الحركة السنوسية … نشأتها ونموها في القرن التاسع عشر
قصتنا اليوم مع الصوفية الجهادية، ونبدأها مع الشيخ المجاهد محمد بن علي السنوسي مؤسس الحركة السنوسية.
اقرأ المزيدفي روائع قصص التابعين، العبرُ والمعاني والقدوة لشباب هذا الزمان، من هؤلاء العظماء أبو العالية “رفيع بن مهران”، تابعي فارسي اشتهر بين المسلمين بأنه رجل القرآن، فقال عنه أبو بكر بن داود: (لم يكن هناك أحد أعلم بالقرآن بعد الصحابة من أبي العالية -رفيع بن مهران-، ثم يليه سعيد بن جبير).
رفيع بن مهران علم من أعلام المسلمين ورائعة من روائع القرّاء والمحدّثين، من أقدر العلماء على القرآن العزيز والنفوذ إلى أسراره ومراميه.
ولد في بلاد فارس وترعرع فيها، ولم يكن يعرف عن العرب شيئًا، حتى جاء المسلمون وفتحوا بلاد فارس فسقط “رفيع” بين الرقيق، وبسبب حسن معاملة المسلمين له واطلاعه على مكارم ما يدعو إليه الإسلام دخل في فيه.
يقول رفيع بن مهران: وقعت أنا ونفر من قومي أسارى بأيدي المجاهدين، ثم ما لبثنا أن غدونا عبيدًا لطائفة من المسلمين في البصرة، فلم يمضِ علينا وقت طويل حتى آمنا بالله وتعلّقنا بحفظ كتاب الله، وكان منا من يؤدي الضرائب لمالكيه، وكنت ممن يقومون بالخدمة.
وقد حرصت على القرآن الكريم، فحاولت أن أقرأ القرآن كل ليلة مرة، فشقّ عليّ ذلك، ثم حاولت مع عدد من أصحابي أن نختم القرآن مرّة كل ليلتين فشقّ علينا، ثم مرة كل ثلاث فشقّ علينا، فالتقيت أحد أصحاب رسول الله ﷺ فشكوت له ذلك فقال: (اختموا القرآن كل جمعة مرّة)، ففعلنا ما أرشدنا إليه فلم يشقّ علينا.
بعد حين باعه سّيده إلى امرأة من بني تميم، وكانت تقيّة رزينة صالحة ورعة فكانت لا تشقّ عليه، يخدمها بعض النهار ثم يذهب لطلب العلم، فأحسن اللغة العربية وتلقّى علوم الدين ولم يقصّر في حقّ سيّدته،
وفي ذات يوم من أيام الجمعة توضأ رفيع، واستأذن سيّدته بالذهاب إلى المسجد، فاستمهلته وذهبت معه إلى المسجد الجامع، وهناك أشهدت المسلمين على إعتاق رفيع طلبًا لرحمة الله وعفوه، ثم دعت قائلة: (اللهم إنّي أدّخره عندك ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون).
انطلق رفيع في طلب العلم ووصل مدينة رسول الله ﷺ، وأدرك الصديق أبو بكر رضي الله عنه قبل وفاته بقليل، ثم قرأ القرآن على أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب وصلّى خلفه، ثم بدأ يطلب حديث رسول الله ﷺ من علماء الصحابة، أمثال: (عبد الله بن مسعود، وأبي أيوب الأنصاري، وأبيّ بن كعب، وأبي هريرة، وعبد الله بن عباس)، رضي الله عنهم أجمعين.
ثم انطلق في البلدان، وكان لا يروي عن أحد حتّى يصلي خلفه، فإذا وجد أحدهم لا يعطي الصلاة حقّها أعرض عنه، وكان يقول: (الذي يتهاون في صلاته يكون أشدّ تهاونًا في غيرها).
بلغ أبو العالية رفيع بن مهران منزلة فاق بها جميع أقرانه، يقول أحد أصحابه: رأيت أبا العالية يتوضأ، والماء يقطر من وجهه ويديه، والطهارة تتألق على أعضائه، فحييته وقلت: {إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}،
فقال: (يا أخي، ليس المتطهرون الذين يتطهرون بالماء من الدرن -القاذورات-، وإنما هم الذين يتطهرون بالتقوى من الذنوب)، فأدركت أنه أصاب وأخطأت، فقلت: جزاك الله خيرًا وزادك علمًا وفهمًا.
وكان له منهج في حفظ القرآن الكريم وتعليمه، فيقول: (تعلّموا القرآن خمس آيات خمس آيات، فإنّه أيسر على أذهانكم وأقوى على أفهامكم، وإنّ جبريل عليه السلام كان ينزل به على النبي عليه الصلاة والسلام خمس آيات خمس آيات).
