الشيخ سعيد النورسي والإيمان
من العلماء والمصلحين والمجددين من يبقى مشروعه فكرة في رأسه، لا تجد طريقها إلى التطبيق في حياته، بل ينمو مشروعه ويتكامل بعد وفاته، ومنهم من يمد الله تعالى في أجله، فينجز مشروعه ويراه في حياته.
Read moreيقول دوسكو دروموند: (لو قدر عليّ أن أفقد كل مواهبي وملكاتي، وكان لي اختيار في أن أحتفظ بواحدة فقط، فلن أتردد في أن تكون هذه هي القدرة على التحدث، لأنني من خلالها سأستطيع أن أستعيد البقية بسرعة).
لما كانت الخطابة أو فن الالقاء موهبة عظيمة، ونعمة كبيرة، أفرد العلماء لها أبوابا وفصولاً، وجعلوها فنّاً خاصّاً له معاييره وخصائصه، وابتدعوا له مهارات عديدة، وأساليب فريدة، ولئن سبقنا الغرب اليوم إلى وضع نظم وأصول هذ الفن؛ فقد فاق العرب الأقدمون أمم الدنيا في حسن الخطابة وروعة الأداء.
الخطابة في اللغة هي الكلام المنثور، يخاطب به متكلم فصيح جمعاً من الناس لإقناعهم، أما في تعريف العلماء فهي:
فن مشافهة الجمهور للتأثير عليهم واستمالتهم
الفن: علم ذو أصول وقواعد وأساليب وضوابط لا بد من تعلمها ثم التمرّس والتعوّد عليها، يؤازر ذلك المقدرة النفسية، والموهبة الإلهية، وعلى ذلك فهي: علم وموهبة.
المشافهة: دلالة على أنها توجّه إلى المستمعين من غير واسطة، إذ الأصل فيها الارتجال مع سبق الإعداد.
التأثير والاستمالة: الإقناع من أجلى خصائص الخطابة والإلقاء، وهذا يستلزم أن يكون الخطيب على علم بأساليب الاستمالة، وكيفية توجيه عواطف الناس وعقولهم ومشاعرهم إلى المراد.
فن الإلقاء أداة أساسية في التأثير على مر العصور، من خلالها يشارك المتكلم الجمهور جوانب لها دور كبير في حل المشاكل، وتلمس مستجدات الحياة، والبحث في حاجات المجتمع واهتماماته.
لشيخ الإسلام ابن تيمية عبارة بلغة عن اخيار مواضيع الخطبة حين قال: (من انتقل إلى بلد تراق فيه الدماء ثم تحدث عن الصلاة والصيام فقد خان الله ورسوله)، الله الله لو طبقنا هذا المبدأ اليوم لرأينا من الخونة الكثير.
فلا بدّ لمن يخاطب الناس ويكلمهم من أن يكون معهم وبينهم: فيشعر بنبض الجمهور، ويرى أثر كلمته عليهم، يستقبل أسئلتهم ويعرف كيف يفكّرون، ما هي همومهم وما هي مطالبهم، ومن خلال ذلك ربما فطن لمواضيع لم يكن يفكر بها سابقاً، فينمو معهم ويتطوّر بهم، ولا يكون كمن يعيش في برج منفصلاً عن واقعه.
فن الالقاء: فن مشافهة الجمهور للتأثير عليهم واستمالتهم
فن الحوار: النقاش عن طريق الكلام المباشر بين شخصين أو مجموعة من الأشخاص بطريقة هادئة ومنظمة حول موضوع أو فكرة معينة.
مع التطور التقني الذي عم الكرة الأرضية فإن الإلقاء غير المباشر بدأ يتزايد حيث صار المتحدث يخاطب أعداداً كبيرة من الناس عن بعد باستعمال الهاتف أو التلفزيون أو الأشرطة أو الانترنت، مما يتطلب قواعد إضافية يجب الانتباه إليها، أهم هذه الأمور:
مهارات الظهور الإعلامي هي مهارات النجوم، فالمتخصص في مجال سيبقى محدوداً في دائرته القريبة، أما إذا توجه إلى الإعلام وأحسن مهارات الظهور الإعلامي فعندها يتحول إلى النجومية، وعدم إتقان مهارات الظهور الإعلامي ستضر المتخصص وستضعف ثقة الناس به إذا حاول الظهور وهو لا يتقنها.
