ايوب عليه السلام شعار الصبر
قصصُ الأنبياء فيها الدروسُ والعبر، نتعلمُ منهُم مناهجَ الحياةِ في كلّ الأحوال، في الرخاء وعندَ البلاء، نتعلمُ الصبرَ ونتعلمُ الشكر، أيوب عليهِ السلام شعارٌ للمبتلين، ونموذج للصابرين، وقدوةٌ لنا أجمعين،
Read moreأُمتنا الإسلاميّة غنية بالرجالِ العظام، المبدعين والقدوات في كلّ مَيدان، نقفُ لنتعرّف على أحدِ هؤلاءِ القامات، إنّهُ عبقري الطبِ العربيّ ابنُ النفيس الطبيبُ والفيلسوف المسلم من علماءِ العصرِ الذهبيّ للعلوم.
كانَ عالماً موسوعياً وطبيباً عظيماً ومؤلفاً غزير الإنتاج في اللغةِ والفلسفة والطبِ والحديث، كما كان فقيهاً مشهوراً، ويعدُ أحد رواد علم وظائفِ الأعضاء في الإنسان، أو ما يعرفُ اليوم بعلمِ الفيزيولوجيا.
أبو الحسن علاء الدينِ علي بن أبي الحزم الخالدي المخزومي القرشي الحمصي الدمشقي الملقب بابن النفيس.
ولد في حمص وترعرعَ في مدارِسها، فدرسَ علومَ اللغةِ العربيّة وبيانها وصرفَها وإدراكَ معانيها وبدائعِها في زمنٍ قياسيّ، ودرسَ الفقه والحديثَ، فاستحقَّ إطراءَ الأساتذة عليه، حتى خُيِّلَ للبعض أنّ ابن النفيس سيكونُ عالماً في الفقه أو الحديث أو لغوياً بارزاً، لكن نفسُهُ ورغبتهُ ذهبت في اتجاه آخر.
رغمَ إبداعِ ابن النفيس في الفقه والحديثِ واللغة، غيرَ أنّهُ اتجهَ لدراسةِ الطب، وربما يكونُ السببُ في اتجاهه لدراسةِ الطب تعرضهُ لأزمةٍ صحيّة ألمّت به، يقولُ عنها:
(قد عرض لنا حميات مختلفة، وكانت سنّنا في ذلك الزمان قريبة من اثنتين وعشرين سنة، ومن حين عوفينا من تلك المرضة حَمَلنا سوء ظننا بأولئك الأطباء (الذين عالجوه) على الاشتغالِ بصناعةِ الطب لننفع بها الناس).
لكنّ هذهِ الفكرة جُوبِهَت بمعارضةٍ شديدةٍ من والده، لأن دراسةَ الطب كانت شيئاً جديداً على أهلِ حمص، فمجتمعُ حمص كان مجتمع فقهٍ ومجالس علم، ومجالسهُ عامرة بالحديثِ واللغة، فأدهشهُم اختيارهُ للطب، لكنّ ابن النفيس متمسكاً برغبته، وقدّم وعداَ لوالدهِ أن يبلغَ مركزاً متقدماً في الطب، فوافقَ والدهُ على رغبتهِ، فسافرَ إلى دمشقٍ ليدرُسَ الطب هناك.
كانت دمشقُ في تلكَ الفترة، تحتَ حُكم الأيوبيين، الذين كان يعنونَ بالعلم عامّة، وبالطبِ خاصة عنايةً كبيرة، وجعلوا من دمشق حاضرة للعلومِ والفنون، وكانت تضمُ فيما تضم مكتبةً عظيمة، تحوي نفائسَ الكتب، ومستشفاً عظيماً، أنشأهُ نور الدين محمود، واجتذبَ أمهرَ أطباءِ العصر، توافدوا عليهِ من كلّ مكان.
وفي هذا المستشفى العتيد درسَ ابن النفيسِ الطبَ على يدِ (مهذب الدين عبد الرحيم الدخوار) وهو أحدُ كباِر الأطباء في التاريخ الإسلامي، وكان رئيساً للأطباء في عصره.
