معركة اليرموك وانحسار الروم
أعظم ما قام به أمير المؤمنين بعد إقامة العدل الشامل في دولة الإسلام: هو الفتوحات…
Read moreالزواج هو عمل بين شخصين بهدف بناء مؤسسة جديدة، إنه شيء جميل عندما يسود الحب والتفاهم والاهتمام بينهما، ولكنه عندما يضعف تأهيل الزوجين وتكثر المشكلات بينهما دون مبادرتهما إلى حلّها ينقلب إلى شقاء وداء عضال، فكيف لنا أن نساعد الأزواج في حفظ العلاقة الزوجية من المشاكل؟
مواجهة التحديات والمشاكل الزوجية ومعرفة كيف تدير الخلافات الزوجية بطريقة صحية يمكن أنْ يكون صعباً، خاصة أن الضغوطات قد تتنوع وتأتي من مصادر مختلفة، لكنه ليس بمستحيل عندما يكون الزوجين على قدر جيد من الوعي والتأهيل، عندها سيتعاملان مع المشكلات كفرص لتطوير العلاقة وفهم بعضهما بشكل معمّق أكثر.
يمر كل زوجين بمجموعة من الصراعات والعقبات نتيجة الاختلاف في الطباع والبيئة والرأي، وهي نتيجة طبيعية ومنطقة لكل ذلك، ويمكن التغلب على بعض هذه التحديات بسهولة، في حين أن البعض الآخر يمكن أنْ يكون أكثر صعوبة، ويحتاج إلى صبر وتدرج وبذل للجهود وطلب نصائح الخبراء والمتخصصين.
هناك العديد من أصناف وأنواع المشاكل الزوجية نتحدث عن بعضها.
عدم التكيف والتأقلم مع الطرف الآخر
هذه المشكلة كثيراً ما تحدث بين الأزواج، عندما يقرر أي مِنَ الطرفين أنه لن يغيّر من عاداته اليومية أو طباعه في الطعام والشراب والتعامل مع الآخرين وغير ذلك، وهذا منافي لفكرة الزواج الأساسية التي تأتي بفردين من بيئتين مختلفتين وآراء واتجاهات خاصة، وتطلب منهما الانسجام والتفاهم والتأقلم في مؤسسة جديدة هي الأسرة.
ضغوط الحياة اليومية
الضغوط اليومية التي يتعرض لها الأزواج يمكن أن تؤدي إلى تفاقم المشاكل الزوجية الموجودة بالفعل، فعندما يمر أحد الزوجين بيوم مرهق يكون أكثر عرضةً للانفعال لدى عودته إلى المنزل، وقد يكون لديه طاقة عاطفية أقل.
قدوتنا في ذلك أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنه وأرضاها- التي لم تر النبي ﷺ مهموماً في وقت من الأوقات إلا أذهبت ما به من قلق، فعن عائشة أم المؤمنين أنه لما نزل جبريل بمطلع سورة العلق على رسول الله ﷺ رجع بها “يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد (رضى الله عنها) فقال: “زملوني زملوني”، فزمّلته حتى ذهب عنه الروع، وأخبرها الخبر فقال: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة:
“كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”، ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة. وقال ابن حجر: “وفي هذه القصة من الفوائد استحباب تأنيس من نزل به أمر بذكر تيسيره عليه، وتهوينه لديه، وأنَّ مَنْ نزل به أمر استحبّ له أنْ يطلع عليه من يثق بنصيحته وصحة رأيه”.
كثرة الانشغال
يمكن أن تنشأ المشاكل الزوجية نتيجة كثرة الانشغال، فالأزواج كثيروا الانشغال يجدون أنفسهم مضغوطين بشكل عام، خاصةً إذا لم يعتنوا بأنفسهم جيداً من حيث الحصول على النوم والتغذية الجيدين، وقد يجدون أنفسهم أقل ارتباطاً لأن لديهم وقتاً أقل لقضائه معاً.
ضعف التواصل
ربما يكون التواصل الضعيف بين الزوجين أكبر مؤشر لوجود خلل في العلاقة بين الزوجين، ويعتبر التواصل الصحي هو مفتاح العلاقة الجيدة، وبذلك يصاب جهاز المناعة الأسري بمقتل، وفتكثر المشكلات صغيرها وكبيرها، وعند أقل مشكلة أو سوء تفاهم يحدث ما لا في الحسبان؛ كل ذلك نتيجة تراكمات أُهملت ولم يتم العمل على حلّها.
الإعتراف بالفضل والجميل
يعتبر الكثير من الأزواج أنّ العلاقة الزوجية كافية، ولا داعي لأن يقول بعض الكلمات مثل: (شكراً، وأعتذر، أو آسف) أو أنْ يثني على الطرف الآخر وعلى الدور الهام الذي لعبه في تحقيق هدف معين.
فإذا كان واجب الزوج الإنفاق على الأسرة فهذا لا يعني أنّ كلمة (شكراً) من الزوجة والأبناء ليست مهمة، وإذا كان يفترض بالزوجة أن تعتني بشؤون البيت، هذا لا يعني أنّ كلمة (يعطيك العافية) ليست ضرورية.
الزواج السعيد يستغرق وقتًا وجهدًا والتزامًا من كلا الزوجين، ويحتاج لعدة أمور أهمها:
على كل مِنَ الزوجين أنْ يفهم احتياجات شريكه ويسعى إلى إشباعها، حيث يهدف التواصل إلى تلبية احتياجات الطرفين، وبدون ذلك لا يمكن لعلاقةٍ حقيقيةٍ أن تستمر، والتواصل يحتاج بداية إلى جلسات مشتركة فيها الشرح بتفاصيل كثيرة وطويلة وبتعمّق، ومع الاستمرار يتطور حتى يصبح الزوجين يتفاهمان بنظرات العين وتعابير الوجه.
