عمر بن الخطاب وفتح الأردن وفلسطين
أعظم ما قام به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد إقامة العدل الشامل في دولة…
اقرأ المزيدجدول المحتوى
الخلافة العثمانية أكثر الدول فتوحات بعد الدولة الأموية، وصلت فتوحاتهم إلى داخل أوروبا وأجزاء من آسيا الصغرى، وعلى رأس هذه الفتوحات فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح، ولم تكن الخلافة العثمانية مجرد قوة عسكرية؛ بل كانت رابطة جمعت المسلمين تحت مظلتها، وأعادت لهم هيبتهم بعد سقوط الخلافة في بغداد.
بدأ تأسيس الدولة عام (699هـ)، إلا أن الميلاد الحقيقي لها كان عام (857هـ)، بعد أن تم فتح القسطنطينية التي أصبحت عاصمة الدولة، وفي عام (923هـ) بعد سقوط دولة المماليك في مصر والشام وسقوط الخلافة العباسية؛ أعلنت الدولة العثمانية الخلافة الإسلامية، وحكمت أجزاء واسعة من العالم الإسلامي حتى سقوطها في عام (1337هـ – 1924م).
أسسها عثمان بن أرطغرل، الذي أخلص الولاء للدولة السلجوقية على الرغم مما كانت تتخبط فيه من اضطراب، وأظهر عثمان في بداية عهده براعة سياسية في علاقاته مع جيرانه؛ فعقد تحالفات مع الإمارات التركمانية المجاورة، ووجه نشاطه العسكري نحو الأراضي البيزنطية.
من الناحية الإدارية: أظهر عثمان مقدرة فائقة في وضع النظم الإدارية لإمارته، حيث قطع العثمانيون في عهده شوطًا كبيرًا على طريق التحول من نظام القبيلة المتنقلة إلى نظام الإدارة المستقرة.
وقد أبدى السلطان السلجوقي “علاء الدين كيقباد الثالث” تقديره العميق لخدمات عثمان، فمنحه لقب “عثمان غازي، وحين تغلب المغول على دولة قونية السلجوقية، سارع عثمان إلى إعلان استقلاله عن السلاجقة، ولقّب نفسه “پادشاه آل عثمان”؛ أي: عاهل آل عثمان، فكان بذلك المؤسس الحقيقي لهذه الدولة.
نشأت الدولة العثمانيَّة بداية كإمارة حدود تركمانية تعمل في خدمة سلطنة سلاجقة الروم، وترد الغارات البيزنطية عن ديار الإسلام، وبعد سقوط سلطنة السلاجقة، استقلَّت الإمارات التركمانية التابعة لها، بما فيها الإمارة العثمانية، التي قدِّر لها أن تبتلع سائر الإمارات بمرور الوقت.
عبر العثمانيون إلى أوروبا الشرقية لأول مرة بعد سنة 1354م، وخلال السنوات اللاحقة تمكن العثمانيون من فتح أغلب البلاد البلقانية، فتحولت إمارتهم الصغيرة إلى دولة كبيرة،
وكانت أول دولة إسلامية تتخذ لها موطئ قدم في البلقان، كما قدر للعثمانيين أن يفتتحوا القسطنطينية سنة 1453م، ويسقطوا الإمبراطورية البيزنطية بعد أن عاشت أحد عشر قرنًا ونيفًا، وذلك تحت قيادة السُلطان محمد الفاتح.
بلغت الدولة العثمانية ذروة مجدها وقوتها خلال القرنين (16-17)؛ فامتدت أراضيها لتشمل أنحاء واسعة من قارات العالم القديم الثلاث: أوروبا وآسيا وأفريقيا؛ حيث خضع لها كامل آسيا الصغرى، وأجزاء كبيرة من جنوب شرق أوروبا، وغربي آسيا، وشمالي أفريقيا.
كان السلطان سليم يهدف إلى السيطرة على طرق التجارة بين الشرق والغرب، ، والقضاء على المد الشيعي، وتوحيد الأمصار الإسلامية لتكون يدًا واحدة في مواجهة أوروبا، خاصة بعد سقوط الأندلس، وقيام البرتغاليين بالتحالف مع الصفويين، وإنشائهم مستعمرات في بعض المواقع في جنوب العالم الإسلامي.
تقدم العثمانيون بعد انتصارهم على الصفويين لإخضاع المماليك، فنشبت بينهم معركة على الحدود الشاميّة تُعرف بـ “معركة مرج دابق”؛ انتصر فيها العثمانيون، وقُتل سلطان المماليك “قنصوه الغوري”، ثم تابعوا زحفهم نحو مصر، والتحموا بالمماليك من جديد في “معركة الريدانية” وانتصروا ودخلوا القاهرة.
في هذه الأثناء قدّم شريف مكة مفاتيح الحرمين الشريفين إلى السلطان سليم، اعترافًا بخضوع الأراضي الإسلامية المقدسة للعثمانيين، وتنازل في الوقت ذاته آخر الخلفاء العباسيين “محمد الثالث” المتوكل على الله، عن الخلافة لسلطان آل عثمان سليم الأول، فأصبح كل سلطان منذ ذلك التاريخ خليفة للمسلمين، ويحمل لقب “أمير المؤمنين”.
