الثورات الفلسطينية (قصص التضحية والكفاح)
يقول الشيخ رائد صلاح: (ما دامت القدس في خطر فلن ننام، وما دام الأقصى في خطر فلن ننام، وكيف ينام من هو على موعد مع العيد السعيد، مع الحق التليد، مع الوعد الأكيد؟!).
اقرأ المزيدعلم ( التغيير ) علم عميق كَتَبْتُ فيه سابقاً ولي كتاب قادم فيه بإذن الله تعالى وداخل علم التغيير هناك علم عميق اسمه علم ( المقاومة Resistance ) حيث يقوم رافضو التغيير بمقاومته باستعمال طرق معروفة علمياً وهو ما بات يعرف بأنه مقاومة التغيير .
وداخل علم المقاومة علم آخر يعلمنا كيف نواجه هذه المقاومة، ويسمى علم ( مقاومة المقاومة ) Resisting the Resistance
والذي كتب فيه أخي الحبيب العالِم الجليل د. علي الحمادي كتاباً بهذا العنوان ( حفظه الله ورعاه ).
وقد ألَّفتُ كتاباً على شكل مقياس علمي اداري بهذا الاسم أيضا ( مقاومة المقاومة ) وسيتوفر قريباً بإذن الله تعالى في موقع شركتنا الابداع الخليجي، وشرَحتُ في المقياس ٢٠ طريقة تمارسها المقاومة لمقاومة التغيير، حتى لو كان التغيير لصالح الجميع. (والغريب أن المقاومة بكل أشكالها لا تستعمل غير هذه الطرق العشرين في كل العالم !!!)
وفي إجابة المقياس تجدون ٦٠ قانوناً لمقاومة المقاومة والتغلب عليها، وسأنشره قريباً بإذن الله تعالى.
وعِلم التغيير وعِلم المقاومة وعِلم مقاومة المقاومة علوم نادرة ومهمة، وأحببت أن أعطيكم رشفةً منها باستعمال ما ورد في القرآن الكريم، في الحوار الذي جرى بين موسى وهارون عليهما السلام من جهة ومن جهة أخرى فرعون وحوْلَه الملأ، (واخترت أن أبدأ القصة فيما ورد في سورة الشعراء المباركة إبتداءً من الآية ١٦ )
( وإذا قيل ” الملأ ” فيقصد بهم الأعيان والوزراء والبطانة الذين يؤيدون الطاغية على كل كلمة يقولها حتى لو كانت باطلاً أو سَخَفاً، فيظن فرعون أنه على الحق دوماً !!!).
وسأضع تعليقاتي المبنية على علم التغيير بعد الآيات جزءاً جزءاً :
لنبدأ الحوار من بداية محاولة موسى وهارون عليهما السلام ( تغيير ) النمط السائد من الأفكار في مصر،
وعلى رأس الأفكار الجديدة فكرة أنَّ (هناك إله هو الرب الذي يرعى كل شيء ويرزقه وهو الذي يتولى العالمِين)،
وفي هذا نسف للفكرة السائدة في مصر وهي أن الرب هو فرعون الذي كان يقول لهم أنا ربكم الأعلى، والذي كان يحكم ويُشرِّعْ وحده كما يشاء، والكل يسمع ويطيع ويُسبِّح بحمد فرعون!!
فلنبدأ مع بداية إطلاق مشروع التغيير بأمرٍ من الله ﷻ إلى موسى وهارون عليهما السلام ليقودا التغيير:
” فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ “
الفكرة الرئيسية والرؤية المحددة للمشروع التغييري يجب أن تكون واضحة وغير معقدة وسهلة الفهم للجميع، والفكرة هنا هي :
هناك إله واحد عظيم، ونحن اثنان من البشر، أرْسَلَنا هذا الإله العظيم برسالة واضحة واحدة، فنحن اثنان ( فأتيا – مثنى )
ونحن رسول واحد ( إنَّا رسول – مفرد ) لأننا لا نحمل رسالتين بل رسالة واحدة فيها فكرة تغييرية رئيسية واضحة وسهلة الفهم، هذه الرسالة موجَّهة للجميع بما فيهم أنت يا فرعون والملأ من حوْلِك :
أن آمنوا بهذا الإله الذي هو رب العالمين، فله وحده العبادة والطاعة والتسليم الكامل وليس لأحدٍ سواه.
