حياة المرأة المسلمة صفحاتٌ مضيئة، تضع أمام أنظارنا المثال الحقيقي والحيّ الذي يجب أن تقتدي به النساء في كل زمان، نساءٌ خالدات قصصُ قدوات ونماذج من التاريخ الإسلامي، تجسّد المرتبة العالية والرفيعة التي بلغتها المرأة في ظل الإسلام.
ولدت أم سلمة رضي الله عنها في مكة المكرمة، ونشأت في بيت والدها (أبي أمية) الذي كان من سادات قريش، وتزوجت من ابن عمّها (أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي).
كانت أم سلمة وزوجها أبو سلمة من السابقين إلى الإسلام، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من أذى قريش، أمرهم بالهجرة إلى الحبشة، وقال: «إن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد»، فهاجرت أم سلمة مع زوجها إلى الحبشة.
ولكن الحنين إلى الوطن جعلهما يعودا إلى مكة؛ لمّا سمعا بإسلام عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما، ولكن للأسف فوجئا بأن الأذى على المسلمين مستمر.
جاءت الفرصة للتخلص من أذى قريش من خلال الهجرة إلى المدينة المنورة، فهمّ أبو سلمة وأم سلمة بالهجرة، لكن أهلها منعوا أبا سلمة من السير بها إلى المدينة، فهاجر منفردًا، وأتى بنو عبد الأسد قوم أبي سلمة؛ فتنازعوا ابنها سلمة مع قومها حتى كادت تنخلع يده ثم أبعدوه عنها.
هنا عاشت أم سلمة ألم فراق الزوج والولد وظلت في حزن تبكيهم، ثم رق أهلها وأهل زوجها لحالها، وتركوها تلحق بزوجها ومعها ابنها سلمة إلى المدينة.
خرجت أم سلمة مع ابنها تنوي الهجرة دون رفيق، فرآها عثمان بن طلحة أحد أشراف مكة وسألها عن وجهتها، فأخبرته، فأخذ بخطام دابتها، ورحل بها إلى مشارف المدينة، وقفل راجعاً.
وفي المدينة أنجبت أم سلمة ثلاثة أولاد، وشهد أبو سلمة بَدْراً وأحُداً فجُرح بها، ثم بعثه النبيُّ على سرية إلى بني أسد فأدى ما عليه ثم رجع، فانتقض جرحه القديم ومات رحمه الله.
فلما مات أبو سلمة، قالت أم سلمة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: «اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها»، فكانت تردد هذا الدعاء وتقول في نفسها من خير من أبي سلمة؟!
بعد وفاة أبي سلمة عاشت أم سلمة مع أبنائها الأربعة، وكانت كبيرة في السن، لكن نخوة الصحابة لرعاية هذه الأسرة دفعت بعضهم للتقدّم لأم سلمة، وكان ممن تقدّم: سيدنا أبو بكر الصديق، وسيدنا عمر بن الخطاب.
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب أم سلمة لنفسه فاعتذرت وقالت: يا رسول الله مثلك لا يرد ولكني:
فردّ رسول الله قائلاً:
زوجها له ابنها سلمة وكان صغيراً، وفي هذا دليل على صحة أن يكون الولي صغيراً.
كانت أم سلمة أكبر زوجات رسول الله سناً، وكان يبدأ بها رسول الله لما يطوف على نسائه، ويروى أنه في البداية كان لما يدخل رسول الله عليها فإنه يجد ابنتها زينب في حجرها فيدعها ويخرج، فانتبه لذلك سيدنا عمار بن ياسر أخو أم سلمة بالرضاعة، فأصبح لاحقا يأخذ زينب عندما يكون يوم أم سلمة مع رسول الله، فانظروا لهذا الخلق والرقي في مراعاة حاجات الإنسان.
شاركت أم سلمة في الحياة الاجتماعية والسياسية للمسلمين، ومن ذلك ما حصل يوم الحديبية لما وقع رسول الله اتفاقاً مع مشركي مكة من بنوده:
انزعج عموم المسلمين من شروط الاتفاق، وخاصة لما جاء الصحابي أبو جندل مهاجراً فطلب وفد قريش تسليمه، وقاده أبوه وهو يصيح بالمسلمين طالباً منعتهم، ولكن بنود الصلح كبلتهم فثارت نفوسهم، ولما جاءهم رسول الله طالباً التحلل من العمرة ثلاث مرات لم يتحرك منهم أحد، فغضب رسول الله ودخل خيمته متضايقاً خوفاً على المسلمين الهلاك بعصيانهم أمر رسولهم.
ولما دخل على أم سلمة وكانت معه في تلك العُمرة، ذكر لها ما لقي من الناس، فقالت له: «يا نبي الله أخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلق لك»، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك؛ فنحر وحلق، ولما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني: «وإشارتها على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تدل على وفور عقلها وصواب رأيها»، وفي هذا رد على من يقول أن المرأة لا تصلح للاستشارة لعاطفتها، فهنا أم سلمة تقدم درساً لهؤلاء ونموذجاً للنساء.
كانت رضي الله عنها: حريصة على العبادة والزهد والعلم، وكانت متفاعلة مع الحياة الاجتماعية فكانت تبايع الخلفاء، وتدعوا الناس إلى البيعة، وكان دورها الرئيسي في تربية أولادها، ثم تعليم المسلمين:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، فكانت تدافع عن حق المرأة في أن يكون لها ذكر.
عمرت رضي الله عنها، وماتت زمن سيدنا معاوية 59هـ، وكان عمرها 84 سنة.
رحم الله أم سلمة ورضي الله عنها: كم صبرت؟! وكم جاهدت؟! وكم علّمت؟!
وجعلها الله قدوة لبناتنا وأبناءنا.
ولي زواج ام سلمة رضي الله عنها ابنها سلمة
تعتبر أم سلمة من امهات المؤمنين لزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قالت أم سلمة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: «اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها»، فكانت تردد هذا الدعاء وتقول في نفسها من خير من أبي سلمة؟!
هاجرت ام سلمة مرتين، المرة الأولى إلى الحبشة ومن ثم هاجرت إلى المدينة
ولدت أم سلمة رضي الله عنها في مكة المكرمة، ونشأت في بيت والدها أبي أمية الذي كان من سادات قريش، وتزوجت من ابن عمها أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنكم الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
