نصائح قبل الزواج
الزواج مرحلة مهمة في حياة شبابنا وشاباتنا، والمقبلون على هذا المشروع الطيب عليهم أنْ يكونوا…
Read moreإن القوة الحقيقية ليست قوة البدن فقط، بل تنطوي بمعناها الشامل على عدة أنواع منها: (القوة النفسية، والقوة الإيمانية).
وقد أشار النبي ﷺ إلى أن مدار القوة ليس هو البدن فحسب، وإنما يدخل معه القوة النفسية، الناتجة عن تحمل الغير وكظم الغيظ، يقول النبي ﷺ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»، وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب آتاه الله كل هذه الأنواع من القوة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من خلقه.
حينما يتحدّث النّاس عن القوّة والبطولة والهيبة؟ فلا بدّ من ذكر سيرة صحابيّ جليل، وخليفة راشد، كان مثالًا ونموذجًا للمؤمن القويّ، الذي لا يخشى في الله لومة لائم،
ألا وهو أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، الذي بلغت شهرته الآفاق، وسمعت بسيرته الدّنيا، وخلّده التّاريخ الإسلامي كواحد من أعظم الخلفاء والقادة، وأكثرهم عدلًا وتقوى بعد رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
لا شك أن البيئة التي تربى فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بما فيها من: (خشونة في العيش، وضيق في ذات اليد)، لها أثر كبير في تكوينه الجسدي، فليس من ينشأ في النعيم والظل والحرير، كمن ينشأ تحت لظى الشمس الحارقة في جو مكة، وفي بيت الخطاب بن نفيل.
ولد عمر بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وفي رحاب مكة وجَوّها القائظ، وريحها اللافحة، وصحرائها القاحلة من جهة، وتحت كنف أبوه الخطاب بن نفيل العدوي الذي كان شديد البأس، قوي الشكيمة من جهة أخرى، مما أورثه بعضًا من صفات القوة،
كان المسلمون قبل إسلام عمر وحمزة يخفون إيمانهم خوفًا من تعرضهم للأذى، أما بعد إسلامهما فأصبح للمسلمين من يدافع عنهم ويحميهم، وكان عمر يجاهر بالإسلام، فلم يرضَ عن أداء المسلمين للصلاة في شعاب مكة بعيدين عن أذى قريش، فقام وقال للنبي ﷺ:
“يا رسول الله، ألسنا على الحق؟“، فأجابه: “نعم”، قال عمر: “أليسوا على الباطل؟“، فأجابه: “نعم”، فقال عمر بن الخطاب: “ففيمَ الخفية؟“، قال النبي ﷺ: “فما ترى يا عمر؟”، قال عمر: “نخرج فنطوف بالكعبة“، فقال له النبي: “نعم يا عمر”.
فخرج المسلمون لأول مرة يكبرون ويهللون في صفين، صف يرأسه عمر بن الخطاب، والآخر يرأسه حمزة بن عبد المطلب وبينهما النبي ﷺ، حتى دخلوا وصلّوا عند الكعبة، نظرت قريش إلى عمر وإلى حمزة وهما يتقدمان المسلمين، فَعَلتْ وجوهَهُم كآبة شديدة، يقول عمر: (فسماني رسول الله ﷺ الفاروق يومئذٍ).
قال عبد الله بن مسعود: (ما كنا نقدر أن نصلّي عند الكعبة، حتى أسلم عمر، ما زلنا أعِزَّة منذ أسلم عمر).
لما أسلم عمر بن الخطاب أَبَى إلا أن يكون إسلامه علانية، وإيمانه مشتهرًا يتسامع به الناس، كذا لما أراد الهجرة أبى إلا أن تكون علانية، قال علي بن أبي طالب:
ما علمت أحدًا من المهاجرين هاجر إلا مختفيًا، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما همّ بالهجرة، تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهمًا، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعًا متمكنًا،
ثم أتى المقام، فصلى متمكنًا، ثم وقف على الحلق واحدة، واحدة، فقال لهم: (شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، أو يوتم ولده، أو يرمل زوجه؛ فليلقني وراء هذا الوادي).
وصف الفاروق بأنه: (رجل آدم، أعسر أيسر، يعمل بكلتا يديه، أصلع، أضخم، مفرط الطول، يفوق الناس طولًا، إذا كان فيهم بدا كأنه راكب على دابة والناس يمشون، جسيم،
كأنه من رجال سدوس، كبير الشارب، إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع، يصارع الفتيان في سوق عكاظ فيصرعهم، وبلغ من فروسيته وشدة بنيانه أنه كان يأخذ بأذن الفرس بيد وبأذنه بيده الأخرى، ثم يثب على الفرس، فهو قوي حتى في مظهره الخارجي).