ودور الرسولين هو قيادة تغيير ” الواقع ” الذي هو عبادة فرعون وطاعته في كل شيء، والانتقال الى” الهدف المنشود ” وهو عبادة الإله الواحد فقط ( العبادة بمفهومها الشامل للشعائر والتشريع )، وهذه الفكرة على بساطة فهمها إلا أنها فكرة فيها تغيير شامل لكل شيء.
وهذه أعظم مواصفات فكرة التغيير : ( أنها جذرية وسهلة الفهم ) كانت تلك الفكرة الرئيسية في الرسالة الموجهة الى فرعون وهي أن يسلم هو ومن معه لرب العالمِين.
واحتوت الرسالة ( رغم اختصارها الشديد ) على جزء ثاني مهم جداً في عملية التغيير وهو :
( ما هي الخطوة الرئيسية العملية القادمة ؟ )
والجواب : ” أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ “
الخطوة العملية الواضحة القابلة للقياس والتي يمكن تحقيقها على المدى القريب وهي :
( إذا رفضت الإيمان برب العالمِين والاستسلام له، إذاً اترك بني اسرائيل يغادرون مصر محررين بعد عبودية عدة قرون )
لنجاح التغيير ثلاث مقومات رئيسية لابد من وجودها جميعها بدرجة عالية ( والضعف في أي واحدة منها سَيُفَشِّل عملية التغيير ) :
وكلها توفرت في مشروع التغيير الذي طرحه موسى وهارون عليهما السلام.
والآن لننظر كيف يواجه فرعون الطاغية المقاوم للتغيير هذه الفكرة الثورية الخطيرة التي ستقلب موازين كل شيء في مصر بل قد تزيل ملكه ومُلْك أجداده :
” قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ “
ماهذا الرد الغريب على ما طرحه موسى عليه السلام ؟!! فرعون لم يردَّ أبداً على الرسالة ( هناك رب للعالمين وليس أنت
وإن رفضت فأرسل معنا بني اسرائيل ) ولم يسأل عنها ويناقشها كما هو متوقع أن بقول ( وما رب العالمين ؟ )
بل انتقل فرعون إلى موضوع مختلف تماماً ( أولم نربك فينا وليداً …) لماذا ؟ فلننظر :
( إن فرعون هنا يستعمل الطرق الأولى التي دائماً ما تبدأ بها المقاومة للتغير ومن بينها :
١- لا تناقش فكرة التغيير، بل هاجم قادة التغيير شخصياً. ( دعك من الحديث عن من هو رب العالمين، فلنناقش من هو موسى !!!)
٢- حاول الطعن بمصداقية قادة التغيير ( رغم فضلنا عليك منذ صغرك، ورعايتنا لك لسنين طويلة، تنكر النعمة وتكفر بها،
فكيف لناكر النعمة والجميل أن يكون قائداً ؟! )
٣- ابحث عن أية ثغرة في التاريخ الشخصي لقادة التغيير، وفِي الغالب ستجد لأنهم بشر :
( وفعلت فعلتك التي فعلت): أي هل نسيت جريمة القتل التي ارتكبتها ؟! فكيف يصلح مجرم فار من العدالة أن يكون قائداً ؟!
والهدف من طرح فرعون لهذه الأمور هو صرف الأنظار من نقاش ” فكرة ” التغيير إلى أن يتحول النقاش حول ” أشخاص ” قادة التغيير !! )
إذاً قام قادة التغيير ( موسى وهارون عليهما السلام ) بطرح فكرة تغيير الواقع المرفوض إلى الرؤية المنشودة.
واستعملت المقاومة ( فرعون ) الطرق الأولى من التي في جعبتها ( من بين ٢٠ طريقة للمقاومة والتي لا يوجد غيرها ).
