للأسرة مكانةٌ عظيمة في الإسلام، كونها اللبنة الأساسية التي ينطلق منها الفرد نحو المجتمع، فيعامل الناس وفقاً للمبادئ التي نشأ عليها ومن هنا، تبرزُ أهمية الأسرة ودورها العظيم في ضبط سلوك المُسلم ومعالجة أخطاءه بالطرق التي حثنا عليه نظام الأسرة في الإسلام.
تعريف الاسرة في الإسلام لغة واصطلاحا
- الأسرة لغةً: الأسرة هي الدّرع الحصينة، وهي القيد والإمساك والقوة، والمعنى منها أن الأسرة متماسكة يشد بعضها بعضاً في سبيل إنشاء علاقة قوية متينة.
- الأسرة اصطلاحاً: أتى مصطلح الأسرة من عند العرب قديماً كدلالة على مجموعة من الأفراد الذين يعيشون معاً.
مكانة الاسرة في الإسلام
تُعتبر الأسرة اللبنة الأساسية في تشكيل واستقرار المجتمعات وتقويم سلوك الفرد، و تقوم الأسرة في الإسلام على خلق توازن بين الفرد والأسرة على عكس المجتمع الغربي الذي يركز على الفردية.
ويضع الإسلام العديد من الضوابط للفرد المسلم بهدف الحفاظ على هذا التوازن بين الفرد والأسرة، تتمثل هذه الضوابط في:
- النفس التقوى
- العاقلة والأسرة
- القانون والدولة
كما حث الإسلام الفرد المسلم على أهمية تكوين أسرة وإنجاب أطفال، في العديد من المواضع في القرآن الكريم، منها:
- {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [سورة النحل:72].
احكام الاسرة في الاسلام
ضبط الإسلام العلاقات الأسريّة بطريقة محكمة ووضع أحكاماً واضحة تبين للمسلم حقوقه وواجباته تجاه أسرته؛ إذ وردت هذه الأحكام في القرآن الكريم والسنة الشريفة وشملت كافة النواحي المتعلقة بالمجتمع، والزواج، والمواريث، وحقوق الأولاد، والوصايا، بهدف الحفاظ على الأسرة المسلمة من الضياع والتشتت.
أسس بناء الاسرة في الإسلام
تُبنى الأسرة الإسلامية على مجموعة من الأسس والقواعد، تبدأ من الحرص على حُسن اختيار الزوجين لبعضهما والذي يساعد على استقرار الأسرة وبنائها بالشكل الصحيح، والمعاشرة بالمعروف والصبر على عيوب بعضهما، وأن تقوم الأسرة على المودة والرحمة، مروراً بتربية الأولاد وتنشأتهم الصالحة، وصولاً إلى ضوابط الطلاق والتفريق بالإحسان والمودة والرحمة.
الاسرة في القرآن
أولى الإسلام أهمية كبيرة للأسرة المسلمة، لكن لم يرد أسم الأسرة في القرآن بشكل مباشر، بينما ذُكر مفردات تدل على معنى الأسرة، كالأب والأم والوالدين والأقارب، ووردت ألفاظ تدل على أهل الرجل وعشيرته.
كما جاء في الآية الكريمة: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سورة الأحزاب:33].
حقوق الاسرة في الإسلام
يقوم نظام الأسرة في الإسلام على إيضاح الحقوق والواجبات لكل فردٍ من أفرادها، وهي:
للزوج في الإسلام حقوق وواجبات تجاه الأسرة وهي، طاعة الزوجة للزوج والمعاملة بالمودة والرحمة والتسامح فيما بينهم، قال تعالى: {ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى النِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنفَقُوا۟ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ ۚ فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ قَـٰنِتَـٰتٌ حَـٰفِظَـٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ} [سورة النساء: 34].
للزوجة حقوق في الإسلام تتضمن حق المهر، وحق السكن، وحق النفقة، وحق رعاية الأولاد بالتعاون مع الزوج، وحق الاحترام.
يأمر الإسلام الوالدين بحقوق تجاه ابنائهم وهي، حق الرعاية، وحق الميراث، وحق التعليم.
للوالدين حقوق في الإسلام أيضاً وهي، حق البر والطاعة، وحق الدعاء لهما، وحق الإحسان لهما.