ودرسَ على (عمران الإسرائيلي) وكانَ طبيبًا فذًا، وصفه (ابن أبي أُصيبعة) الذي زاملَ ابنَ النفيس في التلمذة والتدريبِ على يديه بقولِه: (وقد عالجَ أمراضاً كثيرة مُزمنة كان أصحابها قد سئموا الحياة، ويئس الأطباء من برئهم، فبرئوا على يديه بأدوية غريبة يصفها أو معالجات بديعة يعرفها).
فائدة : من معادلات صناعة المبدعين:
وفي سنة (633هـ) نزح ابن النفيس إلى القاهرة، ويقال عن سببِ انتقالهِ إلى القاهرة، أنّ خصومةً حدثت بينه وبين زميله أبي أصيبعة ترك دمشق على إثرها، والتحق “بالمستشفى الناصري“، واستطاع بجدّه واجتهاده أن يصير رئيسًا له، وعميداً للمدرسة الطبية الملتحقة به، ثم انتقل بعد ذلك بسنوات إلى “مستشفى قلاوون” على إثر اكتمال إنشائه سنة (680هـ).
كما أصبح ابن النفيس طبيباً خاصاً لحاكم مصر (الظاهر بيبرس)، وهو الذي عينه رئيسا للأطباء في الديار المصرية، ولم يكن هذا المنصب فخريا، بل كانت له السلطة لمحاسبة الأطباء ومراجعتهم في أخطائهم.
كان عندهُ اهتمام بالفقه منذ طفولتهِ، وخاصة على المذهب الشافعي، فالتحق “بالمدرسة السرورية“، ولذلك أفرد له “السبكي” ترجمة في كتابه “طبقات الشافعية الكبرى” باعتباره فقيهًا شافعيًا.
تبينت عظمةُ وأهميةُ ابن النفيس للناس، بعد مضي (39)عام على وجوده في مصر، حين انتشرَ في ذلكَ الوقت وباء، فتكَ بأهلِ مصر، وماتَ منهُم الآلاف.
عندها قام ابن النفيس بتشكيل فريق طبي كبير، وأعطاهم الوصايا في التعامل مع هذا الوباء، وانتشر هذا الفريق في مصر وبدأ يدير المعركة مع هذ الوباء، حتى سيطروا على هذا المرض وانتصروا عليه.
ومن وقتها نال الشهرة الواسعة بين حكام مصر وشعبها فلقبوه بلقب (ابن النفيس المصري) فنال الشهرة والمال الكثير.
وعاش في القاهرة في بحبوحة من العيش في داره الأنيقة، وفيها كان مجلسه الذي تردد عليه العلماء والأعيان وطلاب العلم يطرحون مسائل الطب والفقه والأدب.
وصفه معاصروه بأنه كان كريم النفس، حسن الخلق، صريح الرأي، متدينًا على المذهب الشافعي؛ ولذلك أفرد له (السبكي) ترجمة في كتابه (طبقات الشافعية الكبرى) باعتباره فقيهًا شافعيًا.
وأوقف قبل وفاته كل ما يملكه من مال وعقار على البيمارستان المنصوري.
اقترنَ اسم ابن النفيس باكتشافه الدورة الدموية الصغرى، التي سجّلها في كتابه (شرح تشريح القانون)، غير أنّ هذه الحقيقة ظلت مختفية قرونًا طويلة، ونُسِبَت وهمًا إلى الطبيب الإنجليزي “هارفي” المتوفى سنة (1068هـ = 1657م).
الذي بحث في دورة الدم بعد ما يزيد على ثلاثة قرون ونصف من وفاة ابن النفيس، وظل الناس يتداولون هذا الوهم، حتى أبان عن الحقيقة الدكتور (محيي الدين التطاوي)في رسالته العلمية.
إنَّ اكتشاف الدورة الدموية الصغرى هي واحدة من إسهاماته العديدة:
لم تقتصر شهرة ابن النفيس على الطب، بل كان يُعدّ من كبار علماء عصره في الفقه، والفلسفة، والحديث، والتاريخ، واللغة وله كتبٌ في اللغة والنحو، بل كان ابن النحاس العالم اللغوي المعروف لا يرضى بكلام أحد في القاهرة في النحو إلا كلام ابن النفيس.
وكان يقضي معظم وقته في التأليف والتصنيف والتعليم، حتى وصل إلى أعلى الدرجات في علم الطب، وأوفى بوعده الذي قطعه لوالده.
