ملاذ كرد معركة خالدة من أهم معارك المسلمين، لا تقل في أهميتها وقيمتها وانتصارها ونتائجها عن المعارك العظيمة في التاريخ الإسلامي أمثال: (غزوة بدر، والقادسية، وفتح دمشق، وفتح مصر، وحطين، وعين جالوت)، وغيرها من الأيام الخالدة في تاريخنا الإسلامي المجيد.
الب ارسلان ودولة السلاجقة
تولى ألب أرسلان حكم دولة السلاجقة خلفًا لعمه طغرل بك، الذي أسس دولة السلاجقة، وقضى ألب أرسلان السنوات السبع الأول من حكمه في: (المحافظة على ممتلكات دولته، وتوسيع رقعتها، وتأمين حدودها من غارات الروم)، وكان يعاونه وزيره الصالح نظام الملك.
ثم اتجه صوب الغرب: بلاد الأرمن، وجورجيا والأجزاء المجاورة لها من بلاد الروم، لأن أهل هذه البلاد أكثروا من الإغارة على حتى صاروا مصدر إزعاج وقلق لسكانه.
رومانوس الرابع
تنبه إمبراطور الروم رومانوس إلى خطر السلجوقيين، وأدرك أن التوسع السلجوقي لن يقف عند هذا الحد، وأن خطره سيهدد بلاده، فعزم على الإغارة على مناطق الشام الشمالية،
فهاجمها ونهبها وقتل أهلها، غير أن ذلك لم يكن كافيًا لدفع خطر السلاجقة عن بلاده، فأعد جيشًا كبيرًا لضرب السلاجقة وتحجيم قوتهم وإضعافهم.
جهَّز الإمبراطور رومانوس جيشًا ضخمًا عدده (200) ألف مقاتل من الروم، وتحرك بهم ممنِّيًا نفسه بنصر حاسم يقضي على خطر السلاجقة، فقد أطمعته قواته الغفيرة وعتاده الكثيف بأن النصر آتٍ لا ريب فيه، واتجه إلى ملاذكرد حيث يعسكر الجيش السلجوقي.
أدرك ألب أرسلان صعوبة موقفه، فهو أمام جيش بالغ الضخامة كثير العتاد، في حين أن قواته لا تتجاوز (20) ألفًا، وفي أعظم التقادير بلغ هذا الجيش (40) ألفًا، فبادر بالهجوم على مقدمة جيش الروم،
ونجح في تحقيق نصر خاطف يحقق له التفاوض العادل مع إمبراطور الروم، لأنه كان يدرك صعوبة أن يدخل معركة ضد جيش الروم، فقواته الصغيرة لا قبل لها بمواجهة غير مضمونة العواقب.
فأرسل إلى الإمبراطور مبعوثًا من قبله ليعرض عليه الصلح والهدنة، فأساء الإمبراطور استقبال المبعوث ورفض عرض السلطان، وأشاح بوجهه في غطرسة وكبرياء مطمئنًا من الفوز والظفر، ولم ينتظر سماع كلام مبعوث السلطان، وطالبه أن يبلغه بأن الصلح لن يتم إلا في مدينة “الريّ” عاصمة السلاجقة.
معركة ملاذكرد
أيقن السلطان ألب أرسلان ألاَّ مفر من القتال، بعد أن فشل الصلح والمهادنة في دفع شبح الحرب، فعمد إلى جنوده يشعل في نفوسهم روح الجهاد وحب الاستشهاد، وأوقد في قلوبهم جذوة الصبر والثبات، وخطب فيهم فقال:
(إنني أقاتل محتسباً صابراً، فإن سلمت فنعمة من الله عز وجل، وإن كانت الشهادة فهذا كفني..، أكملوا معركتكم تحت قيادة ابني ملكشاه).
ووقف فقيه السلطان وإمامه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري يقول للسلطان مقوِّيًا من عزمه: القهم يوم الجمعة بعد الزوال، في الساعة التي يكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة.
وحين بدأت المعركة نزل السلطان عن فرسه فسجد وبكى، فبكى الناس لبكائه، ودعا ودعوا معه، ولبس البياض وتحنط، وقال: إن قتلت فهذا كفني.
ونلحظ من خلال خطبته أنه حقق ثلاثة أهداف:
إخلاص النية لله عز وجل.
رفع معنويات الجند بتقدمه ميدان المعركة.
وضع خطة بديلة حال استشهاده حتى لا يضيع الجند بعده.
نجح ألب أرسلان في وضع خطة المعركة، وأوقد الحماسة والحمية في نفوس جنوده.
انتصار الب ارسلان واسر رومانوس
لما بدأت المعركة: هجم الجيش كله بدون مقدمات المبارزة وبدون الرمايات، هجموا كالأسود الضواري تفتك بما يقابلها، وهاجموا الروم في جرأة وشجاعة، فتفاجأ الروم بهذا الهجوم الكاسح، فدبّ الرعب في قلوبهم، وأمعنوا فيهم قتلاً وتجريحًا، وما هي إلا ساعة من نهار حتى تحقق النصر، وانقشع غبار المعركة عن جثث الروم تملأ ساحة القتال.
