وقفات مع عمر بن عبد العزيز – خامس الخلفاء الراشدين
في روائع قصص التابعين، العبرُ والمعاني والقدوة لشباب هذا الزمان، من هؤلاء العظماء "عمر بن…
اقرأ المزيدإنّ التعرّف على حياةِ ابو الفرج ابن الجوزي العالِم الجليل ومعرفة أسباب نبوغُه وعِلمه، هو استشفافٌ لنموذجٍ فريد لرجل أنجبهُ الإسلامُ العظيم. فمن هو؟ وكيفَ نشأ وتعلّم؟ وما أسبابُ نبوغه في علمه؟
أُمتنا الإسلاميّة غنية بالرجالِ العظام، المبدعين والقدوات في كلّ مَيدان، نقفُ لنتعرّف على أحدِ هؤلاءِ القامات، إنّهُ أبو الفرج ابن الجوزي “الحافظُ المفسّر، الفقيهُ الواعظ، الأديب، صاحبُ التصانيف، شيخ وقتِه، وإمامُ عصرِه”.
أبو الفرج عبد الرحمنِ بن عليّ بن مُحمد بن عليّ بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن الفقيه عبد الرحمن ابن الفقيه القاسم بن محمد ابن خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي بكر الصديق، القرشيّ التيميّ البكري البغدادي، الحنبلي، الواعظ، صاحبِ التصانيف .
عُرِف بابن الجوزي “لشجرةِ جوزٍ” كانت في داره ببلدة واسط، ولم تكُن بالبلدة شجرةُ جوزٍ سواها.
وقيل: نسبة إلى “فرضة الجوز” وهي مرفأ نهر البصرة.
ولدَ أبو الفرج ابن الجوزي سنة (510هـ)، توفيّ أبوه ولهُ ثلاثةُ أعوام، فربّته عمتهُ، ثمّ لما ترعرعَ، حملتهُ عمتهُ إلى مسجد “أبي الفضلِ ابن ناصر”(من أسباب ظهور المبدعين حصولهم على رعاية خاصة)،
فحفظَ على يديه القرآن الكريم، وتعلّم الحديث الشريف، وأسمعهُ الكثيرَ، وأحب الوعظ، ولهجَ به، وقد لازمهُ نحو ثلاثين عامًا أخذَ عنهُ الكثيرَ حتى قال عنه: (لم أستفد من أحد استفادتي منه).
على الرغمِ من فراقِ والده في طفولته، فقد ساعدت ثروةُ أبيه الموسر، في توجهه لطلبِ العلم وتفرغُه له، فقد تركَ له من الأموال الشيء الكثير، وقد بيّن أنهُ نشأ في النعيم، بقوله في صيد الخاطر:
فمَن ألِفَ الترفَ فينبغي أن يتلطفَ بنفسه إذا أمكنهُ، وقد عرفتُ هذا من نفسي، فإنّي رُبّيت في ترف، فلما ابتدأتُ في التقليل وهجرِ المُشتهى أثّر معي مرضاً قطعني عن كثيرٍ من التعبُد، حتى أنّي قرأتُ في أيام كل يوم خمسةَ أجزاء من القرآن، فتناولتُ يوماً ما لا يصلحُ فلم أقدر في ذلكَ اليوم على قراءتها، فقلتُ:
إن لُقمةً تؤثر قراءة خمسةَ أجزاء بكل حرف عشر حسنات، إن تناوله لطاعة عظيمة، وإن مطعماً يؤذي البدن فيفوته فعلُ خير ينبغي أن يهجرَ، فالعاقلُ يعطي بدنه من الغذاء ما يوافقه.
نشأ ابنُ الجوزي منذ طفولتِه على الورع والزهد، ابتعد عن الناس خوفاً من ضياع الوقت، ووقوعِ الهفوات، فتزكت نفسهُ وروحهُ ووقته، : (وكان وهو صبيّ ديناً منجمعاً على نفسه، لا يُخالط أحداً، ولا يأكلُ ما فيه شبهة، ولا يخرجُ من بيته إلا للجمعة، وكان لا يلعبُ مع الصبيان).
قال ابن الجوزي واصفاً نفسه في صغره:
كنتُ في زمانِ الصبا، آخذُ معي أرغفةً يابسة فأخرجُ في طلبِ الحديث، وأقعدُ على النهرِ همتي لا ترى إلا لذة تحصيلِ العلم.
تعلّم “ابن الجوزي” على عددٍ كبير من الشيوخ، وقد ذكر لنفسه (87) شيخًا، من هؤلاء:
كان علامة عصره في التاريخ والحديث والوعظ والجدل والكلام، وقد جلس للتدريس والوعظ وهو صغير. وقد أوقع الله له في القلوب القبول والهيبة، فكان يحضر مجالسه الخلفاء والوزراء والأمراء والعلماء والأعيان، يحفل بعدد هائل من المريدين يصل إلى عشرة آلاف رجل.
كان يختم القرآن في سبعة أيام، ولا يخرج من بيته إلا إلى المسجد أو المجلس.
