صلة الرحم: أهمية وفوائد الحفاظ على العلاقات الأسرية
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - الإسلام ببساطة الأخلاق فكر وتوعية مهارات شخصية - جديدنا

إنّ المجتمع الذي يحرص أفراده على التواصل والتراحم ينشأ أسر متماسكة وبناء اجتماعياً ثابتاً لا تهزه أمواج الاضطرابات ولا أطماع الغزاة، كما أنه يصبح حاضنة تمد الأمة بالقادة والمبدعين والمفكرين الذين يحملون مشاعل الهداية والخير إلى الناس أجمعين؛ وهنا تظهر لنا أهمية صلة الرحم ودورها الذي يجب أنْ نحرص جميعاً على تعزيزه وتنميته على الدوام.

ما معنى صلة الرحم

قال الراغب الأصفهاني: الرحم هو رحم المرأة، ومنه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة، والمراد بالرحم الأقرباء في طرفي الرجل والمرأة من ناحية الأب والأم.

ومعنى صلة الرحم: الإحسان إلى الأقارب في القول والفعل.

كما أنَّ المرء إذا زاره قريبه فرد له زيارته ليس بالواصل؛ لأنه يكافئ الزيارة بمثلها، وكذلك اذا ساعده في أمر وسعى له في شأن أو قضى له حاجة فرد له ذلك بمثله لم يكن واصلاً بل هو مكافئ.

فالواصل حقاً: هو الذي يصل من يقطعه، ويزور من يجفوه، ويُحسن إلى من أساء إليه من هؤلاء الأقارب، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: “ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها” [رواه البخاري].

صلة الرحم في اللغة

  • صلة الرحم: زيارة الأقارب والإحسان إليهم وعكسها قطيعة الرحم.
  • وصل رحمه: عطفَ على الأقربين ورفق بهم عطفاً وإحساناً.

حكم صلة الرحم

صلة الرحم واجبة في دين الله: قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ} [سورة البقرة: 83].

وعليه يقول الفقهاء: إنّ معونتك لرحمك فرض كفرض الصلاة والصيام، وهذا يعني أنها ليست عادة إجتماعية، بل إنها عبادة يتقرب بها العبد إلى مولاه.

كما توصل الرحم وإن كانوا غير مسلمين: قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سورة الممتحنة: 8].

وقطع الرحم الواجب وصلها حرام بالاتفاق إلا إن كان في قطعهم وهجرهم مصلحة شرعية معتبرة وزجر عن أعمالهم المنكرة، فعندها وجب ذلك، قال ابن عبد البر: (أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث: لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب له في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرُبَّ هجر جميل خير من مخاطبة مؤذية).

 

 

فضل صلة الرحم

  1. علامة الإيمان: قال ﷺ: “من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليصل رحمه” [رواه البخاري].
  2. أعجل الأعمال ثواباً: قال ﷺ: “إنَّ أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم، حتى إنَّ أهل البيت ليكونون فجاراً فتنموا أموالهم ويكثر عددهم إذا وصلوا رحمهم” [رواه ابن حبان والبيهقي في الشعب].
  3. سبب الرزق وطول العمر: فكل الناس يحبون أن يوسع لهم في الرزق، ويؤخر لهم في آجالهم، لأنَّ حبّ التملك وحبّ البقاء غريزتان من الغرائز الثابتة في نفس الإنسان، فمن أراد ذلك فعليه بصلة رحمه، قال : “مَنْ سرّه أنْ يُمدَّ له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه) [رواه احمد والبزار والحاكم].
  4. سبب لدخول الجنة: قال : “أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم، ورجل غني عفيف متصدق” [رواه مسلم].
  5. صلة الرحم سبب لصلة الله وإكرامه: فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ أنه قال: “الروح متعلقة بالعرش تقول: مَنْ وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله” [رواه مسلم]، والله الكريم سبحانه مستجيب لها لا محالة، فمن وصل أرحامه وصله الله بالخير والإحسان، ومن قطع رحمه تعرض إلى قطع الله إياه، وانه لأمر تنخلع له القلوب أنْ يقطع جبار السماوات والارض عبداً.

فزيارة الأقارب ومساعدتهم أصل السعادة في الدنيا والآخرة، وسبب لطول العمر وزيادة المال ودخول الجنة. وهي من الأمور الثلاثة التي تحقق التعاون والمحبة بين الناس: (إكرام الضيف، وصلة الرحم، والكلمة الطيبة)، وقد ربط الرسول ﷺ هذه الأمور بالإيمان، فالذي يؤمن الله واليوم الآخر لا يقطع رحمه، وصلة الرحم علامة على الإيمان.

أهمية صلة الرحم

تظهر لنا أهمية صلة الرحم بأمور عديدة منها:

  • دورها في تقوية روابط الأخوة وأواصر المحبة.
  • لها ثمار وآثار عجيبة على الواصلين فضلاً عن الثواب الجزيل والأجر الكبير.
  • عندما تكثر الفتن وتنتشر الشدائد، فعندها نكون بأشد الحاجة إلى مشاريع صغيرة أسرية أو عائلية.
  • أمرنا الله ببر الوالدين وصلة الرحم، ووعدنا أن يصلنا برحمته ويمدنا بعطائه.

كيف تقوم بصلة الرحم

تقوى صلة الرحم من خلال بذل جميع أنواع الإحسان للأرحام وذلك: بتفقد مريضهم وأحوالهم المعيشية والإجتماعية، وزيارتهم، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، ومساعدتهم، والبِشرعند لقائهم.

قال الفقيه أبو الليث السمرقندي: (إذا كان الرجل عند قرابته ولم يكن غائباً عنهم فالواجب عليه أن يصلهم بالهدية والزيارة، فإن لم يقدر على الصلة بالمال فليصلهم بالزيارة والإعانة في أعمالهم، وإن كان غائباً يصلهم بالكتابة إليهم، فإن قدر على المسير إليهم كان المسير أفضل).

كما أنّ تقديمهم في الصدقات له فضله: قال رسول الله ﷺ: “الصدقة على المسكين صدقة وعلى القريب صدقة وصلة” [رواه الترمذي]، وتسديد دين ميتهم واجب على العاقلة: قال الشعبي: (ما مات ذو قرابة لي وعليه دين إلا قضيت دينه).

من هم الأرحام الواجب صلتهم؟

هم القرابات من النسب والمصاهرة، فهم قرابة الإنسان من جهة أبيه وأمه، والأرحام الذين تجب صلتهم، هم من كان بينك وبينهم قرابة، وتجب صلتهم حسب درجة القرابة.

وللعلماء في الأقارب الذين يجب وصلهم رأيان:

الأول قول الحنفية: وهو أن الصلة خاصة بالرحم المحرم دون غيره والرحم المحرم هم أربعة :

  • أصول الإنسان وإنْ علوا.
  • وفروعه وإنْ نزلوا.
  • وفروع والديه وإنْ نزلوا.
  • والطبقة الأولى من فروع الأجداد والجدات.

أما الثاني فهو قول جمهور العلماء: وهو أن الصلة مطلوبة لكل قريب سواء كان رحماً مُحرّماً أو غير مُحرّماً.

الأسئلة الشائعة

من هم الذين تشملهم صلة الرحم؟

قال جمهور العلماء الصلة مطلوبة لكل قريب سواء كان رحماً محرماً أو غير محرماً.

متى يتم قطع صلة الرحم؟

إن كان في قطعهم وهجرهم مصلحة شرعية معتبرة وزجر عن أعمالهم المنكرة وجب ذلك.

ما معنى صلة الرحم وما هي فوائدها؟

زيارة الأقارب ومساعدتهم أصل السعادة في الدنيا والآخرة، وسبب لطول العمر، وزيادة المال، ودخول الجنة

 

إقرأ المزيد

اترك تعليقاً