الصبر وأنواعه وثمراته في الإسلام
الصبر صفة عظيمة وخُلق من أخلاق الأنبياء وأولو العزم منهم، وأثنى الله سبحانه وتعالى على الصابرين حتى وعدهم بدخول الجنة من غير حساب، والصبر هو خير وأوسع عطاء يمكن أن يناله الإنسان من الله.
اقرأ المزيدشهر رمضان الذي فرض الله فيه الصيام على المسلمين لما فيه من تطهير وتزكية للنفس البشرية، بالإضافة للأجر والثواب العظيم الذي يجنيه المسلم من تحمل مشاق الصيام لساعات طويلة، لكن إلى جانب هذا الثواب العظيم بإمكاننا أن نتخذ رمضان كفرصة لتجديد أنفسنا وأن نجعله فرصة للتغيير على كافة الأصعدة، الروحية والنفسية والاجتماعية.
في هذا المقال سنطرح العديد من النصائح لنجعل من رمضان فرصة للتبحر في الذات بهدف تغيير السلوكيات مع الثبات على تغييرها بعد الشهر الكريم.
شهر رمضان فرصة لتقوية علاقة العبد بربه والإكثار من الاستغفار وقراءة القرآن إلا أنه فرصة مميزة لتقوية العلاقات الأسرية والاجتماعية من خلال:
يضاعف الله أجر الصلاة في شهر رمضان الكريم حتى يعادل الفرض الواحد أجر سبعين فرض كما أخبرنا الرسول ﷺ، ولصلاة الجماعة أيضاً أجر مضاعف من الثواب لما توفره من فرصة الاستماع إلى الإمام والأخذ بوصاياه وإرشاداته مع الاطلاع على أحوال المسلمين.
وقد أخبرنا النبي محمد ﷺ عن هذا الفضل في حديث آخر، حينما قال: صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ وَحْدَهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ. [صحيح مسلم – 650].
رمضان شهر القرآن الكريم وهو الشهر الذي نزل فيه القرآن، ويستحب الإكثار من تلاوته في هذا الشهر والتدبر بالآيات والمعاني العظيمة التي وردت فيه، وقد حث النبي الكريم على الاجتماع في بيت الله وقراءة القرآن جماعة لما فيها من تدبر وسكينة للروح.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده”.[صحيح مسلم – 1023].
كما لقراءة القرآن بشكل فردي أجر عظيم في الشهر الكريم، ويجب على المسلم قراءته بتأني وفهم دون الانجرار للسرعة بهدف الإكثار من الختم دون تفكر وتدبر للمعاني، سأذكر لكم بعض الكتب المعينة على فهم الآيات في القرآن.
كما لكتب الروحانيات أثر على المسلم في تحسين النفس إلى الأفضل والتفكر بكافة السلوكيات والأعمال وتصويبها إلى الشكل الصحيح، من هذه الكتب:
اعتبر كثير من أهل السلف الصالح شهر رمضان، شهرٌ خاصاً لقراءة القرآن والتدبر بمعانيه؛ فكان كثيراً منهم يتركون مجالس العلم في شهر رمضان ويتعبرون أن نشر العلم والذكر خُصَّ في أحد عشر شهراً من السنة، وانشغلوا بالذكر في الشهر الذي خصه الله تعالى للقرآن الكريم.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف”. [رواه الترمذي – 999].
يعد شهر رمضان من الأشهر الذي تكون به نفسية الإنسان مجهزة لفعل الخيرات ومساعدة المحتاجين، لما تعطيه من شعور بإمكانية تغيير أحوال الناس إلى الأفضل، لذا يعتبر التطوع والمشاركة في الأعمال الخيرية أحد السبل التي تزرع في النفس معاني التغيير والاستمرار بفعل الخير، حيث يمكن التطوع في إعداد موائد الإفطار وتوزيع المساعدات والتي لها أجر وثواب عظيم.
للمسلم أجر وثواب عظيم في إفطار صائم في شهر رمضان الكريم وأظهر لنا الرسول الكريم مقدار حجم هذا الثواب في هذا الحديث، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ” مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ” . [رواه الترمذي – 1265].
تتنوع أفعال الخير في شهر رمضان وجميعها تؤدي لزيادة التقوى والقرب من الله، وكلما سعى المؤمن لتنويع سبل فعل الخير زاد من الثواب الذي يكتب له في الدنيا والآخرة.
في الشهر الكريم تنتشر الكثير من المبادرات لإفطار الصائمين المتأخرين عن بيوتهم في الطرقات وفي ذلك أجر كبير إذا أمكن للمسلم المشاركة فيها.
تعويد النفس على دفع الصدقة للفقراء والمحتاجين من الوسائل التي تطرح البركة في المال وتزيد من أواصر المحبة بين الناس وترفع من سوية التكافل الاجتماعي ولها أجر مضاعف في شهر رمضان في تجنيب صاحبها الكرب والمصائب، وحثنا الله تعالى على مساعدة المحتاجين والفقراء ودفع الصدقات لهم بأكثر من موضع في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم “ مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ – وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ – إِلاَّ أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ ”. [صحيح مسلم – 1014].
وقد ظهر ثواب دفع الصدقة في القرآن الكريم في الآية الكريمة: “مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ”.[سورة الحديد:11].
يمكن للإنسان أن يجعل من الشهر الكريم فرصة للتغيير من خلال التفكر بكافة الأعمال التي يقوم بها من عبادات وعلاقات مع الآخرين مع الابتعاد عن ارتكاب الأمور التي حرمها الله تعالى دون الرجوع لها بعد انتهاء رمضان، ومن خلال إقناع النفس أن كل ما في الدنيا زائل وتعويدها على الاستثمار في الآخرة.
يجب على الإنسان أن يبني علاقته مع الناس بإحسان في كل الأوقات وإذا شعر الإنسان بالتقصير؛ فشهر رمضان فرصة عظيمة لإحياء العلاقات مجدداً من خلال السؤال عنهم وزيارتهم ومعاملتهم بالمسامحة والابتعاد عن أذيتهم.
إقرأ المزيد