كان قليل المزاح، يقول عن نفسه: (إني رجل حُبّب إليّ العلم من زمن الطفولة فتشاغلت به، ثم لم يحبب إلي فن واحد بل فنونه كلها، ثم لا تقصر همتي في فن على بعضه، بل أروم استقصاءه، والزمان لا يتسع، والعمر ضيق، والشوق يقوى، والعجز يظهر، فيبقى بعض الحسرات)
كان له دور كبير ومشاركة فعالة في الخدمات الاجتماعية، وقد بنى مدرسة “بدرب دينار” وأسس فيها مكتبة كبيرة ووقف عليها كتبه وكان يدرس أيضا بعدة مدارس، ببغداد.
وكان مجلسه بإزاء داره على شاطئ “دجلة” بالقرب من قصر الخليفة، فكانت الأرض تُفرش بالحصير ليجلس عليها الناس، ثم يصعد “ابن الجوزي” المنبر.
ويبتدئ القرّاء بقراءة القرآن، يتناوبون التلاوة بأصوات شجية مطربة، فإذا فرغوا من التلاوة، بدأ “ابن الجوزي” خطبته، فتناول فيها تفسير الآيات التي تلاها القراء، فيأخذ بألباب وعقول سامعيه،
ينظم فيها عقود الحكمة ورقائق الزهد والمواعظ، بما يرقق القلوب ويحرك الأشجان، فتدمع العيون، وتخشع النفوس، وتذوب المشاعر في خشوع وجلال للخالق العظيم يحركها الشوق والوجد والإيمان.
ومن مزاياه أنه فسَّر القرآن الكريم كاملاً على المنبر.
وقد ناله محنة في أواخر عمره، ووشوا عنه إلى الخليفة بأمر اختلف في حقيقته، أنه يتكلم ضد الخليفة، ويؤلب الناس على الخليفة، فلم يتيقن الخليفة من الخبر، فأرسل من يهينه ويشتمه، ويختم على داره (قام بحبس ابن الجوزي في داره، جعله في إقامة جبرية)، ثم حبسوه في دارٍ في (واسط)، وبقي في المطمورة خمس سنين.
وكان السبب في خلاص الشيخ، ولده يوسف الذي وصل بطريقة ما إلى أم الخليفة، فشفعت لابن الجوزي، وأطلقت الشيخ.
تميّز “ابن الجوزيّ” بغزارة إنتاجه وكثرة مصنفاته التي بلغت نحو (300) مصنف شملت الكثير من العلوم والفنون، ويقول “ابن تيمية”: (اطلعت لوحدي على (900) مؤلف لابن الجوزي، وبعضهم أوصل عدد تصانيفه إلى (1000)، فهو أحد العلماء المكثرين في التصنيف، في التفسير، والحديث، والتاريخ، واللغة، والطب، والفقه، والمواعظ، وغيرها من العلوم، ومن أشهر تلك المصنفات:
توفيّ “ابن الجوزيّ” ليلة الجمعة(12) رمضان (597هـ) عن عمر بلغ (87 سنة) بعدَ أن مرضَ خمسةَ أيام، فبكاه أهل بغداد، وازدحموا على جنازتِه، حتى أُقفلت الأسواق، و أفطر بعض الناس من شدة الحر والزحام،ولم يصلوا إلى حفرته حتى وقت صلاة الجمعة، فكان ذلك يومًا مشهورًا مشهودًا، يشهد بمكانة “ابن الجوزي” وحب الناس له.
وأوصى أن يُكتب على قبره:
يا كـثير الـعفو عمن كــثر الـذنب لـديـه
جاءك المذنب يرجو الصفح عن جرم يديه
أنا ضــيـف وجزاء الضيف إحسان لديه
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
قصص الصحابة و الأئمة الأربعة و قصص التابعين والمبدعون
"لشجرةِ جوزٍ" كانت في داره ببلدة واسط،
وقيل: نسبة إلى "فرضة الجوز" وهي مرفأ نهر البصرة.
كان علامة عصره في التاريخ والحديث والوعظ والجدل والكلام، وقد جلس للتدريس والوعظ وهو صغير. وقد أوقع الله له في القلوب القبول والهيبة، فكان يحضر مجالسه الخلفاء والوزراء والأمراء والعلماء والأعيان، يحفل بعدد هائل من المريدين يصل إلى عشرة آلاف رجل.
اتهموه انه يتكلم ضد الخليفة، ويؤلب الناس على الخليفة، فلم يتيقن الخليفة من الخبر، فأرسل من يهينه ويشتمه، ويختم على داره (قام بحبس ابن الجوزي في داره، جعله في إقامة جبرية)، ثم حبسوه في دارٍ في (واسط)، وبقي في المطمورة خمس سنين
ميّز “ابن الجوزيّ” بغزارة إنتاجه وكثرة مصنفاته التي بلغت نحو (300) مصنف
بستان الواعظين.
تلبيس إبليس.
زاد المسير في علم التفسير.
سيرة عمر بن عبد العزيز.
صفوة الصفوة.
صيد الخاطر.
كتاب الأذكياء.
كتاب الحمقى والمغفلين.
لطائف المعارف فيما للموسم العام من الوظائف.
لفتة الكبد إلى نصيحة الولد.