نظرات تجديدية حول السيرة النبوية من د. طارق السويدان
تاريخ النشر: - تاريخ التعديل: - التاريخ الإسلامي السيرة النبوية - جديدنا

تشكل السيرة النبوية المحور الأساسي الذي تدور حوله حركة التدوين لتاريخ الإسلام في الجزيرة العربية، فهي العامل الذي أثر في الأحداث الأولى التي شهدتها الجزيرة العربية، ومن ثم امتد تأثيرها لتشمل أحداث سائر العالم الإسلامي.

السيرة النبوية: تعريف ومقدمة وأهميتها في الإسلام

السيرة النبوية لغة

يقول أهل اللغة: وسار السنَّةَ أو السِّيـرةَ سلكها واتبعها، والسيرة وجمعها سير تطلق على السنة والطريقة والهيئة والمذهبُ، ووصفُ السلوك، والحالة التي يكون عليها الإنسان.

ويقولون أيضاً: استارَ بسَيرْ فُلاَن، أي: مشى على خطته واستن بسنته، ونحن أمة محمد ﷺ مطالبون بالسير على خطاه، وباتباع سننه قدر المستطاع، حتى ننال الأجر والثواب ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، ويقول تعالى: ﴿وأَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.

السيرة النبوية اصطلاحاً

المقصود بالسيرة النبوية كيف كانت طريقة تعامل النبي ﷺ مع الناس طوال حياته، من مولده إلى وفاته،

ويكون تعريف السيرة النبوية اصطلاحًا: ذكر أحداث حياة النبي ﷺ من مولده إلى وفاته، وما يتعلق بذلك من أشخاص ووقائع مع ترتيبها ترتيبًا زمنيًا.

 

أهمية السيرة في الإسلام

 بدون فهم السيرة لا يمكن فهم القرآن الكريم، فكثير من الآيات الكريمة لا يمكن أن تفهم إلا بالرجوع إلى سبب نزولها، وأسباب نزولها موجودة في سيرته ﷺ، تعتبر السيرة النبوية من المصادر الرئيسية لفهم الإسلام وتاريخه، وهي تحتوي على العديد من القصص والأحداث التي تعطي فكرة عن حياة النبي ﷺ وأسلوب حياته ومبادئه ومواقفه وسيرته الخلقية والعلمية والتاريخية والسياسية.

 

ومن الأهمية البالغة للسيرة النبوية في العصر الحديث أنها تعطي فكرة عن الإسلام كدين شامل يتضمن جوانب العقيدة والشريعة والأخلاق والتاريخ والحضارة، وتبين كيف يمكن للإسلام أن يكون دينًا يتماشى مع العصر الحديث ويحقق التقدم والتطور دون التخلي عن قيمه ومبادئه الأساسية.

تاريخ توثيق السيرة النبوية ومصادرها

تدوين السيرة النبوية

تشكل السيرة النبوية المحور الأساسي الذي تدور حوله حركة التدوين لتاريخ الإسلام في الجزيرة العربية، فهي العامل الذي أثر في الأحداث التي شهدتها الجزيرة العربية، ومن ثم امتد تأثيرها لتشمل أحداث سائر العالم الإسلامي.

بدأ تدوين السيرة النبوية بعد تدوين السنة النبوية، فالسنة النبوية ابتدأت كتابتها في عهد النبي ﷺ، وذلك بأمرٍ منه، أما سيرة رسول الله ﷺ ومغازيه فقد نقلها الصحابة بعده مشافهة دون تدوين.

أما أول من دون في السيرة النبوية (عروة بن الزبير ت 92هـ)، ثم (أبان بن عثمان ت 105هـ)، ثم (وهب بن منبه ت 110هـ)، ثم (شرحبيل بن سعد ت 123هـ)، ثم (ابن شهاب الزهري ت124هـ)، لكن للأسف فإن مؤلفات هؤلاء القوم لم تصل إلينا اليوم بل اندثر معظمها، أما الذي وصل لنا اليوم فنتاج من تلقف عن هؤلاء الكرام فأثبتوه في كتبهم الخاصة، وكان في مقدمة هؤلاء (محمد بن إسحق ت 152هـ)، الذي اتفق كلام الباحثين أن ما كتبه ابن إسحق يعد أوثق ما كتب في السيرة النبوية.

ثم جاء (ابن هشام) فهذب سيرة ابن اسحق ولخصها وهي المعروفة اليوم بسيرة ابن هشام.