والآن يأتي دور ( مقاومة المقاومة ) بممارسة ذكية جداً من موسى عليه السلام، فلننظر :
” قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ
أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ “
( لقد سحب البساط تماماً من تحت فرعون قائلاً :هل تريد أن تثبت أن تاريخي ليس أبيضاً تماماً ، نعم هو كذلك فأنا بشر أخطئ أحياناً ولست كاملاً !!
وهو هنا يستعمل القانون : ( لا تدخل في جدل حول نفسك كقائدٍ للتغيير وإنما ركِّز على مشروعك وليس نفسك )
لنعد لما قاله موسى عليه السلام: هل تريد يا فرعون أن تثبت أن على مشاكل لمخالفته للقانون؟ نعم هذا صحيح،
فأنا فارٌ ليس من العدالة، وإنما فررت لخوفي من ظلمكم ( ففرت منكم لما خفتكم ) ولست فاراً من عدلكم، لأنكم لا عدل عندكم.
فهل تود يا فرعون أن نناقش نظامكم القضائي الفاسد والظالم ( يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ )
دون محاكمة ولا دفاع عن النفس! وهو هنا يقلب الطاولة من النقاش حول أشخاص قادة التغيير إلى توجيه الأنظار نحو الواقع الأليم الذي يجب تغييره، ( ولنتذكر أن العنصر الأول لنجاح عملية التغيير هو رفع درجة الألم من الواقع المرير )
وهل تريد كذلك يا فرعون أن تثبت أني ناكر للجميل لتطعن في مصداقيتي ؟
نعم أنا ناكرٌ لما تعتبره أنت نعمة، وحقيقته أنه نقمة، حيث رعيتني وحدي بينما استعبدت كل قومي بني اسرائيل، وقتلت الأطفال الأبرياء، وأنا نجوت بمعجزة وليس بفضلك، فهل هذه نعمة تمنها علي حيث استعبدت كل بني اسرائيل.
ومرة أخرى مزيد من إشعال الألم، حيث كلما زاد استشعار الألم زادت فرصة نجاح التغيير !
ولسان حال موسى عليه السلام أنه يقول: أنا هنا ليس لمصالحي الشخصية، وإنما لمصلحة الجمهور المستهدف بني اسرائيل! فهنا يقوم موسى عليه السلام بإثبات مصداقيته ( مصالحي ليست هي الهدف وإنما الهدف هو تحرير بني اسرائيل)
قال ذلك بشكل مبطن وبدون أن يفتح النقاش الشخصي حول نفسه كقائد للتغيير.
وأحد القوانين الرئيسية لمقاومة المقاومة : (دافع عن نفسك بقوة مرة واحدة فقط، وهذا أفضل من السكوت،
وبشرط ألا تنجر للحوار حول قادة التغيير وإلا سيتم نسيان فكرة التغيير)
فأي ذكاء هذا في مقاومة المقاومة !
ولا يكتفي موسى عليه السلام برفض مناقشة قادة التغيير شخصياً في كلماته القليلة الواضحة، وإنما يعيد الأمر لنقاش المشروع التغييري نفسه، فلننظر :
( ” فوهب لي ربي ” ” الفكرة الرئيسية :لي رب غيرك يا فرعون ” ” حكماً ” أي مسؤولية قيادة التغيير
” وجعلني من المرسلين ” وأنا كذلك المنظِّر الرئيس الذي يتولى الطرح الفكري لمشروع التغيير، حيث في كثير من الأحيان يكون القائد الميداني شخصاً والمنظِّر الفكري شخصاً آخر، وهذا مقبول.
بينما في هذا المشروع اجتمع القائد العملي والمنظِّر الفكري في موسى عليه السلام، وهذا نادر في الدعوات والحركات ومشاريع التغيير.
فمرة أخرى يؤكد قائد التغيير على فكرة المشروع ، حيث كلما ازدادت وضوحاً كلما زادت فرصة نجاح التغيير !
” قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ “
لقد رضخ فرعون وانتقل مضطراً من نقاش الأشخاص إلى نقاش الفكرة ( وما رب العالمين ) والتي كان من المفترض أن يسأل عنها في البداية لكنه حاول المناورة بذكاء.
