فضل 10 ذي الحجة
الأيام العشر الأولى من ذي الحجة تُعد من أفضل الأيام في التقويم الهجري. أن هذه الأيام تتمتع بمكانة مميزة وفضل عظيم على بقية أيام السنة , تعرف على فضلها من الحديث والسنة
اقرأ المزيدالحج هو أحد أركان الإسلام الخمس، ويعتبر أكبر تجمع بشري في العالم، فالزمان والمكان والمقصود أعظم ما يطلبه الإنسان السليم الفطرة، فالزمان شهر ذي الحجة المحرم من قبل الله، والمكان بيت الله الحرام ، والمقصود هو الله جل جلاله، من خلال إخلاص النية للمولى وتجديد البيعة على طاعته، والعودة بصحف بيضاء من الذنوب والآثام.
يعتبر الحج مناسبة دينية كبيرة للمسلمين، إذ يجتمع الحجاج من جميع أنحاء العالم لأداء هذه الفريضة الالتقاء على محبة الله وطاعته، لتعزيز الوحدة الإسلامية وتعظيم قدر الله، ولتجديد النية والتوبة وتحقيق التقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
يعود تاريخ الحج إلى عهد سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، فقد أمره الله أن يبني الكعبة على قواعد آدم عليه السلام، ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾، فالكعبة بنيت في زمن آدم عليه السلام، ثم تهدمت، فلما جاء الأمر من الله لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببناء الكعبة، حفراها على قواعد آدم.
فلما وصلا إلى حجر الزاوية أراد إبراهيم أن يضع حجراً قوياً، فأرسل إسماعيل ليبحث عن الحجر المناسب، فلم يجد ضالته، فلما عاد إلى أبيه وجد عنده حجراً متيناً، فسأله من أين هذا الحجر؟ قال: من الله جل جلاله، فكان هذا الحجر الأسعد، ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، والقواعد هي الأسس والسواري.
كان إبراهيم كلما بنى جزءاً عاد قليلاً ليتأمل البناء، فكان يقف طويلاً في هذه المكان، فأتى أمر الله باتخاذ هذا المكان مصلى ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.
عندما أتمّ سيدنا إبراهيم بناء الكعبة، أمره الله أن يؤذن بالحج، قال الله تعالى ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ قيل له: أذن في الناس بالحج، قال: (يا رب! وما يبلغ صوتي؟) قال: (أذن وعليّ الإبلاغ).
فصعد إبراهيم خليل الله جبل أبي قبيس وصاح: (يا أيها الناس! إن الله قد أمركم بحج هذا البيت ليثيبكم به الجنة ويجيركم من عذاب النار، فحجوا)؛ فأجابه من كان في أصلاب الرجال وأرحام النساء: لبيك اللهم لبيك! فمن أجاب يومئذ حج على قدر الإجابة؛ إن أجاب مرة فمرة، وإن أجاب مرتين فمرتين؛ وجرت التلبية على ذلك؛ وهذا قول ابن عباس، وابن جبير.
وروي عن أبي الطفيل قال: قال لي ابن عباس: أتدري ما كان أصل التلبية؟ قلت لا! قال: لما أمر إبراهيم – عليه السلام – أن يؤذن في الناس بالحج خفضت الجبال رؤوسها ورفعت له القرى؛ فنادى في الناس بالحج فأجابه كل شيء: لبيك اللهم لبيك.
قال الله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ فما هي هذه الفوائد التي ذكرها الله؟
فمن حج فلم يرتكب ما نهى الله عنه خلال الحج فإن ذنوبه تسقط عن عاتقه، ويعود بلا ذنب كيوم ولادته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه) رواه البخاري، كيوم ولدته أمه بلا ذنوب، أما حسناته فتبقى ولا تُمحى.
﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾، فالله سبحانه وتعالى غني عن لحمها، ولكن يصل إليه الإخلاص في تقديمها، والاحتساب، والنية الصالحة، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخراً ولا رياءاً، ولا سمعةً، ولا مجرد عادة، وهكذا سائر العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لبّ فيه، والجسد الذي لا روح فيه.
ففي كل ركن من أركان الحج عبرة وفائدة:
الغاية واحدة: كل من آمن بالله الواحد، لابد له من تلبية نداء مولاه، والسفر إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج التي أمر الله بها، وغايتهم الوحيدة عبادة الله سبحانه وتعالى.
مبدأ المساواة: فالغني والفقير، والكبير والصغير، الرئيس والمرؤوس، كلهم يرتدون زياً واحداً، يؤدون نفس المناسك، في نفس المكان، ملبين نفس النداء، دون أي تمييز بينهم.
فالحج في حقيقته ما هو إلا جهاد النفس والهوى، وتعويدها على ضبط الانفعالات، ومواجهة المواقف بهدوء وتروي، فإن نجح المسلم بكبح جماح نفسه في الحج، أصبح قدراً على كبح جماحها في بقية أيامه، وعندها ستقل المشاحنات والمصادمات بين أفراد المجتمع.
وأي مكان أعظم من بيت الله سبحانه وتعالى ليتربى المسلم على مد يد العون لأخيه المسلم، فكم من كبير محتاج لمن يمسك يده في هذه الأماكن، وكم من ضعيف لا يقوى على حمل متاعه قد لبى نداء ربه بلا معين، فيأتي دور المسلم القوي ليمد يد العون لمن يحتاجها رغبة فيما عند الله سبحانه وتعالى.
الحج يعمل على تعليم النظام، والترتيب، فمناسك الحج لا تتم إلا في وقت معين من السنة، في مكانٍ واحد، يلبون رباً واحداً، غايتهم واحدة، قبلتهم واحدة، إمامهم واحد.
إن وقوف الحجاج على جبل عرفات يعتبر نوعاً من العلاج بالتأمل، والعلاج بالتأمل يعتبر من أهم أنواع العلاج النفسي، لما له من قوة عجيبة في تنظيم عمل الجسم، ومعالجة كل أنواع الاضطرابات النفسية والعصبية.
كل إنسان لديه شحنات سلبية في داخله، لابد من التخلص منها، حتى لا تسبب قلقاً وأرقاً وعدم استقرار في حياة هذا الفرد، وهنا يأتي دور الحج في تفريغ هذه الشحنات السلبية، وإعادة شحن النفس البشرية بشحنات إيجابية، تعود بالنفع على هذا الفرد وعلى مجتمعه من حوله.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم و أحداث يوم القيامة
و الموت والبرزخ في القرآن والسنة
ماهي الحكمة من مشروعية الحج ؟
إقرار الوحدانية لله تعالى.
تهذيب النفوس وتقويمها.
تذكير بمواقف يوم القيامة بغية التوبة قبل الموت.
كثرة ذكر الله سبحانه وتعالى.
تذكير بوحدة المصير لكل المسلمين من شرق المعمورة إلى غربها.
كثرة ذكر الله تعالى.
تحصيل التوبة لمن أحسن النية والتزم أوامر الله.
لتبادل المنافع بين العباد.
للتذكير بأن الرب واحد، والدين واحد، وأن الناس سواسية لا فرق بين أحد منهم عند الله إلا بالتقوى، وتنظيماً لعمل المسلمين من خلال تقويم سلوكهم.
تذكير بمنازل الآخرة، فكل إنسان أت يوم القيامة وحده، وسيقف في أرض المحشر وحده، فلابد من إعداد النفس للنجاة من ذاك الموقف.
تذكير بقصة الفداء من الله تعالى لإسماعيل عليه السلام.
تذكير بأهمية التوكل على الله تعالى مع الأخذ بالأسباب، كما فعلت السيدة هاجر عندما توكلت على الله لكنها أخذت تبحث عن الماء بين الصفا والمروة حتى من الله عليها بنبع زمزم بين يدي رضيعها إسماعيل.