مصادر السيرة النبوية

للسيرة النبوية مصادر كثيرة لكن أهمها ستة مصادر:

القرآن الكريم وكتب التفسير

لا يوجد في تاريخ البشر سيرة حظيت بهذه الدقة والتوثيق غير سيرة رسول الله ﷺ، فقد وثقها القرآن الكريم الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾، سيرة النبي ﷺ التي فصلها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في كل الجوانب التي تهم البشرية.

أما كتب التفسير فقد قامت بخدمة السيرة النبوية ودققتها، واستخلصت منها العبر، والدروس، والفوائد التربوية والاجتماعية.

الحديث الشريف

جمعت لنا كتب الحديث الشريف من أقوال وأفعال وأحوال النبي ﷺ، ما يبلغ من (700) ألف حديث، لكن مقدار الأحاديث الصحيحة والحسنة يتجاوز (100) ألف حديث، موجودة في الكتب الصحاح الست، ثم في كتب المسانيد.

كتب المغازي

والمغازي جمع غزوة، وهي غزوات الرسول ﷺ، وقد أُلّفت كتب كثيرة في مغازي رسول الله ﷺ، فهناك كتب تحدثت عن غزوة بدر بتفاصيلها، وكتب عن غزوة أحد بأحداثها، وكتب عن باقي الغزوات.

كتب التاريخ الإسلامي

من كتب المراجع القديمة: طبقات ابن سعد، وتاريخ الرسل والملوك للطبري، وسيرة ابن هشام، وسيرة ابن إسحق.

من كتب المراجع الحديثة: سلسلة التاريخ الإسلامي المكونة من (9) أجزاء، لمحمود شاكر، أحد أجزائها يتكلم عن السيرة النبوية، ومن أعظم الكتب في التصنيف والتبويب والتوثيق والتسلسل التاريخي: كتاب (الجامع في السيرة النبوية) لسميرة الزايد، المكون من (6) مجلدات، ثم اختصرته إلى مجلدين (المختصر الجامع في السيرة النبوية).

5. كتب الدلائل (معجزات  النبي ﷺ)

فطن علماء السلف الصالح لكلمة المعجزات، بأنها خارقة للعادة ويتحدى بها العرب، ومعجزات النبي ﷺ لم يتحدى بها العرب إلا من خلال معجزة القرآن الكريم، فسماها العلماء الدلائل على نبوة النبي ﷺ، وقد ألف العلماء كتباً في هذا العلم منها: دلائل النبوة لأبي إسحق، ودلائل النبوة لابن قتيبة، ودلائل النبوة للبيهقي، دلائل النبوة للأصفهاني.

  1. كتب الشمائل

كتب متخصصة في أخلاق النبي ﷺ، وعاداته، وفضائله، وزينته، وأثاث بيته، وطعامه، وشرابه، وكل شيء يخص النبي ﷺ، من هذه الكتب: كتاب الشمائل للترمذي، وكتاب الشفا في تعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض، وكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم.

 

أهمية السيرة النبوية وتطبيقاتها في الحياة اليومية للمسلمين

يقول الله تعالى في محكم تنزيله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا، قال الإمام ابن كثير: هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسى برسول الله ﷺ في أقواله وأفعاله وأحواله ولهذا أمر الناس بالتأسى بالنبي ﷺ يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه-تبارك وتعالى.


هذه الآية تتكلم عن أحوال وأفعال النبي ﷺ يوم الأحزاب، ومن يتمعن في السيرة النبوية الشريفة، يرى أن النبي ﷺ كان القدوة الحسنة الطيبة في كل أقواله وأفعاله وأحواله ﷺ.

كان يحفر الخندق مع أصحابه، ويضرب بالفأس، يحمل التراب معهم، بل وشاركهم في أراجيزهم وأناشيدهم، وهم يقومون بهذا العمل الشاق المتعب.


كان المثال الأكبر في تحمل آلام الجوع، وآلام السهر.. بل كان ﷺ هو القائد الحازم الرحيم، الذي يلجأ إليه أصحابه عند ما يعجزون عن إزالة عقبة صادفتهم خلال حفرهم للخندق.

وكيف لا تكون سيرته ﷺ أسوة حسنة وقدوة عملية؟ وهو الذي شج رأسه وكسرت رباعيته وقتل عمه حمزة، فوقف صابراً محتسباً، حتى إذا تمكن ممن ظلموه وآذوه قال لهم: اذهبوا أنتم الطلقاء.

لماذا نحتاج لدراسة السيرة النبوية

لن نستطيع أن نفهم معاني القرآن الكريم بدقة حتى ندرس سيرة النبي الكريم ﷺ، ولن نستطيع فهم أحداث السيرة إلا في ضوء تعاليم القرآن، ولن نتمكن من فهم الأحاديث النبوية بشكل جيد حتى نعود إلى دراسة القرآن والسيرة معًا.

اليوم نحن بحاجة لدراسة سيرة النبي ﷺ بشدة، لأنها المنهج الصحيح للتغيير والإصلاح والتربية والدعوة والعلم والعمل.

ولما كانت أمتنا الإسلامية مستهدفة في دينها وعقيدتها، فإنه من الضروري أن نستعيد روحانية رسول الله ﷺ وقراءة السيرة العطرة لنتعلم منها أسس الإيمان والأخلاق.

وإذا كان أعداء الإنسانية يتفننوا لإبعاد الشباب المسلم عن هويتهم وتدمير الرموز في عقولهم وقلوبهم، فعلينا اللجوء إلى السيرة النبوية لنحمل الأجيال عليها كأفضل مثال وأعلى قدوة، ولنعزز ولائهم لأعظم جيل أنتجه الله في تاريخ البشرية.

النظرة التاريخية: استلهام الدروس والعبر من حياة النبي ﷺ محمد ﷺ

تعتبر السيرة النبوية منهج متكامل لحياة ملؤها السعادة والهناء في الدنيا، والفوز برضوان الله في الآخرة، فسيرة رسول الله ﷺ شرح عملي لنظام الإسلام الشامل.

من خلال فهم السيرة، نعرف منهج التكوين الإسلامي ويفهم كيف قام النبي ﷺ بتأسيس مجتمع المسلمين (المدينة الفاضلة).

إنّ التعمق في دراسة السيرة يوضح لنا كيف كان النبي ﷺ يتعامل مع كل طبقات المجتمع: فيرشد الفرد المسلم، ويهتم بالبيت المسلم، وينظم المجتمع المسلم.

 

إنّ التعمق في دراسة السيرة يوضح تشكلت اللبنة الإيمانية في دار الأرقم، وبيت أبي بكر، وكيف تكون المجتمع الإسلامي الجديد في المدينة المنورة؟، وكيف تأسست الحضارة الإسلامية؟ وأول بناء كان مسجدها الجامع؟ وتوحد صفوفها وحرر سوقها وجيشها وأمن حدودها، وتم إعداد دستورها وتوقيع المواثيق مع جيرانها ومواجهة أعدائها.

 

إنّ سيرة رسول الله ﷺ تشرح لنا كيف مارس النبي ﷺ سياسة القائد الناجح، فقام بإبرام المعاهدات مع الآخرين، وراسل ملوك الدنيا لنشر دين الله في كل مكان، وكيف فتح أتباعه من بعده العالم كله بأخلاقهم قبل سيوفهم، وبنصحهم قبل بطشهم.

نماذج من الدروس والعبر

في بيته وبين أهله: سألت عائشة ما كان النبي ﷺ يصنع في بيته؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة) رواه البخاري.

مع خادمه: عن أنس بن مالك قال: خدمت رسول الله ﷺ ، عشر سنين، لا والله ما سبني سبة قط، ولا قال لي: أف قط، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلته.

 

مع أصحابه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾، كان يتواضع لأصحابه، ويقضي حاجتهم، يجيب دعوتهم، يزور مريضهم، يصلي على موتاهم، كثير الدعاء لهم ولأبنائهم، ويشعر بآلامهم.

مع غير المسلمين: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، كان يدعوهم إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان يحسن جوارهم، يقبل هداياهم، ويهدي إليهم، يعاملهم باللطف واللين، ويوصي بهم خيراً، يبيع لهم ويبتاع منهم، ويزور مريضهم.

النظرة الأخلاقية: التأسي بفضائل وسماحة النبي ﷺ في سلوك المسلمين

من خلال دراسة السيرة النبوية، يمكن للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء فهم القيم الإسلامية والتعرف على أهمية العدل والرحمة والتسامح والتعايش السلمي بين الناس، وكذلك الحفاظ على الحقوق الإنسانية والتعاون في بناء المجتمعات الإنسانية.