للأقارب حقوق في الإسلام وهي، حق العفو والمصالحة، وحق التواصل والزيارة، وحق المساعدة.
وظائف الأسرة في الإسلام
إنشاء علاقات اجتماعية والتركيز على تعليم الأطفال كيفية التفاعل الاجتماعي مع الآخرين وتكوين علاقات معهم.
تقوم مهمة الوالدين في الأسرة على تعريف الأطفال تعاليم دينهم والهدف من تطبيقها والحفاظ عليها.
تلعب الأسرة دوراً في غرس القيم الأخلاقية والتربوية عند الأبناء، وتنمية مهاراتهم وتعلّم هوايات جديدة تساعدهم على قضاء أوقات الفراغ بما هو مفيد.
للأسرة دور أساسي في تأمين الاستقرار النفسي للأطفال، بزرع المحبة والأمان والسلام بين أفراد العائلة.
الأسرة الإسلامية ودورها في بناء المجتمع
أُقيمت الأسرة الإسلامية على نظام يوازن بين حقوق الفرد وحقوق الأسرة دون أن يلغي أحدهما الآخر، بهدف تحقيق الاستقرار والأمن في المجتمع، من خلال زرع أواصر المحبة والرحمة والود فيما بينهم، بعيداً عن الانحلال والانحراف الذي يزرع الحقد في النفوس.
شبهات المستشرقين حول نظام الأسرة في الإسلام والرد عليها
أُثيرت الكثير من الشبهات حول نظام الأسرة في الإسلام بذرائع غربية هدفها تفكيك وحدة الأسرة المسلمة وجرها نحو الانحلال الأخلاقي الذي يدمر الفرد والمجتمع.
وكان ذلك عبر بث معلوماتٍ مغلوطة عن الإسلام وحرمانه المرأة من حقوقها في المهر والميراث، إلا أن هذه الحالات وإن وجدت فهي لاتمد للإسلام بصلة وإنما هي أخطاء فردية لا يرضى بها الله.
الأسئلة الشائعة
ما هو مفهوم الأسرة في الاسلام؟
الأسرة في الإسلام هي مؤسسة اجتماعية قائمة على الزواج الشرعي، وتتكون من الزوج والزوجة وأبنائهما، وترتكز على مبادئ التعاون والتكافل والرحمة والاحترام المتبادل.
ماذا قال الله عن الأسرة؟
وردت العديد من الآيات القرآنية التي تُؤكّد على أهمية الأسرة ومكانتها العظيمة في الإسلام، منها:
"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (سورة الروم: 21).
"وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" (سورة البقرة: 233).
"وَقُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" (سورة التحريم: 6).
ما هي مكانة الأسرة في الإسلام؟
تُحظى الأسرة بمكانة عظيمة في الإسلام، ويظهر ذلك جلياً من خلال حرص الدين الحنيف على إرساء قواعدها وتثبيتها، وحمايتها من كل ما يُهدد تماسكها، حيث يُعَدّ الإسلام الأسرة نواة المجتمع، وركيزة أساسية لبنائه على أسسٍ أخلاقية وقيمية راسخة.
ما هي طبيعة العلاقات الأسرية في الإسلام؟
تُبنى العلاقات الأسرية في الإسلام على مبادئ التعاون والتكافل والرحمة والاحترام المتبادل، ويُؤكّد الإسلام على أهمية التواصل والحوار بين أفراد الأسرة، واحترام مشاعر بعضهم البعض، والتسامح والتعاون في حلّ المشكلات، كما بيّن الرسول ﷺ عظيم إحسان المرء لعائلته وتقربه منهم بقوله: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي.
ما دور الأسرة في حياة النبي؟
كان النبي محمد ﷺ يُولي اهتماماً بالغاً بالأسرة، وكان يُعامل أفراد أسرته بكلّ رحمة ومودة، وكان يُعلّمهم القيم والأخلاق الحميدة، حيث بذل ﷺ جهداً عظيماً في سبيل رقي الأسرة المسلمة وصلاحها في المجتمع من الناحية الأخلاقية والدينية.
المصادر:
قناة اليوتيوب – الدكتور طارق السويدان
موقع الجزيرة
موقع الدكتور طارق السويدان – سلسلة حفظ الأسرة والنسل
موقع أكاديمية وحي