معاذ بن جبل كريم يستدين لينفق
سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه صحابيّ جليل، أنصاريّ مِن الخزرج، أسلمَ صغيرًا وشهدَ…
Read moreأطفالنا مُهج قلوبنا، وأمانة الله تعالى بين أيدينا، وتربيتهم بأفضل صورة واجب علينا، هذا ولا شك أنّ العقوبة كما المكافأة تعدّ أحد أشكال التدخلات التربوية الضرورية والحساسة التي لا يستطيع المربون الاستغناء عنها، ولكن استخدامها بطريقة غير صحيحة له آثاره العكسية والسلبية.
سنبحث في هذا المقال في أساليب فعالة لتأديب الأطفال وتقويم سلوكهم وبأقل مستوى من الآثار الجانبية غير الجيدة.
إنّ مفهوم تأديب تأديب الأطفال يعني: التعليم والمعاقبة على الإساءة، يُقال: أدَّبه أي علَّمه الأدب، وعاقبه على الإساءة، لأنه سبب يدعو إلى حقيقة الأدب، كما أنّ لفظ (التأديب) يدل على المبالغة والتكثير.
تأديب الأطفال يعني قيام أحد الوالدين أو المربين بتعليم الطفل بالتكرار، ومعاقبته وردعه عند الإساءة بما لا يزيد عما ورد بالشرع.
إنَّ أساس التنشئة الإسلامية هو القرآن الكريم، الذي يحفظه الصغار فيهذب أخلاقهم، ويصفي نفوسهم، ويتعودون من خلاله على مكارم الأخلاق، وتبدأ التنشئة الإسلامية عن طريق المحاكاة والتلقين، ذلك أن الطفل ينشأ فيرى أبويه يقرأان القرآن الكريم بالإضافة للشعائر الأخرى، فتنطبع في ذهنه هذه الصورة، ويترسم خطاها بالتقليد أو بالتوجيه والدفع.
ولقد ضرب النبي ﷺ المثل الأعلى في توضيح أساليب التنشئة الوالدية، فهو مثلاً يطالب بالرفق بالأطفال، وعلاج أخطائهم بروح الشفقة والرأفة والعطف والرحمة، ومعرفة البواعث التي أدّت إلى هفواتهم والعمل على تداركها وإفهام الأطفال نتيجتها.
ولم يقرّ ﷺ الشدة والعنف في معاملة الأطفال، واعتبر الغلظة والجفاء في معاملة الأولاد نوعا من فقد الرحمة من القلب، وهدد المتصف بها بأنها عرضة لعدم حصوله على رحمة الله حيث قال عليه السلام للأقرع بن حابس حينما أخبر أنه لا يقبل أولاده: “من لا يَرحم لا يُرحم”.
ولقد دعا نبي الرحمة ﷺ إلى تأديب الأطفال، وغرس الأخلاق الكريمة في نفوسهم وتعويدهم حسن السمات والتحلي بالصدق والأمانة واحترام الكبير، فقال ﷺ: “ليس من أمتي من لم يجلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه”، وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس عن النبي ﷺ: “أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم”.
وتأديب الأطفال وتربيتهم أهم في نظر الإسلام من الاهتمام باحتياجاتهم الجسدية: قال رسول الله ﷺ: “ما نحل والد ولداً من نحل أفضل من أدب حسن”، فلا ينبغي الإكثار من لوم الطفل لتأديبه أو تأنيبه وتوبيخه لزلاته، لأن الإكثار من التأنيب يميت قلب الطفل، ولهذا فالحكمة أفضل عند تأديب الطفل.
بعد كل ما سبق لابد لنا من أساليب فعالة لتأديب الأطفال نتعلمها من منهج خالق الإنسان العليم بخفايا مكنوناته، وإليكم بعضاً منها.
إنّ السلوك المضطرب ينشأ من عدم التوازن بين نزعات واندفاعات الطفل وبين نظام الضبط لديه، وعندما يكون الضبط غير مناسب، فإن سلوك الطفل يصبح عدوانياً، مشتتاً وغير متنبأ به، وعندما يكون الضبط صارماً جداً فإن الطفل يحاول كف سلوكه باستمرار ويكون غير قادر على التعبير عن نفسه.
من الضروري أن يفهم الأطفال لماذا يجب ألا يسيئوا التصرف، وعلى الأبوين شرح هذه الأسباب لهم بلطف- وليس أثناء احتدام الخلاف بينهم، بل قبل ذلك بكثير. تقول باريت: “تحدثوا إلى أطفالكم عن المكافآت كما عواقب سلوكهم، وافعلوا ذلك في وقت سابق وليس لاحقاً”.
إنّ التربية الإيجابية والتهذيب (التأديب) الإيجابي يركزان على تعليم سلوكيات جيدة وصالحة، وذلك بتوظيف أساليب ووسائل تربوية مليئة بالحنان لكنها لا تخلو من الحزم، ويفترض أنَّ الأطفال يولدون صالحين ولديهم الرغبة في فعل الشيء الصحيح، ويؤكد على أهمية الاحترام المتبادل واستخدام أساليب تهذيبية إيجابية، كما تركز المناهج التربوية الإيجابية على تعليم الطفل السلوك المستقبلي السليم بدلاً من معاقبته على سوء سلوكه وتصرفه السابق.