إليك يامن تريد التميز والنجومية نصائح ينبغي الانتباه لها:
تشكيل الشخصيات سهل جداً في مرحلة الطفولة، وكلما صعدنا في العمر كلما صارت المسألة أصعب، وجزء رئيسي من تربية الأطفال بعد غرس العقيدة والقيم والفكر هي تنمية مهاراتهم، ومن هذه المهارات فن الإلقاء في الروضة والابتدائي، ففي أكاديمية الإبداع كنا ندرب الأطفال أثناء الفرصة فكان يصعد واحد منهم كل يوم على منصة ويلقي خطاب.
إنّ المتحدثين الجيدين والمحاورين المتميزين يفهمون القواعد الستة الآتية:
الهدف من هذه الخطب إيصال المعلومات بحيث يفهمها المستمعون ليتمكنوا من الاستفادة منها، وهي عادة تهدف إلى شيء من الأمور الآتية:
(الإيضاح – التقرير – الوصف – الشرح – التعريف – البيان – التدريب – التعليم – المقابلات – إعطاء الشهادة أمام القضاء).
التأثير على الأفكار أو الاتجاهات لتغييرها أو تغيير السلوك، وذلك من خلال إحدى طرق الإقناع الرئيسية الآتية:
يقصد بها تلبية حاجة اجتماعية لأجل بناء العلاقات، وله أمثلة عديدة:
الخطب الإسلامية – الترحيب – جمع التبرعات – التكريم (المدح – الشكر) – ختام حفل – افتتاح (وضع حجر أساس) – تعيين مسؤول جديد – التعريف بشخص – ترشيح شخص – التقاعد (ترك العمل) – التهنئة – النعي – حفلات التخرج – توزيع شهادات التقدير.
كما يتدرب الممثلون فكذلك يتدرب الخطباء، فالتدرب مهم جداً ولا سيما للمبتدئين، وكذلك في حالة إلقاء موضوع جيد، نعم لن يجعلك التدريب كاملاً ومثالياً ولكنه سيساعدك على تجاوز الكثير من الأخطاء، بالإضافة إلى زيادة ثقتك بنفسك.
الإلقاء فن الوقفات وفن الانتقال من نقطة إلى أخرى، فتدرب عليهما.
حاول أن تتخيل القاعة والحضور وحاول أن تحرك وجهك وتوجه عينيك إلى كل الجمهور.
استعمل لغة الجسد وحركة اليدين.
تخيل نفسك أخطأت في كلمة أو تعثرت فكيف ستتجاوز هذا الموقف؟
حاول أن تحفظ عن غيب ما ستقول في أول 20 ثانية وآخر 20 ثانية فهما الأهم ومفتاح الحديث والنجاح.
المحاضر الجيد هو الذي يعرف مادته جيداً، فهو لا يعتمد على فن الإلقاء فقط ولكنه يضيف إلى ذلك مادة خصبة وثرية، ومن علامات ذلك:
يقول إلينور روزفلت: (إنني أؤمن أنّ أي شخص يستطيع أن يهزم الخوف بأن يفعل ما يخاف منه، بشرط أن يستمر فيه حتى يحقق سجلاً من النجاحات).
بعض الناس يرفضون الكلام لأسباب عدة منها: (لا يوجد لديّ ما أقول – لم أحضر للموضوع من قبل – فمي يتشنج عند بدء الحديث – أخاف الفشل – أخاف من تقييم الناس لي – الجمهور مثقف – سوف أنسى ما أريد قوله – أنا خجول)، إلى غير ذلك من أسباب، وحتى تتجاوزها إليك النصائح الآتية:
قال النبي ﷺ: «إنّ الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» [أخرجه السيوطي والبيهقي]، وحتى تكون متقناً لفن الإلقاء عليك أن تتميز بأمور ومعايير.