بقراءة سيرة الفاروق يظهر لنا حبه الشديد، وعاطفته الفياضة للرسول ﷺ، فحين يسمع رسول الله ﷺ يقول: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكَونُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ حَتَّى نَفْسِهِ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ». فَيَقُولُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَالِي وَوَلَدِي وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، إَلا نَفْسِي الَّتِي بَيْنَ جَنْبِي، فقال الرَّسُولُ: «لا يَا عُمَرُ»،
فرجع الفاروق إلى نفسه وحبه للنبي ﷺ فقال: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ مَالِي وَوَلَدِي وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ حَتَّى نَفْسِي الَّتِي بَيْنَ جَنْبِي. فَقَالَ الرَّسُولُ: «الآنَ يَا عُمَرُ»، أي الآن اكتمل إيمانك يا عمر، أعلن عمر صراحةً في بادئ الأمر أن حبه للنبي ﷺ أكثر من أي شيء إلا نفسه، وهذه الصراحة دليل على قوته النفسية.
عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب لم تعلم قريش بإسلامه، فقال: أي أهل مكة أفشى للحديث؟ فقالوا: جميل بن معمر الجمحي، فخرج إليه وأنا أتبع أثره، أعقل ما أرى وأسمع، فأتاه فقال: يا جميل إني قد أسلمت، فقال: فوالله ما رد عليه كلمة، حتى قام عامدًا إلى المسجد، فنادى أندية قريش فقال: يا معشر قريش إن ابن الخطاب قد صبأ،
فقال عمر: كذب، ولكني أسلمت وآمنت بالله وصدقت رسوله، فثاوروه فقاتلهم حتى ركدت الشمس على رءوسهم، حتى فتر عمر، وجلس فقال: (افعلوا ما بدا لكم، فو الله لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم).
فبينا هم كذلك قيام إذ جاء رجل عليه حلة حرير، وقميص موشى، فقال: ما لكم؟ فقالوا: إن ابن الخطاب قد صبأ، قال: فمه، امرؤ اختار دينًا لنفسه، أتظنون أن بني عدي تسلم إليكم صاحبهم؟ قال: فكأنما كانوا ثوبًا انكمش عنه، فقلت له بعدُ بالمدينة: يا أبت، من الرجل الذي رد عنك القوم يومئذ؟ قال: يا بني، ذاك العاص بن وائل.
عمر الذي كان بين الصحابة متفردًا بالصرامة والصراحة والقوة في الحق، والشدة في دين الله، هو نفسه عمر الأواه الأواب الخاشع الضارع المخبت المنيب، الذي ذلت له نفسه في الله، بل ذل له شيطانه الذي لم يجرؤ أن يسير في طريق يسلكه عمر وإذا رآه ولى مدبرًا،
وما أفصح وأدق قول رسول الله ﷺ وهو يرى عمر داخلًا عليه ذات يوم فيقول: «إِيِهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ، إِلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ».
إِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالإِنْسِ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ“، ولت الشياطين الدبر فَرَقًا وخَوْفًا من هذا المؤمن المُؤَيد بنصرة الله، ويئست منه أن تصرفه عن عزائم الأمور، أو الوسوسة له بالشر، فليس هذا من شأنها معه،
ويكفي المرء في معرفة قدر الفاروق عمر، أن يتعرف على وصف الرسول للفاروق بالشدة في دينه والقوة في أمر الله تعالى، يروي أنس بن مالك عن الرسول: «أَشَدُّ أُمَّتِي فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ».
ومن أعظم ما تميز به عمر نزول عددٍ من آيات القرآن موافقةً لرأيه، قال ابن عمر: ما نزل بالناس أمرٌ قط فقالوا فيه وقال فيه عمر، إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر، يحدث عن نفسه، فيقول: وافقت ربي في ثلاث:
ومن القضايا التي نزل فيها القرآن موافقًا لرأي عمر:
ا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان وهو نسيبٌ لي فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها،
فهوى رسول الله ﷺ ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قال عمر، لكن القرآن نزل موافقا لرأي عمر.
ويكفي المرء في معرفة قدر الفاروق عمر، أن يتعرف على وصف الرسول للفاروق بالشدة في دينه والقوة في أمر الله تعالى، يروي أنس بن مالك عن رسول الله ﷺ: «أَشَدُّ أُمَّتِي فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ».
قال الرسول ﷺ: «إيهٍ يا ابنَ الخطابِ ! والذي نَفْسِي بيدِهِ ما لقِيَكَ الشيطانُ قطُّ سالكًا فجًّا، إلَّا سلَكَ فجًّا غيْرَ فَجِّكَ».
