الملك العادل نور الدين الزنكي – باني الوحدة الإسلامية
نقفُ لنتعرّف على أحدِ قامات التاريخ الإسلامي، إنّهُ الملك العادل"نور الدين الزنكي": باني الوحدة الإسلامية، وصانع حضارتها بعد الغزو الصليبي على بلاد الشام ومصر.
اقرأ المزيدقصص الأنبياء فيها العبرُ والدروس، منها نستخلصُ علاجات وأدويّة لأمراضِ المجتمعات والبشر، قصتنا مع نبيّ يكون عمّه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، إنهُ لوط عليه السلام،
أرسلهُ الله تعالى لشرّ قريةٍ على وجه الأرض، كانت ترتكبُ أشنعَ الموبقات، استضعفوهُ وتسلطوا عليه ولم يؤمن منهُم إلا ابنتيه، ولكنّ الله كان ناصرًا لهُ ومعينًا، وكان هلاكُهم عبرةً للبشر من بعدهِ على مدى الأزمان.
لوط عليهِ السلام بن هاران أخو إبراهيم، فيكون إبراهيم عمّ لوط عليهمَا السلام، ماتَ أبوهُ فتربى في بيت جدّه آزر وعمّه إبراهيم، فتربى في بيتِ النبوة.
لمّا ألقى قومُ بابل إبراهيم عليه السلام في النار، وكانت المعجزةُ وخرجَ منها سالمًا لم يؤمن إلا لوط عليه السلام، فعزمَ إبراهيمُ على الهجرة وهاجرَ معهُ لوط،
ثم أمرهُ إبراهيم أن يتوجّه إلى قرية “سدوم” وكانت مدينةً كبيرة عدد سكانها 4 آلاف نسمة، مركز تجاري ومَحطة على طريقِ السفر، في فَلسطين عند البحرِ الميّت، وتُسمّى في القرآن بـ “المؤتفكة” {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}.
انتشرَ الفسادُ الشديد في “سدوم” وعملوا من المُوبقاتِ ما لم يفعلهُ أحد، ولم يكُن فيهم مؤمن {فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (36) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ}، فلمْ يكُن فيها من المؤمنين إلا لوط وابنتيه.
ابتدعَ أهلُ سدوم أنواع المنكراتِ والفواحش، وكانوا أولَ منْ مارسَ الشذوذ الجنسيّ بينَ الرجال، وفي هذا ردّ على من يُعتبر هذا الأمر من طبيعة الإنسان وجِيناته، والله يُعلمنا أنْ نتعاملَ مع الفساد الذي يَظهر ونواجهه،
{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (81) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ}.
تعددت منكراتهم:
{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (29) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ}.
التعاملُ مع الانحرافات الأخلاقيّة ضروري، وليست المسألة حرّية شخصيّة؛ فالأممُ تنهار عندما تستحكِم عليها الشهوات، وتغيبُ عنها القيم الحضاريّة العُليا، فبدأ لوط عليه السلام يدعوا قوم سدوم ناصحًا ومشفقًا رغم أنّه غريبٌ عنهم
{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (161) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (162) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (163) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (164) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
لشدّة فجورِ قومِ سدوم فإنهم أرادوا طردَ لوط عليهِ السلام بمجردِ دعوتهِ لهُم، وما هي الجريمة التي ارتكبها؟
إنّها الطهارة، انقلَبت المفاهيمُ عندهُم وصارت الطهارة جريمة يُعاقب عليها، {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}، ثمّ إنّهم حذّروه من أن يدعو أحدًا أو أن يستقبلَ الضيوف في منزلِه، وإلا فالطردُ جزاؤه، عندها دعا لوط عليه السلام {قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}.
بعد أنْ اِستضعف قومُ سدوم لوطًا عليه السلام أرسلَ الله ملائكة لنصره، فمرّوا على إبراهيم عليه السلام يخبرونَهُ بما سَيجري لقومش لوط ويبشّرونهُ بابنه إسحاق وحفيدهِ يعقوب عليهم السلام، عندها خاف إبراهيمُ على لوط عليه السلام الهلاك، فجعلَ يجادل الملائكة:
هل تُهلكون قرية فيها 200 مؤمن؟ قالوا: لا، قال: 100، قالوا: لا، قال: 14، قالوا: لا، قال: فمؤمن واحد، قالوا: لا، قال: إنّ فيها لوطًا { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (32) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}.
طلبُ الملائكة من إبراهيم عليه السلام التوقفَ عن المجادلة في مسألة قوم لوط، فعذاب الله وأمرهُ قد صدر فيهم {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (75) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ (76) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ}.
كانت زوجةُ لوط عليهِ السلام غير مؤمنة، جعلها الله مثلًا للذين كفروا {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}، الخيانة هنا هي خيانةُ الإيمان والعقيدة، فلا يُغني نسبٌ ولا قرابة حتى لو كانت من نبيّ.
دخلَ رسلُ الله وملائكتُه قريةَ سدوم على هيئةِ شباب وسيمين، رأتهُم اِبنة لوط عليه السلام فأسرعت وأخبرت أباها خوفًا عليهِم أنْ يصيبهُم فجورُ القوم، أسرع لوط إليهم مستاءً فهو لا يملك أن يردّهم كضيوف ويخافُ ما سيصيبهم من أذيّة، فجعلَ يُحذرهم من أهلِ القرية طمعًا في أن يرجعوا عنها، وكرر ذلك ولكنهُم استمروا حتى دخلوا داره
{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}.
خرجت زوجةُ لوط وأخبرتِ الناسَ بأمرِ هؤلاء الضيوف، وذكرت جمالهُم وشبابهم فجاء أهلُ القرية راكضينَ مُسرعين، خرجَ لوط وأغلق الباب وجعلَ يُجادل قومَه ويناقشهم: تارة أنّ هؤلاء ضيوف ثم دعاهُم أن يتزوّجوا النساء التي أحلّ الله لهم، ثم طلب المؤازة والنصرة فلم يجد واحدًا منهم
{وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ}.
رفضَ قومُ لوط كل الحجج وأصرّوا على ما يريدون من فجور، فتحسّر لوط عليه السلام أنهُ ليسَ لديه مُنعة تحميه منهم، {قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (80) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}،
يصف الله تعالى حالهم لنبيه محمد ﷺ مقسمًا بحياته إكرامًا له {قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (71) قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (72) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
هنا استمهل لوط عليه السلام قومه ودخل بيته، فرأى الضيوف في قمة الهدوء فأنكر حالهم، عندها أخبروه بأمرهم {قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (63) قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ (64) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}، فلما أراد القوم دخول المنزل، خرج لهم جبريل وبضربة واحدة أعمى أبصارهم {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ}.
عاد قوم لوط إلى منازلهِم يتلمسُون الجدران، واتهموا لوط عليه السلام بالسحرِ وتوعدوهُ في اليوم التالي، فجاءت الأوامر إلى لوط أن يخرجَ من القرية بابنتيه ليلًا، ويترك امرأتهُ الكافرة وأن لا يلتفتَ، فالعذابُ واقع في الصباح
{ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}، نجى لوط عليهِ السلام وأهلهُ في وقتِ السَحر {إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ (35)نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ}.
وفي الصباح جاء جبريل عليه السلام:
{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (83) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}، يقول العلماء: أن كل من فعل هذا المنكر (الشذوذ الجنسي) ليس ببعيد عن هذا العذاب.
قوم لوط قرية هوت في الأخلاق، فهوت في تاريخ البشر، فهوت في الأرض، وجعل الله عقوبة هذا الفعل شديدة شنيعة: ففي حديث ابن عباس أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ».
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
السيرة النبوية و آدم عليه السلام و طالوت وجالوت
ابتدعَ أهلُ سدوم أنواع المنكراتِ والفواحش، وكانوا أولَ منْ مارسَ الشذوذ الجنسيّ بينَ الرجال، و تعددت منكراتهم:
1-شذوذ جنسي بين الرجال.
2-قطع للطرقات وسَلب ونَهب للناس.
3-الانحطاط وسوءُ الأدب في المجالس.
قرية "سدوم" وكانت مدينةً كبيرة عدد سكانها 4 آلاف نسمة، مركز تجاري ومَحطة على طريقِ السفر، في فَلسطين عند البحرِ الميّت، وتُسمّى في القرآن بـ "المؤتفكة" {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}.
لوط عليهِ السلام بن هاران أخو إبراهيم، فيكون إبراهيم عمّ لوط عليهمَا السلام، ماتَ أبوهُ فتربى في بيت جدّه آزر وعمّه إبراهيم، فتربى في بيتِ النبوة.
دخلَ رسلُ الله وملائكتُه قريةَ سدوم على هيئةِ شباب وسيمين، رأتهُم اِبنة لوط عليه السلام فأسرعت وأخبرت أباها خوفًا عليهِم أنْ يصيبهُم فجورُ القوم، أسرع لوط إليهم مستاءً فهو لا يملك أن يردّهم كضيوف ويخافُ ما سيصيبهم من أذيّة، فجعلَ يُحذرهم من أهلِ القرية طمعًا في أن يرجعوا عنها، وكرر ذلك ولكنهُم استمروا حتى دخلوا داره
خرجت زوجةُ لوط وأخبرتِ الناسَ بأمرِ هؤلاء الضيوف، وذكرت جمالهُم وشبابهم فجاء أهلُ القرية راكضينَ مُسرعين،
رفضَ قومُ لوط كل الحجج وأصرّوا على ما يريدون من فجور، فتحسّر لوط عليه السلام أنهُ ليسَ لديه مُنعة تحميه منهم، فاستمهل قومه ودخل بيته، فرأى الضيوف في قمة الهدوء فأنكر حالهم، عندها أخبروه بأمرهم فلما أراد القوم دخول المنزل، خرج لهم جبريل وبضربة واحدة أعمى أبصارهم.
جاء جبريل عليه السلام صباحا:
جعلَ جناحهُ تحت القريةِ ثم ارتفعَ بها إلى السماء: حتى سمعتِ الملائكةُ صياحَ ديكهم وسمعوا تسبيحَ الملائكة، ثم أمطرت عليهم حجارةٌ معلّمة لكل واحدٍ منهُم.
ثم أفنتهم الصيحة ودمّرت القرية بما فيها.
ثم قلبها وأعادها إلى الأرض وأصبحَ مكانُها بُحيرة (بحيرة قوم لوط).
هذه المقالة حقاً رائعاً
نعم جيدة جداً
جيدة
ما الذي حدث لسيدنا لوط بعدما ترك قريته هو وبنته