صارت لرفيع بن مهران الحكم التي يتناقلها الناس بصحبته لكتاب الله تعالى وحديث رسوله ﷺ، ومن حكمه:
كان أبو العالية مجاهدًا إضافة لعلمه:
ولما كانت الفتنة بين الصحابة، يقول أبو العالية: (لما وقع القتال بين علي ومعاوية كنت ممتلأً حيوية ونشاطًا، وكان القتال أحبّ إليّ من الماء البارد في اليوم القارظ،
فتجّهزت ثم أتيتهم فإذا بي أمام صفين ما يُدرى ما طرفاهما، فإذا كبّر هؤلاء كبر هؤلاء، وإذا هلل هؤلاء هلل هؤلاء، فرجعت إلى نفسي وقلت: أيُّ الفريقين أعده كافرًا فأحمل عليه، وأيهما أعده مؤمنًا وأجاهد معه، فتركتهما وانصرفت).
ظلّ أبو العالية طوال عمره يحزن على أنه لم يحظَ بلقاء رسول الله ﷺ، ولذلك كان يعوض ذلك بالتقرب من كبار الصحابة الذين توثقت صلتهم برسول الله ﷺ، فيحبهم ويتقرب إليهم، أهداه أنس بن مالك خادم رسول الله تفاحة فجعل يقبلها ويقول: (تفاحة مستها يد مسّت يد رسول الله ﷺ!!).
ودخل يومًا على عبد الله بن عباس رضي الله عنهما -وكان واليًا على البصرة-، فرحّب به وأجلسه على يمينه وفي المجلس سادة من قريش فتغامزوا، فالتفت إليهم ابن عباس وقال: (إنّ العلم يزيد الشريف شرفًا ويرفع قدر أهله بين الناس، ويُجلس المماليك على الأسرّة).
وفي يوم عزم أبو العالية على الجهاد، فأصابه ألم في رجله، فجاءه الطبيب وأخبره أنه أصيب بالأكلة -داء يأكل العضو ثم ينتقل لبقية الجسد-، فاستأذنه ببتر ساقه فأذن له، ثم أخذ رجله وقال:
(الحمد لله، إنْ سألني ربي عنك: فما مشيت بك إلى حرام، وما مسست بك غير مباح)، وكان يبلس كفنه ويجدد الوصية كل شهر، وفي شهر شوال من سنة 93هـ، مات أبو العالية رفيع بن مهران: طاهر الدين، نقيّ النفس، واثقًا برحمة الله رب العالمين.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
قصص الصحابة و الأئمة الأربعة و التاريخ الإسلامي
أبو العالية “رفيع بن مهران”، تابعي فارسي اشتهر بين المسلمين بأنه رجل القرآن، فقال عنه أبو بكر بن داود: (لم يكن هناك أحد أعلم بالقرآن بعد الصحابة من أبي العالية -رفيع بن مهران-، ثم يليه سعيد بن جبير).
ولد في بلاد فارس وترعرع فيها، ولم يكن يعرف عن العرب شيئًا، حتى جاء المسلمون وفتحوا بلاد فارس فسقط “رفيع” بين الرقيق، وبسبب حسن معاملة المسلمين له واطلاعه على مكارم ما يدعو إليه الإسلام دخل في فيه.
أدرك الصديق أبو بكر رضي الله عنه قبل وفاته بقليل، ثم قرأ القرآن على أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب وصلّى خلفه، ثم بدأ يطلب حديث رسول الله ﷺ من علماء الصحابة، أمثال: (عبد الله بن مسعود، وأبي أيوب الأنصاري، وأبيّ بن كعب، وأبي هريرة، وعبد الله بن عباس)، رضي الله عنهم أجمعين.
بلغ أبو العالية رفيع بن مهران منزلة فاق بها جميع أقرانه، يقول أحد أصحابه: رأيت أبا العالية يتوضأ، والماء يقطر من وجهه ويديه، والطهارة تتألق على أعضائه، فحييته وقلت: {إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، فقال: (يا أخي، ليس المتطهرون الذين يتطهرون بالماء من الدرن -القاذورات-، وإنما هم الذين يتطهرون بالتقوى من الذنوب)، فأدركت أنه أصاب وأخطأت.
يقول: (تعلّموا القرآن خمس آيات خمس آيات، فإنّه أيسر على أذهانكم وأقوى على أفهامكم، وإنّ جبريل عليه السلام كان ينزل به على النبي عليه الصلاة والسلام خمس آيات خمس آيات).