من مؤلفاته في العلوم الأخرى:
والملاحظ أنّ غالب مؤلفات ابن النفيس في غير الطب ماهي إلا شروحاتِ لكتب من سبقه، أو رداً على كتبٍ أخرى.
توفيّ ابن النفيس في القاهرة وتحديدًا في المستشفى المنصوري الذي كان يعمل به كبيرًا للأطباء، ومرض قبل وفاته مرضًا شديدًا لعدة أيام، فحاول الأطباء علاجه باستخدام الخمر ولكنه رفض ذلك رفضًا شديدًا قائلاً جملة شهيرة (لا ألقى الله وفي جوفي شيءٌ من الخمر).
وبعد نحو ستة أيام من المرض، وافت ابن النفيس المنية عن عمر ناهز (80) عامًا يوم الجمعة 21 ذي القعدة (678هـ)الموافق 17 ديسمبر (1288)، وآخر ما قاله وهو يوصي تلامذته وزملائه على الحفاظ على قيمة وأهمية العلم “إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي”.
من أسرار العظمة في شخصية ابن النفيس:
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
قصص الصحابة و الأئمة الأربعة و قصص التابعين والمبدعون
علومَ اللغةِ العربيّة وبيانها وصرفَها وإدراكَ معانيها وبدائعِها في زمنٍ قياسيّ، ودرسَ الفقه والحديثَ، فاستحقَّ إطراءَ الأساتذة عليه، حتى خُيِّلَ للبعض أنّ ابن النفيس سيكونُ عالماً في الفقه أو الحديث أو لغوياً بارزاً، لكن نفسُهُ ورغبتهُ ذهبت في اتجاه الطب.
تعرض لأزمةٍ صحيّة ألمّت به، ةتقصير الاطباء في علاجه، يقولُ : (قد عرض لنا حميات مختلفة، وكانت سنّنا في ذلك الزمان قريبة من اثنتين وعشرين سنة، ومن حين عوفينا من تلك المرضة حَمَلنا سوء ظننا بأولئك الأطباء (الذين عالجوه) على الاشتغالِ بصناعةِ الطب لننفع بها الناس).
خصومةً حدثت بينه وبين زميله أبي أصيبعة ترك دمشق على إثرها، والتحق "بالمستشفى الناصري"، واستطاع بجدّه واجتهاده أن يصير رئيسًا له، وعميداً للمدرسة الطبية الملتحقة به،
انتشرَ في ذلكَ الوقت وباء، فتكَ بأهلِ مصر، وماتَ منهُم الآلاف، قام ابن النفيس بتشكيل فريق طبي كبير، وأعطاهم الوصايا في التعامل مع هذا الوباء، حتى سيطروا على هذا المرض وانتصروا عليه.
ومن وقتها نال الشهرة الواسعة بين حكام مصر وشعبها فلقبوه بلقب (ابن النفيس المصري) فنال الشهرة والمال الكثير.
- اكتشاف الدورة الدموية الصغرى.
- إسهاماته في الإبصار والتشريح والتنبيه على خطورة الملح.
- اكتشفَ الدورتين الصغرى والكبرى للدورة الدموية.
- ووضعَ نظريةً باهرة في الإبصار والرؤية.
- وكشفَ العديدَ من الحقائق التشريحيّة.
- وجمعَ شتاتَ المعرفة الطبية والصيدلانية في عصره.
- وقدم للعلم قواعد للبحث العلمي وتصورات للمنهج العلمي التجريبي.
- أول من طلب من مرضاه بضرورة الاعتدال في تناول الملح، وقدَّم أدق الأوصاف لأخطار الملح، وأثر الملح على ارتفاع ضغط الدم.
- رسم تشريحاً دقيقاً للحنجرة، وجهاز التنفس والشرايين، وبيَّن وظائف كل واحدة منها.
- اكتشف أنّ عضلات القلب تُغَذَّى من الأوعية الدموية المبثوثة في القلب، وليس من الدم الموجود في جوف القلب.
(الشامل في الصناعة الطبية).
شرح تشريح القانون.
شرح فصول أبقراط.
المهذب في الكحل المجرب.
كتاب موجز القانون أو الموجز في الطب.
المختار في الأغذية.
شرح تشريح جالنيوس.
المهذّب في الكحالة.
بالاضافة لشروحات لكتب غيره.