أحداث سقيفة بني ساعدة
من توفيق الله تعالى لهذه الأمَّة: أن هداها لسرعة اختيار خليفةٍ لرسول الله ﷺ في سقيفة بني ساعدة وهي: مكان يُستظل به، يعود لبني ساعدة، بايع تحته المسلمون أبا بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة، بعد وفاة النبي ﷺ.
اقرأ المزيدفي عالم مليء بالتحديات والمتغيرات، يبقى التوكل على الله هو السلاح الأقوى الذي يمكن أن يحمله الإنسان. إنه الثقة العمياء في قدرة الله، والاعتقاد الراسخ أن كل شيء يحدث بمشيئته ورحمته. عندما نضع ثقتنا في الله، نجد السكينة والأمان حتى في أصعب اللحظات.
التوكل على الله ليس مجرد كلمات نرددها، بل هو نمط حياة يشكل جزءًا من وجودنا. إنه القوة التي تمكننا من المضي قدمًا، حتى عندما تكون الظروف غامضة والمستقبل مجهول. فعندما نتوكل على الله، نكون واثقين أنه سيهدينا ويسدد خطانا.
الرزق من عندِ الله تعالى والتوكل عليه صفةُ المؤمن، الرزقُ مَشروط ببذلِ الأسباب وإن كانت يسيرة، فعلى الإنسانِ أنّ يبذلُ الأسباب ثم يتوكلَ على الله مفوّضًا لهُ الأمر، فهذهِ مريم عليها السلام لما جاءها المخاض أمرَ الله حتى تأكل أنْ تهزّ جذع نخلةٍ يابس لا ثمرَ فيه،
أرادَ الله أنْ يأتيها بالرزقِ عن طريقِ مُعجزة ولكنّه يُعلمنا أنهُ لا بدلَ من العمل، وموسى عليه السلام أمرَ أنْ يُضرب البحر بعصاه حتى ينشق، فلا هزّ مريم للجذعِ ولا ضربُ موسى البحر فعل ولكنهُ درس من رب البشر.
والإنفاقُ ليس عبادةً ظاهريّة بل عبادةً تدخلُ في أعماقِ النفس الإنسانيّة، فليسَ الله هو الرزّاق فحسب، وإنّما هو المُعطي، ولا ينقصُ المال من الصدقة في الدنيا قبلَ الآخرة،
وقد يكونُ التعويض ماليّ أو بمنصبٍ ومكانة أو بشرّ يصرف أو تطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار، وبها معنى عقيدي يربطُ بين الفعلِ الظاهر “الإنفاق والصدق” وبين المعنى الباطن “أنّي أؤمن بالله”.
يعلمنا الله أنّ الإنسان يجبُ أنْ يعمل ويبذلَ كلّ جُهده، ولكن يُعلمنا أيضًا ألا نتعمد ونتّكل على أعمالنا؛ بل على ربنا صاحبِ الرزق، فتركُ اِتخاذ الأسباب معصية ولكن التوكلّ عليها شرك {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، و{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}.
الفرقُ بين التوكل والتواكل كبيرٌ عظيم، فالتوكل على الله حق التوكل: هو أنْ يبذلَ الإنسان كلّ الجُهد وبأعلى درجاتِ الإتقان، لكنّه لا يعتمدُ على ذكائِه وتخطيطه؛ وإنّما يعتمد على الله عزّ وجل.
أما التواكل: أنْ يجلسَ فلا يفعلُ شيئًا ويتنظرَ الرزق من الله، فيَصدق عليه قول الشاعر:
إسلامُنا لا يَستقيمُ عَمُودُهُ بدعاء شيخٍ في زوايا المسجد
إسلامُنا لا يَستقيمُ عَمُودُهُ بقصائد تتلى بمدح محمد
إسلامنا نورٌ ينيرُ طريقنا إسلامنا نارٌ على من يعتدي
«يا أبا بكر، ما ظنّكَ باثنين، الله ثالثهُما»، فلمّا كان النبي ﷺ متوكلًا على الله واثقًا بنصرهِ ووعده، أورثهُ ذلكَ طمأنينةً وسكينة جعلتهُ لا يعبأ بترصد الأعداء مع قُربهِم منه، وهذا ما ذكرهُ الله بقولهِ {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
إذا صدقَ الإنسانُ بتوكلهِ على الله؛ جعلهُ ذلكَ ينفقُ بغيرِ حساب، فالصدقة قد تكون هي سببُ الرزق وقد يتعطلُ الرزق بتركِ الصدقة، والصحابة الكرام لما استقرّ هذا المعنى في نفوسهم تفننوا في الإنفاق:
هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما حضّ رسولُ الله ﷺ الناسَ على البذل جاء بنصفِ ماله، وقال: (اليوم أسبقُ أبا بكر)، فلما سأله رسول الله ﷺ: ما أبقيتَ لأهلكَ يا عمر؟ قال: النصف يا رسولَ الله، ثم جاءَ أبو بكر الصديق رضي الله عنه فلما سألهُ رسول الله ﷺ قال: (أبقيتُ لهُم الله ورسوله)، فانظروا إلى هذه الثقة بما عند الله.