 

قال الله تعالى واصفاً أخلاق الرسول ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، كان رسول الله ﷺ يعلم صحابته الكرام قيم المجتمع الفاضل، ويزرع فيهم روح التسامح والمساواة، وأنّ الناس كلهم متساوون في العيش على هذه الأرض، ويحثهم على تطبيق العدل حتى مع غير المسلمين، عن جابر بن عبد الله قال: خطبنا رسول الله ﷺ في وسط أيام التشريق خطبة الوداع، فقال: (يا أيها الناس! إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغت، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فليبلغ الشاهد الغائب)، ثم ذكر الحديث في تحريم الدماء والأموال والأعراض.

 

النظرة الاجتماعية: تطبيق مبادئ العدالة والمساواة والرحمة في المجتمعات الحديثة

تعتبر السيرة النبوية مصدرًا هامًا لفهم العلاقات الدولية والسياسية والاجتماعية في العالم الإسلامي، وتوفر معلومات قيمة للدراسات الأكاديمية والبحوث في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية والتاريخية.

إنّ حياة النبي ﷺ وتعاليمه ستبقى منارة تهتدي بها الشعوب المسلمة، وحتى غير المسلمة إذا تجردت من عنصريتها.

 

عن أم المؤمنين عائشة: أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله ﷺ ؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله ﷺ فكلمه أسامة، فقال رسول الله ﷺ : أتشفع في حد من حدود الله، ثم قام فاختطب، ثم قال: (إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) رواه البخاري.

هذ الحديث يشير صراحة أنه لا أحد فوق حدود الله في الحضارة الإسلامية، حتى لو كانت بنت رسول الله ﷺ، وما ذاك إلا ليكفل الحياة الكريمة المصانة بتعاليم هذا الدين الحنيف لكل الشعوب التي تنضوي تحت راية الإسلام.

لو طبقت سلوكيات رسول الله ﷺ في مجتمعاتنا الحديثة لعاشت جميع الشعوب بمحبة ورحمة وسلام.

النظرة التربوية: استخدام سيرة النبي ﷺ كنموذج تربوي للشباب وتعزيز القيم الإسلامية

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوا أنفسكم وأمروا أهليكم بالذكر والدعاء حتى يقيهم الله بكم،

قال ﷺ : (ما نحل والد ولداً، أفضل من أدبٍ حسن).

لقد سلك رسول الله ﷺ في تربية أصحابه الشباب منهجاً رائعاً، يقوم على اللين واللطف في توجيه المخطئ، كما فعل مع الشاب الذي أتى يستأذن النبي ﷺ في الزنا، فلم يعنفه رسول الله ولم يشتمه، بل اتخذ معه أسلوب الحوار الهادئ المقنع،

فعن أبي أمامة الباهلي أن غلاما شابا أتى النبي ﷺ فقال: يا نبي الله أتأذن لي في الزنا؟ فصاح الناس به، فقال النبي ﷺ قربوه، ادن فدنا حتى جلس بين يديه، فقال النبي ﷺ عليه الصلاة والسلام: (أتحبه لأمك؟) فقال: لا، جعلني الله فداك، قال: (كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم)، (أتحبه لابنتك؟) قال: لا، جعلني الله فداك قال: (كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم)، (أتحبه لأختك؟) وزاد ابن عوف حتى ذكر العمة والخالة، وهو يقول في كل واحد لا، جعلني الله فداك، وهو ﷺ يقول (كذلك الناس لا يحبونه)، وقالا جميعا في حديثهما – أعني ابن عوف والراوي الآخر -: فوضع رسول الله ﷺ يده على صدره وقال: (اللهم طهر قلبه واغفر ذنبه وحصن فرجه) فلم يكن شيء أبغض إليه منه.

كان نهج رسول الله ﷺ تربية الشباب على أساس العقيدة الصحيحة، المستمدة من الكتاب والسنة.

كان نهج رسول الله ﷺ تربية الشباب على الفطرة السليمة والأخلاق الفاضلة، والخلق الحسن.

كانت نظرة رسول الله ﷺ أنّ الشباب هم طاقة الأمة المتجددة، وهي الواحة الغنية الوافرة على مرّ الزمان أمام صحراء الكفر والبغي والظلم، فوجه لهم في أحاديثه ما يبقى زاداً لهم على مر العصور.