( إذاً إذا أصر قادة التغيير على نقاش فكرتهم، وعدم التحول لنقاش أشخاصهم، فعندها ستضطر المقاومة إلى نقاش الفكرة نفسها لعلهم يجدون فيها ثغرات يسقطونها من خلالها ! )
استغل موسى عليه السلام اضطرار فرعون لنقاش الفكرة فأخذ يشرحها بالتفصيل : ” قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينْ ” بهذه الكلمات القليلة يبدأ قادة المشروع بشرحه بتفصيل : الإله الذي أرسلنا ” رب العالمين ” هو الذي ” خلق السموات والأرض “.
بهذه الكلمات البسيطة طعن موسى عليه السلام المقاومة في نقطة مصرع، ففرعون رغم أنه كان يدعي أنه وحده الذي له حق الالوهية بأن يُعبد ويحكم ويُشرع ويُطاع، لم يجرؤ قط أن يقول أنه خالق السموات والأرض.
( بل إنه أمر فيما بعد وزيره هامان أن يصنع له المسلات العملاقة لعله يرقى عليها ليطلع على إله موسى وفرعون يفعل ذلك وهو شاك غير متأكد قائلاً : وإني لأظنه من الكاذبين، مما يضعف موقفه أكثر )
ولذلك فوجئ فرعون تماماً ولم يعرف ما يقول رداً على هذا الخنجر : ( أنت يا من تدعي الألوهية الكبرى، هل خلقت السموات والأرض؟ )
فبدأ فرعون اللعين يستعين بالملأ : ” قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ “
هو لا يسأل هنا : (هل أنتم تستمعون ؟ فبالطبع هم يستمعون مثله ) بل هو يبحث عمن يساعده على المقاومة للخنجر الذي أصابه حيث ليس لديه جواباً، ولم يجد ثغرة ينفذ منها للرد على فكرة المشروع الواضحة التي لا يمكن إلا قبولها !
لكن الملأ أيضاً أسقط في أيديهم هم أيضاً فليس لديهم جواباً يسعفون به فرعون! فاستغل موسى عليه السلام عدم قدرتهم على الرد فأخذ يطرح تفاصيل المشروع :” قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ “طعنة أخرى في الصميم فلنتأمل ماذا يقول لهم :
إذا كان فرعون هو ربكم الأعلى، فهل كان هو أيضاً رب آبائكم وأجدادكم قبل ذلك ؟
كيف وهو لم يكن موجوداً على عهدهم ولم يولد بعد ؟!!!
جن جنون فرعون ولم يحر جواباً مرة أخرى، فلم يجد إلا محاولة التشويش بأي شيء ليشغل الناس عن التفكير في المشروع التغييري ( والتشويش خارج الفكرة من طرق المقاومة العشرين ):
” قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ” لكن موسى عليه السلام يركز على مشروعه ولا يلتفت لهذا التشويش ولا يرد عليه ( وهكذا تكون الفاعلية في مقاومة المقاومة )
فيستمر في شرح مشروعه بالتفصيل : ” قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ “
طعنة ثالثة عصماء :رب المشرق والمغرب، نفس حجة ابراهيم عليه السلام التي بُهت بها الملك الكافر النمرود وهي :
هل تستطيع يا فرعون أن تتحكم في الشروق والغروب مادمت تدعي أنك أعلى الآلهة ؟
فإن كنت لا تستطيع ، فإذاً هناك من هو أعلى منك وهو الذي يتحكم بهما !
وطعنة رابعة عصماء :” إن كُنتُم تعقلون “
موسى الآن يوجه الحديث للجمهور المستهدف وهم أتباع فرعون قائلاً لهم :
دعوكم مما تعودتم عليه وألفتموه، وحكموا عقولكم، هل هذا المشروع التغييري مقنع لعقولكم ؟
أم ألوهية فرعون الذي لم يخلق السموات والأرض ولا يتحكم في الشروق والغروب وليس رباً لآبائكم وأجدادكم من قبل، فأين عقولكم ؟!! )
” قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ “
( طبعاً هناك طرق أخرى استعملها فرعون مما تستعمله المقاومة من طرقها العشرين، وهي موجودة في الآيات الأخرى التي تشرح قصة فرعون، ولولا أني أطلت عليكم لشرحتها لكم بالتفصيل.
