مرضعة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في أجمل الحكايات
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - السيرة النبوية: حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم

كان من عادة قريش إرسال الأطفال الرضع خارج مكة، لعدة أسباب منها:

  1. أنّ مكة المكرمة مدينة يأتيها الحجاج من كل مكان، فهي عرضة لانتشار الأمراض، فكانوا يخرجون أطفالهم إلى الصحراء لنظافتها، فكان من ينشأ في الصحراء ينشأ سليماً قوي البنية.
  2. لتعويد الأطفال على خشونة العيش، وتربيتهم على الشدة.
  3. الحرص على تلقي أولادهم اللغة العربية الفصحى، لأن الأعراب هم أهل اللغة، وذلك أن مكة يأتيها الناس للحج، فربما يلحن بعضهم بالكلام.

فكانت تأتي المرضعات من هذه القبائل لتأخذ الرّضّع الجدد، ولم يكونوا يتقاضون أجراً، إذ عزة النفس تمنعهم من أخذ أجرة، لأن الحرة لا تبيع لبنها، لكنهم كانوا يطمحون بمكافأة في نهاية الرضاع.

 

 آمنة بنت وهب والمرضعات

أم النبي أمنة هي أول من أرضع النبي ﷺ، وقد أرضعته لأيام معدودة، حتى أتت حليمة السعدية.

انتظرت أم النبي ﷺ المرضعات حتى يأتين، فكانت نساء بني سعد على الموعد، وقبيلة بنو سعد من القبائل العربية الأصيلة والفصيحة جداً، فيهم القوة والشرف، وكانت من بينهم حليمة السعدية.

مرضعة الرسول: حليمة السعدية

جاءت حليمة مع نساء بني سعد يبحثن عن الرُّضَّع في مكة، يصحبها زوجها، وكانوا من أفقر من أتى إلى مكة، وكان برفقتها ابنتها الشيماء وولدها الرضيع، وكانت من شدة جوعها وفقرها لا يكاد لبنها يكفي هذا الرضيع، وكانوا يركبون على أتانٍ نحيفة مريضة، لا تكاد تسير في الطريق، فكانت تؤخر النسوة اللاتي معها.

  • بدأت نساء قريش يعرضن عليهن الأطفال الرضع، وكانت النسوة تعرض عن أخذ الطفل اليتيم محمد ﷺ، فوالده ميت فمن الذي سيكرمهم في نهاية المدة؟
  • ثم حصلت كل النساء على رضيع، إلا حليمة السعدية لم تحصل على بغيتها بعد، فقالت لزوجها: كل النسوة عدن برضيع إلا أنا، هلم بنا لنأخذ هذا اليتيم علّ الله يبارك لنا بضمه إلى ولدنا، فأخذت النبي ﷺ.

بركة اليتيم محمد

  • كانت أولى بركات الرسول صلوات الله وسلامه عليه: أن نشطت الأتان وسبقت كل المرضعات.
  • من بركات ضم هذا اليتيم المبارك: أنّ لبنها الذي كان لا يكفي رضيعها، أصبح يرضع الاثنين ويشبعان.
  • كانت حليمة قد خلفت ورائها ناقة عجوز لا حليب فيها، فلما وصلوا كان ضرع الناقة مملوءاً حليبا.
  • كانت أغنام القوم تعود هزيلة ضعيفة، إلا أغنام حليمة كانت تعود ممتلئة سمنة، فكان أصحاب الشياه يعنفون الرعيان، ويطلبون منهم أن يرعوا حيث ترعى أغنام حليمة، فيجيبون بأنهم يفعلون هكذا، لكن مشيئة الله أن غنم حليمة يسمن، وغنم القوم لا يسمن.
  • عاش محمد ﷺ في مضارب حليمة سنتين، فغدا كأنه ابن ستة سنوات، وكان نطقه ﷺ فصيحاً في سنتين، وذاك من رعاية الله له، ولأنه تربى في مضارب بنو سعد، حنى أنّ الصحابة كانوا يتعجبون من فصاحته ﷺ، قال رجل من بني سليل: يا رسول الله أيدلك الرجل امرأته؟ قال: (نعم إذا كان ملفجا)، فقال له أبو بكر: يا رسول الله ما قال لك وما قلت له؟ قال له رسول الله ﷺ: (إنه قال: أيماطل الرجل أهله؟ فقلت له نعم إذا كان مفلساً)، فقال أبو بكر: يا رسول الله لقد طفت في العرب وسمعت فصحاءهم، فما سمعت أفصح منك فمن أدبك، قال: (ربي ونشأت في بني سعد).
  • عندما حان وقت إعادة الرضع إلى أهلهم، عادت حليمة إلى أمنة، لكن ليس لإعادة الطفل وإنما تستجدي عطف آمنة أن تبقي اليتيم عندها، لما لمست من بركة وجوده عندها.
  • وافقت آمنة أن يبقى محمد ﷺ في بني سعد مدة إضافية.