بشر الرسول ﷺ بفتح القسطنطينية في قوله: «لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش»، وعلى الرغم من البشارة إلا أن فتحها لم يكن سهلًا، فحاول المسلمون بدأ من عهد الأمويين، مرورًا بالعهد العباسي، وصولًا إلى العهد العثماني، حين كتب الله الفتح على يد السلطان محمد الفاتح.
السلطان محمد خان الثاني ابن مراد الثاني سابع سلاطين العثمانيين، لقّب بالفاتح بعد فتح القسطنطينية، عهد به أبوه إلى العالم الرباني أحمد بن إسماعيل الكوراني، فظهر نبوغه على سائر الأمراء: فحفظ القرآن الكريم، وأخذ العلوم الشرعية، والتاريخ، وأتقن ثلاث لغات: (التركية – الفارسية – العربية).
كما درّبه أبوه على تحمل المسؤولية، فجعله أميرًا على مقاطعة وعمره (12) سنة، فلما وجد فيه الكفاءة تنازل له عن السلطنة وعمره (14) سنة ودخل في خلوة عبادة، لكنه بقي مراقبًا ليتدخل عند الحاجة وفعلًا تدخل مرّتين:
أما تكوين الشخصية القيادية لدى السلطان، فيرجع الفضل فيها أيضًا إلى المربّي الربّاني “محمد بن حمزة الروحي” الملقب بـ “آق شمس الدين”، الذي غرس فيه الحرص على التوسع في الفتوحات، وحب نيل بشرى النبي ﷺ في فتح القسطنطينية والاستعداد لذلك.
بدأ السلطان يفكر ويدرس أسباب عدم نجاح الحملات السابقة في الفتح، وأخذ بأسباب النصر من خلال:
كانت مدينة القسطنطينية مدينة شديدة التحصين، فهي محاطة بالبحر من ثلاث جهات: (مضيق البوسفور – بحر مرمرة – القرن الذهبي)، وفي الجهة الرابعة سور عظيم، وكان القرن الذهبي هو النقطة الأضعف لذلك قام البيزنطيون بعمل سلسلة بين طرفيه يتحكمون بها في السفن.
جمع السلطان جيشه المكون من (250) ألف مقاتل، وخطب فيهم خطبة قوية حثهم فيها على طلب النصر أو الشهادة في سبيل الله، وفرض حصارًا محكمًا على المدينة ونصب المدافع أمام أسوارها، وحاصرها الأسطول من البحر لكن تأثيره كان ضعيفًا بسبب السلسلة الضخمة، وزاد الأمر سوء وصول مدد بحري من الأوروبيين، فرفع معنويات المحاصرين.
أظهرت المدينة ثباتًا شديدًا أمام العثمانيين، فمنعوا تقدمهم من الثغور التي هدمتها المدافع في الأسوار، كما هاجموا الأسطول العثماني وألحقوا به خسائر فادحة، فغضب السلطان محمد الفاتح وعزل قائد الأسطول وعين مكانه “حمزة باشا”.
ثم خطرت للسلطان فكرة لم يسبقه إليها أحد، فقام العثمانيون بجرّ السفن من البوسفور إِلى البر، حيث سُحبت على الأخشاب المدهونة بالزَّيت مسافة ثلاثة أميال، حتَّى وصلت إِلى نقطةٍ آمنةٍ، فأنزلت في القرن الذَّهبي، وتمكَّن العثمانيُّون في تلك اللَّيلة من سحب أكثر من (70) سفينة،
وإِنزالها على حين غفلةٍ من العدوِّ داخل القرن الذهبي، يعبر أحد المؤرخين البزنطيين عن عجبه فيقول: (ما رأينا ولا سمعنا من قبل بهذا الشيء الخارق، محمد الفاتح يحول الأرض إلى بحر، وتعبر سفنه فوق قمم الجبال بدلًا من الأمواج، لقد فاق بهذا العمل الإسكندر الأكبر).
هذه الخطوة أربكت البيزنطيين واشتد العثمانيون في هجومهم، فحفروا الأنفاق تحت المدينة فقابلوهم بحفر أنفاق مضادة، ثم بنوا قلاعًا خشبية تعلوا أسوار المدينة، واشتدّ القتال برًا وبحرًا وتحت الأرض وفوقها.
بعد هذا الضغط الشديد، أرسل السلطان محمد إلى الامبراطور يعرض عليه تسليم المدينة، مقابل تأمين خروجه ومن شاء من أهلها، والأمان لمن يبقى فيها، فرد الامبراطور برسالة فيها: (أنه يشكر الله أن جنح السلطان إلى السلم، وأنه يقبل أن يدفع له الجزية،
أما القسطنطينية فإنه أقسم أن يدافع عنها إلى آخر نفس من حياته، فإما أن يحفظ عرشه أو يدفن تحت أسوارها)، فلما وصلت الرسالة للسلطان قال: (عن قريب بإذن الله سيكون لي في القسطنطينية عرش أو سيكون لي فيها قبر).