عن عبدالله بن العباس قال: وُضِعَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ علَى سَرِيرِهِ، فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عليه، قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فيهم، قالَ فَلَمْ يَرُعْنِي إلَّا برَجُلٍ قدْ أَخَذَ بمَنْكِبِي مِن وَرَائِي، فَالْتَفَتُّ إلَيْهِ فَإِذَا هو عَلِيٌّ، فَتَرَحَّمَ علَى عُمَرَ، وَقالَ:
ما خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللهِ إنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مع صَاحِبَيْكَ، وَذَاكَ أَنِّي كُنْتُ أُكَثِّرُ أَسْمَعُ رَسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»، فإنْ كُنْتُ لأَرْجُو، أَوْ لأَظُنُّ، أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ معهُمَا.
كان أبو بكر لينا، كان الصبيان يسعون إليه يقولون: يا أبتي، فيمسح على رؤوسهم، كان لهم بمثابة الوالد من شدة لينه، فلما ولي عمر الخلافة، تفرق الرجال وتركوا مجالسهم في الشوارع هيبة منه، فلما وصله ذلك، نادى بـ “الصلاة جامعة”، ثم صعد منبر رسول الله ﷺ وجلس عند قدمي أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
(بلغني أن الناس خافوا شدتي وهابوا غلظتي، وقالوا: لقد اشتد عمر ورسول الله ﷺ بين أظهرنا، واشتد علينا وأبو بكر والينا دونه، فكيف وقد صارت الأمور إليه؟! ألا فاعلموا أيها الناس أن هذه الشدة قد أضعفت (أي تضاعفت)،
ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، أما أهل السلامة والدين والقصد، فأنا ألين إليهم من بعضهم لبعض، ولست أدع أحدًا يظلم أحدًا أو يعتدى عليه، حتى أضع خده على الأرض وأضع قدمي على خده الآخر؛ حتى يذعن للحق، وإني بعد شدتي تلك لأضع خدي أنا على الأرض لأهل الكفاف وأهل العفاف).
إقرا أيضا:مواقف عظيمة في حياة الفاروق عمر بن الخطاب
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
الحسين بن علي و الأرقم بن أبي الأرقم و معاذ بن جبل
جَوّ مكة القائظ، وريحها اللافحة، وصحرائها القاحلة من جهة، ونشأته تحت كنف أبوه الخطاب بن نفيل العدوي الذي كان شديد البأس، قوي الشكيمة من جهة أخرى، أورثاه بعضًا من صفات القوة،
بعد إسلامه أخذ يجاهر بالإسلام، فلم يرضَ عن أداء المسلمين للصلاة في شعاب مكة بعيدين عن أذى قريش، فقام وقال للنبي ﷺ: "يا رسول الله، ألسنا على الحق؟"، فأجابه: "نعم"، قال عمر: "أليسوا على الباطل؟"، فأجابه: "نعم"، فقال عمر بن الخطاب: "ففيمَ الخفية؟"، قال النبي ﷺ: "فما ترى يا عمر؟"، قال عمر: "نخرج فنطوف بالكعبة"، فقال له النبي: "نعم يا عمر".
فخرج المسلمون لأول مرة يكبرون ويهللون في صفين، صف يرأسه عمر بن الخطاب، والآخر يرأسه حمزة بن عبد المطلب وبينهما النبي ﷺ، حتى دخلوا وصلّوا عند الكعبة، نظرت قريش إلى عمر وإلى حمزة وهما يتقدمان المسلمين، فَعَلتْ وجوهَهُم كآبة شديدة، يقول عمر: (فسماني رسول الله ﷺ الفاروق يومئذٍ).
أتى المقام، فصلى متمكنًا، ثم وقف على الحلق واحدة، واحدة، فقال لهم: (شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، أو يوتم ولده، أو يرمل زوجه؛ فليلقني وراء هذا الوادي).
حدث عن نفسه، فيقول: وافقت ربي في ثلاث:
1- قلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.
2-وقلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب.
3- واجتمع نساء النبي ﷺ في الغيرة عليه، فقلتُ لهن: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن}، فنزلت هذه الآية.
-وقضية أسرى بدر.
- وافق القرآن قول عمر في مسألة تحريم الخمر.
- عدم الصلاة على زعيم المنافقين عبد الله بن أُبى بن سلول.
- كان شديد العناية والرقابة على التزامهم بأحكام الدين، فكان حرصه بسبب معرفته أن الناس تنظر له ولأهله وتترقب أفعله، بالإضافة إلى أنه يجب عليهم أن يكونوا مثلًا لهم في الالتزام والحرص،
- كان لا يرضى أن يحابى أولاده بسببه:
1-وصف الرسول للفاروق بالشدة في دينه والقوة في أمر الله تعالى، يروي أنس بن مالك عن رسول الله ﷺ: «أَشَدُّ أُمَّتِي فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ».
2-قال الرسول ﷺ: «إيهٍ يا ابنَ الخطابِ ! والذي نَفْسِي بيدِهِ ما لقِيَكَ الشيطانُ قطُّ سالكًا فجًّا، إلَّا سلَكَ فجًّا غيْرَ فَجِّكَ».