قصة شق الصدر

حليمة السعدية وما فعلته من أجل رسول الله

بقي رسول الله ﷺ في مضارب بني سعد، إلى أن حدثت قصة شق الصدر، فبينما حليمة وزوجها في الخيمة يهرع إليها ابنها، الذي رضع مع النبي ﷺ، فتسأله ما بك؟ فيجيب: أخي محمد جاءه رجلان فصرعاه، فركضت حليمة وزوجها نحو النبي ﷺ، وإذا هو منتقع اللون.

ونسوق القصة كما أوردها الإمام مسلم في صحيحه: من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أن رسول الله ﷺ أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه، يعني ظئره، فقالوا: إنّ محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.

خافت عليه حليمة فقررت إعادته إلى أمه، فتعجبت آمنة وسألتهم هل حدث شيء لابنها؟ فما زالت بهما حتى أخبراها بحادثة شق الصدر، فعاد رسول الله ﷺ إلى حضن أمه آمنة.

https://www.youtube.com/watch?v=QmOuYoqyXz0&t=3s

ثويبة الأسلمية أول من أرضع النبي

كانت جاريةً عند عمه أبا لهب، وهي أول من أرضع النبي عليه الصلاة والسلام غير أمه، وكانت قد أرضعت حمزة عمه قبله، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وأبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم النبي ﷺ، وقد أسلمت رضي الله عنها، وهي أول من بشر بولادة النبي ، فكانت من بركة هذا المولود أن أعتقها سيدها أو لهب لما بشرته بولادة النبي محمد .

امرأة من بني سعد

هي المرأة التي كانت قد أرضعت حمزة عم النبي ﷺ، وكانت في زيارة لحليمة السعدية فقامت بإرضاع النبي صلوات الله وسلامه عليه، وبناءاً على هذا فإن حمزة رضي الله عنه يكون أخو النبي في الرضاع من طرفين: من طرف ثويبة الأسلمية، ومن طرف هذه المرأة من بني سعد.

 

حياة مرضعات الرسول في الجاهلية

أما ثويبة: فكانت أَمَةً عند عمه أبا لهب، فلما بشرته بقدوم النبي فرح بابن أخيه وأعتقها.

وأما حليمة السعدية: فكانت من قبيلة بني سعد، وكانت في قلة من المال وشظف العيش.

 

مرضعات الرسول وأثرهنّ في حياة الأمة الإسلامية

حليمة السعدية نموذجاً

من البركات التي حلّت على حليمة السعدية وزوجها ما ذكرناه سابقاً في طرح البركة في مالها وعيالها، عندما كان النبي لا يزال رضيعاً في مضارب بني سعد.

لكن البركة الأعظم المتحصلة من إرضاع حليمة لرسول الله عندما بعث النبي ﷺ، ودعا الناس إلى عبادة الواحد الديان، فعمت البركة كل قبيلة هوازن، عندما وقعو أسرى بيد رسول الله ﷺ.

