الولاء والبراء بين التساهل والتشدد
من خصائص المجتمع المسلم أنَّه مجتمع يقوم على عقيدة الولاء والبراء: (الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من كل من حادّ الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين).
اقرأ المزيدهو أول من آمن من العبيد، ولقي في الله أشدّ أنواع العذاب، فكان شعاره (أحد أحد)، ثم كان الجزاء من جنس العمل، فارتقى أعظم بقاع الأرض صادحاً بقوله الله أكبر الله أكبر، فمن هو هذا الصحابي؟ وكيف كانت حياته قبل إسلامه؟ وما منزلته عند رسول الله ﷺ؟ وما هو دوره الذي قام به في المجتمع الإسلامي؟ معلومات قيمة تجدونها في هذه المقالة.
بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومؤذن رسول الله ﷺ.
أما والدته فتدعى حمامة، ويقال له بلال بن حمامة. وقد ولد بعد حادثة الفيل بثلاث سنوات.
من الصحابة السابقين إلى الإسلام، ومن الذين لقوا في سبيل الله أشدّ أنواع العذاب، فلم يصرفهم ذلك عن إسلامهم.
هاجر إلى المدينة المنورة، وشهد كل الغزوات مع النبي ﷺ، فهو من أهل بدرٍ الذين اصطفاهم الله، ومن أهل بيعة الرضوان الذين امتدحهم الله في قرآنه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
هو بلال بن أبي رباح القرشي التيمي الكندي
زوجات بلال بن رباح كانت “هند الخولانية” و“هالة بنت عوف”، وقد ذُكرت أسماؤهما في المصادر التاريخية. هند الخولانية كانت زوجة بلال بن رباح، وهالة بنت عوف كانت أيضًا زوجة أخرى له.
بعد إشهار إسلامه، تعرض بلال لشتى صنوف التعذيب، فكان يشرف على تعذيبه صناديد الكفر: فرعون هذه الأمة أبو جهل وأمية بن خلف من خلال وضعه على الأرض اللاهبة، تحت أشعة الشمس الحارقة، وربط يديه وقدميه مشدوداً عليه الوِثاق، ثم يأتي بالصخرة الكبيرة ويضعها على بطنه، وهما يصرخان في وجهه: (عد إلى دينك، أعبد اللات والعُزّى، أكفر بمحمد)، فإذا به يجيبهم بكلمة أصبحت شعاراً دائماً على مر العصور، يدل على استعداد الفرد للتضحية بنفسه في سبيل إرضاء الله سبحانه وتعالى.
نعم (أَحَدٌ أَحَد)، فالرب واحد، والرزاق واحد، والمحيي واحد، والمميت واحد، فعلام يخاف المرء إن كان يدين بعبوديته للواحد الأحد؟
عندما نجح بلال بالتصدي لمحاولات الكفار في صرفه عن الدين الجديد، وبقي متمسكاً بكلمة التوحيد مردداً مقولته الشهيرة (أَحَدٌ أَحَد)، جاء النصر من الله سبحانه وتعالى، في إغاثة هذا العبد الذي استسلم لأوامره، واتبع نبيه الذي أرسله لهم، وكيف للواحد الأحد أن يترك عبداً يلهج لسانه بذكره دون أن يكشف الضر عنه بعد أن امتحن إيمانه ونجح في الامتحان، فهيأ الله له سيداً يشتريه من صاحبه ويعتقه لوجه الله، أما المُعتق فهو أبو بكر الصديق، وقد ورد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه شهد لأبي بكر بأنه سيد الصحابة وأعتق سيد الصحابة بعده فقال: (أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا) والمقصود بالعتق هو بلال بن رباح رضوان الله عليه.
لما عجزت قريش عن صرف رسول الله ﷺ عن نشر دينه الجديد، اتخذت أسلوباً قذراً من خلال تعذيب أتباعه الذين آمنوا بهذا الدين، علّ ذلك يؤثر على رسول الله ﷺ، وكان بلال من بين الذين تعرضوا لهذه الهجمة الشرسة من كفار قريش.
لكنّ بلال نجح في اختبار الله له، فكافأه سبحانه بأن جعله أول من يؤذن في الإسلام، وخلد اسمه إلى يوم القيامة، فلا يكاد يسمع الأذان حتى يتبادر إلى عقول البشر مؤذن رسول الله ﷺ بلال بن رباح.
تبشير بلال بالجنة: إنّ علاقة بلال برسول اللهﷺ تتجلى بكونه المؤذن الأول لرسول الله في حضره وسفره، ويكفي بلال شرفاً بشارة النبي له بالسيادة، فقد قال ﷺ: (نعم المرء بلال سيد المؤذنين يوم القيامة، المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة) [تخريج سير أعلام النبلاء – 1/355].
كان بلال يصاحب رسول الله ﷺ كثيراً، فاكتشف رسول الله ﷺ جمال صوته، فأمره رسول الله ﷺ أن يؤذن، فقد كان بلال أول من صدح بالأذان في الإسلام، وشرّفه الله سبحانه وتعالى أن يؤذن بين يدي رسول الله ﷺ في حضره وسفره، ثم زاد تشريف الله لصاحب شعار (أَحَدٌ أَحَد)، بارتقائه ظهر الكعبة المشرفة، ليرفع الأذان من فوقها، كونه من أندى الناس صوتاً كما وصفه رسول الله ﷺ، حيث كان ذلك في السنة الثامنة للهجرة، عندما فتح رسول الله مكة المكرمة، وطهّر الكعبة من الأوثان التي كانت بداخلها، أو التي كانت تحيط بها من كل جانب.
بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ترك بلال بن رباح دوره كمؤذن.
بلال بن رباح كان واحدًا من الصحابة المخلصين للنبي محمد، وظل يلعب دورًا هامًا في الجالية المسلمة.
واستمر في أداء دور المؤذن بناءً على اختيار النبي محمد صلى الله عليه وسلم. كمؤذن، كان مسؤولًا عن نداء الأذان للصلوات الخمس من أعلى المآذن في المسجد في زمان النبي محمد ﷺ
كان هذا الدور أساسيًا في جمع المسلمين لأداء الصلوات وتذكيرهم بالعبادة.
بالإضافة إلى دوره كمؤذن، فإن بلال بن رباح استمر في المشاركة في الأنشطة المجتمعية والدينية. كان له دور في توزيع الصدقات والمساعدة في الحاجات المجتمعية. كما شارك في الغزوات العسكرية التي قادها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وساهم في نشر الإسلام وتعزيزه في الجزيرة العربية.
بلال بن رباح أيضًا غادر المدينة المنورة بعد وفاة النبي محمد، واستقر في مدينة دمشق في سوريا. هناك، ساهم في نشر الإسلام في تلك المنطقة وأدى دورًا في توطيد الجالية المسلمة. وفقًا للمصادر التاريخية، توفي بلال بن رباح حوالي عام 640-642 ميلادي في دمشق.
لم يكن بلال بن رباح معروفًا بأداء دور بارز في الأحداث السياسية أو العسكرية بعد وفاة النبي محمد.
إنّ المتأمل في قصة بلال رضي الله عنه يجد قوة الإيمان في قلبه رضي الله عنه، إذ كان باستطاعة بلال أن يفعل كما فعل عمار بن ياسر بأخذ الرخصة وعدم الإفصاح عن اتباعه لهدي رسول الله ﷺ، لكنه سلك طريقاً صعباً للغاية، أنا عبدٌ لله عز وجل، وهو ناصري لا محالة فلم لا أصدح بديني؟ لم لا أبيع دنياي القصيرة ولو لقيت فيها ما يسوئني مقابل الفوز بجنة عرضها السماوات والأرض.
فاستحق بشارة رسول الله له بالجنة، وهو لا يزال يسير على هذه الأرض، وحق له هذه البشارة فقد قدّم في سبيلها ثمناً غالياً من جسده ودمه.
لم يكن بلال مجرد مؤذن لرسول الله ﷺ، فشأنه شأن صحابة رسول الله كلهم، كانوا منارات تضيء طريق العباد، وتدلهم بحالهم قبل مقالهم على جمال الإسلام، وكان لبلال بن رباح إسهامات كبيرة في المجتمع الإسلامي، منها:
فهو أحد رواة الحديث عن النبي ﷺ، وقد أخذ عنه الكثير من الصحابة من بينهم: أسامة بن زيد، والبراء بن عازب، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وكعب بن عجرة، ووهب بن عبد الله، وطارق بن شهاب، إضافة لجمع كبير من التابعين ممن روى عن بلال بن رباح.
بقي بلال المؤذن الخاص لرسول الله ﷺ طيلة حياته، فلما توفي رسول الله ﷺ اعتزل بلال الأذان من شدة حبه للنبي ﷺ، وبقي في المدينة المنورة في خلافة أبي بكر الصديق،
بعد وفاة الصّدّيق تولى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الخلافة، فاستأذنه بلال في الخروج إلى أرض الشام، مجاهداً في سبيل الله، فأذن له الفاروق رضوان الله عليه، فخرج لإعلاء كلمة التوحيد، فلما فتح الله أرض الشام نزل دمشق وبقي فيها حتى توفاه الله.
وكان آخر ما قاله وهو يرد على زوجه التي كانت تندبه بقولها واكرباه، فكشف الغطاء عن وجهه وقال: ( بل وا طرباه، غداً ألقى الأحبة، محمداً وصحبه).
بلال بن رباح، الصحابي الجليل ومؤذن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، توفي في العام الثامن للهجرة (حوالي عام 640 ميلاديًا) في دمشق. وقد خدم بلال بن رباح في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم كمؤذن للمسجد النبوي وكان من الصحابة البارزين. وبعد وفاة النبي محمد، استمر في خدمة الإسلام وشهد معظم الغزوات والمعارك مع الرسول وخلفائه الراشدين.
يعتبر بلال بن رباح رمزًا للإيمان والصداقة في تاريخ الإسلام، وتاريخ وفاته يعتبر حدثًا هامًا في تاريخ الإسلام.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين و سيرة عمر بن الخطاب
و سيرة عثمان بن عفان و سيرة علي بن ابي طالب
أصل بلال بن رباح من الحبشة فيقال له بلال الحبشي.
من صفات بلال بن رباح الخَلقية: آدم شديد السمرة نحيف طويل كثير الشعر، في ظهره ميول إلى صدره.
قال رسول الله عن بلال بن رباح: أنه سيد المؤذنين يوم القيامة.
وبشّره رسول الله بالجنة، فقد أخبره أنه سمع قرع نعاله بين يديه في الجنة، فسأله عن ذلك فقال له: ما توضأت إلا صليت بذاك الوضوء ما شاء الله من الصلوات.
قال سيدنا بلال بن رباح عند موته: (غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه) في رده على زوجه ساعة احتضاره عندما قالت واكرباه فكشف الغطاء عن وجهه وقال: (بل واطرباه، غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه).