قال الذهبيفي تاريخه: (كانت شجر الدُّربارعة الجمال، ذات رأي ودهاء وعقل، ونالت من السعادة ما لم ينلها أحد من نساء زمانها، وكان الملك الصّالح يحبّها ويعتمدُ عليها، ولما تُوفّي على دِمياط أخفَت موته، وكانت الأمراء والخاصية يحترمونها ويُطيعونها، وملّكوها عليهم أيامًا، وتسلطنت وخُطب لها على المنابر).
من هي شجرة الدر؟
اسم شجرة الدر
شجرة الدر أو شجر الدر: ملقبة بـ (عصمة الدين أم خليل)، خوارزمية الأصل، هي جارية اشتراها السلطان الصالح “نجم الدين أيوب“، وحظيت عنده بمكانة عالية وأحبها، فأعتقها وتزوجها.
صفات شجرة الدر
شجرة الدر اسم عظيم في التاريخ الإسلامي: (إن شئت الشجاعة، وإن شئت الفطنة، وإن شئت الغضب، وإن شئت الغدر)، كل هذا تجمع في هذه المرأة.
شجرة الدر ونجم الدين ابوب
بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي تمزقت دولته الكبيرة بين أقاربه وأبنائه، ودبّ النزاع بين الأيوبيين في مصر والشام، وفي (641هـ) اختلف “الناصر داود” حاكم الأردن والقدس مع “الصالح إسماعيل” حاكم دمشق، اختلف الاثنان مع الملك الصالح “نجم الدين أيوب” حاكم مصر، واستعانا بالنصارى ضده فوافقوا مقابل تسليمهم القدس.
والتقى الجيشان في غزة، ودارت بينهما معركة قام فيها أبطال الشام بترك الجيش الخائن، وانضموا إلى الملك الصالح أيوب، وانقلبوا على النصارى وقتلوا منهم (30) ألف، وسميت هذه المعركة “حطين الثانية”.
واستمر جيشهم بالقتال حتى وصل الشام وثار أهلها وطردوا “الصالح إسماعيل“، ثم استعان بالخوارزميةوطرد الصليبين من القدس، وكان هذا آخر وجود لهم فيها حتى دخلها الإنكليز عام (1917م)، وعادت وحدة الدولة الأيوبية بقيادة الملك الصالح “نجم الدين أيوب”.
حملة لويس التاسع على مصر
( عام 1248م) قام “لويس التاسع” ملك فرنسا الملقب بـ (الملك التقيّ)، بالتحرك نحو مصر بدعوة من البابا لاحتلالها واسترجاع القدس، واستطاع السيطرة على دمياط وتوجه نحو المنصورة، خرج الملك الصالح “نجم الدين أيوب” بجيشه وبدأت المعركة (معركة المنصورة)، لكن مشيئة الله أن يموت الملك الصالح أيوب بصورة طبيعية في خيمته أثناء المعركة.
هنا تحركت زوجته شجرة الدر:
فأمرت الأطباء بإخفاء الخبر.
أرسلت تستدعي ولي العهد “طوران شاه” الذي كان في الموصل.
استمرت المعركة بقيادة شجرة الدر.
استطاعت الانتصار على ملك فرنسا “لويس التاسع” وجيشه الجرار.
جيء بالملك “بويس” أسيرًا إليها فسجنته في سجن المنصورة.
فاوضها على إطلاق سراحه مقابل أموال طائلة يدفعها، فوافقت على أن يتم دفع نصف المبلغ قبل إطلاقه والنصف الآخر بعده.
خرج الملك “لويس التاسع” من مصر إلى عكا، وما إن وصلها حتى نكث بعده وبدأ يجهز جيشًا صليبيًا لاستعادة القدس، وطلب المعونة من طائفة الحشاشينالإسماعيلية أعداء الخلافة العباسية فأعانوه، وطلب المعونة من المغول لكن خلافاتهم الداخلية منعتهم، فأرسل إلى البابا لكنه كان مشغولًا في حملة ضد ملك الرومان، وبقي “لويس” يعد العدة أربع سنين.
حكم شجرة الدر في مصر
استلم حكم الأيوبيين “طوران شاه” ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب، وأول عمل كان يفكّر به هو القضاء على نفوذ المماليك الذين كانوا عبيدا وجاء بهم أبوه لأجل القتال، ثم ازداد نفوذهم وأصبحوا قادة في الجيش، في إحدى الليالي كان “طوران شاه” سكرانًا وأمامه شموع، فجعل يضربها بالسيف وهو يقول: (هكذا سأفعل بالمماليك).
كان المماليك يرون ويسمعون فعرفوا نيته، فتآمروا مع “شجرة الدر” على قتل “طوران شاه” وتوليتها الحكم، وفعلًا تم ذلك على يد القائد المملوكي الفارس “أقطاي“، وذلك بعد (70) يوم من توليه الحكم فقط، وتولت بعده “شجرة الدر” مقاليد الأمور، وأعلن المماليك والأمراء في مصر بيعتهم لها، فغدت أول امرأة تحكم في الإسلام.
التنازل عن الحكم لعز الدين ايبك
وصل خبر تولية “شجرة الدر” الحكم إلى الشام، فرفض أهلها البيعة وقالوا: (لا نبايع امرأة على حكمنا)، وأرسل الخليفة العباسي في بغداد رسالة إلى مصر مستهزئًا: (إذا لم يكن لديكم ثمة رجال يحكمون فسنرسل لكم برجال من عندنا).
شعرت “شجرة الدر” أنها لن تكون مقبولة كحاكمة لمصر، وأدركت أن الأمور ستخرج عن سيطرتها، فعرضت الزواج على أحد قادة المماليك الضعاف وهو “عز الدين أيبك“، ثم تنازلت له عن العرش، وهكذا انتهى حكم الأيوبيين وبدأ حكم المماليك عام (1250م).
بدأت “شجرة الدر” -التي كانت تدير الأمور فعليًا- إعادة تنظيم البلاد، فنظمت قوة عسكرية ضخمة في مصر، وأنشأت أسطولًا بحريًا قويًا، لكن الأيوبيين في الشام رفضوا حكم المماليك في مصر.
وكانت الملك “لويس التاسع” يستعد لغزو القدس، فتدخلت الخلافة العباسية بوساطة هدأت فيها الأمور بين الأيوبيين والمماليك، وعقد الصلح على أن تكون القدس وغزة ونابلس تحت حكم المماليك، وللأيوبيين بقية الشام.
لم يستطع الملك “لويس التاسع” تجميع قوات قادرة على استعادة القدس، ففقد الأمل وانسحب من فلسطين إلى أوروبا، وبانسحابه انتهت أكبر الحملات الصليبية على الشام، ثم حاول بعد ذلك بحملة على تونس فرده هناك “الحفصيون” بمساندة بعض القبائل العربية، ومات هناك وحمل جثمانه إلى فرنسا.
مقتل شجرة الدر
أراد “عز الدين أيبك” أن يمتلك زمام الأمور، ويتخلص من سطوة “شجرة الدر“، فقرر أن يحالف ملك الموصل فأرسل إليه سرًّا يخطب ابنته، اكتشفت “شجرة الدر” هذه المؤامرة؛ فحرّكت بعض المماليك فقبضوا على زوجها “أيبك” فقتلته، وسيطرت من جديد على الحكم.
ثم بدأت تعرض على قادة المماليك الزواج منها، لكن أحدًا لم يقبل خوفًا منها ومن تكرار تجربة “أيبك” معها، عندها أعلنت “المنصور” ابن أيبك من زوجته الأخرى حاكمًا وكان عمره (10) سنوات، ووجدت فيه فرصة لكي تبقي مقاليد الأمور بقبضتها، لكن قائد الجيش “سيف الدين قطز” فاجئها بإعلانه الوصاية على الحاكم.
فبدأ الصراع بين “شجرة الدر” وسيف الدين “قطز“، ولما رأى القادة الآخرين رجلًا يقف بوجه “شجرة الدر” انحازوا إليه وأعلنوا ولائهم له، فأسقط بيد “شجرة الدر” ولم تجد من يساندها، فأرسل “قطز” من يعتقلها فجمعت جواهرها وجعلت تحطمها.
ثم ألقي القبض عليها فطلبت أم الملك “المنصور” أن يترك أمرها لها، فجمعت الجواري وجعلن يضربنها بالقباقيب حتى ماتت، ثم رمينها من شرفة القصر إلى خندق ثم جاء الجنود فدفنوها، وهكذا كانت نهاية “شجرة الدر” عام (655هـ – 1257م).
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات: