الأضحية شعيرة أهل الإسلام، ووسيلة للقرب من الله سبحانه وتعالى، وفيها إحياء لسنة نبي من أنبياء الله، فما هي هذه الشعيرة التي تمنح صاحبها رضوان الله تعالى؟ وما هي السنة التي يراد بالأضحية إحيائها؟ وما حكمها في الإسلام؟ وما حكم تاركها مع القدرة عليها؟ هذه المسائل ما سنتكلم عنها في هذا المقال.
مفهوم الأضحية في الدين الإسلامي
تعريف الأضحية
الأضحية اسم لما يُضحّى به (يُذبَح) من بهيمة الأنعام، أيام النحر (عيد الأضحى وأيام التشريق)، تَقَرُّباً إلى الله تعالى، وقد شرّعها الله تعالى في السنة الثانية للهجرة.
فضل الأضحية
إنّ التَّقَرُّب إلى الله تعالى بالذبح وتقديم القربان، يعد من العبادات العظيمة، والطاعات الفُضلى، ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج – 32]، وتعظيم شعائر الله بالاهتمام بالأنعام من حيث أكلها، وشربها، وسلامتها من العيوب التي تمنع من قبولها عند الله سبحانه وتعالى.
الحكمة من مشروعية الأضحية
الأضحية من الطاعات العظيمة في الإسلام، ولها عدة حِكَم لمشروعيتها:
شكر لله تعالى على نعمة الحياة.
إحياء سنة نبي الله إبراهيم عليه السلام بذبح الفداء عن ابنه إسماعيل عليه السلام، وذلك حين قام إبراهيم باصطحاب ولده إسماعيل ليذبحه امتثالاً لأمر الله تعالى، وهو على أتمّ الاستعداد للتضحية بنفسِهِ في سبيلِ مرضاة الله إذا طلب الله منه ذلك.
التوسعة على النفس وأهل البيت، ورعاية الجار، وإكرام الضيوف، والتصدق على الفقراء، ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [ الحج – 28]هذه الآية فيها إرشاد من الله تعالى للتصرف فيما بعد الذبح: أن يأكل منها المُضَحّي، ويطعم منها البائس (من أصابه بؤس إلى جانب فقره).
مكانة الأضحية في الدين الإسلامي
تحتل الأضحية مكانة عظيمةً في الإسلام، فهي من شعائر الإسلام ومعالمه التي تميزه عن غيره من الأديان، بل تُعَدُّ من العبادات العظيمة في الإسلام، فقد قال الله تعالى ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام – 162].
المعنى أن كل أعمالي التي أقوم بها القصد منها مرضاة رب الله، ومن بينها النسك المذكور في الآية الذي هو الذبائح التي يقدمها المسلم وييذكر اسم الله عليها عند ذبحها، ويقدمها في الوجوه التي وجه الله أن تصرف، من أهل بيت وأقارب وأصدقاء وفقراء الحيَ وغيرهم ممن أمر الله بصلتهم من خلال الأضحية.
وللأضحية مكانةً عظيمةً في الإسلام من خلال نشر الود والمحبة بين أفراد المجتمع (المسلمين وغيرهم)، عن طريق تقديم هدايا الأضاحي، سواء قُدّمت لمستحقيها من المسلمين أو من غير المسلمين، وهذا الأمر كفيل ببناء مجتمعٍ متكاملٍ متكافلٍ، لا فرق فيه بين أفراده على اختلاف انتماءاتهم الدينية.
تاريخ الأضحية في الإسلام
تاريخ الأضحية في الإسلام يعود إلى قصة النبي إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل عليه السلام. في الديانة الإسلامية، يُعتبر إبراهيم أباً للأنبياء ويُحترم بشكل كبير لإيمانه العميق وطاعته لله. وفقاً للقرآن الكريم، أُمر إبراهيم في رؤيا بذبح ابنه إسماعيل كتجربة لإيمانه. عندما أظهر إبراهيم استعداده لتنفيذ الأمر، تدخل الله وأرسل كبشاً ليذبح بدلاً من إسماعيل.
هذه القصة تُعتبر رمزاً للإيمان والتضحية، وتُحتفل بها في الإسلام خلال عيد الأضحى. عيد الأضحى، المعروف أيضاً بعيد القربان، يأتي في اليوم العاشر من ذي الحجة، آخر شهر في التقويم الإسلامي الهجري، ويستمر لأربعة أيام. في هذا العيد، يُقدم المسلمون قرباناً، عادةً في صورة ذبح الأغنام أو الماشية، تعبيراً عن الشكر لله وكتذكير بتضحية إبراهيم.
الأضحية في الإسلام ليست مجرد طقوس، بل تحمل معاني عميقة مثل الإحسان، مشاركة الآخرين، والتخلي عن الأشياء العزيزة في سبيل الله. يُعتبر توزيع لحوم الأضاحي على الفقراء والمحتاجين جزءاً أساسياً من الطقوس، مما يعزز مفهوم العدالة الاجتماعية والتكافل في المجتمع الإسلامي.
حكم الأضحية في المذاهب الأربعة
حكم الأضحية في المذاهب الأربعة مختلف وفقا للمذهب الفقهي:
المذهب الحنفي: يعتبر الأضحية واجبة على الأشخاص البالغين والعاقلين القادرين على الدفع. وتجب الأضحية على الشخص البالغ سواء كان ذكرًا أم أنثى.
المذهب المالكي: يشترط في وجوب الأضحية أن يكون الشخص بالغًا، عاقلًا، ومالكًا للنصاب (الكمية الدنيا المعيارية)، سواء كان ذكرًا أم أنثى.
المذهب الشافعي: يجب الأضحية على كل بالغ من أهل العقل والدين والمالكين للنصاب، سواء كان ذكرًا أم أنثى.
المذهب الحنبلي: يعتبرون الأضحية واجبة على البالغين من أهل العقل والدين والمالكين للنصاب، سواء كانوا ذكورًا أم إناثًا.
أهمية الأضحية في الإسلام
تحتل الأضحية مكانةً مهمة في الإسلام، وتبرز أهمية الأضحية في عدة جوانب دينية واجتماعية واقتصادية منها:
الجانب الديني:
الأضحية سنة مستحبة من سنن الإسلام، وهي عبادة يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، ويأتي ذلك استجابة لأمر الله تعالى في القرآن الكريم حيث قال: ﴿فصل لربك وانحر﴾ [الكوثر-2].
وهي طريقة لتعليم الجيل الجديد قيمة العطاء والتضحية في سبيل الله.
الجانب الاجتماعي:
تقوي الأضحية روابط المحبة والتآزر والتعاون بين أفراد المجتمع، حيث يتم توزيع اللحوم على الفقراء والمحتاجين والجيران والأسر المحتاجة، وبذلك تكون الأضحية فرصة للتعاون والتضامن بين أفراد المجتمع.
تشجع الأضحية على الإنفاق في سبيل الله، وتذكر المسلم بأن الله هو المالك الحقيقي لما يملكه الإنسان من أموال وعقارات، والإنسان مستخلف على هذا المال ولا بد من صرف المال في الوجه الذي أمر مالكه الحقيقي بصرفه.
تساهم في كفاية الفقراء والمحتاجين في أيام الذبح ، وإدخال السرور على قلبهم، من خلال طبخ بعض أنواع الطعام التي لم يكن بمقدورهم طهيها، لعدم قدرتهم على شراء اللحوم نتيجة فقرهم وعوزهم.
الجانب الاقتصادي:
إنّ شراء الأضاحي يقوي ويدعم الجانب الاقتصادي، حيث يزيد الطلب على شراء الأضاحي في هذه الأيام، ولابد من شراء ما تحتاجه الأضاحي من الأعلاف كطعامٍ وشراب، ومن نقلها بالمواصلات إلى مكان ذبحها، ينعكس انتعاش الاقتصاد على عدة قطاعات منها: القطاع الزراعي والقطاع التجاري، مما يساهم في تحسين اقتصاد المجتمع.
فالأضاحي كفيلة بتنشيط عدة جهات مثل: الاقتصاد والزراعة والتجارة وحتى المواصلات.
شرعية الأضحية وأحكامها
شروط الأضحية
شروط الأضحية في الإسلام محددة بدقة وتشمل النقاط التالية:
النوع: يجب أن تكون الأضحية من الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم (الضأن والماعز).
السن: يجب أن تكون الأضحية قد بلغت سناً معينة؛ الإبل خمس سنوات فما فوق، البقر سنتين فما فوق، الغنم سنة فما فوق، والماعز سنتين فما فوق.
الصحة: يجب أن تكون الأضحية خالية من العيوب الظاهرة مثل العمى الواضح، العرج الشديد، المرض الظاهر، والنقص الكبير في الجسم.
الملكية: يجب أن تكون الأضحية مملوكة للشخص الذي يقوم بالتضحية.
النية: يجب أن تكون النية صافية لله تعالى وليس لغرض آخر كالتفاخر أو الرياء.
التوقيت: يجب ذبح الأضحية بعد صلاة عيد الأضحى وحتى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، وهي الأيام التي تلي يوم العيد.
الإتقان في الذبح: يجب أن يتم الذبح بطريقة إسلامية، بأداة حادة وبسرعة لتقليل معاناة الحيوان، مع ذكر اسم الله عند الذبح.
توزيع اللحم: يفضل توزيع لحم الأضحية على ثلاثة أقسام: القسم الأول للأسرة، والثاني للأقارب والأصدقاء، والثالث للفقراء والمحتاجين.
هذه الشروط تعكس الاهتمام بالرفق بالحيوان، العدالة الاجتماعية، والنوايا الصادقة في التقرب إلى الله.