لكن المواجهة الأولى أفقدت فرعون صوابه فقفز نحو سلاحه الأخير، واستعمل الطريقة الأخيرة للمقاومة وهي :
“إن لم تستطع إيقاف مشروع التغيير، فتخلص جسدياً من قادة التغيير شخصياً ” ” لأجعلنك من المسجونين “
طبعاً هو يستطيع أن يفعل ذلك وزيادة
( وفعلاً قام لاحقاً بمجزرة ثانية في بني اسرائيل، بل قرر أن يقتل موسى عليه السلام خوفاً من انتشار الفكرة الجديدة
” وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ “
فشاور الملأ بفكرة قتل موسى، لكنهم خافوا من ثورة شاملة للجماهير إذا تم قتل قائدهم، وهذا الذي منعهم من قتله)
ولأن موسى عليه السلام كان في منتهى الذكاء في مقاومة المقاومة تجنب المواجهة الجسدية حيث لا يملك ما يرد به على بطش فرعون، ولذلك لم يرد على التهديد ولجأ للتهدئة، وهرب للأمام بدل أن يتراجع فانتقل إلى أسلوب آخر مختلف تماماً عن اُسلوب النقاش العقائدي وهو النقاش العلمي :
” قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ ” أي إذا لم تستسلم للفكر فدعنا نستعمل أسلوباً آخر ….
وتستمر القصة والمقاومة ومقاومة المقاومة في تطبيق لعلم التغيير لنفهم من خلاله الآيات بصورة أعمق من القراءة السطحية، ولعلنا نستكملها في حديث آخر بإذن الله تعالى.
د. طارق السويدان
علم (التغيير) علم عميق، وداخل علم التغيير هناك علم عميق اسمه علم (المقاومة Resistance): حيث يقوم رافضو التغيير بمقاومته باستعمال طرق معروفة علمياً وهو ما بات يعرف بأنه مقاومة التغيير .
وداخل علم المقاومة علم آخر يعلمنا كيف نواجه هذه المقاومة، ويسمى علم (مقاومة المقاومة) Resisting the Resistance.
- محاولة موسى وهارون عليهما السلام ( تغيير ) النمط السائد من الأفكار في مصر، وعلى رأس الأفكار الجديدة فكرة أنَّ (هناك إله هو الرب الذي يرعى كل شيء ويرزقه وهو الذي يتولى العالمِين).
- وفي هذا نسف للفكرة السائدة في مصر وهي أن الرب هو فرعون الذي كان يقول لهم أنا ربكم الأعلى، والذي كان يحكم ويُشرِّعْ وحده كما يشاء، والكل يسمع ويطيع ويُسبِّح بحمد فرعون!!
ألمٌ شُديد من الواقع.
فكرة واضحة تُحقِّق الأمل المنشود.
خطوات عملية قابلة للقياس والتحقيق على المدى القريب.
١- لا تناقش فكرة التغيير، بل هاجم قادة التغيير شخصياً.
٢- حاول الطعن بمصداقية قادة التغيير.
٣- ابحث عن أية ثغرة في التاريخ الشخصي لقادة التغيير، وفِي الغالب ستجد لأنهم بشر.
4- إن لم تستطع إيقاف مشروع التغيير، فتخلص جسدياً من قادة التغيير شخصياً.
1- طرح فكرة تغيير الواقع المرفوض إلى الرؤية المنشودة.
2- لا تدخل في جدل حول نفسك كقائدٍ للتغيير وإنما ركِّز على مشروعك وليس نفسك.
3- قلب الطاولة من النقاش حول أشخاص قادة التغيير إلى توجيه الأنظار نحو الواقع الأليم الذي يجب تغييره.
4- أنا هنا ليس لمصالحي الشخصية، وإنما لمصلحة الجمهور المستهدف.
5- دافع عن نفسك بقوة مرة واحدة فقط، وهذا أفضل من السكوت، وبشرط ألا تنجر للحوار حول قادة التغيير وإلا سيتم نسيان فكرة التغيير.
6- كلما ازدادت وضوحاً كلما زادت فرصة نجاح التغيير.