كيف تكون زوج صالح
الرجل والمرأة قوام الأسرة المستقرة، وعلى عاتق كل منهما مسؤوليات وواجبات، ولكي تستطيع كزوج القيام…
اقرأ المزيدإنّ من أعظم ما امتازت به شريعتنا الإسلامية هو تكريمها للإنسان، فقد ارتقت به إلى حدّ أن أسجد الله له الملائكة كما قال تعالى: { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74)}، [سورة ص].
فقد خلق الله البشر جميعًا سواسية كأسنان المشط فلا فرق: (بين أبيض وأسود، أو طويل وقصير، أو ذكر أو أنثى، أو بين عربي وأعجمي) إلا بالتقوى، وقد جعل لكل إنسان الحرية الكاملة في اختيار دينه ووطنه وسلوكه كما قال رسولنا الكريم: (لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى).
والعنصرية آفة قديمة، وقد جاء الإسلام محذراً ومعالجاً وموحداً، فرفض جميع أشكال التفرقة والتمييز بين البشر، وجعل أساس التفاضل هو تقوى الله -تبارك وتعالى، وأنه لا فرق بين عربي ولا أعجمي، قرشيّ كان أم خزرجيّ، أبيضاً كان أو أسوداً.
أول جريمة حدثت في تاريخ البشر وذكرها القرآن الكريم هي جريمة العنصرية، عنصرية إبليس مع آدم عليه السلام في مسألة رفض السجود له، فالشيطان كما تروي الآيات رفض السجود لآدم ليس لأنه لا يحبه أو لأن بينه وبين آدم عداوة أو خلاف؛ بل لأنه يرى أنه أفضل منه وأن عنصره أعظم من عنصر آدم.
فآدم كما يراه “الشيطان” في هذه القصة هو مخلوق من طين، أما هو (أي الشيطان) فهو مخلوق من نار – وكما يتصور الشيطان فإن عنصر النار أعلى وأرقى من عنصر الطين! قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾.
قصة الخلق كما نرى ألقت الضوء على قضية هامة في القرآن، ألا وهي رفض التكبر والعنصرية، وكما ذكر القرآن أيضاً فإن أبشع جريمة فعلها فرعون هو أنه ظن أنه أعلى وأعظم من بني إسرائيل، وقسّم البشر تبعاً لذلك إلى “شيع” وطوائف، كما قالت الآية: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ [القصص: 4].
ولو تأملنا في التاريخ لوجدنا أن إحساس البعض بأن “عنصره” أرقى وأفضل من الآخرين كان بداية الكثير من الشرور، ويكفي أنْ نذكر أنّ إحساس هتلر بأنّ العِرق الآري هو أفضل من الآخرين، كان خطوة أولى انتهت بقتل الملايين من اليهود في محارق الهولوكوست التي يندى لها جبين الإنسانية.
القرآن الكريم قضى على العنصرية ودعاوى الجاهلية، كما قضى على جميع أشكال التفرقة العنصرية والنسبية واللونية، ووضع أساس المساواة بين الناس كافة، فالناس جميعاً ربهم واحد، وكلهم لآدم، ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود، وإنما معيار التفاضل هو التقوى، والتقوى اسم جامع لكل أنواع الخير والهدى، وهنالك العديد من الآيات التي تشير إلى محاربة التمييز العنصري، منها قوله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
تكونُ العنصرية فيه موجّهة للفرد ذاته، ويُشير هذا التمييز إلى عدم التكافؤ في مُعاملة الفرد بسبب كونه فردًا.
إنّ السياسات والعمليات العنصرية متأصلة بعمق على المستوى المؤسسي في المجتمعات، وفي المستشفيات، والسجون، والمدارس، وفي الدوائر الحكومية، ويعاني الكثير من الأفراد من العنصرية المنهجية، فلا يزال الكثيرون لا يتلقون الرعاية الصحية كما يجب بسبب أعراقهم، وآخرون أكثر عرضة للسجن من غيرهم لذات السبب، ويحدث هذا الشكل من أشكال العنصرية المؤسسية في المدارس أيضًا وأماكن العمل.
هذا الشكل من العنصرية يتم بين المؤسسات والمجتمع، ويعترف بالعنصرية المنهجية ويعززها من خلال ممارسات متكررة يوميًا مثل: المضايقات العرقية، ويتضمن الكثير من الآثار التراكمية والمركبة لمجموعة من العوامل المجتمعية بما في ذلك التاريخ، والثقافة، والأيديولوجية، وتفاعلات المؤسسات والسياسات بطريقة منهجية.
