أحداث سقيفة بني ساعدة
من توفيق الله تعالى لهذه الأمَّة: أن هداها لسرعة اختيار خليفةٍ لرسول الله ﷺ في سقيفة بني ساعدة وهي: مكان يُستظل به، يعود لبني ساعدة، بايع تحته المسلمون أبا بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة، بعد وفاة النبي ﷺ.
Read moreلم يركن الفُرس إلى الهُدوء بعد موقعة القادسية، فكانوا يُجهزون الجُيوش استعدادًا لِمُواصلة الحرب، كما كانوا يقومون بأعمال التمرُّد في البلاد المفتوحة.
ولمَّا سأل عمر كبار الصَّحابة عن سبب ذلك، أجابوه بأنَّ تلك الفتن لا يُمكن أن تُخمد ما لم يخرج يزدجرد من حُدود البلاد الإيرانيَّة، وأنَّ آمال الفُرس لا يُمكنُ أن تنقطع، طالما تُراودهم فكرة بقاء وريث عرش «كنعان» على قيد الحياة.
وقعت في مدينة “نهاوند” في بلاد فارس، وقد وقع الاختيار على نهاوند كمركزٍ أخيرٍ للمقاومة الفارسية، وكميدانٍ للمعركة الحاسمة؛ لأنها مدينةٌ منيعةٌ تحيط بها الجبال من كلِّ جانب، ولا يمكن الوصول إِليها إِلا عبر مسالك وعرةٍ صعبةٍ.
لما انتصر المسلمون على الفرس في القادسية، كاتب “يزدجرد” أهل الباب والسند وحلوان ليجتمعوا فيوجهوا ضربة حاسمة للمسلمين، فتكاتبوا واجتمعوا في نهاوند.
أرسل سعد بن أبي وقاص إلى عمر: (بلغ عدد الفرس (150.000) مقاتل، فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشدة ازدادوا جرأة وقوة، وإن نحن عاجلناهم كان لنا ذلك).
فأرسل عمر إلى سعد يخبره أن يستعد الناس لملاقاة الفرس، فغادر سعد الكوفة إلى المدينة ليخبر عمر بخطورة الموقف شفاهة، فجمع عمر المسلمين في المدينة، وخطب فيهم وشرح لهم خطورة الوضع، واستشارهم، وأشاروا عليه أن يقيم هو بالمدينة، وأن يكتب إلى أهل الكوفة فليخرج ثلثاهم لمساعدة الجيش الإسلامي، وأهل البصرة بمن عندهم.
ثم قال عمر: (أشيروا عليّ برجل يكون أوليه ذلك الثغر غدًا)، فقالوا: أنت أفضل رأيًا وأحسن مقدرة، فقال: أما والله لأولين أمرهم رجلاً ليكونن أول الأسنة – أي : أول من يقابل الرماح بوجهه – إذا لقيها غداً، فقيل: من يا أمير المؤمنين؟ فقال: (النعمان بن مقرن المزني)، فقالوا: هو لها.
رسم عمر للنعمان الخطة التي يتوجب عليه تنفيذها، وأردفهُ بِقوَّاتٍ:
جيش المسلمين تحت قيادة النعمان: الذي يُقدَّرُ (30.000) جُنديّ مُتوجه إلى نهاوند، وقد بثَّ النعمان العُيون أمامهُ لاستكشاف المنطقة حتَّى لا يؤخذ على غرَّة، وواصل زحفه إلى أسبيهذان التي تبعد تسعة أميال عن نهاوند، وعسكر فيها بالقُرب من المُعسكر الفارسيّ.
جيش الفُرس تحت قيادة الفيرزان: الذي يُقدَّرُ (150.000) جُنديّ، وقد أحاطوا نهاوند بالخنادق وتحصَّنوا بها.
تهيَّب الفرس الدُخول في معركة، فطلبوا من النُعمان أن يُرسل إليهم رسولًا للتباحث، بشأن التوصّل إلى تفاهُمٍ سلميّ، فأرسل إليهم المغيرة بن شُعبة، لكنَّ المُباحثات انتهت إلى الفشل.