وهذا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، قد تركَ (6) دراهم مع زوجتهِ فاطمة الزهراء لتشتري طحينًا، فلمّا خرجَ وجدَ سائلًا فأرسلَ لها طالبًا الدراهم، فظنّت أنهُ نسي أنها ثمنُ الطحين، فقال لها قولًا يكتب بماء الذهب: (لا يصدقُ إيمانُ عبدٍ حتى يكونَ ما عندَ الله أوثقَ مما في يده)، فلمّا علمت رضي الله عنها السبب ما ترددت وسارعت فبذلتها.
ولمّا مضى علي كرّمَ الله وجهه إذ برجلٍ يمرّ وعنده ناقة فقال له: هل تبيعني النّاقة دينًا؟ قال: أنت نعم، فاشتراها دينًا بـ (140) درهمًا، ثم ما مشى قليلًا وإذ بتاجر يطلبها فباعه إياها بـ (200)، ثم سددَ دينهُ وبقيَ معهُ (60) درهمًا، فرجعَ إلى فاطمة وقال: اُنظري قول الله عز وجل {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}.
أهلُ بيت النبي ﷺ هم نموذجُ الكرمِ والجود والإنفاق والثقةِ بالله عزّ وجل، هؤلاء قُداوتنا الذين نُصليّ ونُسلّمُ عليهم في كل صلاة، هؤلاء الذين تعلموا من جدّهم ﷺ قسمه: «ما نقصَ مالٌ من صدقة»، فلنخض هذه التجربة ولنعش هذهِ المعاني.
يتجلى معنى اليقين بالله في قصةِ أم المؤمنين السيدةُ عائشة بنت أبي بكرٍ الصديق، كانت صائمة واقتربَ وقتُ الإفطار وما عندها إلا رغيف، فطرق الباب سائلٌ فأخبرتهُ أن تعطيهِ الرغيف،
فأشفقت الخادمةُ عليها فقالت: بم تُفطرين؟! (أحيانًا بعض المقرّبين قد يكونوا مثبطين عن غير قصد، فما العمل معهم؟)، فقالت السيدة عائشة: أعطهِ الرغيف (المبادرة هي الردّ على التردد)، وجلست تنتظر الإفطار مطمئنة لم تشتكي.
وقبُيلَ الإفطار بقليل إذ البابُ يُطرق بهدية شاة كاملة مشويّة، فضحكت السيدةُ عائشة ونادت الخادمة وأجلستها على المائدة وقالت: (كُلي هذا خيرٌ من قرصكِ، إنّ الله يخلف على المُنفقين في الدنيا والآخرة).
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
الصدقة فن الإحسان و ما هو الإبداع؟ وما هي مهاراته وأنواعه؟
لإنسان يجبُ أنْ يعمل ويبذلَ كلّ جُهده، ولكن يُعلمنا أيضًا ألا نتعمد ونتّكل على أعمالنا؛ بل على ربنا صاحبِ الرزق، فتركُ اِتخاذ الأسباب معصية ولكن التوكلّ عليها شرك {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، و{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}.
الرزق من عندِ الله تعالى والتوكل عليه صفةُ المؤمن، الرزقُ مَشروط ببذلِ الأسباب وإن كانت يسيرة، فعلى الإنسانِ أنّ يبذلُ الأسباب ثم يتوكلَ على الله مفوّضًا لهُ الأمر
التوكل على الله حق التوكل: هو أنْ يبذلَ الإنسان كلّ الجُهد وبأعلى درجاتِ الإتقان، لكنّه لا يعتمدُ على ذكائِه وتخطيطه؛ وإنّما يعتمد على الله عزّ وجل.
أما التواكل: أنْ يجلسَ فلا يفعلُ شيئًا ويتنظرَ الرزق من الله،
1-الطمأنينة والسكينة.
2-الرزقُ بسهولةً ويُسر.
3-الفوزُ بدخولِ الجنّة