كتاب الزبور: المحتوى وعلى من نزل
الإيمان بالكتب السابقة ركن من أركان الإيمان الذي لا يتم الإيمان إلا به، والإيمان بالكتب…
اقرأ المزيدكانت جارية لدى المقوقس لا تكاد تُذكر إلا في خدر المقوقس، لكنّ الله اختار لها مكانةً عظمى في قلوب المؤمنين على مرّ الزمان، فهيئ لها الأسباب حتى تنتقل إلى جوار رسول الله ﷺ، بل أن تدخل قلب رسول الله ﷺ، وتنجب له ولداً يبهج قلبه ﷺ، فمن هي هذه المرأة وكيف انقلبت حياتها من ذل العبودية إلى الرفعة والعزة في ظل الإسلام في بيت النبوة؟ وهل تزوجها رسول الله ﷺ؟ ومتى توفيت؟ ومن صلى عليها؟ وأين دفنت؟ هذه المسائل نطرحها عليكم في مقالتنا هذه.
مارية بنت شمعون، مصرية الأصل، ولدت في قرية (حفن)، وصلت إلى المدينة المنورة، بعد أن أهداها المقوقس كبير القبط إلى رسول الله ﷺ، في السنة السابعة للهجرة.
أرسل المقوقس إلى رسول الله ﷺ بهدايا كثيرة مع حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، كان من بين الهدايا جاريتين هما (مارية وأختها سيرين).
في طريق العودة عرض حاطب الإسلام على مارية وأختها سيرين، ورغّبهما فيه، فدخلتا في الإسلام.
كانت مارية قبل الإسلام، مجرد جارية عند المقوقس تُباع وتُشترى، ولا يسمع بذكرها أحدٌ إلا خواص المقوقس، فلما بُعث رسول الله ﷺ، وبدأ بإرسال الرسل إلى ملوك الأرض، ومن بينهم المقوقس عظيم القبط في مصر.
كان من قدر الله أن تُهدى مارية إلى رسول الله ﷺ، وأن يرفع الله ذكرها مقرونة برسول الله ﷺ، بل ويهتم بها النبي الكريم أيّما اهتمام رغم كونها أَمَة، بل كان من عظيم قدر الله أن تحمل مارية من رسول الله ﷺ، وتنجب له ولداً على خلاف بقية أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
أم الولد: مسمى ظهر في ظل الإسلام خاص بالجارية التي تضع ولداً من سيدها، فيكون هذا الولد سبباً في إعتاقها من ملك سيدها، بعد وفاته، أو في حياته إن أعتقها، ورد عن رسول الله ﷺ أنه قال: (أيما أَمَةٍ ولدت من سيدها فإنها حرة إذا مات، إلا أن يعتقها قبل موته) [السيوطي في الجامع الصغير – 2967] و[الحاكم – 2191] و[الطبراني – 11209]، وهو ما حدث للسيدة مارية من إعتاقها بعد وفاة رسول الله ﷺ كونها أم ولده إبراهيم.
هل تزوج رسول الله ﷺ من مارية القبطية؟ لم يتزوج النبي ﷺ من مارية بل كانت أمة له، ففي السنة السابعة للهجرة وصلت هدايا المقوقس إلى رسول الله ﷺ، وكانت من بين الهدايا ماريا وسيرين، فاختار رسول الله ﷺ ماريا، وأهدى أختها سيرين لشاعره حسان بن ثابت رضي الله عنه.
كانت مارية بيضاء جميلة الطلعة، وقد اهتمّ بها رسول الله ﷺ اهتماماً كبيراً، مما أثار غيرة السيدة عائشة رضي الله عنها، فقالت: (ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت من مارية، وذلك أنه كانت جميلة جعدة، فأعجب بها رسول الله ﷺ)، وكان رسول الله ﷺ أسكنها بجانب بيت عائشة، فكان يزورها في غالب الأوقات، فثارت حفيظة السيدة عائشة رضي الله عنها، الأمر الذي دعا رسول الله ﷺ لنقل مسكن مارية إلى منطقة العوالي، فأصبح يتردد إليها كل فترة.
رغم أنّ مارية لم تكن من زوجات النبي ﷺ، إلا أنه يسري عليها ما يسري على أمهات المؤمنين من عدم الزواج بها بعد وفاة رسول الله ﷺ.
بعد سنة من تسرّي رسول الله ﷺ بمارية حملت ففرح رسول الله ﷺ أيّما فرح، وكان قد قارب (60) من العمر، فلما ولدت مارية وضعت طفلاً جميلاً يشبه رسول الله ﷺ، فسماه (ابراهيم) تيمناً بسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان مقدم هذا الطفل بركة على أمه، فقد أصبحت حرةً بقدومه الميمون إلى الدنيا.
عاش إبراهيم في كنف أبيه محمد ﷺ (سنة و6 أشهر)، وفرح به رسول الله ﷺ فرحاً شديداً، فلم يبق من أولاد رسول الله ﷺ إلا السيدة فاطمة وإبراهيم الرضيع، لكنّ هذا الطفل الميمون مرض واشتدّ مرضه، فحزن عليه الرسول الوالد أيما حزن، فلما كان يوم الثلاثاء من شهر ربيع الأول للسنة العاشرة للهجرة، دخل عليه رسول الله ووضعه في حضنه وبكى.
عن عبد الرحمن بن عوف قال: (دخلنا مع رسول الله ﷺ على أبي سيف القين، وكان ظئراً لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله ﷺ إبراهيم، فقبله، وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله ﷺ تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: (وأنت يا رسول الله؟) فقال: (يا ابن عوف إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى)، فقال ﷺ: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) [البخاري – 1303]، و[مسلم – 2315]، ومات إبراهيم في حجر رسول الله ﷺ.
توفيت السيدة مارية القبطية في السنة (16) للهجرة، بعد وفاة النبي بخمس سنوات، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وندب الناس للصلاة عليها، وصلى عليها عمر رضي الله عنه، ودفنت في البقيع إلى جانب زوجات النبي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
وفي الختام: لا تنس مشاركة هذه المقالة مع الأصدقاء.
كما يمكنك الاستفادة والاطلاع على المزيد من المقالات
السيرة النبوية و قصص الصحابة و الحجاب في الإسلام
مارية القبطية ليست زوجة للرسول بل أمة له، ففي شرعنا الحنيف لا يجوز زواج الحر من الأمة إلا في شروط: عدم استطاعة الزواج من المرأة الحرة – خوف الوقوع في الحرام، لكن رسول الله لم يكن مباحاً له الزواج من أمة.
لم تتهم السيد عائشة السيدة مارية القبطية بالزنا، بل هذه التهمة نسبت إلى السيدة عائشة من طعون مبغضي السيدة عائشة لإنقاص مكانتها عند المسلمين، لخبثهم وفساد أهوائهم في الطعن في أحب النساء إلى قلب النبي ﷺ أمنا عائشة الصّدّيقة.
مارية القبطية لم تكن زوجة لرسول الله حتى يطلقها، فهو لم يعقد عليها حتى يطلقها، بل كانت أمة عنده، أعتقها ولدها عند ولادته لكن عتقها كان بعد وفاة النبي ﷺ.