الإيثار خلق ومنزلة يتجلّى فيها تفضيل الغير عن النفس، وتقديم مصلحتهِ علَى المصلحة الذاتية، وهو أَعلى درجات السخاء، وأكْمَلُ أنْواعِ الجود، وَمنزلة عظيمة من مَنازلِ العطاء، قدّم فيه المسلمون صورًا لا تزال راسخة ولا تنسى في التاريخ، قال تعالى:
الايثار هو: أن تنفقَ وأنتَ لا تملكُ إلا ما أنتَ محتاجٌ إليه، الإيثار أنْ تنفقَ على منْ هو مُحتاج أكثرُ منكَ وأنتَ مُحتاج، وفي اللغة: يأتي بمعنى التَّقديم والاختيار والاختصاص.
في بعضِ المواقفِ نرى الناسَ عندما يأتي طعام يتزاحمون، وعندما تأتي أُعطيات يتدافعون، فيحصلُ الأقوياء على المكاسِب ويُحرم الضعفاءُ الذين هم الأولى بها، لذلكَ ننصحُ من يُشرفون على تقديمِ المُساعدات أن يراعوا الضعفاء والمساكين.
أسباب الايثار
الإيمانُ الراسخ بالله تعالى وأنّ ما عنده خير مما بين أيدينا.
الاستخفافُ بالحياةِ الدنيا والرغبة في الدار الآخرة.
توطينُ النفسِ على تحمّل المصاعبِ والشدائد.
شروط الايثار
ذكر ابن القيم شروطًا للإيثَار:
1- ألا يضيع على المؤْثِر وقته.
2- ألا يتسبَّب في إفساد حاله.
3- ألا يهضم له دينه.
4- ألَّا يكون سببًا في سدِّ طريق خير على المؤْثِر.
5- ألا يمنع للمُؤْثر واردًا.
فإذا توفَّرت هذه الشُّروط كان الإيثَار إلى الخَلْق قد بلغ كماله، أمَّا إن وُجِد شيء مِن هذه الأشياء كان الإيثَار إلى النَّفس أَوْلَى مِن الإيثَار إلى الغير، فالإيثَار المحمود هو: (الإيثَار بالدُّنْيا لا بالوقت والدِّين وما يعود بصلاح القلب).
فوائد الايثار
دليلُ كمالِ الإيمان وحُسن الإسلام ورفعةِ الأخلاق.
طريقٌ إلى محبةِ الرب سبحانه وحصول الألفة بين الناس.
التخلّص من البخل والشحّ وتدريبُ النفس على البذلِ والعطاء.
نشرُ روحِ التكافل والتعاون والتنافسِ في فعلِ الخيرات بين أبناء الأمة.
درجات الايثار
الدرجةُ الأولى – أن تؤثر الخَلْق على نفسك: فيما لا يَحْرُم عليك دينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، ولا يفسد عليك وقتًا، قال ابن القيم في شرحه لهذه الدَّرجة: (أن تُقدِّمهم على نفسك في مصالحهم، مثل: أن تطعمهم وتجوع، وتكسوهم وتعرى، وتسقيهم وتظمأ، بحيث لا يؤدِّي ذلك إلى ارتكاب إتلافٍ لا يجوز في الدِّين).
الدرجةُ الثانية – إيثار رضى الله تعالى على رضى غيره: وإن عَظُمَت فيه المحن وثَقُلَت به المؤن، وضَعُفَ عنه الطول والبدن، قال الشافعي رحمه الله: (رضا الناس غايةٌ لا تدرك فعليك بما فيه صلاحُ نفسك فالزمهُ)، ومعلومٌ أن لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا ربها ومولاها على غيره، ولقد أحسن من قال:
وليت الذي بيني وبينك عامرٌ وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صحَّ منك الودُّ فالكّلُّ هينٌ وكل الذي فوق التراب تراب
الدرجةُ الثالثة – أن تنسب إيثارك إلى الله دون نفسك: وأنه هو الذي تفرد بالإيثار لا أنت، فكأنك سلمت الإيثار إليه، فإذا آثرت غيرك بشيء؛ فإن الذي آثره هو الحق لا أنت فهو المؤثر على الحقيقة، إذ هو المُعطي حقيقةً.