الخطيب المتميز هو الذي يتحدث على سجيته وبلا تكلّف، ولهذا الأمر علامات:
الخطيب المتميز هو الواثق من نفسه وبما يقول إلى درجة تظهر واضحة للناس ولكنها لا تصل إلى درجة الغرور، وإليك بعض النصائح في ذلك:
الخطابة المتميزة تتجاوز القدرة على الحديث بطلاقة، كما أنها ليست القدرة على اختيار الكلمات المناسبة أو الرنانة، وإنما فيها مصداقية كبيرة تدل على صدق اهتمام الخطيب بموضوعه وبالناس الذين يتحدث إليهم، وتأتي المصداقية من تميّز الخطيب في ذاته، فارفع من ثقافتك وحسن من أدائك وكن جاداً في إنجازك وليوافق قولك فعلك.
إننا نمارس الاستماع أكثر من الكلام والقراءة والكتابة، وتؤكد الدراسات أن مهارات الاستماع أكثر ضرورة للتفوق العلمي من مهارات القراءة، لذلك احرص على إتقان هذه المهارة.
الخطيب الفعّال يبني سمعته شيئاً فشيئاً حتى يتكون عنه انطباع إيجابي لدى المستمعين، فالسمعة لا تأتي فجأة ولا تشكلها محاضرة واحدة أو نشاط مميز واحد فقط، بل هي تراكم من الأداء المميز يبدأ محدوداً ثم ينمو مع الأيام إلى مراتب السمعة المميزة.
أداؤك يتطور مع كل كلمة تلقيها، فمهما حضّرت وأتقنت فنون الخطابة والإلقاء نظرياً؛ فلن يغنيك ذلك عن الممارسة العملية التي ستصقل أداءك وتحسن إلقاءك، وستتعلم منها في كل تجربة مهارات جديدة وتتجنب أخطاء لم تنتبه لها، قيل للخليفة عبد الملك بن مروان: أسرع إليك الشيب؟! قال: كيف لا يسرع إليّ وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة مرّة أو مرّتين.
ستيف جوبز من أكثر الناس تميزاً في التحدث أمام الجمهور، فقد كان لديه القدرة على توصيل المعلومات للجمهور بشكل بسيط جداً وبطريقة ممتعة يستطيع الناس من خلالها تذكر كلّ ما قاله لهم، فقام أحد الباحثين بدراسة أسلوبه وحلله واستنتج النقاط الثلاث الآتية:
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات:
مهارة القراءة السريعة – مهارات إدارة الوقت وتنظيمه بفاعلية
1. التخطيط
2. الإعداد
3. التسلسل
4. الإلقاء
5. تقييم الأداء
إنّ المتحدثين الجيدين والمحاورين المتميزين يفهمون القواعد الستة الآتية:
1. يعرفون متى يتحدثون ومتى يتوقفون
2. يتحدثون عن أشياء تهم الآخرين
3. يستخدمون اللغة اليومية السهلة
4. يتحدثون دون تفاخر
5. يشيرون إشارات طبيعية
6. يحافظون على التواصل بالعين
فن مشافهة الجمهور للتأثير عليهم واستمالتهم
أولاً- إعطاء المعلومات
(الإيضاح – التقرير – الوصف – الشرح – التعريف – البيان – التدريب – التعليم – المقابلات - إعطاء الشهادة أمام القضاء).
ثانياً- الإقناع: التأثير على الأفكار أو الاتجاهات لتغييرها أو تغيير السلوك
ثالثاً- المناسبات
يقصد بها تلبية حاجة اجتماعية لأجل بناء العلاقات، وله أمثلة عديدة:
الخطب الإسلامية – الترحيب - جمع التبرعات - التكريم (المدح – الشكر) - ختام حفل - افتتاح (وضع حجر أساس) - تعيين مسؤول جديد - التعريف بشخص - ترشيح شخص - التقاعد (ترك العمل) – التهنئة – النعي - حفلات التخرج - توزيع شهادات التقدير.