اقرأ ايضاً : مكارم الأخلاق في الإسلام
للعنصرية آثار سلبية وأضرار عدة على الفرد، نذكر بعضًا منها:
للعنصرية آثار سلبية وأضرار عدة على المجتمعات نذكر منها:
تعرف ايضاً :خلق الإيثار – مراتبه ونماذج عنه
قال الله تعالى في سورة النساء: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، فبين القرآن الكريم طبيعة الإنسان من أصل خلقته، وحقيقته، ليدرك منها مكانته في مسارات الحياة، ومعاملاته مع أفراد الإنسان من لدن أسرته الخاصة انتهاء إلى مجتمعه ومحيطاته الواسعة.
ومعرفة هذه الحقائق تعينه على إحداث التغييرات في أفكاره وتصوراته، بل تنقله من العادات الجاهلية:
اقرأ ايضاً : التسامح مفتاح خير عظيم
الإسلام حارب العنصرية والتمييز العنصري في عدة مجالات، ولعلَ من أبرزها ما يأتي:
فلم يجعل الإسلام اللون أو الوضع الاجتماعي حائلاً دون تكوين الأسرة، فكل ما يشترطه الإسلام هو التراضي، والقدرة على تكوين البيت، والقيام بأعبائه على أساس مستقر، وجعل الكفاءة المتمثلة بالدين والخلق هو أساس الزواج.
يتساوى الناس جميعاً في الإسلام أمام القضاء:
أ- فالقاضي نفسه لا يشترط به أي شرط عنصري أو لوني، فمعيار توليه القضاء هو العلم والكفاءة والأخلاق،
ب- بين يدي القاضي يتقاضى الجميع دون أي تمييز، وقد طبقت العدالة في القضاء في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، عندما أقام الحد على امرأة سرقت من بني مخزوم، دون تفريق منه بين سرقة الشريف وسرقة الضعيف.
فالإسلام لم يفرق في القصاص بين الرجل والمرأة، وبين الغني أو الفقير، وبين المسلم والذمي، وبين الأبيض والأسود، ولم يفرق بين أن يكون القاتل واحداً أو جماعة، فقد قتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جماعة بواحد، وقال في ذلك قوله المشهور: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً.
أعطى الإسلام لكل فرد الحق في ممارسة العمل المشروع الذي يروق له، على أساس الكفاءة، فحق العمل مكفول لكل إنسان دون أيّ عائق عنصري أو ديني أو طبقي، والدولة في الإسلام مسؤولة عن توفير الرعاية والمعاملة الطيبة التي تكفل انطلاق كل الطاقات في المجتمع.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
نيلسون مانديلا وقوة التسامح و مالكوم اكس والتغيير و غاندي والسلمية
المراجع
• هي مجموعة أفكار ومُعتقدات وقناعات وتصرفات ترفع من قيمة مجموعة معينة أو فئة معينة على حساب الفئات الأخرى، بناءً على أمور مورّثة مرتبطة بقدرات الناس أو طباعهم أو عاداتهم، وتعتمد في بعض الأحيان على لون البشرة، أو الثقافة، أو مكان السّكن، أو العادات، أو اللغة، أو المعتقدات.
• هي كل شعور بالتفوق أو سلوك أو ممارسة أو سياسة تقوم على الإقصاء والتهميش والتمييز بين البشر على أساس اللون أو الانتماء القومي أو العرقي.
• قد تصل هذه الممارسات إلى استخدام العنف والقتل بطرق وحشية كما حصل مع الأمريكي "جورج فلويد".
• يستخدم المصطلح ليصف الذين يعتقدون ان نوع المعاملة مع سائر البشر يجب ان تحكم بعرق وخلفية الشخص متلقي تلك المعاملة، وان المعاملة الطيبة يجب ان تقتصر على فئة معينة دون سواها.
