خذوا كلاب فادخلوه في هذه الغرفة وأغلقوا عليه الباب.
ثم أرسل عمر إلى الشيخ ليحضر، حتى وقف على رأس أمير المؤمنين، فسأله الفاروق يا أمية: ماذا بقي من لذاتك في الدنيا؟ قال: ما بقي لي من لذة يا أمير المؤمنين، قال عمر: فما تشتهي؟ قال أمية: اشتهي الموت، قال عمر: أقسمت عليك يا أمية إلا أخبرتني بأعظم لذة تتمناها الآن؟ قال أمية: أما وقد أقسمت علي، فإني أتمنى لو أن ولدي كلابًا بين يدي الآن أضمه واشمه وأقبله قبل أن أموت.
قال عمر: فخذ هذا اللبن لتتقوى به، فلما أخذ الإناء وقربه من فمه، بكى بكاءً شديدًا، وقال: والله إني لأشم رائحة يدي ولدي كلاب في هذا اللبن، فبكى عمر حتى جعل ينتفض من بكائه، ثم قال: افتحوا الباب، فأقبل الولد إلى أبيه فضمه أبوه ضمة شديدة طويلة، وجعل يقبله تارة، ويشمه تارة، وجعل عمر رضي الله عنه يبكي، ثم قال: (إن كنت يا كلاب تريد الجنة، فتحت قدمي هذا).
عمر بن الخطاب والحفاظ على تماسك الاسرة
قصة عمر بن الخطاب ونصر بن حجاج
بينما عمر بن الخطاب يطوف ذات ليلة في سكك المدينة إذ سمع امرأة تقول:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها أم من سبيل إلى نصر بن حجاج
إلى فتى ماجد الأعراق مقتبل سهل المحيا كريم غير ملجاج
تهنيه أعراق صدق حين تنسبه أخا وفيا عن المكروه فراج
فقال عمر: لا أرى معي بالمدينة رجلا تهتف به الهواتف في خدورهن، علي بنصر بن حجاج!
فلما جيء به، فإذا هو من أحسن الناس وجهًا وأحسنهم شعرًا، فقال عمر لتأخذن من شعرك، فأخذ من شعره فخرج وله وجنتان كأنهما شقتا قمر، فقال له: اعتم، فافتتن الناس بعينيه، فقال عمر: والله لا تساكنني في بلدة أنا فيها، قال: يا أمير المؤمنين ما ذنبي؟، قال: هو ما اقول لك، ثم سير به إلى البصرة.
وخشيت المرأة -وهي الفارعة أم الحجاج- أن يبدو من عمر إليها شيء، فكتبت إليه أبياتًا:
قل للإمام الذي تخشى بوادره مالي وللخمر أم نصر ابن حجاج
لا تجعل الظن حقا أن تبينه إن السبيل سبيل الخائف الراجي
إن الهوى زم بالتقوى فاحبسه حتى يقر بإلجام وإسراج
قال فبكى عمر وقال: الحمد لله الذي زم الهوى بالتقوى، وطال مكث نصر بن حجاج بالبصرة، فخرجت أمه يومًا بين الأذان والإقامة متعرضة لعمر، فقالت يا أمير المؤمنين: والله لأقفن أنا وأنت بين يدي الله عز وجل وليحاسبنك، أيبيتن عبدالله وعاصم إلى جنبك، وبيني وبين ابني الفيافي والأودية؟ فقال لها: إن ابناي لم تهتف بهما الهواتف في خدورهن.
أراد عمر أن يحافظ على أخلاق المجتمع الفاضل، وأن يقطع رأس الفتنة قبل بروزها.
فلما مات عمر ركب نصر ناقته وتوجه نحو المدينة.
الحرص على عدم غياب الأزواج عن زوجاتهم لفترات طويلة
خرج أمير المؤمنين ذات ليلة يحرس الناس، فسمع امرأة تنشد أبياتًا وهي في بيتها، فتقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه وطال علي ألا خليل ألاعبه
فو الله لـولا خشية الله وحده لحرك من هذا السرير جوانبه
فلما أصبح عمر أرسل إلى المرأة فسأل عنها؟ فقيل هذه فلانة بنت فلان، وزوجها غاز في سبيل الله، فأرسل إليها امرأة، فقال: كوني معها حتى يأتي زوجها وكتب إلى زوجها، فأقفله، ثم ذهب عمر إلى حفصة بنته فقال لها: يا بنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت له: يا أبتي يغفر الله لك، أمثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال لها: إنه لو لا أنه شيء أريد أن أنظر فيه للرعية ما سألتك عن هذا!
قالت: أربعة أشهر، أو خمسة أشهر، أو ستة أشهر، فقال عمر: يغزو الناس، يسيرون شهرًا ذاهبين، ويكونون فى غزوهم أربعة أشهر، ويقفلون شهرًا، فوقت ذلك للناس في سنتهم في غزوة.
نعم نريد إعلاء راية التوحيد، لكن المحافظة على الأسرة أعظم من الفتح.