قصص عن الايثار
سجل التاريخ بأحرف من نور مواقف خالدة للمسلمين بلغوا فيها المرتبة العالية والغاية القصوى من الإيثار:
قصة عن الإيثار من حياة الرسول
فهذا سيّدُ الخلقِ وخاتمُ النبيين وإمام المرسلين محمد ﷺ تأتيه امرأة بُبردة فتقول: يا رسول الله أكسوك هذه؟ فأخذها النبي ﷺ محتاجًا إليها، فلبسها فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه؟ فاكسنيها، فقال:
«نعم»، فلما قام النبي ﷺ لامه أصحابه فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي ﷺ محتاجًا إليها، ثم سألته إياها وقد عرفت أنه لا يُسأل شيئًا فيمنعه، فقال: «رجوت بركتها حين لبسها النبي ﷺ لَعلِّي أُكَفَّن فيها».
الايثار عند الصحابة
إيثار الأشعريون:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ الأشعريِّين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثمَّ اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسَّويَّة، فهم منِّي، وأنا منهم».
الأنصاري والضيف:
جاء رجُلٌ إلى رسولِ اللهِ ﷺ فقال: إنِّي مجهودٌ فأرسَل إلى بعضِ نسائِه فقالت: والَّذي بعَثك بالحقِّ نبيًّا ما عندي إلَّا ماءٌ ثمَّ أرسَل إلى أخرى فقالت مِثْلَ ذلك حتَّى قُلْنَ كلُّهنَّ مِثلَ ذلك فقال: «مَن يُضيِّفُ هذا اللَّيلةَ رحِمه اللهُ»، فقام رجُلٌ مِن الأنصارِ فقال: أنا يا رسولَ اللهِ، فانطلَق به إلى رَحْلِه فقال لامرأتِه:
هل عندكِ شيءٌ؟ قالت: لا إلَّا قوتَ صبياني، قال: فعَلِّليهم بشيءٍ فإذا دخَل ضيفُنا فأضيئي السِّراجَ وأريه أنَّا نأكُل، فإذا أهوى ليأكُلَ قومي إلى السِّراجِ حتَّى تُطفئيه، قال: فقعَدوا وأكَل الضَّيفُ فلمَّا أصبَح غدا على النَّبيِّ ﷺ فقال: «لقد عجِب اللهُ مِن صنيعِكما اللَّيلةَ».
إيثار على مشارف الموت:
وإن تعجب فعجبٌ أمر هؤلاء الثلاثة الذين آثر كل منهم أخاه بالحياة، قال حذيفة العَدَوي: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمٍّ لي، ومعي شيءٌ من ماء، وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته ومسحتُ به وجهه، فإذا أنا به، فقلت: أسقيك؟ فأشار إليَّ أن نعم، فإذا رجل يقول:
آه، فأشار ابن عمي إليَّ أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو هشام بن العاص، فقلت: أسقيك؟ فأشار إليَّ أن نعم، فسمع به آخر فقال: آهٍ، فأشار هشام: انطلق به إليه فجئته، فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات، رحمة الله عليهم أجمعين.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
أن تنفقَ وأنتَ لا تملكُ إلا ما أنتَ محتاجٌ إليه، الإيثار أنْ تنفقَ على منْ هو مُحتاج أكثرُ منكَ وأنتَ مُحتاج، وفي اللغة: يأتي بمعنى التَّقديم والاختيار والاختصاص
ما هي فوائد الإيثار؟
دليلُ كمالِ الإيمان وحُسن الإسلام ورفعةِ الأخلاق. طريقٌ إلى محبةِ الرب سبحانه وحصول الألفة بين الناس. التخلّص من البخل والشحّ وتدريبُ النفس على البذلِ والعطاء. نشرُ روحِ التكافل والتعاون والتنافسِ في فعلِ الخيرات بين أبناء الأمة.
ماهي درجات الايثار؟
الدرجةُ الأولى - أن تؤثر الخَلْق على نفسك. الدرجةُ الثانية - إيثار رضى الله تعالى على رضى غيره. الدرجةُ الثالثة - أن تنسب إيثارك إلى الله دون نفسك.
ماهي شروط الايثار؟
ذكر ابن القيم شروطًا للإيثَار:
1- ألا يضيع على المؤْثِر وقته.
2- ألا يتسبَّب في إفساد حاله.
3- ألا يهضم له دينه.
4- ألَّا يكون سببًا في سدِّ طريق خير على المؤْثِر.