يروي الحادثة عبد الله بن عمرو فيقول: كنا مع رسول الله ﷺ بحنين، فلما أصاب من هوازن ما أصاب من أموالهم وسباياهم أدركه وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا، فقالوا:

  • يا رسول الله! لنا أصل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك، فامنن علينا من الله عليك، وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله! إنما في الحظائر من السبايا خالاتك وعماتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، وذكر كلاماً وأبياتا.
  • فقال رسول الله ﷺ: (نساؤكم وأبناؤكم أحب إليكم أم أموالكم؟) فقالوا: يا رسول الله خيرتنا بين أحسابنا وبين أموالنا، أبناؤنا ونساؤنا أحب إلينا.
  • فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وإذا أنا صليت بالناس فقوموا وقولوا: إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله في أبنائنا ونسائنا، سأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم).
  • فلما صلى رسول الله الظهر بالناس، قاموا فقالوا ما أمرهم به رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: (أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم)، وقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تيم فلا ، فقال العباس بن مرداس السلمي: أما أنا وبنو سليم فلا، فقالت بنو سليم: بل ما كان لنا فهو لرسول الله ﷺ، وقال عيينة بن بدر: أما أنا وبنو فزارة فلا، فقال رسول الله ﷺ: (من أمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ستة فرائض من أول فيئ نصيبه، فردوا إلى الناس نساءهم وأبناءهم).

وهذا من بركة إرضاع حليمة السعدية لرسول الله ﷺ، إذ منّ الله على قومها بإعتاقهم من الأسر، ثم دخولهم الإسلام فيما بعد.

 

وفي الختاملا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء

كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:

وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم و هجرة الرسول إلى المدينة

و قصة ابن صياد مع النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة

 

المصادر والمراجع

أرشيف ملتقى أهل الحديث

السنن الكبرى للبيهقي

روضة الفيحاء في أحكام النساء، ياسين الخطيب

 

الأسئلة الشائعة

لماذا رفضت المرضعات أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم؟

لم تكن المرضعات يقبلن أخذ أجرة لقاء إرضاع الأطفال لأن عزة النفس تمنعهم من بيع لبنهم، لكن المرضعات كن يطمعن بأعطيات وهدايا والد الطفل خلال فترة الرضاع، أو بعد الانتهاء من العمل، غير أنّ رسول الله كان يتيماَ، فقد مات والده وهو في بطن أمه، فمن سيعطي هذه المرضعة ما تطمح له؟

هل الروايات التي تؤكد أن حليمة هي من رضعت الرسول صلى الله عليه وسلم صحيحة؟

نعم فقد ثبت في كتب السير أن رسول الله قد رضع في مضارب بني سعد في خيمة حليمة السعدية، وهي من أرضعته.

ما هي حكمة عدم رضاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل والدته؟

كان من عادة قريش إرسال الأطفال الرضع خراج مكة، لعدة أسباب منها:
1. أنّ مكة مدينة يأتيها الحجاج من كل مكان، فهي عرضة لانتشار الأمراض، فكانوا يخرجون أطفالهم إلى الصحراء لنظافتها، فكان من ينشأ في الصحراء ينشأ سليماً قوي البنية.
2. تعويد الأطفال على خشونة العيش، وتربيتهم على الشدة.
3. الحرص على تلقي أولادهم اللغة العربية الفصحى، لأن الأعراب هم أهل اللغة، وذلك أن مكة يأتيها الناس للحج، فربما يلحن بعضهم بالكلام.

هل كانت هناك مرضعات أخرى للرسول صلى الله عليه وسلم؟

أول من أرضعه أمه آمنة.
ثم ثويبة الأسلمية جارية عمه أو لهب.
ثم حليمة السعدية.
امرأة من بني سعد غير حليمة السعدية.

اترك تعليقاً