دعم عمر بن الخطاب للأسرة والأطفال
كان عمر شديد الحرص على تماسك الأسر؛ لأنها نواة المجتمع الصالح، فجعل من إحدى أولوياته دعم الأسرة ورعاية الأطفال، فلما ولي الخلافة قام خطيبًا في الناس فقال: (أيها الناس، إنّ لكم عليّ خصالًا أذكرها لكم، فخذوني بها: لكم عليّ أن لا أجتبي شيئًا من خراجكم وما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم عليّ إن وقع في يدي أن لا يخرج إلا بحقه، ولكم علي أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله تعالى، ولكم عليّ ألا ألقيكم في التهلكة، ولكم علي أن أسد ثغوركم إن شاء الله تعالى.
ولكم علي إن غبتم في البعوث (أي المعارك) فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم، فاتقوا الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضار النصيحة فيما ولّاني الله من أموركم).
عمر والأعرابي الفقير
حكي عن عمر بن الخطاب أن أعرابيًا أتاه فقال:
يا عمر الخير جزيت الجنة اكس بنياتي وأمهنه
وكن لنا في ذا الزمان جنة أقسم بالله لتفعلنه
قال عمر: إن لم أفعل يكون ماذا؟
قال الأعرابي: إذا أبا حفص لأذهبن.
قال: إذا ذهبت يكون ماذا؟
قال الأعرابي:
تكون عن حالي لتسألنه يوم تكون الأعطيات منه
وموقف المسؤول بينهنه إمـا إلـى نـار وإمـا جنـه
فبكى عمر حتى اخضلت لحيته ثم قال: يا غلام، أعطه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره، والله لا أملك غيره.
قصة عمر بن الخطاب مع المرأة الفقيرة
وصل الأمر في عهد عمر إلى كفالة كلِّ فردٍ في الدولة الإسلامية، وجعل له رزقًا يحيا به حياة سعيدة هنيئة، وهذا ما لم يشهد له التاريخ البشري مثيلًا من قبل، واهتم بالصحة الجسمية للرضيع، فهو اللبنة الأولى للمجتمع، فكان يحرص على أن يتم الطفل رضاعته الطبيعية، فقد أمر باتخاذ دفاتر يكتب فيها اسم كلِّ مولود.
أما عن سبب فرض الأعطيات للرضيع من يوم ولادته، أنه قدمت إلى المدينة قافلة من التجار، فنزلوا المصلَّى، فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف: هل لك أن نحرسهم الليلة من السرقة؟ فباتا يحرسانهم ويصليان، فسمع عمر بكاء صبي، فتوجَّه نحوه وقال لأمِّه: اتَّقي الله وأحسني إلى صبيِّك، ثم عاد إلى مكانه، فسمع بكاءه، فعاد إلى أمه فقال لها مثل ذلك، فلمَّا كان في آخر الليل سمع بكاءه، فأتى أمه فقال: ويحك! إنِّي لأراك أم سوء، ما لي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة؟
قالت: يا عبد الله -وهي لا تعرفه- قد أرقتني منذ الليلة، إنِّي أريغه على الفطام فيأبى. قال: ولم؟ قالت: لأنَّ عمر لا يفرض إلَّا للفطم، قال: وكيف له؟ يسأل عن عُمْر الصبي، قالت: كذا وكذا شهرًا، قال: ويحك! لا تعجليه، فصلَّى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلمَّا سلم قال: يا بؤسًا لعمر! كم قتل من أولاد المسلمين، ثم أمر مناديًا فنادى: ألا لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام، فإنَّا نفرض لكلِّ مولودٍ في الإسلام.
لقد نظر عمر رضي الله عنه إلى حال المرأة، فوجد أنَّها في حاجةٍ إلى ما فرضه لكلِّ مولودٍ يُفطم، فأمر بإعادة النظر في القانون الذي أصدره تكافلًا ورعايةً مع هذه المرأة، ولم يكن هذا الأمر تفضُّلًا من عمر، بل كان يرى أنَّ هذا هو حقُّ الرعيَّة عليه.
عمر بن الخطاب والاطفال الجياع
يقول أسلم مولى الفاروق: خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم، حتى إذا كان بصرار إذا نار، فقال: يا أسلم، إني لأرى هاهنا ركبًا قصر بهم الليل والبرد، انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا امرأة معها صبيان، وقِدر منصوبة على نار، وصبيانها يتضاغون، فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء، وكره أن يقول: يا أصحاب النار، فقالت: وعليك السلام، فقال: أَدْنُو؟ فقالت: ادْنُ بخير أو دَعْ، قال: فدنا، وقال: ما لكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد، قال: وما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟
قالت: الجوع، قال: فأي شيء في هذه القدر؟ قالت: ماء، أسكتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر، قال: رحمك الله، وما يدري عمر بكم؟ قالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا؟! قال: فأقبل عليّ، فقال: انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلًا من دقيق، وكبة شحم، فقال: احمله عليّ، فقلت: أنا أحمله عنك، فقال: أنت تحمل وزري يوم القيامة، لا أم لك، فحملته عليه، فانطلق وانطلقت معه إليها نهرول.