ووقع رومانوس أسيرًا في يد شاب صغير من جند المسلمين، وسيق إلى معسكر السلطان ألب أرسلان وكانت هذه المرة الأولى والأخيرة التي يقع فيها الامبراطور الروماني أسيرًا بأيدي المسلمين، وقف رومانوس أمام ألب أرسلان فقال له: ما عزمت أن تفعل بي إن أسرتني؟
فقال: أفعل القبيح، فقال له السلطان: فما تظن أنني أفعل بك؟ قال: إما أن تقتلني وإما أن تشهر بي في بلاد الشام، أو العفو الفدية، فقال السلطان: ما عزمت على غير العفو وقبول الفدية.
فداء امبراطور الروم
اتفق السلطان ألب أرسلان مع رومانوس على دفع فدية كبيرة قدرها مليون ونصف دينار، وهي قيمة كبيرة تعدل ميزانية بلاد الشام لمدة عام، لكن لم يستطع أن يجمع سوى (300) ألف دينار ذهبي، فقبل ألب أرسلان بشروط:
أن يطلق كل أسير مسلم في أرض الروم.
وأن تعقد معاهدة صلح، يلتزم الروم خلالها بدفع الجزية السنوية.
وأن يعترف الروم بسيطرة السلاجقة على المناطق التي فتحوها من بلادهم، وأن يتعهدوا بعدم الاعتداء على ممتلكات السلاجقة.
ثم أعاد السلطان للإمبراطور (10) آلاف دينار، ليتجهز بها للعودة إلى بلاده، ليحفظ له كرامته، وأفرج عن عدد من بطاركته، وسير معه جيشاً لحمايته حتى يصل إلى دياره سالمًا، فوصل امبراطور الروم إلى بلاده تحت رايةٍ مكتوبٌ عليها لا إله إلا الله.
ولم تكد تصل أخبار الهزيمة إلى القسطنطينية حتى أزال رعاياه “اسمه من سجلات الملك”، وقالوا: إنه سقط من عداد الملوك، وعُيِّن إمبراطورًا آخر، فألقى القبض على رومانوس، وسمل عينيه.
نتائج معركة ملاذكرد
إضعاف الروم في إقليم آسيا الصغرى، تمهيداً للقضاء عليهم على يد العثمانيين فيما بعد.
دخول تركيا تحت راية التوحيد، فأصبحت جزءاً قوياً من بلاد المسلمين، يذب الخطر عن الإسلام وأهله.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
تولى ألب أرسلان حكم دولة السلاجقة خلفًا لعمه طغرل بك، الذي أسس دولة السلاجقة، وقضى ألب أرسلان السنوات السبع الأول من حكمه في المحافظة على ممتلكات دولته وتوسيع رقعتها، وتأمين حدودها من غارات الروم، وكان يعاونه وزيره الصالح نظام الملك.
لماذا توجه امبراطور الروم لمناطق بلاد الشام الشمالبة؟
تنبه إمبراطور الروم رومانوس إلى خطر السلجوقيين، وأدرك أن التوسع السلجوقي لن يقف عند هذا الحد، وأن خطره سيهدد بلاده، فعزم على الإغارة على مناطق الشام الشمالية،
كم كان عدد جيش الروم وجيش المسلمين؟
جيش الروم (200) ألف مقاتل. جيش المسلمين: (20) ألف، وفي أعظم التقادير (40) ألف.
ما الخطوات التي قام بها ألب أرسلان قبل بدء المعركة؟
عمد إلى جنوده يشعل في نفوسهم روح الجهاد وحب الاستشهاد، وأوقد في قلوبهم جذوة الصبر والثبات، وخطب فيهم فقال: (إنني أقاتل محتسباً صابراً، فإن سلمت فنعمة من الله عز وجل، وإن كانت الشهادة فهذا كفني..، أكملوا معركتكم تحت قيادة ابني ملكشاه).
ووقف فقيه السلطان وإمامه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري يقول للسلطان مقوِّيًا من عزمه: القهم يوم الجمعة بعد الزوال، في الساعة التي يكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة.
وحين بدأت المعركة نزل السلطان عن فرسه فسجد وبكى، فبكى الناس لبكائه، ودعا ودعوا معه، ولبس البياض وتحنط، وقال: إن قتلت فهذا كفني.
من انتصر في المعركة؟
انتصر المسلمون بقيادة الب ارسلان واسر رومانوس
ما نتائج معركة ملاذ كرد؟
إضعاف الروم في إقليم آسيا الصغرى، تمهيداً للقضاء عليهم على يد العثمانيين فيما بعد. دخول تركيا تحت راية التوحيد، فأصبحت جزءاً قوياً من بلاد المسلمين، يذب الخطر عن الإسلام وأهله.