ضرب لنا النبي ﷺ مثالاً رائعاً في قضائه للوقت مع زوجاته -رغم مشاغله الكثيرة كقائد للأمة-، فقد كان رسول الله ﷺ لا يترك فرصة إلا ويستغلها حتى أنه إذا أراد سفراً في غزاة: “أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بـها” [متفق عليه].
لقد ضرب ﷺ أمثلة رائعة في حياته اليومية بتعامله مع زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهنّ: (فتارة يواسي، وتارة يكفكف الدموع، ويقدّر أبسط المشاعر، ولا يهزأ بكلماتها، ويسمع شكواها، ويخفف أحزانها..)، ولا يجد أدنى حرج عندما سئل عن أحبّ الناس إليه من أنْ يقول: “عائشة” -زوجتي-، وفي المقابل تجد الكثير من الكتب الأجنبية الحديثة التي تعنى بالحياة الزوجية، تخلو مِنْ أمثلة الحقيقية لشخصيات واقعية تجسد حباً صادقاً، فتجدها لا تعدو على أنْ تكون شعارات على الورق!!
ينبغي أنْ ينظر الزوجان نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجية، إذ إنها من الممكن أن ْتكون عاملاً قوياً مِنْ عوامل التفاهم؛ إذا أحسنا التعامل معها، فالاستعداد الإيجابي والحوار والتدرب على مهارات توصيف ومعرفة أسباب المشكلات، سيشكل درع وقاية يحمي الأسرة ويقيها من المنزلقات.
مِنَ المهمّ أنْ يلتزم الزوجان بوقت خاص بهما بعيداً عن أي ضغوطات، وللزوجة قدرات كبيرة في هذا: لا تجعلي ضغوطات المنزل والعمل تلهيكِ عن احتياجات زوجك، وليس المطلوب أنْ تقومي بأفعال كبيرة لزوجكِ كي تثبتي له ذلك، على العكس، فخبراء العلاقات الزوجية يتحدثون عن تلك اللمسات البسيطة التي يمكن أن يفعلها كل طرف للآخر، فعلى سبيل المثال: (أنْ تطهي له أكلته المفضلة، احتضان الزوج بعد عودته من العمل من يوم طويل..).
يعتبر الزواج رابطاً ديناميكياً بين شخصين، وهو يتطلب الرعاية والاهتمام، وللعلم: لا يوجد زواج دون مشاكل، ولكن المطلوب في التعامل مع المشاكل الزوجية القيام بالخطوات الآتية:
مطلوب من الزوجين كليهما المصارحة والوضوح لتحديد المشكلة أولاً وأسبابها، من خلال إفضاء كل منهما بما يختلج في صدره للآخر، وأن يكون كل منهما على درجة عالية من التفاهم والتواضع، وصفحة مفتوحة وواضحة لزوجه.
عند بدء الحوار يحسن ذكر نقاط الاتفاق، فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر، قال تعالى مخاطباً الأزواج عند الطلاق: {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [سورة البقرة:237]، فكيف عند حل المشكلات؟!
فإذا قال أحدهما للآخر: أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا، ولم يغب عن بالي تلك الإيجابيات التي عندك، ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا، فإن هذا حريٌّ بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المتحاور من غضب يعمي ويصمّ.
لا بد أن يستمع كل من الزوجان للآخر، وهذا واجب يقع على عاتق الزوجين كليهما، وأن يُعنى كل طرف منهما بها إنْ كانا يريدان للسفينة أن تسير وللحياة أن تستقر، فبالاستماع إلى وجهات النظر يرتفع مستوى التفاهم والتواصل، وينزع فتيل سوء الظن والنية، ويغدو حل المشكلات أسهل وأقرب.
البيت السعيد ليس هو الذي يخلو من الخلافات، وإنما الذي يضم زوجين يعرفان كيف يختلفان دون أن يخسر كل منهما ود الآخر، أو ينتقص من رصيد احترامه له، فالخلافات واردة في كل بيت، ولم يخل منها حتى بيت النبوة، ولكن المهم هو كيف يُدار الخلاف بفنٍ وحبٍ ولباقةٍ.
الأصل هو عمل الزوجين على حلّ مشكلاتهما فيما بينهما، فالمشكلة كلما كانت بين عدد أقل مِنَ الناس كان حلّها أبسط وأيسر، ولكن إنْ استعصى على الزوجين حلّ إحدى مشكلاتهما فلا بأس من اللجوء إلى الثقة المتخصص، ويفضل ألا يكون قريباً من الدائرة الأولى.
قال تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ} [سورة النساء: 35]، قال الفقهاء: إذا وقع الشقاق بين الزوجين وطالت خصومتهما، بعث الحاكم ثقة من أهل المرأة، وثقة من قوم الرجل، ليجتمعا وينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق.
بالتواصل الفعال والمستمر والثقة والاحترام المتبادل.
المطلوب هو المبادرة إلى تحديد المشكلة ومواجهتها، أما الابتعاد عنها وتجاهلها يزيد الأمر تعقيداً.
الإكثار من الذكر وقراءة القرآن الكريم عامة وخاصة سورة البقرة.
التوقف عن الكلام والرغبة في الانفراد وعدم التواصل.
التعامل مع الخيانة الزوجية يكون بخطوات أهمها: لا تتخذ قرارات متسرعة وعليك بسؤال أهل الاختصاص والخبرة الثقة.
قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لكسب قلب الآخر بعد الخصام، لذا لابد من الصبر؛ حتى لا تسير الأمور لطريق مسدود أو يزداد التباعد.