بدأ الطرفان الاستعداد للحرب، وكبّر النعمان التكبيرة الأولى ثم الثانية، ثم قال: (اللهم أعز دينك وانصر عبادك، واجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك ونصر عبادك، اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الإسلام، أمنوا رحمكم الله)، فبكى الناس، وكبر النعمان التكبيرة الثالثة.
وبدأ القتال، ثُمَّ التحم الجيشان في رحى معركةٍ ضارية، ابتدأت شديدةً واستمرَّت يومين، أنشب النعمان القتال يوم الأربعاء، ودام على شكل مناوشات حادة إلى يوم الخميس، والحرب سجال بين الفريقين.
كان الفرس يقاتلون في خنادق، وخشي المسلمون أن يطول الأمر فعقد النُعمانُ مجلسًا عسكريًا مع أركان حربه للتشاور، فتقرَّر:
وشرع النُّعمان لتنفيذ هذه الخطَّة، ووزع قواته فرقاً على الشَّكل الآتي:
الفرقة الأولى: خيالة بقيادة القعقاع بن عمرو، ومهمَّتها تنفيذ عملية التَّضليل وفقاً للخطَّة المرسومة آنفًا، واقتحام أسوار العدو، والاشتباك معه.
الفرقة الثَّانية: مشاة بقيادته هو، ومهمَّتها: التَّمركز في مواقع ثابتةٍ، ومموَّهةٍ بانتظار وصول الفرس إِليها حيث تنشب القتال معها في معركة جبهية.
الفرقة الثَّالثة: خيالة، وهي القوة الضَّاربة في الجيش، ومهمَّتها: التَّمركز في مواقع ثابتةٍ، ومموَّهةٍ، ثمَّ الهجوم على قوَّات العدوِّ من الجانبين.
وأمر النُّعمان المسلمين في كمائنهم (أن يلزموا الأرض، ولا يقاتلوهم حتَّى يأذن لهم)، والتزم المسلمون بالأمر ينتظرون إِشارة النُّعمان بالهجوم
ونفَّذ القعقاع بن عمرو ومعهُ سريَّتهُ من الجُند هذه الخطَّة بنجاح، فطوَّق المُسلمون الفُرس وانقضّوا عليهم، ودار قتالٌ لم يشهد لهُ الفُرس ولا المُسلمين مثالٌ من قبل، فصمد المُسلمون وقاتل الفُرس قتالًا مُستميتًا من مُنتصف النهار حتَّى الليل.
وسقط في أرض المعركة من الشهداء عددٌ من القادة والأسماء البارزة، منهم: (النُعمان نفسه، وطُليحة الأسدي، وعمرو بن معديكرب)، واستلم قيادة الجيش حذيفة بن اليمان.
لما أظلم الليل انهزم الفرس وهربوا دون قصد فوقعوا في واد، فكان واحدهم يقع فيقع معه ستة، فمات في هذه المعركة (100.000) أو يزيد، قتل في الوادي فقط ثمانون ألفًا، وقتل ذو الحاجب، وهرب الفيرزان، وعلم بهربه القعقاع فتبعه هو ونعيم بن مقرن.
فأدركاه في واد ضيق فيه قافلة كبيرة من بغال وحمير محملة عسلاً ذاهبة إلى كسرى، فلم يجد طريقًا فنزل عن دابته وصعد في الجبل ليختفي، فتبعه القعقاع راجلًا فقتله.
وفرَّ قسمٌ كبيرٌ من الجيش ناجيًا بحياته، واستسلمت حامية نهاوند، وطلب سُكَّانُها الأمان وأقرّوا بِدفع الجزية، ودخل المُسلمون المدينة وأجابوا الفُرس إلى ما طلبوا.