عمر يطهو الطعام للأيتام
فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئًا، فجعل يقول لها: ذري علي وأنا أُحَرِّك لك، وجعل ينفخ تحت القدر، ثم أنزلها فقال: ابغني شيئًا، فأتته بصحفة فأفرغها فيها ثم جعل يقول لها: أطعميهم وأنا أَسْطَح لهم (أَي أَبْسُطه حتى يَبْرُدَ)، فلم يزل حتى شبعوا وترك عندها فضل ذلك، وقام وقمت معه.
فجعلت تقول: جزاك الله خيرًا، كنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين، فيقول: قولي خيرًا، إذا جئت أمير المؤمنين، وجدتني هناك إن شاء الله، ثم تنحى عنها ناحية، ثم استقبلها فربض مربضًا، فقلت: إن لك شأنًا غير هذا؟ فلا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون، ثم ناموا وهدؤوا، فقال: يا أسلم، إن الجوع أسهرهم وأبكاهم، فأحببت ألا أنصرف حتى أرى ما رأيت.
رعاية عمر بن الخطاب لأبناء الشهداء
يقول الأحنف بن قيس التميمي: أخرَجنا عمر بن الخطاب في سرية إلى العراق، ففتح الله علينا العراق وبلد فارس، فقدَّمنا إليه الغنائم فقسمها بيننا بالسوية، فعُرض عليه في الغنائم سلال من أنواع الخبيص من أصفر وأحمر، فذاقه عمر فوجده طيبَ الطعم طيبَ الريح، فأقبل علينا بوجهه وقال: والله يا معشر المهاجرين والأنصار، ليقتلن منكم الابن أباه والأخ أخاه على هذا الطعام، ثم أمر به فحُمل إلى أولاد من قُتلوا بين يديّ رسول الله ﷺ من المهاجرين والأنصار.
همَّ عمر أن يجعل للأرامل دخلا ثابتا يستغنين به عما في أيدي الناس، لكنه استُشهد قبل التنفيذ فعَنْ عمرو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عمر بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ، َقَالَ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ العِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا.
القيام على خدمة من غاب عنهن أزواجهن
كان يتفقد بيوت النسوة اللاتي غاب عنهن أزواجهن في جهاد أو مهام للدولة، ويسألهن إن كان لهن حاجة يقضيها لهن، أو يردن شراء شيء من السوق، فيقوم هو بالشراء لهن، مخافة أن يتعرضن للنصب من بعض التجار، فكان إذا دخل السوق يدخل وراءه الكثير من الجواري والأطفال، ليشتري لهن من: مالهن، أو من ماله، أو مال الدولة إن كنّ فقراء).
بل كان يسألهن إن كنّ يحسنن القراءة، وإلا قرأ لهن رسائل أزواجهن من خلف الأبواب.
بينما عمر بن الخطاب يطوف ذات ليلة في سكك المدينة إذ سمع امرأة تتغنى بجمال هذا الشاب الوسيم تقول: هل من سبيل إلى خمر فأشربها أم من سبيل إلى نصر بن حجاج فقال عمر: لا أرى معي بالمدينة رجلا تهتف به الهواتف في خدورهن، علي بنصر بن حجاج! فقال عمر: والله لا تساكنني في بلدة أنا فيها ونفاه إلى البصرة.
لماذا حدد عمر غياب الجند عن أزواجهم بأربعة أشهر أو خمسة؟
خرج أمير المؤمنين ذات ليلة يحرس الناس، فسمع امرأة تنشد أبياتًا وهي في بيتها، فتقول: تطاول هذا الليل واسود جانبه وطال علي ألا خليل ألاعبه فو الله لـولا خشية الله وحده لحرك من هذا السرير جوانبه ذهب عمر إلى حفصة بنته فقال لها: يا بنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ قالت: أربعة أشهر، أو خمسة أشهر، أو ستة أشهر، فوقت ذلك للناس في سنتهم في غزوة.
هل عاقب عمر المرأة الفقيرة التي اتهمته بتضييعها وأولادها دون معرفتها له؟
بل حمل الالدقيق لها وطبخ لها ولأولاها، واطمأن لهم أنهم شبعوا ثم تولى،
كيف اهتم عمر بالأرامل؟
همَّ عمر أن يجعل للأرامل دخلا ثابتا يستغنين به عما في أيدي الناس، لكنه استُشهد قبل التنفيذ فعَنْ عمرو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عمر بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ، َقَالَ: لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ، لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ العِرَاقِ لاَ يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي أَبَدًا
هل قصر عمر في جانب ابناء الشهداء؟
بل كان يهتم بهم أيما اهتمام: 1-لَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللَّهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا وَلا لَهُمْ زَرْعٌ وَلا ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمْ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ "خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الْغِفَارِيِّ"، وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ، فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِخَيْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَكْثَرْتَ لَهَا، قَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ. 2-عُرض على عمر في غنائم العراق سلال من أنواع الخبيص من أصفر وأحمر، فذاقه عمر فوجده طيبَ الطعم طيبَ الريح، فأمر به فحُمل إلى أولاد من قُتلوا بين يديّ رسول الله ﷺ من المهاجرين والأنصار.