 

الأسئلة الشائعة

ما هي أهمية السيرة النبوية في العصر الحديث؟

أنها تعطي فكرة عن الإسلام كدين شامل يتضمن جوانب العقيدة والشريعة والأخلاق والتاريخ والحضارة، وتبين كيف يمكن للإسلام أن يكون دينًا يتماشى مع العصر الحديث ويحقق التقدم والتطور دون التخلي عن قيمه ومبادئه الأساسية.

ومن خلال دراسة السيرة النبوية، يمكن للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء فهم القيم الإسلامية والتعرف على أهمية العدل والرحمة والتسامح والتعايش السلمي بين الناس، وكذلك الحفاظ على الحقوق الإنسانية والتعاون في بناء المجتمعات الإنسانية.

كيف يمكننا تطبيق سنة النبي ﷺ في حياتنا اليومية كمسلمين؟

إنّ تطبيق سنة النبي ﷺ في حياتنا اليومية كمسلمين يتطلب فهمًا صحيحًا لسيرته وأسلوب حياته، وتحويلها إلى أفعال وسلوكيات عملية تستند إلى القيم والمبادئ الإسلامية الأساسية.
ومن بين الطرق التي يمكن تطبيق سنة النبي ﷺ في حياتنا اليومية كمسلمين:
1- العدل والإنصاف
2- التسامح والرحمة
3- الصدق والأمانة
4- المحبة والتعاطف
5- التعلم والتعليم

هل يمكننا استلهام دروساً من حياة النبي ﷺ في حل مشكلاتنا المعاصرة؟

نعم، يمكننا استلهام العديد من الدروس من حياة النبي ﷺ في حل مشكلاتنا المعاصرة. فالنبي ﷺ كان قدوة للناس في كل شيء، وقد أتى برسالة الإسلام لحل مشاكل الناس وتوجيههم إلى الطريق الصحيح. ومن بين الدروس التي يمكننا استلهامها من حياته هي:

1- الصبر والتحمل: النبي ﷺ يتحمل الصعوبات والمشاكل في مواجهة المشاكل وعدم الانجرار وراء الغضب والاستفزازات.

2- العدل والمساواة: كان النبي ﷺ يعامل الجميع بالعدل والإنصاف دون تمييز. ويمكننا تطبيق ذلك في حياتنا المعاصرة عن طريق التعامل مع الناس بالمساواة وعدم التمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو الجنسية أو الدين.

3- الحوار والتعايش السلمي: كان النبي ﷺ يسعى إلى حل المشاكل بالحوار والتفاهم. ويمكننا تطبيق ذلك في حياتنا المعاصرة عن طريق التعاون والحوار مع الآخرين والتفاهم معهم لحل المشاكل والصراعات.

4- الإيجابية والأمل: كان النبي ﷺ يعلم الناس أن الأمل والتفاؤل هما مفتاح النجاح.
5- الرحمة والتعاطف: النبي ﷺ يتحلى بالرحمة والتعاطف مع الناس، ويمكننا تطبيق ذلك في حياتنا المعاصرة عن طريق إظهار الرحمة والتعاطف مع الآخرين ومساعدتهم في الحاجات الضرورية.

ما هو دور الشباب في تعزيز وتطبيق سيرة النبي في العصر الحديث؟

الشباب هم جيل المستقبل والقادة الحاليين والمستقبليين، ولذلك عليهم أن يكونوا أساس تطبيق القيم والأخلاق الإسلامية السامية في حياتهم اليومية. ومن بين أهم دور الشباب في تعزيز وتطبيق سيرة رسول الله في العصر الحديث:
1- تعلم السيرة النبوية.

2- التطبيق العملي: عن طريق العمل بجدية على تطبيق القيم والأخلاق الإسلامية في التعامل مع الآخرين وتحسين حياتهم وحياة الآخرين من حولهم.

3- نشر الوعي: عن طريق المشاركة في الأنشطة الدينية والاجتماعية والتعليمية والتوعوية.

4- العمل الخيري: من خلال تطبيق سيرة النبي ﷺ في العمل الخيري، وتحفيز الناس على المشاركة فيه.

5- الريادة والقيادة: من خلال العمل على تحسين حياة الناس من حولهم وتطوير المجتمع.

المصادر والمراجع

القرآن الكريم

الجامع الصحيح للإمام البخاري

فقه السيرة النبوية، د محمد سعيد رمضان البوطي

اترك تعليقاً