• يعطي المصطلح الحقّ لفئة معينة أن تتحكم بحياة ومصير الأعراق الأخرى، وكانت أولى الأعمال العنصرية وأكثرها انتشارا هي تجارة الرقيق التي كانت تمارس عادة ضد الأفارقة السود
من أشكال العنصرية التمييز الفردي، ويمارَس ضد فرد معين، ويتمثل في حرمانه من حقوقه وانعدام المساواة في المعاملة، والتمييز المؤسسي، ويكمن في المؤسسات الاجتماعية التي تعتمد على التفرقة والتمييز بين العاملين، فتعطى الحقوق لفئة معينة على حساب الفئة الأخرى، والتمييز القانوني، ويشمل حقوق العمل وحقوق الملكية، بحيث تُفرض قوانين جائرة على فئة وتُخدم مصالح فئة أخرى.
العنصرية وإحساس الأفضلية على الآخرين قد يكون أكثر جرماً عند الله تعالى من الكثير مما يراه البعض ذنوباً مثل شرب الخمر أو أكل الخنزير. فالشيطان كما جاء في قصة بداية الخلق لم يتم لعنه ليوم القيامة ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ﴾ الحجر 35 لأنه شرب قدحاً من النبيذ أو أنه أكل س لحم الخنزير ولكن لأنه استكبر وكان من العالين لأنه ظن أن عنصره (النار) كان أفضل من عنصر آدم (الطين).
• قد تؤثر العنصرية سلبًا على 1. صحة الفرد، فينشأ الشخص الذي يتعرض له وحيداً منبوذاً، فيميل للعيش معزولاً عن مجتمعه، وقد تؤثر العنصرية سلبًا على 2. الفرص الاقتصادية، مما يؤدي إلى الحد من قدرته على مراقبة الأفراد الآخرين المسؤول عنهم كأطفاله، ولا يستطيع أن يراقب تعليمهم أو يدعمهم، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الفرد وتدنيه في المجتمع.
للعنصرية آثار سلبية وأضرار عدة على المجتمعات نذكر منها:
• احتمال حدوث نزاعات وحروب بين أفراد المجتمع.
• يؤدي إلى تفكيك الروابط الاجتماعية بين أفراده.
• قد تؤثر العنصرية مُبكرًا على إنتاجية بعض المجالات كمجالات الإسكان، والرعاية الصحية، والعدالة الاجتماعية، والتعليم،
قال الله تعالى في سورة النساء: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
بين القرآن الكريم طبيعة الإنسان من أصل خلقته، وحقيقته، ليدرك منها مكانته في مسارات الحياة، ومعاملاته مع أفراد الإنسان من لدن أسرته الخاصة انتهاء إلى مجتمعه ومحيطاته الواسعة.
ومعرفة هذه الحقائق تعينه على إحداث التغييرات في أفكاره وتصوراته، بل تنقله من العادات الجاهلية:
الإسلام حارب العنصرية والتمييز العنصري في عدة مجالات، ولعلَ من أبرزها ما يأتي:
1. العلاج في نظام الأسرة
فلم يجعل الإسلام اللون أو الوضع الاجتماعي حائلاً دون تكوين الأسرة، فكل ما يشترطه الإسلام هو التراضي، والقدرة على تكوين البيت، والقيام بأعبائه على أساس مستقر، وجعل الكفاءة المتمثلة بالدين والخلق هو أساس الزواج.
2. العلاج في القضاء
يتساوى الناس جميعاً في الإسلام أمام القضاء أ- فالقاضي نفسه لا يشترط به أي شرط عنصري أو لوني، فمعيار توليه القضاء هو العلم والكفاءة والأخلاق،
ب- بين يدي القاضي يتقاضى الجميع دون أي تمييز، وقد طبقت العدالة في القضاء في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، عندما أقام الحد على امرأة سرقت من بني مخزوم، دون تفريق منه بين سرقة الشريف وسرقة الضعيف.
فالإسلام لم يفرق في القصاص بين الرجل والمرأة، وبين الغني أو الفقير، وبين المسلم والذمي، وبين الأبيض والأسود، ولم يفرق بين أن يكون القاتل واحداً أو جماعة، فقد قتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جماعة بواحد، وقال في ذلك قوله المشهور: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً.
3. العلاج في فرص العمل
أعطى الإسلام لكل فرد الحق في ممارسة العمل المشروع الذي يروق له، على أساس الكفاءة، فحق العمل مكفول لكل إنسان دون أيّ عائق عنصري أو ديني أو طبقي، والدولة في الإسلام مسؤولة عن توفير الرعاية والمعاملة الطيبة التي تكفل انطلاق كل الطاقات في المجتمع.