وأُرسلت المراسيل إلى عُمر بالمدينة تُبشِّرهُ بالفتح، الذي عرفهُ المُسلمون “بفتح الفُتوح” لأنَّهُ لم يقم للفُرس بعدها قائمة، وبانتصار المسلمين انتهى حكم الدولة الساسانية في بلاد ما وراء النهر بعد أن دام حكمها (416) عامًا.
نلمسه من خلال:
أرسل سعد بن أبي وقاص رسالة إلى عمر: (بلغ عدد الفرس (150,000) ألف مقاتل، فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشدة ازدادوا جرأة وقوة، وإن نحن عاجلناهم كان لنا ذلك).
تحشد المسلمين: أمر عمر عمَّاله في الكوفة، والبصرة، والمسلمين في الجزيرة بالتَّحشُّد لقتال الفرس.
منع العدو من التحشد: أمر عمر قادته في الأهواز، وباقي بلاد فارس أن يمنعوا العدو من التَّحشُّد، فكلَّف بعض القادة أن يقيموا على حدود ما بين فارس والأهواز، وأن يمنعوا الفرس من الانضمام إِلى الجيش المتحشِّد في نهاوند.
قدَّر عُمر أنَّ القتال سيكونُ ضاريًا ورُبَّما أدَّى إلى مصرع القائد، فاقتدى برسول الله ﷺ في غزوة مؤتة، فعيَّن سبعة من الرجال خلفًا للنُعمان في حال قُتل، إن قُتل النعمان فحذيفة الأمير، فإن قُتل حذيفة فجرير بن عبد الله.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
معارك المسلمين مع الروم و فتح القسطنطينية و تاريخ الأندلس
لما انتصر المسلمون على الفرس في القادسية، كاتب "يزدجرد" أهل الباب والسند وحلوان ليجتمعوا فيوجهوا ضربة حاسمة للمسلمين، فتكاتبوا واجتمعوا في نهاوند.
وقع الاختيار على نهاوند كمركزٍ أخيرٍ للمقاومة الفارسية، وكميدانٍ للمعركة الحاسمة؛ لأنها مدينةٌ منيعةٌ تحيط بها الجبال من كلِّ جانب، ولا يمكن الوصول إِليها إِلا عبر مسالك وعرةٍ صعبةٍ.
قائد جيش المسلمين النعمان بن مقرن وكان عدد الجيش (30) ألف مقاتل.
قائد جيش الفرس الفيرزان وكان عدد الجيش (150) ألف مقاتل.
تخرج خيول المسلمين، فتنشب القتال مع الفرس، وتستفزُّهم حتَّى تخرجهم من أسوارهم.
إِذا خرجوا تقهقرت خيول المسلمين أمامهم ليعتقدوا تراجعها ضعفًا، فيطمعون بالنَّصر، فيلحقوا بها وهي تجري أمامهم.
تستدرج خيول المسلمين المتظاهرة بالهزيمة، الفرس إِلى خارج أسوارهم ومواقعهم.
يفاجىء المسلمون الَّذين يكونون قد كمنوا في أماكن محدَّدة ومموَّهة، الفرس المتدفقين خلف خيول المسلمين، ويطبقون عليهم، وهم بعيدون عن مراكزهم، وخنادقهم، وأسوارهم.
انهزم الفرس وهربوا دون قصد فوقعوا في واد، فكان واحدهم يقع فيقع معه ستة، فمات في هذه المعركة (100.000) أو يزيد، قتل في الوادي فقط ثمانون ألفًا، وقتل ذو الحاجب، وهرب الفيرزان، وعلم بهربه القعقاع فتبعه هو ونعيم بن مقرن، فأدركاه في واد ضيق فيه قافلة كبيرة من بغال وحمير محملة عسلاً ذاهبة إلى كسرى، فلم يجد طريقًا فنزل عن دابته وصعد في الجبل ليختفي، فتبعه القعقاع راجلًا فقتله.
لأنَّهُ لم يقم للفُرس بعدها قائمة، وبانتصار المسلمين انتهى حكم الدولة الساسانية في بلاد ما وراء النهر بعد أن دام حكمها (416) عامًا.