الأضحية سنة مؤكدة عن النبي ﷺ لمن استطاع أن يُضَحّي، وهناك بعض الأحكام الخاصة المتعلقة بالأضحية مثل:
الوقت المناسب للأضحية
للعلماء في الوقت المناسب للأضحية أقوال:
القول الأول وهو الأصح: بعد صلاة الإمام وذبحه، لحديث جابر بن عبد الله: (صلى بنا النبي ﷺ يوم النحر بالمدينة، فتقدم رجال فنحروا، وظنوا أن النبي ﷺ قد نحر، فأمر النبي ﷺ من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي ﷺ) [مسلم – 1964].
وحديث رسول الله ﷺ: (إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء فقال رجل من الأنصار يقال له أبو بردة بن نيار: يا رسول الله، ذبحت وعندي جذعة خير من مسنة، فقال: اجعله مكانه ولن توفي أو تجزي عن أحد بعدك) [البخاري – 965] و [مسلم – 1961] .
والقول الثاني: بعد الانتهاء من الصلاة دون اعتبار لذبح الإمام، وهو قول (الإمام أبي حنيفة) مستنداً لحديث (إنّ أول ما نبدأ يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر).
والقول الثالث: دخول وقت صلاة العيد، ومقدار ركعتين وخطبتين، وهو قول (الإمام الشافعي).
كم هي المدة التي يجوز الذبح بها؟
اختلف العلماء حول مدة الذبح على قولين:
القول الأول: تدوم مدة النحر (3) أيام، يوم النحر ويومان بعده، وهو قول الجمهور (مالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل) عن (أبي هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهما).
القول الثاني: تدوم مدة النحر (4) أيام: يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وهو قول (الشافعي والأوزاعي) عن (علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم).
وهناك أقوال أخرى في دوام مدة النحر لكن العمل بها متروكٌ لأنها لم تُنقَل عن رسول الله ﷺ ولا عن الصحابة.
هل يجوز الذبح في ليالي النحر؟
للعلماء في هذه المسألة قولين:
نعم يجوز الذبح في هذه الليالي لأنها داخلة في الأيام، وهو قول الجمهور من العلماء.
لا يجوز الذبح في هذه الليالي لأن الله قال ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ﴾ ولم يذكر الليالي وهذا دليل على عدم جواز الذبح.
نوع الحيوان المسموح بذبحه
يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [ الحج – 28]
الأنعام التي يجوز الأضحية بها (الإبل والبقر والغنم)
شروط الحيوان ليكون جاهزًا للذبح
أن تبلغ الأضحية السن المعتبرة شرعاً:
الجذعة من الضأن: أتمت (6) أشهر.
من المعز: أتمت سنة.
الثنية من البقر: أتمت سنتين.
الثنية من الإبل: أتمت (5) سنوات.
السلامة من العيوب الفاحشة التي تؤدي إلى نقص اللحم، أو تضر بالصحة، والعيوب هي:
العوراء الظاهر عورها.
المريضة الظاهر مرضها.
العرجاء الظاهر ضلعها.
العجفاء التي لا تنقي (لا نقي لعظمها وهو المخ من ضعفها وهزالها).
طريقة ذبح الأضحية
استقبال القبلة عند الذبح.
ذكر اسم الله عند الذبح، ويستحب التكبير بعد الذبح.
إحداد الشفرة قبل ذبح الأضحية.
طريقة التضحية بالبعير بنحره، أما في الضأن فعن طريق الذبح وليس النحر، ويجوز في البقرة الذبح والنحر.
يستحب للمضحي أن يذبح أضحيته بنفسه.
كيفية توزيع الأضحية
أباح الإسلام للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويدّخر منها، ويُطعم منها.
ويستحب أن تكون نسبة التوزيع على ثلاثة أقسام: ثلث يأكل منه المضحي، وثلث يهدى به إلى الأقارب والأصدقاء، وثلث يتصدق به على الفقراء والمساكين.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
شروط الأضحية للرجل: لا يقص شعره ولا يُقَلِّم أظافره إذا دخلت العشر الأوائل من ذي الحجة حتى يضحي.
ما هي الأضحية وما حكمها؟
الأضحية اسم لما يُضحّى به (يُذبَح) من بهيمة الأنعام، أيام النحر (عيد الأضحى وأيام التشريق)، تَقَرُّباً إلى الله تعالى، وقد شرّعها الله تعالى في السنة الثانية للهجرة. وهي سنة مؤكدة لمن استطاع القيام بها.
كم مرة يجب على المسلم أن يضحي؟
لا يجب على المسلم أن يُضحّي، ولكن يستحب له أن يُقَدِّم الأضحية قرباناً لله تعالى، ولا يوجد ما يمنع تعداد المرات التي يمكن أن يُضَحّي بها المسلم.
ما هي الأضحية التي يجوز التضحية بها؟
الأضحية التي يجوز التضحية بها: الإبل والبقر والضأن، ولابد أن تبلغ الأضحية السن المعتبرة شرعاً: الجذعة من الضأن: أتمت (6) أشهر. من المعز: أتمت سنة. الثنية من البقر: أتمت سنتين. الثنية من الإبل: أتمت (5) سنوات.