وفي يوم الثلاثاء 21 جمادى الأولى سنة 857هـ، المُوافق 29 أيَّار سنة 1453م، وبعد أن مضى على الحصار (53) يوم، أمر السلطان محمد جيشه بالالتجاء والتضرع إلى الله تعالى،
ثم بدأ الهجوم العام بقصف المدافع ثم بهجوم من كل الجهات يقوده السلطان بنفسه، وأظهر المجاهدون بطولات نادرة لا نظير لها، ففتح الله عليهم المدينة وقتل الامبراطور أثناء الهجوم، ودخل الفاتح بجنوده المدينة، وصلى في آيا صوفيا واشتراها وحولها إلى مسجد.
اهتمت الدولة العثمانية بتدريس العلوم الدينية والدنيوية، وأنشأت الجامعات لتدريس هذه العلوم؛ فكانت تدرس العلوم الدينية وعلوم الفضاء والرياضيات والاجتماع والحقوق والآداب والطب، وتوّج السلطان عبد الحميد الثاني جهوده في الحقل التعليمي بتطوير “مدرسة إسطنبول الكبرى”،
التي أنشئت في عهد السلطان محمد الفاتح، وأضحت جامعة إسطنبول، وضمّت في أول أمرها أربع كليّات، هي: (العلوم الدينية، والعلوم الرياضية، والعلوم الطبيعية، والعلوم الأدبية).
اهتم السلاطين العثمانيون بالعمران، وبنوا المساجد والمدارس في البلاد المفتوحة، ففي عهد “أورخان” تم تشييد مسجد بورصة، وألحق به بناء كبير ليكون مدرسة للعلوم الشرعية، وبعد سقوط مدينة إزمير في أيديهم بنو فيها مسجدًا كبيرًا، وبجواره مدرسة ضخمة لتدريس العلوم واعتبرها البعض أول جامعة عثمانية.
وفي عهد “بيازيد بن مراد” بنى العثمانيون مركزًا ضخمًا لبناء السفن وإصلاحها، وفي عهد السلطان محمد الفاتح تم اختراع فكرة جديدة لصناعة المدافع، منها مدفع ضخم استخدم في معركة فتح القسطنطينية.
من كبار المعماريين الذي ظهروا في الدولة العثمانية المعماري المعروف “سنان باشا”، ويعتبره البعض من أبرز المعماريين في التاريخ الإسلامي، وكان سنان مسؤولًا عن الأعمال المعمارية في “إسطنبول” التي لا تزال آثارها باقية إلى اليوم، بالإضافة إلى مسجد السلطان سليمان القانوني، الذي نافس في جماله آيا صوفيا.
كما أنشأ: (55) مدرسة، و(17) مطعمًا عموميًّا، و(3) مستشفيات، و(7) جسور، و(33) قصرًا، و(18) خانًا، و(5) متاحف.
سقطت الخلافة الإسلامية على يد أتاتورك، وبدعم من الغرب واليهود، وكان سقوطها إيذانًا بانحلال عقد الدولة العثمانية، التي لا تزال آثارها العظيمة شاهدًا على حضارتها وقوة نفوذها عبر التاريخ.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
تاريخ الأندلس و معارك المسلمين مع الروم
أكثر الدول فتوحات بعد الدولة الأموية، وصلت فتوحاتهم إلى داخل أوروبا وأجزاء من آسيا الصغرى، وعلى رأس هذه الفتوحات فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح، ولم تكن الخلافة العثمانية مجرد قوة عسكرية؛ بل كانت رابطة جمعت المسلمين تحت مظلتها، وأعادت لهم هيبتهم بعد سقوط الخلافة في بغداد
في عام (923هـ) بعد سقوط دولة المماليك في مصر والشام وسقوط الخلافة العباسية؛ أعلنت الدولة العثمانية الخلافة الإسلامية، وحكمت أجزاء واسعة من العالم الإسلامي
أسسها عثمان بن أرطغرل، الذي أخلص الولاء للدولة السلجوقية على الرغم مما كانت تتخبط فيه من اضطراب، وأظهر عثمان في بداية عهده براعة سياسية في علاقاته مع جيرانه؛ فعقد تحالفات مع الإمارات التركمانية المجاورة، ووجه نشاطه العسكري نحو الأراضي البيزنطية.
سنة 857هـ على يد السلطان محمد الفاتح(محمد خان الثاني ابن مراد الثاني سابع سلاطين العثمانيين)
سقطت الخلافة الإسلامية على يد أتاتورك، وبدعم من الغرب واليهود، وكان سقوطها إيذانًا بانحلال عقد الدولة العثمانية، التي لا تزال آثارها العظيمة شاهدًا على حضارتها وقوة نفوذها عبر التاريخ.