كل تفاعل لك مع طفلك يعدّ شكلاً من أشكال التواصل، ولا يتعلق الأمر فقط بالكلمات التي تقولها: (فنبرة صوتك، ونظرة عينيك، وعناقك، وقبلاتك له..)، كل ذلك يعد بمثابة رسائل توصلها إلى طفلك، وبالطريقة التي تتواصل بها مع طفلك لا تعلمه فقط طرق التواصل مع الآخرين، بل تشكّل تطوره العاطفي وكيفية تأسيسه لعلاقاته مع الآخرين في الفترة القادمة من حياته.
يميل الطفل إلى الفوضى والعشوائية في حال عدم وجود قواعد واضحة تحكم سلوكه، لذا على الأهل هنا العمل على تأسيس دستور أسري تذكر فيه القواعد التي يجب اتباعها والأمور السلبية التي يجب تجنبها مع ذكر العواقب الإيجابية والسلبية لكلا الأمرين، كما ينبغي لهم عدم التذبذب والتهاون في تنفيذ هذا الدستور لكي يبنى لدى الطفل مهارة الالتزام واحترام الاتفاقيات.
إنّ انتظام سلوك الوالدين – حتى عندما يشعرون بالتعب أو الانزعاج- يساعد الطفل في الشعور بالأمان وبأن عالمه يسير بحسب المتوقع، وهذا يدفعه لكي يحترم قوانين المنزل ويفهم ما المتوقع من سلوكه.
فعليك أنْ تقرر وتشرح عواقب تعدي الحدود المسموح بها بوضوح قبل أن تفرضها عليه، وعلى الوالدين أن يكونوا ثابتين وأن يتابعا عملية التهذيب الى نهايتها، فإذا لم يكن أحد الوالدين ثابتًا؛ فسيكوّن إرباكاً لعملية التهذيب، وقد يستمر الطفل في محاولة التعدّي للحدود أو يتعداها ليرى ما يمكن أن يحدث بعد ذلك.
يؤدي التأديب السلبي إلى ردود فعل غاضبة أو مدمرة أو عنيفة استجابةً للسلوك غير اللائق، وعلى العكس من ذلك، لو استبدل بالتأديب الإيجابي الذي يقوم بالحل بطريقة مشجعة وحازمة، حيث يركز التأديب الإيجابي على وضع حدود عقلانية وتوجيه الأطفال لتحمل مسؤولية البقاء ضمن هذه الحدود، أو تعلّم كيفية علاج الموقف عندما لا يبقون ضمنها.
يرتبط العقاب البدني بمجموعة من النتائج السلبية على الأطفال في مختلف الثقافات والبلدان، بما في ذلك تردّي الصحة الجسدية والنفسية، وصعوبات النمو المعرفي والاجتماعي العاطفي، وتدهور التحصيل التعليمي، وزيادة مخاطر السلوك العدواني والعنف.
لا يملك كثير من الأهالي الإحساس بمسؤولية التربية، فيميلون إلى تفريغ ما يعانوه من ضغوطات حياتية وعملية في أولادهم، كأن يضربوهم أو يصرخوا عليهم أو يجرحوا مشاعرهم بالشتائم، الأمر الذي يعرض الطفل إلى الإصابة باضطرابات نفسية كالاكتئاب.
فإن مقارنة الطفل مع الآخرين تولد عنده مشاعر الحسد والكراهية إنْ عجز عن اللحاق بهم، وفيها ظلم للطفل؛ لأننا لا نعرف من أحوال الأطفال الآخرين إلا ما يظهر فقط، ولا يوجد طفل بلا سلبيات.
احترم حزن طفلك، وأظهر التعاطف والاهتمام والتفهم للطفل، وشاركه فيما يحب، واعتن بصحته الجسدية وادعمه في البيئات والأنشطة الجديدة.
علمه أنّ الخوف أمر طبيعيّ، ودعه يتخذ بعض القرارات بمفرده، ثم عزز لديه مبدأ الشجاعة من خلال قراءة سير الشجعان القدوات، واستثمر المواقف التي يقوم بها بمفرده لتتحدث عن شجاعته، ثم دعه يحتفل بشجاعته.
عندما يخطأ الطفل في أمر ما، امنحه وقتًا ليفكر بتصحيح الخطأ فهناك بعض الأخطاء الذي يرتكبها الطفل ويمكن أن يتداركها، فقد يكون ارتكبها باندفاع ومن دون تفكير، ويمكنك سحب بعض الامتيازات من الطفل، كما لا تنسى أن تعوِّده على تحمل مسؤولية الخطأ.
(أنت سيئ – أنت غير محبوب – أنت لا تستطيع – لن تنجح) وغيرها الكثير التي تركز على ذم الشخص لا السلوك.
بداية أزل مسببات الغضب، وتجنَّب الصراخ أو تحدي الطفل عندما يكون غاضباً، وحافظ على هدوئك، ولا تقفْ دون إبداء أي ردة فعل، ثم شجعه على السلوكيات الإيجابية.
العدوانية المتكررة تجاه الآخرين، وعدم التفاعل الاجتماعي، والرفض المستمر ومعارضة الطلبات، والتقلبات المزاجية الشديدة وغير المتوقعة.
المدرسة لها الدور الرئيس في تعليم الطفل القيم المثلى، وتوجيهه إلى الطريق السليم، واتِّباع سياسة المكافأة والعقاب عند التصرُّف بتهذيب أو بشكل سيِّئ.